بالفيديو.. مأساة ياسمين وطفلتيها الكفيفات من داخل مقبرة بغزة
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
غزة- "خسرتُ بيتي وخيمتي وليس لي مكان سوى المقبرة"، تقول النازحة الكفيفة ياسمين أبو جاموس، التي تقيم وزوجها وطفلتيها الكفيفتين في خيمة متواضعة داخل مقبرة غربي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
دمرت قوات الاحتلال منزل هذه الأسرة في بلدة بني سهيلا شرقي خان يونس عندما اجتاحت المدينة من شرقها حتى غربها أواخر العام الماضي، فنزحت إلى مدينة رفح المجاورة ومكثت فيها 5 شهور وغادرتها على وقع عملية عسكرية إسرائيلية واسعة لا تزال مستمرة منذ مايو/أيار الماضي.
وكأن الاحتلال يلاحقها عندما اضطرت لترك "منطقة أصداء" في مواصي خان يونس إثر تهديدات إسرائيلية، فكان قرارها بالعودة وإقامة خيمة على أنقاض منزلها المدمر، غير أن المقام لم يطل بها هناك حتى توغلت آليات عسكرية إسرائيلية، وتقول للجزيرة نت "نجونا بأجسادنا ولم نأخذ معنا شيئا وأحرق الاحتلال الخيمة".
لنحو 12 يوما لم تجد ياسمين (33 عاما) وأسرتها مكانا يؤويها سوى شارع مجاور لـ "مقبرة النمساوي"، كانت الأسوأ في حياتها، وافتقدت خلالها كل شيء، الأمن والطعام والماء.
وبتبرع من فريق إغاثي يسمى "إسناد الخير"، حصلت على خيمة "وشعرتُ حينها أني أمتلك الدنيا وما فيها، وأخيرا سأجد ما يسترني وأسرتي، لكن تبدل شعوري إلى رعب شديد عندما علمت أنه لا مكان لإقامة الخيمة سوى داخل المقبرة"، كما تضيف.
وتقع هذه المقبرة في نطاق منطقة المواصي الساحلية التي تكتظ بمئات آلاف النازحين يقيمون في خيام تنتشر على امتداد البصر.
ومنذ 5 شهور تقيم ياسمين وعائلتها في خيمة داخل المقبرة، لكنها لم تتخلص من الخوف الذي يلازمها على مدار اللحظة ويزداد مع حلول المساء. وتقول "أخشى على نفسي ولكن خشيتي على بناتي أشد وأكبر"، وقد مرت بحادثة عززت خوفها عندما تسلل ثعبان صغير للخيمة وتمكن زوجها من قتله.
إعلانوُلدت ياسمين كفيفة مثل والدها واثنتين من شقيقاتها وأحد أشقائها، وتزوجت من ابن عمها سمير (28 عاما)، وأنجبت طفلتين كفيفتين، روان (4 أعوام) وتهاني (عامان)، وتقول إنها تمنعهما من الحركة وتجلسهما إلى جوارها داخل الخيمة بمجرد غروب الشمس.
وتتحمل هذه العائلة الانتشار الكثيف للذباب والحشرات المزعجة خلال النهار، وتقول ياسمين: "نجونا من الحيّة، وفي الليل يزداد الخوف مع نباح الكلاب والتحليق المكثف للطائرات وأصوات الانفجارات".
كانت الشهور الخمسة الماضية كفيلة بأن تدرك ياسمين وطفلتاها معالم المنطقة والمقبرة، ونسجت علاقات طيبة مع جيرانها في الخيام المجاورة، وتبدأ يومها مبكرا وتستيقظ لأداء صلاة الفجر ومن ثم تتفرغ لهما. في حين ينطلق زوجها صباحا يجوب الشوارع حاملا على كتفه كيسا يجمع فيها الورق والبلاستيك وكل ما يصلح وقودا للنار، حيث لا يمتلكون غاز طهي ولا يتوفر لديهم سوى القليل من أواني المطبخ.
ويظهر بؤس حياة هذه الأسرة من الخيمة الخالية إلا من القليل من الفراش والأغطية لا تحميها من البرد الشديد في ليل الشتاء، في حين خُصصت إحدى زواياها لإيقاد النار، وأخرى كمرحاض ولغسل الأواني والملابس القليلة.
ووسط هذا الواقع المرير، تجد ياسمين وقتا لتعليم طفلتيها ما اكتسبته من حفظها للقرآن الكريم كاملا، وشهادتها الجامعية في تخصص تربية الطفل، وبثقة كبيرة بنفسها تؤكد "أمي رحمها الله علمتني كيف أواجه المجتمع، وأريد لبناتي تحدّي الإعاقة وشق طريقهن فيه".
وتوجّه هذه الزوجة المديح لزوجها سمير، وتقول "هو سندي بعد رب العالمين، يسعى وراء رزقنا ويساعدني في الطبخ والغسيل وتربية البنات".
واعتاد سمير العمل في جمع البلاستيك والمعادن من الشوارع ومكبّات النفايات قبل اندلاع الحرب. ويقول للجزيرة نت إنه كان يحصل يوميا على مبلغ 20 شيكلا (حوالي 6 دولارات) من ذلك، لكن عمله توقف لخطورة المناطق الشرقية القريبة من السياج الأمني الإٍسرائيلي.
إعلانويكتفي حاليا بجمع ما تحتاجه أسرته لإشعال النار وطهي ما يتوفر من طعام، وغالبه من المعلبات، حيث لم تتذوق هذه الأسرة اللحوم والخضار والفواكه منذ شهور طويلة لشُحها بالأسواق وللارتفاع الهائل في أسعارها، كما يؤكد.
يقول مؤسس "فريق إسناد الخير" محمد شبير، للجزيرة نت، إن أسرة أبو جاموس لها خصوصية كون الأم وطفلتيها كفيفات، وكانت تقيم في الشارع قبل توفير هذه الخيمة لها، "ولم نجد لها سوى هذه المساحة داخل المقبرة للإقامة فيها".
ويشرف هذا الفريق على مئات الخيام التي تؤوي أسرا نازحة من مناطق مختلفة ولم تجد لها مكانا سوى مجاورة الأموات في المقابر. وقد بادر شبير (33 عاما) وفريقه، الذي يضم 20 متطوعا من الشبان والفتيات، إلى تنظيم هذه الخيام العشوائية والسعي وراء تلبية احتياجاتها الأساسية.
ويعاني هذا الفريق من شح المساعدات الإنسانية بسبب القيود الإسرائيلية، ويؤكد شبير أن غالبية العائلات النازحة في المقبرة تعاني أوضاعا مأساوية وتحتاج للدعم والإسناد. ويقول "هذه المقبرة هي عالم الأموات، ولكننا في غزة بتنا نزاحمهم في قبورهم وننتظر مصيرنا المجهول، والغالبية تعاني من ضيق الحال والمجاعة".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الكشف عن مقبرة الملك تحتمس الثاني آخر مقبرة مفقودة لملوك الأسرة الثامنة عشرة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تمكنت البعثة الأثرية المصرية الإنجليزية المشتركة بين المجلس الأعلى للآثار ومؤسسة أبحاث الدولة الحديثة من الكشف عن مقبرة الملك تحتمس الثاني آخر مقبرة مفقودة لملوك الأسرة الثامنة عشرة في مصر، وذلك أثناء أعمال حفائر ودراسات الأثرية لمقبرة رقمC4 ، التي تم العثور على مدخلها وممرها الرئيسي عام 2022 بمنطقة وادي C بجبل طيبة غرب مدينة الأقصر، والذي يقع على بعد حوالي 2.4 كيلومتر غرب منطقة وادي الملوك، حيث تم العثور على أدلة تشير بوضوح إلى أنها تخص الملك تحتمس الثاني.
وثمن شريف فتحي وزير السياحة والآثار على ما يتم من حفائر أثرية بالمنطقة والتي كشفت النقاب عن مزيد من أسرار وكنوز الحضارة المصرية العريقة، حيث تعد هذه المقبرة هي أول مقبرة ملكية يتم العثور عليها منذ اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون عام 1922.
وقال الدكتور محمد إسماعيل خالد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إنه عند عثور البعثة على مدخل المقبرة وممرها الرئيسي في أكتوبر 2022، اعتقد فريق العمل أنها قد تكون مقبرة لزوجة أحد ملوك التحامسة، نظرا لقربها من مقبرة زوجات الملك تحتمس الثالث، وقربها كذلك من مقبرة الملكة حتشبسوت والتي أعدت لها بصفتها زوجة ملكية قبل أن تتقلد مقاليد حكم البلاد كملك وتدفن في وادي الملوك. ولكن مع استكمال أعمال الحفائر، خلال هذا الموسم، اكتشفت البعثة أدلة أثرية جديدة حددت هوية صاحب المقبرة الملك تحتمس الثاني، وأن من تولى إجراءات دفنه هي الملكة حتشبسوت بصفتها زوجته وأخته غير الشقيقة.
وأكد أن أجزاء أواني الألبستر التي تم العثور عليه بالمقبرة كان عليها نقوش تحمل اسم الملك تحتمس الثاني بصفته "الملك المتوفى"، إلى جانب اسم زوجته الملكية الرئيسية حتشبسوت مما يؤكد هوية صاحب المقبرة.
ووصف الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، هذا الكشف بأنه أحد أهم الاكتشافات الأثرية في السنوات الأخيرة، حيث إن القطع الأثرية المكتشفة بها تُعد إضافة هامة لتاريخ المنطقة الأثرية وفترة عهد الملك تحتمس الثاني حيث تم العثور لأول مرة على الأثاث الجنائزي لهذا الملك الذي لا يوجد له أي أثاث جنائزي في المتاحف حول العالم.
ومن جانبه أشار محمد عبد البديع، رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار ورئيس البعثة من الجانب المصري، إلى أن المقبرة وجدت في حالة سيئة من الحفظ بسبب تعرضها للسيول بعد وفاة الملك بفترة قصيرة حيث غمرت المياه المقبرة، مما استدعى الفريق الأثري من انتشال القطع المتساقطة من الملاط وترميمه، لافتا إلى أن الدراسات الأولية تشير أنه تم نقل محتويات المقبرة الأساسية إلى مكان آخر بعد تعرضها للسيول خلال العصور المصرية القديمة.
وأضاف أن أجزاء الملاط المكتشفة عليها بقايا نقوش باللون الأزرق ونجوم السماء الصفراء، وكذلك زخارف وفقرات من كتاب "إمي دوات"، الذي يُعد من أهم الكتب الدينية التي اختصت بها مقابر الملوك في مصر القديمة.
وقال الدكتور بيرز ليزرلاند رئيس البعثة الأثرية من الجانب الإنجليزي، أن المقبرة تتميز بتصميم معماري بسيط كان نواة لمقابر من تواتر على حكم مصر بعد تحتمس الثاني خلال الأسرة الثامنة عشر، وتضم المقبرة ممر غطي أرضيته بطبقة الجص الأبيض، يؤدي إلى حجرة الدفن بالممر الرئيسي للمقبرة، حيث ترتفع مستوى ارضيته بنحو 1.4 متر عن أرضية الحجرة ذاتها. ويعتقد أنه قد استخدم لنقل محتويات المقبرة الأساسية بما فيها جثمان تحتمس الثاني بعد أن غمرتها مياه السيول.
وأكد علي أن البعثة ستواصل أعمالها المسح الأثري التي تجريها في الموقع منذ عامين، وذلك للكشف عن المزيد من أسرار هذه المنطقة، و المكان الذي نُقلت إليه باقي محتويات مقبرة تحتمس الثاني.