عربي21:
2025-02-12@18:14:15 GMT

سوريا بين رمزية السقوط وآمال البناء

تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT

في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الجاري انهار النظام الذي حكم سوريا بالحديد والنار لعقود في أيام قليلة، رغم أنه بَنى نفسه على أساس الخوف والقمع والتهميش. فبشار الأسد، الذي تسلّم السلطة عام 2000 بعد وفاة والده حافظ الأسد الذي حكم البلاد منذ عام 1971، قاد نظاما جعل من الدولة أداة لترسيخ سلطته عبر استخدام الأجهزة الأمنية والجيش لقمع أي صوت معارض.



لكن، وكما علّمنا التاريخ، لا يمكن لأي نظام مهما بلغت قسوته أن يصمد أمام إرادة الشعوب. فسقوط الأسد ليس مجرد انهيار لحاكم، بل هو رمز لانهيار منظومة القمع والتسلط التي حاولت أن تجعل من الإرهاب والخيانة تهمة جاهزة ضد كل من يطالب بالحرية، فأين الآن هذه التهم التي رمى بها الأسد معارضيه؟

لطالما لجأ بشار الأسد إلى وصم المعارضة بتهم الإرهاب والخيانة لتبرير قمعه الوحشي، إلا أن سقوطه أظهر زيف هذه الادعاءات. فملايين السوريين الذين انتفضوا ضد الظلم لم يكونوا إرهابيين، بل شعبا يطالب بحقوقه في الحرية والكرامة.

سقوط الأسد ليس مجرد انهيار لحاكم، بل هو رمز لانهيار منظومة القمع والتسلط التي حاولت أن تجعل من الإرهاب والخيانة تهمة جاهزة ضد كل من يطالب بالحرية، فأين الآن هذه التهم التي رمى بها الأسد معارضيه؟
ومع فرار الأسد وعجزه، بل جبنه عن المواجهة، تبين أن النظام الذي ادّعى القوة والاستقرار لعقود كان هشّا أمام أصوات الناس وموجات الغضب الشعبي السوري، فالتهم التي وُجّهت للمعارضين لم تكن سوى ستار لحماية نظام استبدادي وحشي، وقد سقطت هذه التهم مع انهيار النظام نفسه، لتُسجل صفحة جديدة في تاريخ سوريا عنوانها "لا بقاء لطاغية".

لماذا يجب على حكامنا أن يخافوا؟

إن سقوط بشار الأسد يحمل رسالة مباشرة للحكام المستبدين في عالمنا العربي؛ فهذا هو نظام الأسد صاحب السطوة الأمنية والقبضة الحديدية التي لا يمكن اختراقها قتل أكثر من 600 الف وشرد ملايين السوريين في شتى البلاد، ها هو قد سقط الآن، فلا مجال أمامكم سوى السماع لصوت الناس والاعتبار من هذا المصير المحتوم الذي سيأتيكم ولو في قصور يحوطها الحرس من كل جانب..

إن الروايات التي يحيكها المحررون من سجون صيدنايا والسجون المركزية في حلب وحماة وغيرها تتطابق مع الروايات التي يحكيها السجناء المفرج عنهم من سجون أنظمة عربية حاكمة ما زالت تمارس القمع تجاه كل من يعارضها، فإن كانت الأدوات التي تمارسها الأنظمة متطابقة فإن النتيجة لن تختلف كثيرا من بلد لآخر حتى لو تأخرت فهي محتومة.

فعلى المستبدين في عالمنا أن يدركوا أن التغيير قادم لا محالة، وأن الخيار الوحيد لضمان استقرارهم هو الإصلاح الحقيقي والاستماع لصوت الشعوب بدلا من محاولة إسكاته.

إن الرسالة التي يحملها معتقل محرر بعد 40 سنة في أسوأ سجون العالم وأشدها تعذيبا وانتزاعا للآدمية والإنسانية يحمل كذلك رسالة لأولئك المغيبين ظلما وزورا خلف أسوار السجون في كل بقعة من عالمنا العربي والإسلامي؛ مفادها أن الحرية قادمة وبلا أدنى شك في ذلك مهما طال الزمن أو تبين أن السجان قوي فهو ليس كذلك بل ربما يستغرق إسقاطه فقط بضعة أيام.

آمال وطموحات

أملي أن تكون سوريا نموذجا حقيقيا لربيع عربي ناجح، موحدة لا طائفية، عادلة لا استبداد بها تفتح المجال للجميع دون تمييز بين طائفة وطائفة أو دين ودين أو حزب وحزب، بل سوريا لكل السوريين تعيد بناء ما هدمه الطغيان والاستبداد في الإنسان والبنيان لأكثر من نصف قرن من الزمان.

سقوط بشار الأسد يحمل رسالة واضحة لجميع الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي إذ أصبح من الضروري أن تعيد هذه الأنظمة بناء جسور الثقة مع شعوبها من خلال إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ورفع الظلم عن المظلومين، وفتح المجال أمام الحريات الأساسية
إن ما حدث في بلدان الربيع العربي ابتداء من انطلاق الشرارة الأولى له في تونس مرورا بمصر وليبيا واليمن وما يحدث حاليا في فلسطين عامة وغزة خاصة والسودان يحمل للقائمين على الأمر في سوريا رسالة مباشرة واضحة لا تحمل إلا معنى واحدا:

نجاحكم في إدارة النموذج هو طوق النجاة لنا جميعا، ومهما تحالفت ضدكم ذات القوى التي أفشلت ثوراتنا ومكّنت العسكر من رقابنا وزجت بالثوار في السجون أو أرغمتهم للخروج من البلاد.. فكونوا على قدر هذه المسؤولية التي تقدمتم لها، فنجاح الثورة في سوريا سيقول لذاك المعتقل الذي يقبع في زنزانة انفرادية ربما منذ 10 سنوات؛ إنه ما زال هناك أمل في الخروج من هنا نحو دولة واعدة حرة مصانة فيها الكرامة والعدالة وبها من الحرية ما يكفي ويزيد.

ختاما أقول إن سقوط بشار الأسد يحمل رسالة واضحة لجميع الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي إذ أصبح من الضروري أن تعيد هذه الأنظمة بناء جسور الثقة مع شعوبها من خلال إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ورفع الظلم عن المظلومين، وفتح المجال أمام الحريات الأساسية.

فالنهاية التي شهدها نظام الأسد بعد أكثر من عقد من القمع هي درس مؤلم، ولكنه ضروري. فالشعوب لا تنسى، وإن تأخرت، فإن إرادتها ستنتصر. والمصير المحتوم لأي نظام قائم على الاستبداد هو السقوط، إلا إذا اختار الإصلاح الحقيقي والتغيير الجذري وكما قيل: السعيد من وعظ بغيرة والشقي من وعظ بنفسه، فليكن لكم في الأسد العبرة وفي سوريا المثال والأسوة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا الأسد استبدادي الثورة سوريا الأسد استبداد الثورة مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بشار الأسد

إقرأ أيضاً:

«حافظ بشار الأسد» ينشر تفاصيل جديدة حول «الليلة الأخيرة» في سوريا

نشرت حسابان يحملان اسم “حافظ الأسد ابن الرئيس السوري السابق بشار الأسد”، على منصتي “إكس” و”تيلغرام” منشور يتضمن الحديث حول “الليلة الأخيرة” في سوريا وسيطرة المسلحين على دمشق”.

وفي المنشور، أكد “حافظ الأسد”، أنه “لم يكن هناك أي خطة، ولا حتى احتياطية، لمغادرة دمشق، ناهيك عن سوريا”.

وقال: “على مدى الـ14 عاماً الماضية مرت سوريا بظروف لم تكن أقل صعوبةً وخطورةً من التي مرت بها في نهاية نوفمبر وبداية ديسمبر الماضيين”. وأضاف: “من أراد الهروب لهرب خلالها، وخاصةً خلال السنوات الأولى عندما كانت دمشق شبه محاصرة وتُقصف يومياً، وكان الإرهابيون على أطرافها، واحتمال وصولهم إلى قلب العاصمة قائماً طوال تلك الفترة”.

وأضاف حافظ أنه “سافر إلى موسكو في 20 نوفمبر الماضي من أجل “رسالة الدكتوراه” التي يُعدّها، مشيراً إلى أن والدته أسماء الأسد كانت حينها “في موسكو، بعد عملية جراحية أجرتها في نهاية الصيف، وذلك نظراً لمتطلبات العزل المرتبطة بالعلاج”، قبل أن يعود إلى دمشق في 1 ديسمبر ليكون مع والده وشقيقه كريم، بينما كانت شقيقته زين في موسكو أيضاً”.

وحول التطورات التي جرت يومي 7 و8 ديسمبر 2024 مع اقتراب فصائل المعارضة التي قادها الرئيس الحالي “أحمد الشرع” من دمشق، قال حافظ: “صباح السبت، قدم أخي امتحاناً لمادة الرياضيات في المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا في دمشق، حيث كان يدرس، وكان يحضر نفسه للعودة للدوام في اليوم التالي، وأختي كانت قد حجزت تذكرة للعودة إلى دمشق على متن الخطوط الجوية السورية في اليوم التالي، أي الأحد”.

وتابع: “بعد ظهر يوم السبت، انتشرت إشاعات بأننا هربنا خارج البلاد، واتصل بي عدد من الأشخاص للتأكد من وجودنا في دمشق، ونفياً لذلك، ذهبت إلى حديقة النيربين في حي المهاجرين، والتقطت صورةً لي نشرتها في حسابي الشخصي (لم يكن حساباً عاماً، وهو الآن مغلق) في منصة إنستغرام، وبعدها بفترة قليلة تداولت الصورة بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي”.

وأشار حافظ إلى أنه “بالرغم من أصوات الرمايات البعيدة، لم يكن هناك شيء خارج عن المألوف الذي اعتدناه منذ السنوات الأولى للحرب”.

وذكر أن “الوضع استمر على هذا الحال، إذ كان الجيش يحضر للدفاع على دمشق، ولم يكن هناك ما يوحي بتدهور الأمور حتى خبر انسحاب الجيش من حمص، الذي كان مفاجئا، كما كان قبله انسحاب الجيش من حماة وحلب وريف إدلب”.

وواصل حافظ الأسد: “مع ذلك، لم تكن هناك تحضيرات أو أي شيء يوحي بمغادرتنا، إلى أن وصل إلى بيتنا في حي المالكي مسؤول من الجانب الروسي بعد منتصف الليل، أي في صباح الأحد، وطلب انتقال الرئيس إلى اللاذقية لبضعة أيام، بسبب خطورة الوضع في دمشق، وإمكانية الإشراف على قيادة المعارك من هناك، باعتبارها كانت لم تزل مستمرة على جبهتي الساحل وسهل الغاب”.

وفيما يتعلق بما قيل حول مغادرة “الأسد” من دون إبلاغ أقاربه الذين كانوا موجودين في دمشق، لفت حافظ، إلى أنه هو “من قام بالاتصال بأبناء عمته أكثر من مرة حالما عرفنا بانتقالنا، وعلمنا من العاملين في منزلهم إنهم غادروه إلى وجهة غير معروفة”، وأضاف: “بعد ذلك انطلقنا باتجاه مطار دمشق الدولي، ووصلنا إليه حوالي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، والتقينا بعمي ماهر (الأسد) هناك، حيث كان المطار خالياً من الموظفين بما في ذلك برج المراقبة، ومن ثم انتقلنا على متن طائرة عسكرية روسية إلى اللاذقية، حيث هبطنا في مطار حميميم قبل طلوع الفجر”.

مقالات مشابهة

  • «حافظ بشار الأسد» ينشر تفاصيل جديدة حول «الليلة الأخيرة» في سوريا
  • الإعلان عن حكومة انتقالية شاملة تمثل الجميع في سوريا أول مارس
  • العراق ينفي منح ضباط من نظام الأسد حق الإقامة المؤقتة
  • الداخلية العراقية ترد على اتهامات منح الإقامة لضباط نظام الأسد
  • أسماء الأسد.. إيما التي لم تكن تهتم بالشرق الأوسط
  • 34,690 سوريا غادروا الأردن منذ سقوط نظام الأسد
  • إلغاء مسيرة قافلة عسكرية روسية في سوريا بعد تدخل وزارة الدفاع
  • كشف عدد السوريين العائدين لبلادهم بعد سقوط نظام الأسد
  • إليكم السبب الذي قد يؤدي إلى رفض طلبكم نحو هذه الدولة الأوروبية
  • هكذا سخّر نظام الأسد الحواجز الأمنية لإرهاب السوريين وابتزازهم