رسالة النبوة: حديث بليغ يكشف عظمة البناء الإلهي
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَثَلِي وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بُنْيَانًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ قَالَ فَأَنَا اللَّبِنَةُ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ" (صحيح مسلم).
يشير هذا الحديث الشريف إلى مكانة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كخاتم الأنبياء، ويُبرز دوره في إتمام رسالة التوحيد وبناء المنهج الإلهي الذي اكتمل ببعثته.
البناء الإلهي: سلسلة متكاملة من الأنبياء والرسالاتفي هذا التشبيه البليغ، يصور النبي صلى الله عليه وسلم الأنبياء والمرسلين كبُناة يعملون على بناء صرح عظيم يمثل الهداية الإلهية للبشرية. كل نبي جاء بوحي يكمل ما سبقه، حتى أُتمَّ هذا البناء ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. فهو اللبنة الأخيرة التي أكملت البناء وجعلته في غاية الجمال والكمال.
الناس والبناء: إدراك قيمة الرسالةيشير الحديث إلى تفاعل الناس مع هذا البناء المتكامل، حيث يعجبون بجماله لكن يتساءلون عن نقصه بغياب تلك "اللبنة". هذا التساؤل يعبر عن الفطرة البشرية التي تبحث عن الكمال، وهو ما تحقق بخاتم الأنبياء. فببعثته صلى الله عليه وسلم انتهت سلسلة الرسالات، وأصبح الإسلام الرسالة العالمية الخالدة.
حكمة إلهية
ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم ليس مجرد انتهاء للرسالات، بل هو تحقيق للغرض الإلهي بترك أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم مسؤولة عن حمل الرسالة وتبليغها. الإسلام دين شامل يضع منهجًا متكاملًا للحياة، وبختم النبوة أعلن الله اكتمال الدين: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا" (سورة المائدة: 3).
حمل الأمانة
من خلال هذا الحديث، يُوجه المسلمون إلى مسؤوليتهم الكبرى تجاه دينهم، حيث أصبحوا ورثة الرسالة، عليهم أن يتمثلوا تعاليم الإسلام في حياتهم، ويُظهروا هذا الكمال في سلوكهم وأفعالهم، ليكونوا سفراء لهذه الرسالة العظيمة.
خاتم النبيين وأعظم الرسالاتهذا الحديث يبرز لنا جمال الرسالة الإسلامية واكتمالها، ودور النبي محمد صلى الله عليه وسلم في إيصال الهداية الإلهية في أبهى صورها، فهو اللبنة التي أكملت البناء الإلهي، وأصبح الإسلام بفضلها دينًا خالدًا يجيب على تساؤلات البشرية في كل زمان ومكان.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: النبي صلى الله عليه النبى صلى الله الأنبياء رسول الله صلى الله عليه الأنبياء والمرسلين بعثة النبي بشرية صحيح مسلم صلى الله عليه وسل النبي محمد صلى الله عليه وسلم النبی محمد صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
دعاء النبي عند نزول الضرر: علاج اليأس بكلمات بسيطة
يواجه الإنسان في حياته الكثير من المصاعب والآلام التي قد تدفعه للتمني أن ينتهي الألم بأي وسيلة، بما في ذلك التفكير في الموت، لكن النبي محمد صلى الله عليه وسلم علّمنا درسًا عظيمًا في مواجهة الشدائد بالصبر والرجاء في رحمة الله، من خلال الدعاء الذي يعكس تمام الثقة بحكمة الله وقدره.
النهي عن تمني الموتفي الحديث الشريف عن أنس رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يتَمنينَّ أَحدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فاعلاً فليقُل: اللَّهُمَّ أَحْيني مَا كَانَت الْحياةُ خَيراً لِي وتوفَّني إِذَا كَانَتِ الْوفاَةُ خَيْراً لِي" (متفق عليه).
يؤكد هذا الحديث الشريف على أهمية الصبر وعدم الاستسلام للضرر أو الألم بتمني الموت. فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تمني الموت عند المصائب، لأنه يعكس نوعًا من الجزع واليأس، وهو ما لا يليق بالمؤمن الذي يؤمن بأن ما أصابه هو بقدر الله وحكمته.
الرجاء في الله والتسليم لحكمهإذا اشتد الضرر وشعر الإنسان أنه لا يستطيع تحمله، وجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا الدعاء العميق:"اللَّهُمَّ أَحْيني مَا كَانَت الْحياةُ خَيراً لِي وتوفَّني إِذَا كَانَتِ الْوفاَةُ خَيْراً لِي".
هذا الدعاء يحمل تسليمًا كاملًا لمشيئة الله تعالى، حيث يطلب العبد من ربه أن يختار له الأفضل بين الحياة والموت. فهو يعبر عن اليقين بحكمة الله المطلقة ورحمته الواسعة.
يعد الصبر عند نزول الضرر من أعظم الصفات التي يتحلى بها المؤمن، فالشدائد تُمتحن بها القلوب، وتزيد من القرب إلى الله تعالى إذا واجهها الإنسان برضا وتسليم. وقد قال الله تعالى: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) [البقرة: 155].
الدعاء في مواجهة المحنإن التمسك بالدعاء في وقت الشدة هو من أبرز ما يميز المؤمن الذي يثق برحمة الله، والدعاء المذكور في الحديث الشريف يعتبر من الأدعية التي ترشد المسلم إلى التوازن بين الصبر على البلاء والتسليم لإرادة الله.
يبقى الحديث الشريف درسًا خالدًا في مواجهة أزمات الحياة بحكمة ووعي، فهو يذكّرنا بأن الله وحده يعلم ما هو خير لنا، وأن تسليم الأمر له بالدعاء هو السبيل للراحة النفسية والرضا بالقضاء، فلنتعلم من هذا الحديث الشريف كيف نواجه أقدارنا بالصبر، وكيف نجعل الدعاء سلاحًا يعيننا على تجاوز المحن.