عربي21:
2025-02-19@20:55:47 GMT

الثورة السورية وقضية فلسطين

تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT

مقدمة:

الشعب السوري الأصيل أشد التصاقا بفلسطين والعمل الجاد لأجلها، وعندما يعبر الشعب عن إرادته الحقيقية، فسيكون أكثر قدرة على الإسهام في دعم فلسطين ومشروع تحريرها، وعلى قوى الثورة أن تعلن موقفها الثابت والراسخ تجاه القدس وفلسطين، وفي دعم فلسطين وشعبها ومقاومتها، ورفضها للتطبيع.

النظام السابق وإشكالية العمل لفلسطين:

بسقوط نظام بشار الأسد طويت 61 عاما من حكم حزب البعث، و53 عاما من حكم "آل الأسد" لسوريا؛ التي عانت من نظام حكم ديكتاتوري طائفي أخذ غطاء قوميا.

وبالرغم من رفع النظام السوري لشعارات الممانعة وإسناد المقاومة، وأنه لم يدخل في الاعتراف بالعدو الإسرائيلي والتطبيع معه، وبالرغم من استضافته لحماس وقيادتها في الفترة 2000-2011 وتوفير الدعم اللوجيستي لها؛ إلا أن النظام كان يُعاني من مشاكل جوهرية أبرزها أنه كان مسكونا بالسيطرة على الشعب السوري وعدم تمكينه من التعبير بحرية عن إرادته، وأنه فشل في الاستفادة من طاقات الشعب السوري وكفاءاته ومقدراته. وقد تحول النظام، فوق دكتاتوريته، إلى حالة قمعية شرسة في مواجهة الثورة الشعبية السورية التي انطلقت في سنة 2011. في الوقت نفسه، حرص النظام على إبقاء جبهة مواجهته مع الكيان الإسرائيلي هادئة على مدى عشرات السنوات، وتعرَّض لما يزيد عن 3,500 ضربة إسرائيلية طوال الـ12 سنة ماضية، دون أن يرد ولو مرة واحدة بشكل مكافئ على الاحتلال الإسرائيلي.

تحول النظام، فوق دكتاتوريته، إلى حالة قمعية شرسة في مواجهة الثورة الشعبية السورية التي انطلقت في سنة 2011. في الوقت نفسه، حرص النظام على إبقاء جبهة مواجهته مع الكيان الإسرائيلي هادئة على مدى عشرات السنوات، وتعرَّض لما يزيد عن 3,500 ضربة إسرائيلية طوال الـ12 سنة ماضية، دون أن يرد ولو مرة واحدة بشكل مكافئ على الاحتلال الإسرائيلي
وتحوَّل التحالف مع القوى الخارجية التي جاءت تدعم "صموده" في وجه "المؤامرة الكونية" وتدعم "ممانعته" إلى تحالف مشغول بقمع إرادة الشعب السوري نفسه، بدلا من مواجهة الاحتلال؛ وفي الإبقاء على حالة من الديكتاتورية والفساد السياسي والاقتصادي والأمني. ودفعت سوريا ثمنا غاليا تجاوز نحو 600 ألف قتيل ومليون و900 ألف جريح، و13.5 مليون لاجئ ومهجَّر في داخل سوريا وخارجها، وخسائر اقتصادية ودمار نتيجة الصراع الداخلي يُقدر من 400 إلى 700 مليار دولار، ووقع 90 في المئة من أبناء سورية تحت خط الفقر؛ مع تصعيد الخطاب الطائفي والعرقي وتمزيق سوريا.. وهو ما أعاد سوريا للوراء عشرات السنوات ليس فقط في نهضة سورية وازدهارها، وإنما حتى على صعيد قدرتها في مواجهة العدو الصهيوني نفسه.

واللافت للنظر أن القوى التي دعمت النظام السوري في أثناء الثورة الشعبية (2011-2024) بما في ذلك إيران وحلفاؤها وروسيا طالبت بعد انتصار الثورة قبل بضعة أيام بتحقيق إرادة الشعب السوري، ولو أنها فعلت ذلك منذ البداية لما احتاج النظام السوري وحلفاؤه للخوض في بحر من الدماء والدمار، وتأجيج المشاعر الطائفية والعرقية. فالشعب السوري سنة 2011 كان مستعدا للتفاهم مع الأسد نحو حل سلمي، وكان ما يزال قادرا على تحجيم التدخلات المباشرة الإقليمية والدولية، غير أن النظام اختار الحسم الأمني والعسكري.

الثورة المدنية التي خُذلت وحوصرت وضربت وحشرت في الزاوية، وجدت نفسها عرضة لقوى انتهازية عربية ودولية حاولت أن تركب الثورة وأن تحرف بوصلتها؛ وهذا لم يمنع أن جوهر الثورة وجوهر المعاناة وجوهر التطلعات ظل قائما.

هل كان من الممكن أن تحدث مقاومة حقيقية للمشروع الصهيوني بشكل فوقي يتجاهل الشعب السوري نفسه؟ وهل كان لتحالف النظام مع داعميه من الخارج أن يشكلوا إطار مواجهةٍ حقيقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي، بينما هم مستنفدون وغارقون في مواجهة الحاضنة الشعبية نفسها؟

ثمة حقيقة كبرى هي أن "تحرير الأرض يبدأ بتحرير الإنسان"، وأن الذي لديه مشروع تحرير حقيقي فعليه أن يُحرّر إنسانه، فيحيا معاني الحرية والعزة والكرامة، ومعاني الإيمان والتضحية والتوكل على الله، ويُطلق طاقاته وإمكاناته (كما حدث في نموذج غزة والداخل الفلسطيني)، لا أن ينزع كرامة الإنسان ويُذلّه، ويُحوّله إلى حالة خائفة مسكونة بالرعب من النظام وبالتعايش مع أشكال فساده السياسي والأمني والاقتصادي.. لقد كان هذا هو الخطأ المتكرر لكافة أنظمة الاستبداد والفساد العربي، ولكافة الانقلابات والأنظمة الثورية التي رفعت شعار فلسطين، ولكنها قتلت الإنسان وأذلته.. وهل لشعبٍ أن يقاتل عدوه ويحرّر أرضه، وهو مستعبَدٌ مرعوب فاقدٌ للحرية وللكرامة؟

الشعب السوري الأصيل:
أيا كان موقف النظام، فإن موقف الشعب السوري تجاه فلسطين كان متقدما على نظامه السياسي، وكان راسخا وعميقا وصادقا لا يتزعزع، وهو دعمٌ غير محكوم بالمصالح والتكتيكات، فهي جزء من لحمه ودمه. ولذلك لم يكن ثمة غرابة أن تُقدِّر المقاومة الفلسطينية ذلك، وأن ترفض أن تكون أداة بيد النظام ضد شعبه، وأن تضطر للمغادرة وتخسر قاعدتها الاستراتيجية الأساس في الخارج، انسجاما مع نفسها وتقديرا للشعب السوري ودوره
الشعب السوري شعب أصيل، وهو والشعب الفلسطيني (وكذلك الأردني واللبناني) جزء لا يتجزأ من أبناء بلاد الشام وتراثها العريق، والحدود المصطنعة هي جزء من تقسيمات سايكس بيكو الاستعمارية. ولذلك فإن نصيب أهل سوريا في قضية فلسطين هو كنصيب إخوانهم في فلسطين، وإن قيام شعب سوريا على رجليه ووحدته ونهضته وقوته هي من استحقاقات المشروع الكامل لتحرير فلسطين.

وأيا كان موقف النظام، فإن موقف الشعب السوري تجاه فلسطين كان متقدما على نظامه السياسي، وكان راسخا وعميقا وصادقا لا يتزعزع، وهو دعمٌ غير محكوم بالمصالح والتكتيكات، فهي جزء من لحمه ودمه. ولذلك لم يكن ثمة غرابة أن تُقدِّر المقاومة الفلسطينية ذلك، وأن ترفض أن تكون أداة بيد النظام ضد شعبه، وأن تضطر للمغادرة وتخسر قاعدتها الاستراتيجية الأساس في الخارج، انسجاما مع نفسها وتقديرا للشعب السوري ودوره. وصدَق الشهيد إسماعيل هنية عندما قال إن "من نصرنا بالحق، فلن ننصره بالباطل".

ثمة فرصة حقيقية أن يعبر الشعب السوري عن إرادته بعد أن تولت قيادة الثوار الحكم في دمشق؛ وهو ما يعني أننا سنكون أمام حالة أصيلة صلبة، وليس أمام حالة فوقية أو متكلَّفة في نصرة فلسطين، وهو ما سيكون في المستقبل أشد خطرا على المشروع الصهيوني.

المخاطر حقيقية:

هذا لا يعني أن المؤامرات والمخاطر ضدّ سوريا وشعبها قد زالت، بل هي ما زالت على أشدها؛ وسيواجه الحكم الجديد في سوريا عواصف عاتية تحاول إفراغ ثورته من محتواها، وتحاول ركوب الموجة، وإعادة تغيير البوصلة، واستخدام المال السياسي، والتحريض الطائفي والتدخلات العسكرية والأمنية والإعلامية وأساليب الشيطنة لتحقيق أهدافها.

وسيسعى الأمريكان والصهاينة، كما ستفعل أنظمة إقليمية، لتحقيق أجنداتهم وفرض مساراتهم ومعاييرهم، وقد يجعل هذا من خروج سوريا من محنتها محفوفا بالمخاطر. وها قد رأينا العدو الصهيوني يُعربد في سوريا فيحتل المنطقة العازلة ويتوسع في الداخل، ويقصف في أربعة أيام أكثر من خمسمائة موقع وهدف، فيدمر معظم الطيران والدفاع الجوي والصواريخ والسفن الحربية، ويحاول أن يخرج مقدرات سوريا العسكرية عن الخدمة. ويحاول أن يضع شروطا مبكرة ومسبقة للمعايير الأمنية والعسكرية في سوريا، حتى قبل أن يبدأ الثوار بإمساك زمام السلطة.

لا يظنّن بعض المتخوفين من أبناء الثورة أن صمتهم أو تهميشهم لقضية فلسطين في هذه المرحلة سيخدمهم؛ بل إن ذلك لن يُغيّر من واقع التآمر الإسرائيلي الأمريكي الغربي والبيئات العربية المطبِّعة عليهم؛ ولكنه سيأكل من رصيدهم الشعبي ومصداقيتهم، وسيفتح المجال للقوى المتربصة لاستغلال ذلك لتشويههم وإفشالهم
المطلوب الحالي تجاه فلسطين:

من جهة أخرى، فليس من المطلوب ولا المتوقع من قادة الحكم في دمشق أن يعلنوا الآن الحرب على الاحتلال الإسرائيلي، فالظروف والأولويات تُحتّم عليهم التركيز على وحدة سوريا، وانتقال معقول للسلطة، وعودة المهجَّرين، وإيجاد الحد الأدنى للظروف الموضوعية للنهوض، في بلد منهار منهوب مُدمَّر. ولكن قيادة الحكم الجديد في سوريا يسَعُها الآن:

1- أن تدين العدوان الصهيوني على أراضيها وسيادتها وشعبها، وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه العدوان، وأن تدعو المجتمع الدولي ومؤسساته لإدانة الممارسات الصهيونية ووقفها.

2- أن تعلن موقفها الثابت والراسخ تجاه القدس وفلسطين، وفي دعم فلسطين وشعبها ومقاومتها، وحقها في تحرير أرضها ومقدساتها وعودة لاجئيها، وفي إدانة العدوان الصهيوني على قطاع غزة وفلسطين، والمطالبة بوقف العدوان ورفع الحصار.

3- أن ترفض التطبيع مع العدو الصهيوني، وأن تؤكد الانسجام مع إرادة الشعب السوري والأمة العربية والإسلامية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه.

هذه المواقف ستزيد من التفاف الشعب السوري حول الحكومة الجديدة، وستكون رافعة لها في الأمة العربية والإسلامية، وستقطع الألسن والطريق على المرجفين والمتشككين في الثورة السورية وأجندتها وولاءاتها. ولا يظنّن بعض المتخوفين من أبناء الثورة أن صمتهم أو تهميشهم لقضية فلسطين في هذه المرحلة سيخدمهم؛ بل إن ذلك لن يُغيّر من واقع التآمر الإسرائيلي الأمريكي الغربي والبيئات العربية المطبِّعة عليهم؛ ولكنه سيأكل من رصيدهم الشعبي ومصداقيتهم، وسيفتح المجال للقوى المتربصة لاستغلال ذلك لتشويههم وإفشالهم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين الثورة الأسد سوريا سوريا الأسد فلسطين الثورة مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی الشعب السوری فی مواجهة من أبناء فی سوریا

إقرأ أيضاً:

سوق الحريقة بدمشق.. يوم ألهب هتاف الشعب السوري ما بينذل

دمشق- لم يدر في خلد التاجر عماد نسب عندما توجه صباح يوم 17 فبراير/شباط 2011 إلى عمله في سوق الحريقة الشهير في دمشق أن تتحول مشكلته مع شرطي مرور إلى مظاهرة حاشدة صدحت بهتاف "الشعب السوري ما بينذل" فألهبت المشاعر وأرقت حينها النظام السوري المخلوع في أوج ثورات الربيع العربي.

جاءت الحادثة قبل نحو شهر من انطلاق الثورة السورية في شهر مارس/آذار من نفس العام لتخرج إلى العلن ما يتخلج قلوب الناس من قهر جراء الإساءة والظلم الذي يتعرض له السوريون من النظام المخلوع وأدواته الأمنية التي تغولت وتدخلت في حياة الناس اليومية وبات الوضع لا يطاق.

وفي موقعه الجغرافي يحاذي سوق الحريقة العريق من الجنوب سوق الحميدية الشهير، وسوق مدحت باشا من جهة الشمال، وجادة الدرويشية غربا وسوق الخياطين شرقا متخذا مكانا إستراتيجيا في قلب دمشق القديمة.

وقد عُرفت هذه المنطقة سابقا بـ"سيدي عامود" لكن اسمها تبدل عقب الحريق الذي شب جراء قصف قوات الاحتلال الفرنسية دمشق عام 1925 فأحرقت المحال والبيوت وتسببت بدمار كبير شمل الآثار الهامة.

ويمتاز سوق الحريقة بأهمية عن باقي الأسواق المنتشرة في دمشق لقربه من الأبنية الرسمية وحركة الناس النشطة فيه في جميع الأيام والأشهر على مدار العام، ويقدر عدد تجار السوق ما بين 3 آلاف و4 آلاف تاجر.

إعلان

نقطة البداية

يروي التاجر عماد نسب للجزيرة نت كيف بدأت القصة قبل 14 عاما، إذ توجه بسيارته إلى عمله بصحبة شقيقه صبيحة يوم الخميس الموافق 17 فبراير/شباط من عام 2011، ولدى وصوله إلى تقاطع شارع الدخول إلى السوق بسيارته طلب الشرطي من عماد أن يكمل طريقه عند الإشارة، لكن شرطيا آخر على الزاوية المقابلة طلب منه التوقف، وعندما شاهده الشرطي الأول متوقفا كال له السباب.

لم يتمالك التاجر الشاب نفسه فرد على الشرطي بنفس طريقته فتمادى شرطي المرور بتكرار السباب فنزل عماد من سيارته ليتحدث له، فما كان من رجل المرور إلا أن بدأ بضربه بعصا يحملها، فاندلع الاشتباك والضرب بينهما وتكاثر الناس من حولهما.

وبينما تدخل زملاء الشرطي نصرة لزميلهم، تجمهر التجار والأصدقاء في السوق لمؤازرة التاجر الذي تعرض للإهانة.

تطور الأمر سريعا وتزايدت الحشود لتنطلق الحناجر بالهتاف "الشعب السوري ما بينذل".

عقب ذلك يحكي عماد نسب كيف جاء قائد الشرطة حينها وحاول لملمة الموضوع لكنه لم يستطع ذلك، فلم يقبل ولا المتظاهرون المذلة والتعدي الذي حصل لأن شرطي المرور ليس له الحق بالتهجم والشتم في حال ارتكاب خطأ مروري وإنما إيقاع عقاب بدفع مخالفة لمنتهك قانون السير.

تصاعدت المطالب لدعوة وزير الداخلية اللواء سعيد سمور للحضور إلى المكان ليحل الموضوع لأن التاجر عماد رفض الذهاب إلى الأفرع الأمنية خوفا من عدم العودة مستغلا التجمهر الكبير في المكان.

وصل وزير الداخلية وحاول لملمة الموضوع لكن الحشود كانت تردد "الشعب السوري ما بينذل".

بعد ذلك -يستطرد عماد- قام التجار في المنطقة بإغلاق محلاتهم التجارية تضامنا معه لأن التجار لا يريدون إنهاء المشكلة بطريقة اللملمة دون معاقبة الشرطي وعدم تكرار الذل والمهانة، فكان أن تعهدت الأفرع الأمنية بمحاسبة الشرطي المتسبب بالمشكلة وهو ما حدث لاحقا من أجل لملمة هذا الحدث في ظل استنفار أمني.

إعلان رعب ومضايقات

لم تنتهِ الأزمة عند هذا الحد فقد طُلب من التاجر عماد في اليوم التالي مراجعة فرع المخابرات الجوية حيث استجوب هناك لساعات طويلة عن من تواصل معه أو وجه لعمل هذه الأزمة والمظاهرة.

وللخروج من هذا المأزق بأقل الخسائر دفع عماد مبالغ مالية طائلة تبعده عن الملاحقة الأمنية الدائمة.

وبسبب الرعب والخوف الذي ألم به عقب المظاهرة والاستجواب بقي عماد 15 يوما حبيس المنزل لم يذهب إلى محله التجاري.

ولم يكد التاجر يعود إلى عمله حتى بدأ سيل من المضايقات عبر الجمارك أحيانا وجهاز التموين أحيانا أخرى، دفع ثمنها أموالا طائلة.

اختطاف واعتقال

وقد تجاوزت أجهزة النظام المخلوع في بعض الأحيان المضايقات المالية لتصل إلى تهديد الحياة، فيروي التاجر عماد كيف خطفت مجموعات تتبع للمخابرات الجوية شقيقه الأصغر وطلبت مبلغ مليوني دولار للإفراج عنه.

لكن أخاه تمكن من الفرار بعد 15 يوما من المنزل الذي كانت لجان الجوية تحتجزه فيه، فسارع الأهل إلى تسفير الأخ الأصغر لعماد إلى خارج البلاد حيث بقي مغتربا إلى حين سقوط النظام المخلوع والتحرير كي يتمكن من العودة إلى أرض الوطن.

وتطورت المضايقات في يوم اقتحم عناصر من الفرع 215 التابع للمخابرات محله التجاري حيث كان يوجد شريكه بلال حواط وخلال عملية التفتيش تم مصادرة 112 دولارا، وبقي موقوفا في الأفرع الأمنية نحو شهرين تنقل خلالها بين الفرع 215 ثم الجنائية ثم إلى سجن عدرا في دمشق.

من جانبه يحكي بلال حواط شريك عماد للجزيرة نت كيف اقتحم عناصر الفرع 215 مخابرات المحل وصادروا 112 دولارا باعتباره من تجار الدولار رغم أنه كان يمتلك أوراقا تثبت شراءه الدولار من محل للصرافة حيث كان المبلغ ما تبقى من رحلة سفر.

ويروي حواط كيف دخل 20 عنصرا من الفرع 215 يقودهم ضابط برتبة عقيد.

وأضاف "اعتقلوني وابتزوني وسرقوا أموالا طائلة كانت في المحل بحجة وجود 112 دولارا، واعتقلت 60 يوما تقريبا وتنقلت بين عدة أفرع، وتعرضت للتعذيب والإهانة والذل وجميع أنواع الغطرسة والقهر، وكسرت أسناني، ودفعت أموالا طائلة".

إعلان

ويؤكد حواط أنه محكوم بمبلغ مادي كبير وبالسجن ومجرد من حقوقه المدنية، حيث دفع أمولا للخروج من السجن.

ويتذكر حواط يوم هروب بشار الأسد وتحرير السجناء من سجن صيدنايا الذي يقع بمنطقة تل منين بريف دمشق حيث يسكن.

فقد كان حواط من أوائل الواصلين للسجن بهدف مساعدة المعتقلين وتحريرهم لكنه عندما وصل ورأى أحوال السجناء تذكر فترة اعتقاله وما تعرض فيها من التعذيب فأصيب بالانهيار وبكى إذ كما قال "لا يشعر بشعور المعتقلين إلا الذين تعرضوا للسجن مثلهم".

سوق الحريقة يحاذي من الجنوب سوق الحميدية، وسوق مدحت باشا من جهة الشمال (الجزيرة نت)

وفي قصف القوات الفرنسية لمنطقة سوق الحريقة عام 1925 كتب أمير الشعراء أحمد شوقي قصيدته الشهيرة إثر تلك النكبة التي تعرضت لها دمشق على يد الاستعمار وفيها:

سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ .. ودمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ

وَذِكرى عَن خَواطِرِها لِقَلبي .. إِلَيكِ تَلَفُّتٌ أَبَدًا وَخَفقُ

وَبي مِمّا رَمَتكِ بِهِ الليالي .. جِراحاتٌ لَها في القَلبِ عُمقُ

وعندما صدح السوريون مطالبين بالحرية عام 2011، كفكفت دمشق وسوريا دموعها في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024 بعد ثورة استمرت نحو 14 عاما أنهت 53 عاما من حكم آل الأسد.

مقالات مشابهة

  • فضل أبو طالب: الصمت عن العدوان الصهيوني على سوريا لا يبرر التخاذل
  • “انتصار وطن”… احتفال بدار الأوبرا بدمشق يعيد سرد حكايات من الثورة السورية
  • السيسي: أؤكد أهمية البدء في عملية سياسية تشمل جميع أطياف الشعب السوري
  • “انتصار وطن”… احتفال بدار الأوبرا بدمشق يعيد سرد حكايات من الثورة السورية
  • تركيا تبدي استعدادها للمساهمة في بناء النظام المالي السوري الجديد
  • التحضيرية السورية لمؤتمر الحوار الوطني: سوريا لن ‏تكون دولة الحزب الواحد
  • الجمعيه الفلكية السورية: رمضان يبدأ في سوريا يوم السبت 1 مارس
  • الأمن السوري يعلن القبض على ثلاثة من مرتكبي مجزرة حفرة التضامن جنوب دمشق
  • الأمن السوري يعلن القبض على 3 من مرتكبي مجزرة حفرة التضامن جنوب دمشق
  • سوق الحريقة بدمشق.. يوم ألهب هتاف الشعب السوري ما بينذل