لماذا يحذر ترامب دول البريكس من إلغاء الدولرة بتعريفات 100%
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
في بيان مهم واستفزازي، أصدر الرئيس المنتخب دونالد ترامب تحذيرا صارما لدول مجموعة البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) بشأن طموحاتها للحد من الاعتماد على الدولار الأمريكي في التجارة العالمية. يأتي هذا التحذير في شكل تهديد بفرض رسوم جمركية مذهلة بنسبة 100 في المئة على البضائع من هذه الدول إذا سعت إلى مبادرات إزالة الدولرة.
سياق إزالة الدولرة
تشير إزالة الدولرة إلى العملية التي تسعى من خلالها البلدان إلى تقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي كعملة احتياطية ووسيلة صرف. وقد اكتسبتْ هذه الحركة زخما في السنوات الأخيرة، وخاصة بين الاقتصادات الناشئة التي تنظر إلى سيطرة الدولار كأداة للهيمنة الاقتصادية الأمريكية. وكانت دول البريكس في طليعة هذه المبادرة، حيث تستكشف طرقا لتسهيل التجارة بالعملات المحلية وحتى النظر في إنشاء عملة مشتركة.
وكان الدافع وراء إزالة الدولرة مدفوعا بعوامل مختلفة، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية والعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة. ومن أبرز مثال على ذلك العقوبات المفروضة على روسيا في أعقاب غزوها لأوكرانيا، والتي دفعت العديد من الدول إلى إعادة النظر في اعتمادها على الدولار في المعاملات الدولية. وقد ناقشت دول مجموعة البريكس هذه القضايا على نطاق واسع في قممها، بهدف إنشاء نظام مالي عالمي أكثر توازنا لا يعتمد فقط على الآليات المالية الأمريكية.
موقف ترامب وتهديداته
في منشور نشر مؤخرا على منصة التواصل الاجتماعي الخاصة به، تروث سوشيال، عبر ترامب عن موقفه الثابت ضد أي محاولات من قبل دول البريكس للابتعاد عن الدولار. وأضاف: "إن فكرة أن دول البريكس تحاول الابتعاد عن الدولار بينما نحن نقف مكتوفي الأيدي ونراقب قد انتهت". وطالب هذه الدول بالتزامات بعدم إنشاء أو تأييد أي عملة بديلة يمكنها منافسة الدولار الأمريكي.
إن تهديدات ترامب ليست مجرد خطابية؛ بل إنها تعكس استراتيجية أوسع تهدف إلى حماية المصالح الاقتصادية الأمريكية. ومن خلال فرض الرسوم الجمركية التي يمكن أن تضاعف تكلفة الواردات من دول مجموعة البريكس، يهدف ترامب إلى ردع هذه الدول عن مواصلة جهود إزالة الدولرة. ويتماشى هذا النهج مع اعتقاد ترامب الراسخ بأن الحفاظ على مكانة الدولار كعملة احتياطية عالمية أمر بالغ الأهمية لاستقرار الاقتصاد الأمريكي
إن تهديدات ترامب ليست مجرد خطابية؛ بل إنها تعكس استراتيجية أوسع تهدف إلى حماية المصالح الاقتصادية الأمريكية. ومن خلال فرض الرسوم الجمركية التي يمكن أن تضاعف تكلفة الواردات من دول مجموعة البريكس، يهدف ترامب إلى ردع هذه الدول عن مواصلة جهود إزالة الدولرة. ويتماشى هذا النهج مع اعتقاد ترامب الراسخ بأن الحفاظ على مكانة الدولار كعملة احتياطية عالمية أمر بالغ الأهمية لاستقرار الاقتصاد الأمريكي.
الآثار المترتبة على التجارة العالمية
إن احتمال فرض تعريفات جمركية بنسبة 100 في المئة على دول مجموعة البريكس من شأنه أن يخلف عواقب وخيمة على ديناميكيات التجارة العالمية. ويرتبط الاقتصاد الأمريكي ارتباطا وثيقا بالعديد من دول مجموعة البريكس؛ على سبيل المثال، بلغ حجم التجارة بين الولايات المتحدة والصين حوالي 690.6 مليار دولار في عام 2022، بما في ذلك حوالي 536.8 مليار دولار من الواردات من الصين و153.8 مليار دولار من الصادرات إلى الصين. وفي الوقت نفسه، بلغت التجارة مع الهند حوالي 191.8 مليار دولار في عام 2021، ومن المتوقع أن تكون قد زادت في عام 2022، مما يعكس العلاقات الاقتصادية المتنامية بين البلدين. ويمكن أن تؤدي الزيادة المفاجئة في التعريفات الجمركية إلى اتخاذ تدابير انتقامية من هذه البلدان، وتصعيد التوترات التجارية وربما زعزعة استقرار الأسواق العالمية.
علاوة على ذلك، فإن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تؤدي إلى تسريع الجهود بين دول مجموعة البريكس لإنشاء أنظمة تجارية بديلة تتجاوز الضوابط المالية الأمريكية تماما. لقد بدأت دول مثل الصين وروسيا بالفعل في تطوير أنظمة الدفع الخاصة بها -مثل نظام الدفع بين البنوك عبر الحدود في الصين (CIPS) ونظام تحويل الرسائل المالية في روسيا (SPFS)- لتسهيل التجارة دون الاعتماد على نظام سويفت أو غيره من الشبكات المالية التي یسيطر عليها الغرب.
المشهد الجيوسياسي
تأتي تهديدات ترامب في وقت تقوم فيه بريكس بتوسيع عضويتها، وترحب بالوافدين الجدد مثل إيران والمملكة العربية السعودية ومصر وإثيوبيا في عام 2024. ويشير هذا التوسع إلى التحول نحو تعاون اقتصادي أكبر بين الدول غير الغربية، وهو ما يشكل تحديا للهيمنة التقليدية للقوى الغربية على التمويل العالمي.
إن التداعيات الجيوسياسية عميقة؛ فمع تكاتف الاقتصادات الناشئة تحت مظلة مجموعة البريكس، فإنها تسعى إلى تأكيد نفوذها على السياسات الاقتصادية العالمية والحد من تعرضها للعقوبات الغربية والضغوط الاقتصادية. وقد يكون تحذير ترامب بمثابة حافز لهذه الدول لتسريع جهودها لإزالة الدولرة بينما تسعى جاهدة لتحقيق قدر أكبر من الاستقلال الاقتصادي.
العواقب الاقتصادية على الولايات المتحدة
في حين أن موقف ترامب العدواني قد يتردد صداه بين قاعدته ويجذب المشاعر القومية، فإنه يخاطر أيضا بتنفير الشركاء التجاريين الرئيسيين وقد تكون له عواقب غير مقصودة على الاقتصاد الأمريكي نفسه. إن فرض رسوم جمركية مرتفعة قد يؤدي إلى زيادة الأسعار بالنسبة للمستهلكين والشركات الأمريكية التي تعتمد على الواردات من دول مجموعة البريكس.
علاوة على ذلك، إذا نجحت دول مثل الصين والهند في إنشاء آليات تجارية بديلة تعمل على تقليل اعتمادها على الدولار، فقد يؤدي ذلك إلى تقويض القوة الاقتصادية الأمريكية في الأمد البعيد. لقد منحت مكانة الدولار باعتباره العملة الاحتياطية الرئيسية في العالم للولايات المتحدة مزايا كبيرة، بما في ذلك انخفاض تكاليف الاقتراض وزيادة النفوذ على الأنظمة المالية العالمية.
مستقبل العملات العالمية
مع التطلع إلى المستقبل، تثار عدة أسئلة حول مستقبل العملات العالمية في ضوء تهديدات ترامب ضد دول مجموعة البريكس:
هل ستواصل دول البريكس مساعيها لإزالة الدولرة على الرغم من الرسوم الجمركية الأمريكية المحتملة؟
نظرا لقوتها الاقتصادية الجماعية ومصالحها المشتركة في الحد من الاعتماد على الأنظمة المالية الغربية، فمن المرجح أنها ستواصل استكشاف البدائل.
كيف سترد الدول الأخرى على تهديدات ترامب؟
قد تعيد الدول خارج بريكس أيضا النظر في اعتمادها على الدولار إذا أدركت أن السياسات الاقتصادية الأمريكية أحادية الجانب أو عقابية بشكل متزايد.
ما هي الاستراتيجيات التي سيستخدمها ترامب إذا واجه مقاومة من دول البريكس؟
بالإضافة إلى التعريفات الجمركية، فإن التدابير المحتملة قد تشمل فرض ضوابط على الصادرات أو توجيه اتهامات بالتلاعب بالعملة ضد البلدان التي تشارك في التجارة خارج المعاملات المقومة بالدولار.
إن تحذير ترامب لدول البريكس يلخص صراعا أوسع للسيطرة على ديناميكيات التمويل والتجارة العالمية. وفي حين تسعى الاقتصادات الناشئة إلى تحقيق قدر أكبر من الاستقلال عن الأنظمة التي تركز على الولايات المتحدة من خلال جهود إزالة الدولرة، فمن المرجح أن تواجه مقاومة كبيرة من جانب الإدارة العازمة على الحفاظ على هيمنتها الاقتصادية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات البريكس الدولار الاقتصادي امريكا الدولار الاقتصاد بريكس مدونات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من دول مجموعة البریکس الاقتصادیة الأمریکیة الاقتصاد الأمریکی الولایات المتحدة التجارة العالمیة تهدیدات ترامب ملیار دولار دول البریکس الواردات من هذه الدول فی عام
إقرأ أيضاً:
بعد تصريحات ترامب حول خططه النقدية القادمة.. تطورات في سوق الذهب عالميا
سعر الذهب عالميا.. يشهد سعر الذهب عالميا خلال تلك اللحظات من تداولات وتعاملات المتعاملين في البورصات العالمية للذهب ارتفاعا، مدعوما بتصريحات دونالد ترامب حول خططه القادمة بشأن السياسة النقدية التي من المقرر أن يعتمدها بعد توليه الرئاسة الأمريكية رسميا خلال الأيام القادمة.
ارتفاع سعر الذهب عالمياوتنعكس تصريحات ترامب حول تطبيقه سياسات نقدية جديدة بشأن التعريفة الجمركية وسعر الفائدة بشكل سلبي على تحرك سعر الدولار عالميا، وهو ما يعزز من تجديد الثقة في أكثر سلع الملاذ الآمن التقليدية «المعدن الأصفر».
وعلى الرغم من وجود مؤشرات سوقية توحي بوجود ثقة كبيرة من المستثمرين تجاه المعدن الأصفر عالميا في ظل ضعف سعر الدولار عالميا، إلا أن هناك توقعات بتربع الأخضر من جديد في حالة نفذ البنك الفيدرالي الأمريكي «المركزي الأمريكي» مسارات سعر الفائدة التي بناها بعد بيانات أسعار التضخم الأخيرة والوظائف وأسعار المستهلكين، بعدم تطبيق الخفض المتفق عليه خلال عام 2025، وتطبيق مزيد من سياسة التشديد النقدية بسبب توقعات أكيدة برفع معدل التخم لمستويات مرتفعة نتيجة خطط دونالد ترامب المتوقع تطبيقها، بالإضافة لمعدلات التضخم التي تبدا في ارتفاع نسبتها.
ارتفاع سعر الذهب عالميايذكر أن أسعار الذهب قد تراجعت بحوالي 1% يوم الاثنين بعد صدور بيانات قوية عن سوق العمل الأميركي الأسبوع الماضي، والتي عززت قوة الدولار، إذ يؤدي ارتفاع الدولار إلى جعل الذهب أكثر تكلفة للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى.
الذهب عالميا عند التسوية أمستحولت أسعار الذهب للانخفاض خلال تعاملات أمس الإثنين، عقب ارتفاع الدولار وعوائد سندات الخزانة الأمريكية.
وعند تسوية التداولات، تراجعت أسعار العقود الآجلة للذهب تسليم شهر فبراير بنسبة 1.35% أو 36.4 دولار عند 2678.60 دولار للأوقية.
ارتفاع الذهب وتراجع الدولار اليوم عالميا الذهب والدولار الآنارتفع الذهب الفوري بنسبة 0.5% ليصل إلى 2، 674.26 دولار للأونصة.
فيما صعدت العقود الآجلة للذهب بنسبة 0.4% إلى 2، 689.10 دولار.
على الجانب الآخر، تراجعت عقود مؤشر الدولار بنسبة 0.43% إلى 109.34 نقطة.
اقرأ أيضاًاستقرار سعر الذهب عالميا وسط ترقب لموقف ترامب من التعريفة الجمركية
ارتفاع سعر الذهب عالميا وسط ترقب لتطبيق سياسة رفع سعر التعريفة الجمركية مطلع 2025
ارتفاع سعر الذهب عالميا وسط أنباء عن اضطرابات مستقبلية في الدولار