بين النظام المخلوع والثورة.. اللاجئون الفلسطينيون في سوريا يأملون بعهد جديد
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
يتطلع اللاجئون الفلسطينيون في سوريا إلى مستقبل آمن في سوريا الجديدة، يضمدون فيه الجراح، ويجمعون شتاتهم الذي مزقته سنوات الصراع الدامي، بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد.
وتركت سنوات الصراع السوري آثارا صعبة وذكريات أليمة على اللاجئين الفلسطينيين، حيث دُمّرت مخيّماتهم بشكل كلي أو جزئي، ما اضطر عشرات الآلاف منهم إلى النزوح داخليا وخارجيا، فيما قتل أول اعتقل الآلاف من قبل قوات الرئيس المخلوع، بشار الأسد، بينما لا يزال مصير الآلاف منهم مجهولاً حتى الآن.
متى لجأ الفلسطينيون إلى سوريا؟
لجأ الفلسطينيون في سوريا على دفعات خلال القرن الماضي، هربا من بطش ومجازر الاحتلال الإسرائيلي، لكن العدد الأكبر هاجر بعد النكبة عام 1948، خصوصا من القرى والبلدات القريبة من الحدود الفلسطينية السورية.
طرأت تحولات وتغييرات جذرية في مشهد اللجوء الفلسطيني في سوريا تعدادا وتوزيعا بعد الأحداث التي اندلعت في سوريا منتصف آذار/ مارس 2011.
كم عدد اللاجئين الفلسطينيين؟
يشكل اللاجئون الفلسطينيون جزءاً من نسيج المجتمع السوري، إذ يزيد عددهم عن نصف مليون لاجئ، موزعين على عدد من المخيمات في سوريا، لكن هذا العدد تقلص كثيرا بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011.
وبالأرقام، يقدر أعداد فلسطينيي سورية المُسجّلين لدى "الأونروا" كلاجئين، نحو 545 ألف مواطن فلسطيني، وهم ممّن يطلق عليهم تسمية "فلسطينيي سورية".
يُضاف إلى فلسطينيي سورية نحو 200 ألف مواطن فلسطيني مُقيم بسورية من فلسطينيي لبنان والأردن وقطاع غزة والعراق، وقد إنخفضت أعدادهم كثيرا بعد الثورة السورية، حتى وصلت إلى أقل من 40 ألفا. وفق الكاتب والمحلل الفلسطيني وابن مخيم اليرموك، علي بدوان.
كم عدد المخيمات الفلسطينية في سوريا؟
يوجد في سوريا 12 مخيّماً للاجئين الفلسطينيين، يقع معظمها في العاصمة دمشق أو محيطها، والتي تستأثر بـ67% من مجموع اللاجئين الفلسطينيين.
تصنف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" 9 مخيمات بشكل رسمي، و3 غير رسمية وهي:
مخيم اللاذقية "غير رسمي"
مخيم النيرب في حلب
مخيم اليرموك "غير رسمي"
مخيم جرمانا
مخيم حماة
مخيم حمص
مخيم خان الشيح
مخيم خان دنون
مخيم درعا
مخيم سبينة
مخيم عين التل "غير رسمي"
مخيم قبر الست في دمشق
تكشف إحصاءات أن عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين تبقوا في سوريا، بلغ حتى تشرين الأول/ أكتوبر 2022، قرابة 42 ألفاً، أقل من 3 في المئة يتواجدون داخل المخيّمات، ومن تبقّى تشردوا في عموم الجغرافية السورية وفق موقع "ارفع صوتك".
اليرموك.. أكبر تجمع للفلسطينيين في الشتات
يعد مخيم اليرموك عاصمة اللجوء والشتات الفلسطيني في الخارج، وأحد رموز النضال الفلسطيني، إذ يعتبر أكبر المخيمات خارج حدود فلسطين التاريخية، مع تقديرات تشير إلى أن عدد سكانه لا يقل عن 150 ألفا من اللاجئين الفلسطينيين.
عانى المخيم من عمليات تهجير ممنهجة على يد قوات النظام السوري عقب اندلاع الثورة السورية، حيث ضربت قوات النظام حصارا مشددا عليه عام 2018 واستهدفت سكانه بالقتل والتهجير على مدار شهور طويلة، تحت ذريعة محاربة تنظيمات متطرفة، ما أدى إلى نزوح جل اللاجئين فيه، سواء داخليا أو خارج البلاد.
ماذا فعل النظام بالمخيم؟
منذ عام 2018، عمل النظام المخلوع على تنفيذ مخطط تنظيمي لتحويل المخيم إلى منطقة سكنية جديدة بتمويل من رجال أعمال مرتبطين به، وذلك عقب التدمير الشامل الذي شهده المخيم نتيجة العمليات العسكرية في العام نفسه.
قرارات النظام السابق شملت حل اللجنة المحلية للمخيم، التي كانت قد تأسست عام 1964 لتثبيت خصوصيته كمنطقة إدارية مستقلة، والاستعاضة عنها بإدراجه تحت صلاحيات محافظة دمشق.
كما جرى إسقاط صفة "مخيم" واستبدالها بـ"منطقة اليرموك"، وجرى إزالة العلم الفلسطيني من المداخل الرئيسية، والاكتفاء برفع العلم السوري، ما أثار غضب اللاجئين الفلسطينيين.
أين نزح اللاجئون الفلسطينيون؟
الكتلة الأكبر ممّن غادر سورية من فلسطينييها هم من جيل الشباب، ومن أصحاب الكفاءات العلمية وخريجي الجامعات والمهنيين. حيث وصلت أعداد اللاجئين الفلسطينيين الذين غادروا سورية حتى الآن بحدود 150 ألفا من أصل 545 ألفا، فيما نزح الآخرون داخليا في مناطق الشمال والجنوب، بحثا عن الأمن.
واقع اللاجئين بعد سقوط النظام
يعقد اللاجئون الفلسطينيون في سوريا آمالا كبيرة على القيادة الجديدة في سوريا، أملا في انصافهم، وترتيب أوضاعهم لحين العودة إلى ديارهم التي هجروا منها في فلسطين.
ومع استعادة مخيم اليرموك لصفته التاريخية، يتطلع أبناء مخيم اليرموك إلى إعادة بنائه كرمز لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وعاصمة للشتات الفلسطيني، وذلك في حالة تنسحب على معظم المخيمات الفلسطينية في سوريا.
وقبل أيام، شهد مخيم اليرموك حملة تهدف إلى إزالة آثار السياسات التي فرضها النظام السوري المخلوع، واستعادة الهوية التاريخية للمخيم باعتباره رمزاً للنضال الفلسطيني وأكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في الشتات.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سوريا اللاجئين الفلسطينيين اليرموك تهجير النظام سوريا تهجير النظام اليرموك اللاجئين الفلسطينيين المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللاجئین الفلسطینیین اللاجئون الفلسطینیون مخیم الیرموک غیر رسمی
إقرأ أيضاً:
حكايات المندسين والفلول في سوريا
آخر تحديث: 13 مارس 2025 - 11:02 صبقلم : فاروق يوسف كنت في مطار دمشق حين سمعت إحدى موظفات السوق الحرة وهي تخبر زميلها أنها رأت عددا من المندسين أمس قرب بيتها. حدث ذلك في مارس 2011، بعد أسبوعين على قيام الحراك الاحتجاجي الشعبي وكان الخطاب الرسمي يركز على وجود مندسين خبثاء بين المحتجين الأبرياء في محاولة لتفسير لجوء السلطات إلى قمع التظاهرات بعنف مبالغ فيه. حتى بالنسبة للحكومة السورية فإن وجود أولئك المندسين كان شبحيا بحيث لم تتمكن وسائل الإعلام من عرض صورة لأحدهم. غير أن ذلك لم يمنع موظفة المطار من القول إنها رأت عددا منهم. وفي ذلك ما يؤكد استعداد الكثيرين لكي يكونوا مادة طيعة لنشر الأكاذيب. ذهب نظام بشار الأسد واختفى المندسون قبله بعد أن تبين أن الجزء الأكبر من الشعب كان مندسا. وكما يبدو فإن مرحلة ما بعد الأسد لم يتم الإعداد لها جيدا لينأى النظام الجديد بنفسه بعيدا عن الحاجة إلى الكذب. فحين وقعت مجازر في مدن الساحل التي تسكنها غالبية علوية صارت وسائل الإعلام الموالية للتغيير في سوريا تتحدث عن معارك تجري ما بين قوات النظام وبين فلول النظام السابق. على الطرفين هناك شيء غامض. فقوات النظام لا يُقصد بها جيش الدولة بالتأكيد، بل هي الفصائل والجماعات المسلحة التي غزت دمشق بعد أن تم ترحيل بشار الأسد من قصر الحكم. أما فلول النظام السابق فقد كشفت الصور عن آلاف العوائل وهي في حالة هلع وذعر وانهيار بعد أن رأت الموت وهو ينقض على حياة المئات من النساء والأطفال والشيوخ. ومثلما حدث مع حكاية المندسين شكك السوريون بحكاية الفلول. لقد انتشرت عشرات الأفلام المصورة بالهواتف لمقاتلي النظام الجديد وهم يرددون شعارات طائفية ويسخرون من ذعر الأطفال وهلع النساء وخوف الشيوخ. غير أن تأكيد أحمد الشرع على أن ما يجري في مدن الساحل كان متوقعا إنما يؤكد على أن كل شيء كان قد جرى التخطيط له وأن ما يجري لم يكن مجرد رد فعل وأن المسلحين الذين قيل إنهم قاوموا في مدن الساحل لم يقوموا إذا كان ذلك صحيحا إلا بالدفاع عن أنفسهم وعوائلهم ومدنهم. وليس صحيحا ما تم تداوله في وسائل الإعلام من أن هناك تمردا يتم إخماده. باعتباري عراقيا يمكنني أن أقول إنه الفيلم نفسه. لقد جرى تصوير النسخة الأولى منه في العراق وها هي النسخة الثانية يتم تصويرها في سوريا. كانت الميليشيات الشيعية الموالية لإيران تقوم بالتطهير الطائفي في المدن ذات الغالبية السنية تحت شعار القضاء على فلول النظام السابق. وكانت الفلوجة ضحية مزدوجة لقوات الاحتلال والميليشيات الإيرانية. كل قتيل إما أن يكون بعثيا أو قاعديا بغض النظر عما إذا كان طفلا أو شيخا أو امرأة. لقد جرى القتل في العراق علنا في ظل صمت عالمي. وهو الصمت نفسه الذي يواجه به العالم عمليات القتل في سوريا. كلمة السر في ذلك هي أميركا. فما دام مشروع التغيير في سوريا قد تم تبنيه أميركيا فإن كل شيء يحدث هناك لن يجرؤ أحد على الاعتراض عليه أو حتى الإشارة إليه من طرف خفي. كان نظام الأسد يكذب في حديثه عن المندسين بطريقة ساذجة. أما الحديث عن الفلول فهو كذبة فيها الكثير من الابتذال القاسي. ذلك لأنها شعار ينطوي على محاولة تمرير ما تم ارتكابه من مجازر سُميت في سياق الكذبة نفسها معارك. أما الطرف الأضعف الذي حاول أن يدافع عن نفسه فسيوضع في قائمة أعداء التغيير المطالبين بعودة الأسد. غطاء أبله لجريمة كانت متوقعة حسب الرئيس الشرع. أما كان في إمكان الدولة السورية الجديدة أن تمنع وقوع تلك الجريمة؟ ولكن العلويين هم الفئة السورية الثانية التي يتم استهدافها بعد الدروز. فهل بدأت الحرب المتوقعة على الأقليات من غير الالتفات إلى أن سوريا هي بلد أقليات أصلا؟ تبسيط المسألة السورية ليس في صالح السوريين. سوريا بلد معقد. روحه متشظية بين جهات متباعدة ومختلفة. تاريخها يقوم على التعدد الديني والعرقي والطائفي. وليس من المستبعد أن تقود النظرة الأحادية المتشددة إلى تمزيق سوريا بدءا من تدمير روحها القائمة على التعدد. فإذا كان العلويون غير مسؤولين عما فعله نظام الأسدين فإن الانتقام منهم سيكون بمثابة إشارة إلى الطوائف والأعراق الأخرى لكي تنتظر مناسبة القصاص منها. في حالة من ذلك النوع ستكون سوريا دولة التطهير العنصري رقم واحد في عصرنا.