يَمْثُلُ هنا فرقان، ومحور هذين الفرقين هو مجموعة من التضاد، مع أن الفاعل في كليهما هو الإنسان نفسه، فهو الذي يبني، وهو الذي ببغيه يهدم، وما بين البناء والهدم ثمة فاصل دقيق قد لا يرى، بل إنه فاصل معنوي أكثر منه مادي، قد يكون ذلك في كلمة، وقد يكون في فعل، وقد يكون تغير في مقصد «نية» فمسألة التحول هذه لا تحتاج إلى كثير من الجهد المبذول، ولكنها تغير الكثير من أوجه الحياة، ومن العلاقات، ومن القيم، ومما تعارف عليه الناس، ومما باركه الناس، ومما وقع في المحذور، أما لماذا يسلك الإنسان هذا المسلك، متعمدا مع سبق الإصرار والتقصد؟ فذلك مرده إلى الطبيعة البشرية، غير المستقرة على حال، فما بين عشية وضحاها يتغير الحال، حيث ينقلب الصفاء كدرا، وقد يتحسن الكدر فيبدو صفاء بهيا، هذا هو الإنسان.
من يفكر في أهمية العقود والمواثيق المكتوبة بين الناس في مختلف علاقاتهم، الاجتماعية، أو الاقتصادية، أو الثقافية، أو الدينية، أو السياسية، يتوقع أن لا يستنكر هذه المواثيق والعقود، بل ينظر إليها بكثير من التقدير، ومعنى ذلك فحتى لو طلب منه أقرب الناس إليك مودة، أن يكون هناك عقد متفق عليه لأي شأن من شؤون الحياة؛ ألا يساور أحد الطرفين شيء من الكدر عند مطالبة الطرف الآخر بضرورة أن يكون هناك عقد؛ لأن الموضوع المتفق عليه في بداية الأمر؛ وهو الذاهب إلى البناء لتحقيق حلم ما، لا يستبعد في نهاية المطاف أن يتحول إلى هدم، والهدم هنا البغي من أحد الطرفين على الآخر، وكم سمعنا عن كثير من التشاركات بين طرفين (فردين، مجموعتين) تأسس العقد بينهما على البناء، فإذا بهذا البناء يتعرّض للهدم عند نهاية النفق، أما لماذا وكيف؟ فهذه قصة متكررة يكتبها الإنسان في كل مشاريع الحياة، ليس لها نهاية، مع أن بدايتها معروفة وموثقة بين كلا الطرفين.
يقال إن شرف المسؤولية عند الرجل هو في الكلمة التي ينبس بها، ولكن هذه الكلمة؛ مع أهميتها، واعتداد الإنسان بها، إلا أنها تصبح من غير ذات قيمة، عند اشتداد الخلاف بين أي طرفين، حيث يذهب كلا الطرفين إلى مطالبة الآخر بالإثبات المادي الملموس، وتزاح الكلمة «رمز الثقة» جانبا، فتظل ثقتها مرهونة بلحظتها الآنية، حيث تصبح بعد تلك اللحظة الزمنية الحاسمة، لا قيمة لها، والقصص والمواقف التي تروى عن قدرة الأطراف بالثبات على كلمتهم، لا يستبعد أن تحمل الكثير من المبالغات، والتجاوزات في المعاني، ولذلك فالبناء الذي تحدثه المواقف، يهدمه التنصل عما قيل فيها؛ لأن المرجعة الذاتية التي يقوم بها الإنسان مع ذاته في ساعات الهدوء، هي التي تُفنِّدُ الأخطاء، وتعلي أسهم الصح، ولذلك لا يجب أن يلام الأطراف الذي يطلبون المُهَل (مجموع مهلة) ليتخذوا قرارهم الرشيد؛ لأن التفكير في الهدم «التراجع» ينظر إليه بكثير من المعيب (العيب) وقد يعد نقيصة في الخلق، ولذلك يبقى من الأسلم للإنسان أن لا يتسرّع في اتخاذ موقف ما (قرار) في أمر من الأمور، ثم يندم عليه، ويعود إلى الآخرين بوجه مختلف، فذلك ليس من الحكمة في شيء.
لا تبني؛ لتهدم؛ فتبغي، وإنما عالج الهدم، وتجنّب البغي، لتصل إلى غايات البناء، فعندها تتربع على ذرى الحكمة والتعقل.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
"ليس كل ذكر يصلح أن يكون رجل "تعرف على معنى الرجولة في الإسلام
"ليس كل ذكر يصلح أن يكون رجل" تعرف على معنى الرجولة في الشريعة الإسلامية..الرجولة الحقيقية بين المفهوم والجوهر الذكورة والرجولة فرق لا يدركه الجميع.
تعرف على الفرق الجوهري بين الذكر والرجل في الشريعة الإسلامية
كثيرون يخلطون بين الذكورةوالرجولة، لكن الإسلام يفرق بوضوح بينهما.
الذكورة تعني الجنس البيولوجي، أما الرجولة فهي سلوك ومبادئ.
الرجولة في الإسلام تتجلى بتحمل المسؤوليات، الأخلاق الرفيعة، والتضحية من أجل القيم.
قال الله تعالى: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه).
مما يبرز أن الرجولة مرتبطة بالعمل والالتزام بالشريعة.
تعرف على الرجل المسلم كما يصوره الإسلام في علاقته مع ربه
• الإيمان العميق.
• التوكل على الله.
• الالتزام بالعبادات.
• وتلاوة القرآن باستمرار.
معني الرجولة تعرف على علاقه الرجل في الإسلام مع نفسه✓ علاقة الرجل في الإسلام مع نفسه تكون من عدة خطوات منها:
•العناية بالجسد عبر الاعتدال والرياضة.
• تنمية العقل بالعلم المستمر.
• وتهذيب الروح بالعبادة ومجالس الإيمان.
علاقة الرجل في الإسلام مع والديه✓ إليك أبرز السلوكيات التي يجب أن يفعلها الرجل مع والديه منها:
• البر بهما في طاعة لله،.
•وتقدير مكانتهما كوصية إلهية.
تعرف على علاقته الرجل في الإسلام مع زوجته
✓ كما تكمن علاقة الرجل في الإسلام مع زوجته فيما يلي:
•يجب اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في المعاملة بالرفق والإحسان، مما يضمن السعادة والسكينة الزوجية.
✓ وتكون علاقته مع أبنائه كالآتي:
•الوعي بمسؤولية التربية السليمة واستخدام أساليب التربية الحسنة.
✓ وتكون علاقته مع المجتمع:
•الصدق في التعامل والبعد عن الغش والخداع بالإضافة إلى نشر الرحمة والتسامح، والابتعاد عن الغيبة والنميمة.
إقرأ أيضًا..استشاري تربية نفسية: غيرة الرجل من نجاح زوجته يدمر استقرار الأسرة
نماذج رجولية مشرفة في الإسلام
• أبو بكر الصديق: رجل الشجاعة والإيمان، ثبت الأمة يوم وفاة النبي، وبذل في سبيل الله كل غالٍ ونفيس.
• عمر بن الخطاب: رمز العدل والقوة، أعز الله به الإسلام، وبرزت شجاعته في مواجهة الظلم وإعلاء كلمة الحق.
و الرجولة في الإسلام هي جوهر أخلاقي ورسالة سامية الإسلام يقدم نموذجًا متكاملًا للرجولة، حيث تتجاوز المفهوم الجسدي إلى الالتزام بالقيم والمسؤوليات، مما يصنع رجالًا يتركون أثرًا خالدًا في حياتهم ومجتمعاتهم.