تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال مدير المكتب الإقليمي للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان محمد المغبط إن المرحلة الانتقالية في سوريا يجب أن تشمل كل أطياف المجتمع السوري، دون التأثير بإرادة السوريين بشكل منافي للمعايير الدولية.

وأضاف المغبط في مداخلة لقناة القاهرة الإخبارية أن العملية الانتقالية يجب أن تكون ديمقراطية مع الحفاظ على السيادة السورية على كامل الأراضي السورية، مشددا على ضرورة إقرار آليات تؤكد أو تلزم الحكومة الانتقالية باتباع مقاربة تشرك بها جميع شرائح المجتمع السوري.

وأضاف:" أن المفوضية الأوروبية أعلنت زيادة التمويل الإنساني لسوريا لأكثر من 160 مليون يورو هذا العام، ودشنت جسرا جويا إلى سوريا لتقديم إمدادات طارئة، مشيرا إلى أن المفوضية بصدد إرسال 50 طنا من المساعدات والإمدادات الصحية والتي لا تكفي لحاجة السوريين ككل".

وأشار إلى أن الوضع الصحي والغذائي في سوريا كارثي ويستوجب تدخل أكبر من قبل المجتمع الدولي لتلبية حاجات المجتمع السوري، كما أن هذا الوضع يستوجب أيضا تعاون الحكومة الانتقالية مع الجهات الدولية لاسيما وكالات الأمم المتحدة لتحديد تصور عن ما تحتاجه الأوضاع في سوريا من مساعدات ثم العمل على تأمين وصول تلك المساعدات وتوزيعها على مستحقيها.

وشدد على ضرورة أن تعمل الحكومة الانتقالية على طمأنة المجتمع السوري والمجتمع الدولي بأن سوريا الجديدة ليس بها مكان لانتهاكات حقوق الإنسان وذلك من خلال خطوات عملية تحترم سيادة القانون والدستور

والتزامات سوريا الدولية، حيث أن سوريا قد صادقت منذ عقود على العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون قد أشار إلى أن هناك تحديات كثيرة أمام تحقيق الاستقرار في سوريا، محذرا من عدم إشراك مختلف الأطراف السورية في الحكم، حيث أن سوريا تمر بمفترق

طرق ومازال وضعها غير مستقر لإعادة اللاجئين، مطالبا بوضع ترتيبات انتقالية يمكن الوثوق بها وتشمل الجميع في سوريا.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: سوريا المرحلة الانتقالية السوريين المساعدات الأراضى السورية المجتمع السوری فی سوریا

إقرأ أيضاً:

نص الإعلان الدستوري السوري

دمشق/ وكالات

وقّع الرئيس السوري أحمد الشرع اليوم الخميس مسودة الإعلان الدستوري الذي صاغته لجنة مكلفة بالمهمة، مشيداً بما وصفه بـ”تاريخ جديد” في البلاد، آملاً في أن يكون “فاتحة خير”، بعد نزاع مدمر بدأ قبل 13 عاماً.

بعد تلاوة متحدث باسم اللجنة مسودة الإعلان الدستوري خلال مؤتمر صحافي في القصر الرئاسي، وقع الشرع الإعلان الدستوري، وقال “هذا تاريخ جديد لسوري أن نستبدل فيه الظلم بالعدل، ونستبدل فيه أيضاً العذاب بالرحمة”، آملاً في أن يكون “فاتحة خير للأمة السورية على طريق البناء والتطور”.

ونصت مسودة الإعلان الدستوري على بقاء الفقه الإسلامي المصدر الرئيسي للتشريع، فضلاً عن الحفاظ على حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر والصحافة.

ونصّ الإعلان المؤلف من أربعة أبواب، على “الفصل المطلق” بين السلطات، وتلاه عضو لجنة الصياغة عبد الحميد العواك على أن يتم “إحداث هيئة لتحقيق العدالة الانتقالية” بهدف “تحديد سبل المساءلة ومعرفة الحقائق وإنصاف الضحايا والناجين”، و”ضرورة تشكيل لجنة لكتابة دستور دائم”.

من ناحية أخرى، انتقدت الإدارة الذاتية الكردية الخميس الإعلان الدستوري الذي وقعه الشرع، معتبرة أنه “يتنافى” مع تنوع سوريا ويضم بنوداً تتشابه مع حقبة حكم حزب البعث.

وفي بيان صدر بعد يومين من توقيع اتفاق بينها وبين السلطات الجديدة في دمشق، اعتبرت الإدارة الكردية أن الإعلان الدستوري “يتنافى من جديد مع حقيقة سوريا وحالة التنوع الموجود فيها”، ويخلو من “مكوناتها المختلفة من كرد وحتى عرب”.

وأشارت إلى أنه “يضم بنوداً ونمطاً تقليدياً يتشابه مع المعايير والمقاييس المتبعة من حكومة البعث” الذي حكم البلاد لعقود.

وقّع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، اليوم الخميس، مسودة الإعلان الدستوري، لتصبح إعلاناً دستورياً للبلاد خلال المرحلة الانتقالية. وفيما يلي النص الكامل للمذكرة الإيضاحية للإعلان الدستوري:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السيد رئيسَ الجمهورية العربية السورية أضع أمام مقامكم إحاطةً لمسودة الإعلان الدستوري

مشروعية الإعلان الدستوري
تكللت الثورةُ السوريةُ المباركة بانتصارٍ عظيمٍ في 8 كانون الأول 2024، أفضى إلى عهدٍ وتاريخٍ جديدين في سورية، فكان “مؤتمرُ إعلان انتصار الثورة السورية” يوم 29 كانون الثاني 2025، إذْ أَعلنَ فَناءَ النظامِ السياسي البائد وما حوى من نُظُمٍ تكبّلُ إرادةَ الإنسان وتقيدُ حريتَه، ملغياً دستورَ 2012 والسلطاتِ والأحزابَ المنبثقةَ عنه، مؤسِّساً لواقعٍ سياسيٍ واجتماعيٍ جديدٍ، مُنتخِباً رئيساً للجمهورية، وقد أَوكَلَ إليه إدارةَ البلاد، وكان التأسيسُ للشرعيةِ الشعبيةِ الهاجسَ الأول لدى القيادة الجديدةِ رغمَ الظروفِ الصعبةِ، فتمت الدعوةُ إلى مؤتمرِ حوارٍ وطنيٍ بين السوريين والذي ركّزَ في بيانِه الختامي الصادرِ في 25 من شهر شباط عام 2025 على التغييرِ والانتقال مما هو كائنٌ إلى ما يجبُ أن يكون، على أن يتألفَ هذا التغييرُ من عمليتين متكاملتين مِن الهدمِ والبناء، هدمِ النظامِ القانونيِّ السابق – والدستورُ الرسميُّ في مقدّمة ذلك – وبناءِ نظامٍ قانونيٍ جديدٍ يستمدُّ قيمتَه من قيم السوريين، يتمثّلُ بإيجادِ قواعدَ دستوريةٍ لتسييرِ المرحلةِ الانتقالية.
وصدرَ قرارُ السيدِ رئيسِ الجمهوريةِ في الثاني من آذار عام 2025 بتشكيلِ لجنةٍ من أجلِ صياغةِ مُسوَّدةِ الإعلانِ الدستوري الذي ينظّمُ المرحلةَ الانتقاليةَ في سورية.
إنَّ الإعلانَ الدستوريَّ يستمدُّ مشروعيّتَه من الضرورة الواقعية التي ينبغي أن تضمن تسييرَ عملِ السلطاتِ في الدولة، ومِن إعلانِ النصر الذي يُعدَّ مؤسِّساً لأوّلِ قواعدِ الدستور، مرتكزةً على مخرجاتِ مؤتمرِ الحوارِ الوطني المؤسِّسِ في قادمِ الأيام لشرعيةٍ شعبيةٍ حقيقيةٍ تُمهّدُ لبناءِ سورية الجديدة.

من حيث الشكل
دأبت اللجنةُ منذ اللحظة الأولى لصدورِ قرارِها، على إنجازِ المُهمّةِ الموكلةِ إليها، في جوٍ يسودُه النقاشُ البنّاءُ وتبادُلُ الأفكار والخبرات، يحدوها الإخلاصُ لسورية وشعبها، وتحركت اللجنةُ في عملِها ضمن فضاءٍ من الحريةِ ومساحةٍ واسعةٍ غيرِ مقيّدةٍ أو محدّدة.
عَمَدت اللجنةُ إلى تقسيمِ الإعلانِ الدستوري إلى مقدّمةٍ وأربعةِ أبواب، كان البابُ الأولُ عن الأحكامِ العامة وتضمّنَ إحدى عشْرةَ مادة، والبابُ الثاني عن الحقوقِ والحريات متضمناً اثنتَي عشْرةَ مادة.
وخُصِّصَ البابُ الثالث لمعالجةِ شكل نظامِ الحكم والسلطاتِ في المرحلةِ الانتقالية في أربعٍ وعشرين مادة، أما البابُ الرابع فقد جاءَ للأحكام الختامية في ستِّ مواد.

من حيث الموضوع

1- في الأحكام العامة
تُجمِعُ الدساتيرُ على تحديدِ اسمِ الدولة وهُويّتِها، ضمن الأحكام العامة، ولأنَّ اسمَ الدولة وهُويتَها محدّدانِ منذ دستورِ سورية لعامِ 1920، وقد استمرَّ الأمرُ على ذلك في مجملِ الدساتير حتى غدا اسمُها عُرْفاً دستورياً، لذا لم تعمَد اللجنة إلى تغيير ما تعارفَ عليه السوريون منذ تأسيس الدولة، لقناعةِ اللجنة أنَّ شرعيّتَها ومشروعيةَ ما تنتجُ لا تحتملُ التغييرَ في الأحكامِ العامة، ومنها اسمُ الدولة الذي بقي الجمهوريةَ العربيةَ السورية.
وأبقينا على دينِ رئيسِ الدولة وهو الإسلام، فتاريخُ هذه المادة يحدّثُنا أنّها جاءَتْ حلّاً وسطاً بين من يريدُ تحديدَ دينِ الدولة، وبين من يرفضُ ذلك، فكانَ الحلُّ الدستوريُّ بأنْ يكونَ الدينُ للرئيسِ محدداً، وإننا على يقين أنّه كما وصلَ أجدادُنا إلى صيغٍ توافقيةٍ لحلِّ خلافاتِهم الدستورية، فإن الأبناءَ قادرونَ على ذلك في دستورٍ دائم، ثم أبقينا الفقهَ الإسلاميَّ مصدراً أساسياً من مصادرِ التشريع، هذا الفقهُ الذي يُعَدُّ ثروةً حقيقيةً، لا ينبغي التفريطُ بها.
ومن منطلقٍ وطنيٍ خالص تم التأكيدُ على التزامِ الدولة بالحفاظِ على وحدةِ الأرض والشعب من خلالِ إدارةِ التنوعِ وحفظِ الحقوقِ الثقافية واللغويةِ لكل السوريين. بما يتلاءَمُ مع دولةِ المواطنةِ.
وكانت هناك موادُّ لإعادةِ الإعمارِ وحوكمةِ مؤسسةِ الجيشِ والأمن بما يتوافقُ مع مَهامِّهم في حفظِ الأمنِ الداخلي والخارجيِ وينسجمُ مع حقوقِ الإنسانِ وحُرياتِه

2- في الحقوق والحريات
القانونُ اﻟدﺳﺗوريُ ﻫو ﻗﺎﻧونُ ﻓنٍّ وﺻﻧﺎﻋﺔِ اﻟﺣرﯾﺔ، ﻓﻐﺎﯾﺗُﻪ ﺗﻧظﯾمُ اﻟﺣرﯾﺔ، ووﺿﻊُ اﻹطﺎرِ اﻟﻔﻌﻠﻲ اﻟذي ﻣن ﺧﻼﻟﻪِ ﯾﺳﺗردُّ اﻟﺷﻌبُ ﺣﻘوﻗَﻪ وﺣرﯾﺎﺗِﻪ، وبعضُ الفقهِ الدستوري يرى أن الدولةَ التي دستورُها لا يحمي حريةَ شعبِها هي دولةٌ بلا دستور.
من هذا المنطلق كان حرصُنا على بابٍ خاصٍ للحقوق والحريات رغم ما يعتري المراحلَ الانتقاليةَ من عدمِ استقرارٍ أمنيٍ وسياسي، لذلك عمَدنا إلى خلقِ حالةٍ من التوازن بين الأمنِ المجتمعيِّ والحرية، فجاءَت النصوصُ تعالجُ الواقعَ الحاليَّ مستفيدةً من تغوّلِ الأمسِ على الحقوقِ والحريات.
جاءَ النصُ الأول يعلنُ التزامَ الجمهوريةِ العربية السورية باتفاقياتِ حقوقِ الإنسان المُصدَّقِ عليها من قبل الدولةِ السورية، وهذا النصُّ يشكّلُ سابقةً في التاريخِ الدستوريّ السوري، إذْ عمَدَ النظامُ البائدُ سابقاً إلى توقيعِ الاتفاقياتِ الدَولية الناظمةِ لحقوقِ الإنسان من دونِ أيّ التزام، من هنا جاءَت ضرورةُ النصِّ على الالتزامِ بها.
كما نصَّ الإعلانُ الدستوريُّ على مجموعةٍ كبيرةٍ من الحقوق، منها حريةُ الرأيِ والتعبيرِ والإعلامِ والنشرِ والصحافة، وصانَ حرمةَ الحياةِ الخاصة، معلناً بذلك توازناً بين الحريات.
أما لجهةِ المشاركةِ السياسيةِ التي كان النظامُ السابقُ يعتبرُها امتيازاً، وليس حقاً، وقد أعطى هذا الامتيازَ لمجموعةٍ من الأحزابِ المواليةِ له بشكلٍ مباشِرٍ أو غيرِ مباشر، ومن أجلِ استئنافِ مشاركةٍ سياسيةٍ حقيقيةٍ قائمةٍ على المساواةِ بين الجميع، فقد كانَ لا بدَّ من النصِّ على صدورِ قانونٍ جديدٍ ينظّمُ المشاركةَ السياسيةَ على قدْرٍ من المساواةِ والأسسِ الوطنية.
كما تمَّ ضمانُ حقِّ الملكيةِ الذي تعرّضَ في المرحلةِ السابقةِ لانتهاكاتٍ خطيرة.
وانطلاقاً من مكانةِ المرأةِ في المجتمع السوري فقد تمَّ النصُ على حقِّها في المشاركةِ بالعملِ والعلمِ وكفالةِ الحقوقِ الاجتماعيةِ والاقتصاديةِ والسياسيةِ لها.
وحتى لا تتساوى الحريةُ مع القيدِ تمَّ النصُّ على مجموعةٍ من الضوابطِ التي يحتاجُ إليها كلُّ مجتمعٍ لضبطِ الحرياتِ كي لا تتحوّلَ إلى فوضى.

3- نظام الحكم خلال المرحلة الانتقالية
لقد عانى السوريونَ سابقاً من تغوّلِ رئيسِ الجمهوريةِ على باقي السلطات، معتمداً بتغولِهِ على النصِّ الدستوريّ، مما ولّدَ أنظمةً سياسيةً مشوهة، لم تلتزم السلطاتُ السوريةُ السابقة منذ عام 1958 بخصائصِ النظامِ السياسي الذي تختارُه، فإنْ اختارت نظاماً شبهَ رئاسيٍّ أعطت لموقعِ الرئاسةِ أكثرَ مما يمنحُهُ إياهُ النظامُ نفسُه، فتلوي عنقَ خصائصِ ذلك النظام مما يشكّلُ اعتداءً صارخاً وواضحاً على مبدأِ فصلِ السلطات.
لذلك كانت المُهمةُ الأولى لنا وضعَ النظامِ السياسي على سكتِهِ الدستورية من خلال الالتزامِ بخصائصِ النظام السياسي. ولأنَّ مبدأَ فصلِ السلطات كان غائباً عن النُظُم السياسيةِ السورية تعمّدْنا اللجوءَ إلى الفصلِ المطلقِ بين السلطات.

السلطة التشريعية
يمارس مجلسُ الشعب السلطةَ التشريعية.
وعلى الرغم من تفويضِ السيدِ رئيس الجمهورية باختيارِ أعضاءِ مجلسِ الشعب من قبل مؤتمرِ النصر، فإنّه آثرَ الانتخابَ لأعضاءِ الهيئةِ التشريعية بما يتناسبُ مع طبيعةِ المرحلةِ الانتقالية وعدمِ توفّرِ البيئة الآمنةِ والمحايدة لإجراءِ انتخاباتٍ على كاملِ الدولة السورية، واحتفظَ بتعيين الثلثِ حرصاً على مشاركةِ الجميع في المجلس، حتى يتسنى له سدُّ النقصِ الحاصلِ في تمثيلِ المرأة أو الكفاءات. هذا من جهةٍ يعطيه بعضَ الاستقلالية، ومن جهةٍ أخرى فبعد تعيينِ عضوِ المجلسِ من الرئيس فإنه تُركَ أمرُ عزلِه أو فصلِه أو قَبولِ استقالتِه للمجلسِ ذاتِه.
ويتولى مجلسُ الشعب العمليةَ التشريعيةَ كاملةً وبشكلٍ منفرد والعفوَ العام، وله الحقُّ في عقد جلساتِ استماعٍ للوزراء، يأتي كلُّ ذلك تأكيداً على الفصلِ بين السلطات.

في السلطة التنفيذية
السلطةُ التنفيذيةُ يتولاها رئيسُ الجمهورية يساعدُه في مهامِّه وزراء، وقد رأينا أنَّ حصرَ السلطةِ التنفيذية بيد الرئيس في المرحلةِ الانتقالية يشكلُ خِياراً مناسباً مبنياً على ضرورةِ سرعةِ التحركِ لمواجهة أيِّةِ صِعابٍ أو أحداثٍ في المرحلة الانتقالية، كما أن علاقةَ الوزير المباشرة برئيس الدولة تتيحُ له الحلولَ وتمنعُ الآخرين من التدخلِ بعملِه.
وفي صددِ السلطات الاستثنائية فإنه لم يتمَّ منحُ الرئيس إلا سلطةً استثنائيةً واحدةً وهي إعلانُ حالةِ الطوارئ، في حين كانت الأنظمةُ السوريةُ السابقةُ تمنحُ الرئيسَ سلطاتٍ استثنائيةً أكثرَ من العادية، وقد تمَّ ضبطُ سلطةِ الطوارئ بالوقتِ والموافقةِ من مجلس الشعبِ في حال أرادَ التمديد.

في السلطة القضائية
إلى ساحة القضاء يُهرَعُ الناسُ يلتمسون فيها العدلَ والإنصاف، فالناس أمام القضاء سواء، لا يُرهَبُ أحدٌ لقوّتِه، ولا يُستخَفُّ بحقِّ أحدٍ لهوانِه وضعفِ حيلتِه.
والقضاةُ هم ضميرُ الأمة، ورمزُ إرادتِها، وأصلُها في إعلاءِ كلمةِ الحق والعدل التي أودعها اللهُ أمانةً بين أيديهم، وأحكامُ القضاءِ في هذا السبيل مصابيحُ يأتمُّ بها الهداة.
لذلك أكدَ الإعلانُ الدستوري على استقلاليةِ السلطة القضائيةِ وحياديّتِها ومنعِ إنشاءِ المحاكمِ الاستثنائية التي عانى منها السوريون كثيراً في المرحلةِ الماضية، ولا سلطانَ على القُضاةِ إلا للقانون.
ولقد أخذت الدولةُ السورية القضاءَ المزدوج (القضاءَ الإداري والعادي) منذ زمن بعيد، لذلك حافظَ الإعلانُ الدستوريُ على هذا التاريخ القضائي، لأنَّ الانتقالَ إلى قضاءٍ منفردٍ في المرحلة الانتقاليةِ سيجدُ أمامَه من العقبات التي يصعبُ تجاوزُها.
وعمَدْنا إلى حلِّ المحكمةِ الدستورية القائمةِ لأنها من بقايا النظام البائد، وإعطاءِ الحقِّ لرئيس الجمهورية بتعيين محكمةٍ دستوريةٍ جديدةٍ تمارسُ مَهامَّها وَفقَ القانون السابق، ريثما يَصدرُ قانونٌ جديدٌ ينظّمُ عملَها واختصاصاتِها.

4- الأحكام الختامية
في المجتمعاتِ التي تحاولُ إعادةَ بناءِ نفسِها من جديد والانتقالَ من تاريخٍ عنيفٍ يتّسمُ بانتهاكاتٍ جسيمةٍ لحقوق الإنسان ارتُكِبَت في سياقِ ممارسةِ القمعِ أو في سياقِ نزاعٍ مسلّح أو غيرِ ذلك من السياقاتِ الأخرى، تبرزُ تساؤلاتٌ بالغةُ الأهمية تتناولُ كيفيةَ الاعترافِ بالانتهاكاتِ ومنعِ تكرارِها، وتلبيةِ مطالبِ العدالة واستعادةِ نسيجِ المجتمعاتِ المحليةِ الاجتماعي، وبناءِ سلامٍ مستدام.
والعدالةُ الانتقاليةُ هي النظامُ الذي يسعى إلى بذلِ كلِّ ما يلزمُ كي تنجحَ المجتمعاتُ في التعاملِ مع مثل هذا الأرث الصعب، وتُطوّرُ أدواتٍ مختلفةً من أجل تحقيقِ هذه الغاية.
ولأنَّ الشعبَ السوري وقعَ ضحيةَ أكبرِ انتهاكاتٍ موثقةٍ في التاريخ المعاصر كان لابد من النصِّ على العدالةِ الانتقالية التي هي مطلبُ كلِّ السوريين بشكلٍ عامٍ ومطلبُ السوريين في مؤتمرِ الحوار الوطنيِّ بشكل خاص.
وقد جاءت دسترةُ العدالة الانتقالية في مادتين الأولى مَهّدت الأرضيةَ المناسبةَ لتحقيق العدالةِ الانتقالية من خلال مجموعةٍ من الإجراءات، منها إلغاءُ القوانينِ الاستثنائية، وإلغاءُ مفاعيل الأحكام الجائرة الصادرةِ عن محكمةِ الإرهاب وإلغاءُ الإجراءاتِ الأمنية الاستثنائيةِ المتعلقة بالوثائق المدنيةِ والعقارية.
وقد انفردتْ مادةٌ بإحداثِ هيئةٍ لتحقيقِ العدالةِ الانتقالية تعتمدُ آلياتٍ فاعلةً تشاوريةً مرتكزةً على الضحايا، لتحديدِ سبلِ المُساءَلة، ومعرفةِ الحقائق، وإنصافِ الضحايا والناجين، بالإضافةِ إلى تكريم الشهداء.
وتم تحديدُ المرحلةِ الانتقالية بخمسِ سنواتٍ أسوةً بكثيرٍ من الدول التي خرجت من صراعٍ داخليٍ أو خارجي، وإنَّ ما مرت به الدولةُ السورية من خرابٍ ودمارٍ يفوقُ بكثيرٍ ما كان عند الدول الأخرى لذلك لابدَّ من إعطاءِ الوقتِ الكافي لإنشاءِ بيئةٍ آمنةٍ ومحايدة.

كما نصَّ الإعلان الدستوري على ضرورةِ تشكيلِ لجنةٍ لكتابة دستورٍ دائمٍ، وإننا نختم في هذا المجال بالقول:
إنَّ الثورةَ تتخلدُ بمقدارِ ما تَصنعُ من مبادِئَ قانونية، تتركُ أثرَها للأجيالِ القادمة، هذا الأثرُ القانونيُ يبقى وفعلُ التمرّدِ يزول، فإذا ما أخذنا أيَّ حركةٍ ثوريةٍ فإننا سنجدُها تخلّدت بآثارِها القانونية، لتبقى الأجيالُ تذكرُها وتعملُ بمبادئِها، ومهما كان حجمُ التمرد وما رافقَه من عنفٍ فهو يُدرسُ كحالةٍ تاريخيةٍ سابقة، أما الأثرُ الدستوريُ فهو يُدرَسُ كحالةٍ سابقةٍ وحاضرةٍ ومستقبليةٍ يمكنُ البناءُ عليها.
وعلى كلِّ ما ورد في هذه الإحاطة، من تبيانٍ أو تفصيلٍ أو تكثيف، فإننا نرجو أن تكونَ مُسوّدةُ الإعلان الدستوري، رافعاً ناهضاً ومعيناً، للدولة السورية أرضاً وقيادةً وشعباً، في هذه المرحلة الانتقاليةِ المُمهِّدةِ لمزيدٍ من الاستقرارِ وإعادةِ بناءِ الوطن والحياة إن شاء الله.

يمن مونيتور13 مارس، 2025 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام طائرات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف مبنى سكنيا في دمشق مقالات ذات صلة طائرات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف مبنى سكنيا في دمشق 13 مارس، 2025 اليمن يشيد بقرار أمريكا حظر استيراد المشتقات النفطية للحوثيين 13 مارس، 2025 وزير يمني يؤكد على أهمية دعم جهود استئناف تصدير النفط الخام لمواجهة الأضرار الاقتصادية 13 مارس، 2025 آبل تطلق تحديثا طارئا لحماية هواتفها من ثغرة خطيرة 13 مارس، 2025 اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليق *

الاسم *

البريد الإلكتروني *

الموقع الإلكتروني

احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.

Δ

شاهد أيضاً إغلاق عربي ودولي تحقيق أممي: هجمات إسرائيل الممنهجة على الصحة الإنجابية في غزة أعمال إبادة 13 مارس، 2025 الأخبار الرئيسية نص الإعلان الدستوري السوري 13 مارس، 2025 طائرات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف مبنى سكنيا في دمشق 13 مارس، 2025 اليمن يشيد بقرار أمريكا حظر استيراد المشتقات النفطية للحوثيين 13 مارس، 2025 وزير يمني يؤكد على أهمية دعم جهود استئناف تصدير النفط الخام لمواجهة الأضرار الاقتصادية 13 مارس، 2025 آبل تطلق تحديثا طارئا لحماية هواتفها من ثغرة خطيرة 13 مارس، 2025 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك طائرات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف مبنى سكنيا في دمشق 13 مارس، 2025 تحقيق أممي: هجمات إسرائيل الممنهجة على الصحة الإنجابية في غزة أعمال إبادة 13 مارس، 2025 إيران تتسلم رسالة ترامب وخامنئي يرفض فكرة إجراء محادثات نووية مع أمريكا 13 مارس، 2025 العرب يعرضون خطة إعادة إعمار غزة على مبعوث ترامب 13 مارس، 2025 البنتاغون يضع خططا لانسحاب “محتمل” للقوات الأمريكية من سوريا 13 مارس، 2025 الطقس صنعاء سماء صافية 18 ℃ 18º - 17º 19% 2.15 كيلومتر/ساعة 17℃ الخميس 24℃ الجمعة 24℃ السبت 24℃ الأحد 22℃ الأثنين تصفح إيضاً نص الإعلان الدستوري السوري 13 مارس، 2025 طائرات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف مبنى سكنيا في دمشق 13 مارس، 2025 الأقسام أخبار محلية 29٬487 غير مصنف 24٬204 الأخبار الرئيسية 15٬871 عربي ودولي 7٬521 غزة 10 اخترنا لكم 7٬260 رياضة 2٬517 كأس العالم 2022 88 اقتصاد 2٬335 كتابات خاصة 2٬140 منوعات 2٬084 مجتمع 1٬898 تراجم وتحليلات 1٬893 ترجمة خاصة 141 تحليل 21 تقارير 1٬667 آراء ومواقف 1٬581 صحافة 1٬495 ميديا 1٬493 حقوق وحريات 1٬382 فكر وثقافة 936 تفاعل 835 فنون 494 الأرصاد 418 بورتريه 66 صورة وخبر 39 كاريكاتير 33 حصري 28 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2025، جميع الحقوق محفوظة   |   يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 29 نوفمبر، 2024 الأسطورة البرازيلي رونالدينيو يوافق على افتتاح أكاديميات رياضية في اليمن 6 يناير، 2022 وفاة الممثلة المصرية مها أبو عوف عن 65 عاما أخر التعليقات قاسم بهلول

اتحداك تجيب لنا قصيدة واحدة فقط له ياعبده عريف.... هيا نفذ...

مواطن

هل يوجد قيادة محترمة قوية مؤهلة للقيام بمهمة استعادة الدولة...

antartide010

ضرب مبرح او لا اسمه عنف و في اوقات تقولون يعني الاضراب سئمنا...

موضوعي

ذهب غالي جدا...

موقع موضوعي

نعم يؤثر...

مقالات مشابهة

  • لمدة 5 سنوات.. سوريا تقر إعلانًا دستوريًا لإدارة المرحلة الانتقالية
  • سوريا.. إعلان دستوري يحدد المرحلة الانتقالية بـ5 سنوات
  • نص الإعلان الدستوري السوري
  • حدَّد فترة المرحلة الانتقالية بـ5 سنوات.. أبرز بنود الإعلان الدستوري الذي وقعه الرئيس السوري
  • مفاجآت في الإعلان الدستوري السوري.. ماذا تضمّنت مسودة أحمد الشرع للمرحلة الانتقالية؟
  • الجولاني يكرر ما كان يفعله الأسد.. مجلس سوريا الديمقراطية: دستور المرحلة الانتقالية غير شرعي
  • دين الرئيس واسم الدولة وصلاحيات الشرع والمدة الانتقالية.. أبرز بنود الإعلان الدستوري في سوريا
  • لجنة الإعلان الدستوري السوري: المرحلة الانتقالية 5 سنوات
  • الحكومة السورية تمنع قواتها من التوجه لمناطق سيطرة قسد
  • سانا تستطلع الآراء في دمشق حول الإتفاق بين الحكومة وقوات سوريا الديمقراطية: أمل جديد بوحدة الأراضي السورية