بطاركة و رؤساء الكنائس بالقدس يقدمون رسالة الميلاد لهذا العام
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
اجتمع بطاركة و رؤساء الكنائس بالقدس، لتقرير رسالة عيد الميلاد المجيد ٢٠٢٥ بمقر البطريركية اليونانية بالقدس، وقد اناب الانبا انطونيوس مطران الكرسى الاورشليمى والشرق الادنى القمص بيشوى ذكى مندوبا عنه، وجاء مضمون رسالة الميلاد هذا العام كالتالي :
"الشَّعْبُ الْجَالِسُ فِي ظُلْمَةٍ أبْصَرَ نوُرًا عَظِيمًا، وَالْجَالِسُونَ فِي كُورَةِ الْمَوْتِ وَظِلالِهِ أشْرَقَ عَلَيْهِمْ نوُر"
(متى 4: 16 مقتبساً سفر اشعياء 9: 2)
في هذه الأيام الحالكة التي تعصف بها الحروب والصراعات وتغلفها حالة من عدم اليقين في منطقتنا، نؤكد نحن بطاركة ورؤساء كنائس في القدس على الرسالة الميلادية الأزلية: رسالة النور الحقيقي الذي يسطع في الظلمة؛ ميلاد ربنا ومخلصنا يسوع المسيح في بيت لحم.
إن ميلاد المسيح هو اللحظة التي أضاء فيها نور خلاص الله للعالم لأول مرة، لينير قلوب كل الذين يقبلونه، سواء في تلك الأزمنة أو في يومنا هذا. إنه النور الذي يمنح "نعمة فوق نعمة" لكل من يسير في طريقه، متجاوزًا قوى الشر التي تسعى دون هوادة إلى تدمير خليقة الله (يوحنا 1: 16).
وكما شهد يوحنا المعمدان لهذا النور بقوله: «أنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِيَّةِ: قوِمُوا طَرِيقَ الرَّبِ» (يوحنا 1: 23، اشعياء 40: 3)، فإن إشعاع هذا النور الإلهي انطلق أولاً إلى أسلافنا الروحيين، الذين قبلوا رسالة الخلاص وهم في "أرض ظلال الموت" (متى 4: 16). هؤلاء، رغم ما واجهوه من آلام واضطهادات، حملوا نور المسيح القائم من بين الأموات إلى العالم أجمع، ليصبحوا شهوده في القدس وفي كل الأرض المقدسة وحتى أقاصي المسكونة.
اليوم، وبينما لا تزال الحروب تطحن الأبرياء وتسبب معاناة لا توصف لملايين البشر في منطقتنا وحول العالم، يبدو وكأن شيئاً لم يتغير خارجيًا. لكن في العمق، فإن ميلاد سيدنا يسوع المسيح أطلق ثورة روحية مستمرة تحول القلوب والعقول نحو طرق العدل والرحمة والسلام (ميخا 6: 8، أفسس 2: 17).
وبالنسبة للعائلات المؤمنة في الأرض المقدسة، وأولئك الذين انضموا إلينا من جميع أنحاء العالم، فإن رسالتنا هي أن نشهد لنور سيدنا المسيح المقدس في الأماكن التي ولد فيها، وخدم البشرية، وبذل نفسه عنا، ثم قام من القبر إلى حياة جديدة. نقوم بذلك من خلال عبادتنا له في الأماكن المقدسة، واستقبال الحجاج والزوار، وإعلان إنجيله المقدس، والاستمرار في خدمات التعليم والشفاء وأعمال الرحمة، والدعوة إلى "إطلاق المأسورين وارسال المنسحقين في الحرية" (من إشعياء 61: 1، لوقا 4: 18-19).
وفي روح الميلاد المفعمة بالرجاء، نشكر الله القدير على وقف إطلاق النار الذي تحقق مؤخرًا بين بعض الأطراف المتنازعة في منطقتنا، ونطالب بتوسيع هذه الخطوة لتشمل غزة وجميع المناطق التي تعاني ويلات الحروب. كما نجدد ندائنا للإفراج عن الأسرى والمعتقلين، وعودة المشردين والمهجرين، وعلاج المرضى والجرحى، وتوفير الطعام والشراب للجوعى والعطشى، واستعادة الممتلكات المنهوبة أو المهددة، وإعادة إعمار كل ما دمرته الحروب من منشآت عامة وخاصة.
وأخيرًا، خلال هذا الموسم الميلادي المقدس وما بعده، ندعو جميع المسيحيين وأصحاب النوايا الحسنة حول العالم إلى الانضمام إلينا في الصلاة والعمل لتحقيق هذه الرسالة النبيلة، سواء في موطن السيد المسيح أو في أي مكان يعاني فيه البشر من النزاعات والآلام. لأننا معًا، وبهذه الطريقة، نكرم حقًا رئيس السلام الذي وُلد متواضعًا في مذود في بيت لحم قبل أكثر من ألفي عام.
البطاركة ورؤساء كنائس في القدس
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: بطاركة رؤساء الكنائس بالقدس عيد الميلاد المجيد الأنبا انطونيوس
إقرأ أيضاً:
ما الذي تريده إيران من العراق؟
عانت العلاقات العراقيّة- الإيرانيّة منذ سبعينيات القرن الماضي من حالات شدّ وجذب، ولم تستقرّ إلا نادرا!
والمناوشات العراقيّة- الإيرانيّة بدأت في العام 1972 وانتهت باتّفاق الجزائر في العام 1975. وبعد أشهر من قيام "الثورة الإسلامية الإيرانيّة" بداية العام 1979 بَدَت التّشنّجات السياسيّة واضحة بين البلدين، وبعد أقلّ من عامين انطلقت بينهما المناوشات العسكريّة الحدوديّة بين 4–22 أيّلول/ سبتمبر 1980، لتشتعل حينها حرب الثماني سنوات (حرب الخليج الأولى)، وانتهت في آب/ أغسطس 1988!
وقد سَحقت الحرب أكثر من مليون شخص، وربّما تكلفتها المادّيّة الباهظة قادت لغزو الكويت وحرب الخليج الثانية، وأخيرا لاحتلال العراق!
ولاحقا بين عاميّ 1991 و2003 دخلت علاقات البلدين بمرحلة الحرب الهادئة والباردة، وكان العراق خلالها يدعم منظّمة "مجاهديّ خلق" المعارضة، فيما دعمت إيران المعارضة العراقيّة!
وبعد الاحتلال الأمريكيّ للعراق في العام 2003 تفاجأنا بأنّ إيران تقول صراحة بأنّها دعمت احتلال العراق، وفقا لتصريح "محمد علي أبطحي"، نائب الرئيس محمد خاتمي، حيث قال في منتصف كانون الثاني/ يناير 2004: "لولا إيران لما استطاعت أمريكا غزو أفغانستان والعراق"!
التدخّل الإيرانيّ المتنوّع في العراق يسعى لتحقيق جملة أهداف لصالح إيران حصرا، ومحاولة تغليف هذه الأهداف بأغطية "دينيّة ومذهبيّة" لم تعد مقبولة لدى "شيعة العراق" قبل غيرهم، وربّما من أبرزها: اللعب بالورقة العراقيّة في مفاوضات الملفّ النوويّ مع واشنطن، و"تصدير الثورة الإسلاميّة" للعراق ومن خلاله لبعض دول المنطقة، والظفر ببعض خيرات العراق!
وهكذا صارت إيران تتفاخر، وعلانية، بأنّها تتحكّم بأربع عواصم عربيّة بينها بغداد، وهذا الأمر لم يكن محلّ ترحيب غالبيّة العراقيّين الذي تمنّوا أن يَروا بلادهم تمتلك سيادة حقيقية، وليست سيادة وهميّة على الورق والإعلام فقط!
التغلغل الإيرانيّ لم يكن هامشيّا، ولدرجة أنّ رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي ذكر يوم 11 كانون الثاني/ يناير 2020": لا يمكن اختيار رئيس الوزراء في العراق من دون موافقة إيران"!
وبداية العام 2020 قتلت الطائرات الأمريكيّة قائد فيلق القدس الإيرانيّ قاسم سليماني بعد خروجه من مطار بغداد، والذي كان يتردّد على العراق شهريّا، أو أسبوعيّا، ويتحكّم في غالبيّة الملفّات الأمنيّة والسياسيّة!
التدخّل الإيرانيّ المتنوّع في العراق يسعى لتحقيق جملة أهداف لصالح إيران حصرا، ومحاولة تغليف هذه الأهداف بأغطية "دينيّة ومذهبيّة" لم تعد مقبولة لدى "شيعة العراق" قبل غيرهم، وربّما من أبرزها: اللعب بالورقة العراقيّة في مفاوضات الملفّ النوويّ مع واشنطن، و"تصدير الثورة الإسلاميّة" للعراق ومن خلاله لبعض دول المنطقة، والظفر ببعض خيرات العراق!
ووجدت إيران، التي تعاني من عقوبات أمريكيّة وأوروبيّة منذ العام 2018، من تغلغلها في العراق فرصة ذهبيّة للتهرّب من العقوبات وتعويض أضرارها الاقتصاديّة! وقد جنت آلاف المكاسب الاقتصاديّة على حساب العراق، وفي نهاية تمّوز/ يوليو 2024 أكّد المستشار السابق في الرئاسة العراقيّة "ليث شبر" تهريب أكثر من 200 مليار دولار من العراق لإيران منذ العام 2003"، عدا التبادل التجاري بقيمة 10 مليارات دولار، وتهريب النفط وغيره!
وآخر المكاسب الإيرانيّة، التي أُعلن عنها بداية العام 2025، تمثّل بتصدير تركمانستان لحوالي 25 مليون متر مكعّب يوميّا، وبقيمة 2.5 مليون دولار يوميّا إلى الشمال الإيرانيّ التي تعجز إيران عن إيصال الغاز إليها، ثمّ تعطي إيران كمّيّات مساوية من غازها من مدنها القريبة للعراق عبر الأنابيب، وفي المقابل تستهلك الغاز الذي دفع العراق أمواله لتركمانستان! فهل يعقل هذا؟
ولذلك هنالك حديث، وفقا لـ"Oil Price"، بأنّ فريق الرئيس ترامب "يفكّر في فرض عقوبات على العراق مثل إيران، تشمل الأفراد والكيانات المرتبطة بالتمويل والخدمات المتعلّقة بنقل النفط والغاز الإيرانيّين، والأموال المتعلّقة بذلك"! ولا أدري ما ذنب الشعب العراقيّ الذي يدفع ضريبة هذه السياسات المنبطحة للغرباء!
يفترض بالقيادة الإيرانيّة أن تترك سياسة التدخل، ومحاولة التحكّم بالعراق وغيره، لأنّ خروجها "المذلّ" من سوريا يؤكّد بأنّ البطش والقوّة والترهيب لا تُمهّد الطريق للغرباء للسيطرة على مقدّرات الدول
ومع تطوّرات الملفّ السوريّ والتخوّف من استهداف العراق، وعدم قدرة رئيس حكومة بغداد "محمد شياع السوداني" لإقناع الفصائل التي تأتمر بأوامر إيرانيّة بتسليم سلاحها للحكومة قبل وصول ترامب للبيت الأبيض بعد عشرة أيّام، ولهذا تحرّك مباشرة إلى طهران، الأربعاء الماضي، لحسم هذا الملفّ قبل الوصول لمرحلة "الانهيار الكبير"!
وقد ينقل رسالة من القيادة السوريّة، بعد زيارة رئيس المخابرات العراقيّة لدمشق، للقيادة الإيرانيّة، وكذلك مناقشة تداعيات الملفّ السوريّ على العراق، وربّما المطالبة بدعم إيرانيّ في حال تعرّض العراق لهجمات خارجيّة!
وتأكيدا للربكة السياسيّة والأمنيّة قال زعيم تيار الحكمة "عمار الحكيم"، يوم 02 كانون الثاني/ يناير 2025: "الأمريكان أبلغوني بأنّ الفصائل ستتعرّض لهجوم، وأنّ الرئيس ترامب سيحاصر أذرع إيران في العراق"!
القلق العراقيّ من احتمالية حصول هجمات لداعش من الأراضي السوريّة جعل بغداد تحاول التنسيق مع القاصي والداني لتأمين الحدود المشتركة.وفي تصريح غريب وناريّ، ويحمل في طيّاته الكثير، قال السوداني الأحد الماضي: "العراق على أتمّ الجهوزيّة والاستعداد لردّ أيّ اعتداء مهما كان مصدره"! وبعده قال نوري المالكي، زعيم "دولة القانون": "إعادة رسم خارطة العراق احتمال وارد"!
وهكذا، ومع هذه الصور المتشابكة والمركّبة يفترض بالقيادة الإيرانيّة أن تترك سياسة التدخل، ومحاولة التحكّم بالعراق وغيره، لأنّ خروجها "المذلّ" من سوريا يؤكّد بأنّ البطش والقوّة والترهيب لا تُمهّد الطريق للغرباء للسيطرة على مقدّرات الدول!
ينبغي على إيران أن تحترم السيادة العراقيّة، وتحاول العمل لتحقيق مصالح البلدين الجارين بعيدا عن سياسات الهيمنة والوكالة في الحروب! فمتى يتحقّق الحلم العراقيّ والعربيّ، وتكفّ إيران عن تدخّلاتها؟
x.com/dr_jasemj67