FA: جهود بايدن للتطبيع بين إسرائيل والسعودية محكوم عليها بالفشل
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
نشرت مجلة "فورين أفيرز" مقالا للباحثة داليا داسا كي، رأت فيه أن الولايات المتحدة يجب عليها ألا تدفع باتجاه اتفاقية جوفاء بين الاحتلال الإسرائيلي والسعودية، معتبرة أن خطة الرئيس الأمريكي جو بايدن تستحق "مبدئيا" الدعم، خاصة أن اتفاقية التطبيع ستعطي "إسرائيل" ما تريده وهو الحصول على اعتراف شامل في العالم العربي، وتطلق العنان لإمكانيات المنطقة الاقتصادية.
واعتبرت الكاتبة أن المسارات التي تم الحديث عنها للصفقة لن تدفع السلام في الشرق الأوسط، بل ستزيد الأمور سوءا، فالرياض تريد ثلاثة أمور كتحلية من واشنطن، تتمثل بالحصول على مزيد من الأسلحة المتقدمة مثل نظام الصواريخ "ثاد" وضمانات أمنية على شكل الناتو ومساعدة أمريكية في بناء المفاعل النووي بحيث يسمح للسعودية أن تخصب اليورانيوم محليا.
وأشارت إلى أنه رغم كل المشاكل التي ستظهر من الأسلحة الجديدة في منطقة متقلبة إلا أن بيع الأسلحة هي العنصر الأقل جدلا في الاتفاقية، لا سيما أن بايدن في بداية حكمه تعهد بتخفيض مبيعات الأسلحة للسعودية، لكنه عاد وصادق على سلسلة من صفقات الأسلحة، بعد زيارته لجدة في صيف 2022، في وقت لم يقف الكونغرس أمامها".
وتوقعت أن تشعل مطالب السعودية معارضة قوية من الحزبين في الكونغرس، فليس لدى واشنطن اتفاقية دفاع تلزمها بنشر قوات للدفاع عن إسرائيل أو أي دولة عربية أخرى.
وتتعاون الولايات المتحدة في تشغيل مفاعلات نووية مدنية مع دول الخليج الأخرى، مثل الإمارات العربية المتحدة. إلا أن الاتفاقيات هذه لا تشمل على تخصيب اليورانيوم محليا.
ورجحت الكاتبة أن يكون بايدن يميل إلى الاعتقاد بأنه بحاجة لانتصار كبير في الشرق الأوسط، مع قرب الحملات الانتخابية لعام 2024، مضيفة: "ربما كان بايدن يعتقد أن الصفقة مفيدة للولايات المتحدة لردع إيران ومنع جهود الصين لحرف ميزان القوة في المنطقة لصالحها".
وتابعت: "ربما كان لدى مسؤولي الإدارة آمالا كبيرة لو دفعوا بصفقة في وجه المعارضة المحلية والتنازلات غير المريحة للقيم الولايات المتحدة، لكن أيا من المنافع التي يتم الحديث عنها من الصفقة لن يحدث، فالشرق الأوسط لم يعد سهل الانقياد كما كان نتيجة هذه الصفقات".
ورأت أن إدارة بايدن تعمل بناء على قواعد قديمة وهي أن الصفقات الكبرى البراقة والمصافحات المتلفزة تحول الشرق الأوسط وللأبد، وهذه الصفقة ليست مقامرة قصيرة- طويلة الأمد، فقد تكون خطرا على المنطقة والولايات المتحدة.
وتوقعت أن تكون الإدارة الأمريكية تفكر بأن صفقة التطبيع بين الاحتلال والسعودية ستحفز نتنياهو لتعديل مواقفه من الفلسطينيين والتخلي عن ائتلافه وتشكيل حكومة جديدة مع أحزاب وسطية. لكن الوسطيين في إسرائيل لا يثقون بنتنياهو. فقد قال يائير لابيد زعيم المعارضة في نهاية تموز/يوليو ومنتصف آب/أغسطس ألا نية لديه للمشاركة في حكومة يتزعمها نتنياهو.
ووفق الكاتبة، فإنه من غير المحتمل أن يخاطر نتنياهو بانتخابات جديدة في وقت يحاول في ائتلافه إضعاف سلطات القضاء. وفي الواقع، فصفقة مع السعودية ستخفف الضغط السياسي على نتنياهو بعد احتجاجات غير مسبوقة، فدفع من الولايات المتحدة لن يؤدي لثمار جدية للفلسطينيين، بل سيخاطر بإخراج نتنياهو من ورطته ويضعف حركة الديمقراطية في البلد".
وبخصوص النفوذ الصيني المتزايد في الشرق الأوسط، رأت الكاتبة أن بايدن يمكن أن يحصل على موافقة من السعودية للتكيف مع مطالب أمريكية محددة، إلا أنه لن يتوقع تآكل العلاقة السعودية القوية والمتسعة مع الصين، التي رعت اتفاقية إعادة العلاقات بين السعودية وإيران بعد سنوات من القطيعة.
وأضافت: "وعليه فالاتفاقية المقترحة بين السعودية وإسرائيل تقلب كل هذا رأسا على عقب وتهدد بالتزامات أمنية للشركاء الذين لديهم تاريخ خطير ومتقلب".
وتعتقد أمريكا أنها بتقديمها التطمينات الصحيحة ستعود إلى لعب دور العراب الرئيسي في المنطقة، لكن هذا الأمل سيتلاشى بالتأكيد. فالدول الحازمة في المنطقة لا تريد لعب دور ثان لواشنطن وباتت تسعى وراء مصالحها بقوة والتي قد تتوافق أو لا تتوافق مع المصالح الأمريكية، وفق الكاتبة.
وتفترض الصفقة المحتملة شريكا إسرائيليا لم يعد موجودا، فقد افترض المسؤولون وعلى مدى عقود أنه لو عرض على إسرائيل المحفزات الحقيقية ومنها القبول العربي، فستقدم التنازلات مقابل السلام. وقد نجحت الصيغة في كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، قبل 40 عاما، لكن من غير المحتمل أن تنجح اليوم.
فالصفقات الإقليمية الكبرى التي لا تأخذ بعين الاعتبار التغيرات في السياسة الإسرائيلية هي منفصمة عن الواقع، بل وستعزز من سياسة المتطرفين في البلد، والذين يحققون مكاسب.
فالصفقة السعودية التي يبدو بايدن أنه يفكر بها تقتضي ثمنا باهظا بدون منافع حقيقية لإرثه، ولن تؤدي إلى تحسين العلاقات الإسرائيلية- الفلسطينية أو احتواء الصين أو تخفيض النزاعات الإقليمية.
وربما طبعت السعودية وإسرائيل العلاقات بناء على جدول زمني، ولكن الوقت الحالي غير مناسب للدفع بها. وعلى إدارة بايدن إعادة النظر في خطة التطبيع، فما كشف عن مساراتها يظهر النقاط العمياء لدى واشنطن عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الاحتلال الإسرائيلي بايدن السعودية الفلسطينيين امريكا فلسطين السعودية الاحتلال الإسرائيلي بايدن صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
إسرائيل اليوم وأميركا غدا.. لهذا تخشى واشنطن مذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت
واشنطن- مثّل إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت صدمة في العاصمة الأميركية واشنطن.
وقالت المحكمة الجنائية الدولية إنها وجدت "أسبابا معقولة" لاتهامهما "بجريمة الحرب المتمثلة في التجويع كوسيلة من وسائل الحرب، والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال غير الإنسانية". كذلك تحدثت عن وجود "أسباب معقولة للاعتقاد" بأن كليهما يتحمل "المسؤولية الجنائية كرؤساء مدنيين عن جريمة الحرب المتمثلة في تعمّد توجيه هجوم على السكان المدنيين".
وعبّرت إدارة الرئيس جو بايدن عن رفض صارم لقرار المحكمة الجنائية الدولية. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي إن الولايات المتحدة "ترفض بشكل أساسي قرار المحكمة بإصدار مذكرات توقيف لكبار المسؤولين الإسرائيليين"، وإنها "تشعر بقلق عميق من اندفاع المدعي العام لطلب مذكرات توقيف وأخطاء العملية المقلقة التي أدت إلى هذا القرار".
كما قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إنها ترفض قرار المحكمة الجنائية الدولية على الرغم من أنه "ليس لدينا تقييم قانوني للإجراءات الإسرائيلية في غزة لكننا نرفض قرار الجنائية الدولية". وانتقد بايدن قرار الحكمة واعتبره عملا "شائنا".
"اليوم.. وغدا"
اعتبرت افتتاحية صحيفة وول ستريت جورنال المحافظة قرار المحكمة الجنائية الدولية بمنزلة هجوم على إسرائيل والولايات المتحدة معا. وقالت الصحيفة إن مذكرتي الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت "سيضرّان بقدرة جميع الديمقراطيات على الدفاع عن نفسها ضد الجماعات أو الدول الإرهابية"، على حد وصفها.
وأضافت افتتاحية الصحيفة أن "هذه السابقة ستستخدم ضد الولايات المتحدة التي هي مثل إسرائيل لم تنضم أبدا إلى المحكمة الجنائية الدولية".
وعلى موقع مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بواشنطن، وهي مؤسسة بحثية قريبة من الحكومة الإسرائيلية، كتب ريتشارد غولبرغ، الباحث والمسؤول السابق بإدراة دونالد ترامب، يقول "إنهم إسرائيليون اليوم، لكنهم سيكونون أميركيين غدا".
وأضاف غولبرغ محذرا "نحن بحاجة إلى التفكير بشكل أكبر من حظر التأشيرات على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية؛ نحن بحاجة إلى تشويه المحكمة الجنائية الدولية نفسها وقطع وصولها إلى المال والخدمات. يجب أن نطلب من جميع حلفائنا الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية أن يعلنوا أنهم لا يعترفون بأوامر الاعتقال على أنها شرعية ولن ينفذوها، يجب على كل حليف أن يسجل الآن".
مؤشرات تتحدث عن توجه الكونغرس الجديد لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية (صورة من المحكمة) تمهيد الطريقتشير كل المؤشرات إلى أن الكونغرس ذا الأغلبية الجمهورية، والذي تبدأ دورته الجديدة في الأول من يناير/كانون الثاني المقبل، سيقوم بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية.
واستبق السيناتور جون ثون، الذي سيصبح زعيم الأغلبية الجديد في مجلس الشيوخ، قرار المحكمة في 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ودعا مجلس الشيوخ لتمرير عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية على الفور، واستكمال خطوات مشروع قانون عقوبات المحكمة الجنائية الدولية الذي أقره مجلس النواب في يونيو/حزيران الماضي.
وهدد مايكل والتز، النائب الجمهوري من ولاية فلوريدا، والذي اختاره ترامب مستشارا للأمن القومي في إدارته الجديدة، المحكمة الجنائية الدولية، وتوعد قادتها وقادة الأمم المتحدة كذلك.
وقال والتز في تغريدة على منصة إكس "المحكمة الجنائية الدولية ليس لها مصداقية، وقد دحضت الحكومة الأميركية هذه الادعاءات. لقد دافعت إسرائيل بشكل قانوني عن شعبها وحدودها من إرهابيي جماعة حماس. يمكنك أن تتوقع ردا قويا على التحيز المعادي للسامية من قبل المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة في يناير/كانون الثاني المقبل".
وردّ البروفيسور كريغ مارتن، من كلية واشبورن للقانون بجامعة ولاية كانساس، على هذه التهديدات. وقال للجزيرة نت إن "المحكمة الجنائية الدولية هي مؤسسة رئيسية في النظام القانوني الدولي الذي يقوم عليه ويجعل سيادة القانون الدولي ممكنة، وهو نظام لعبت الولايات المتحدة دورا مركزيا في بنائه. وبقدر ما تريد الولايات المتحدة الترويج لسيادة القانون والاعتماد على هذا النظام في المستقبل، لتقييد تصرفات دول مثل روسيا والصين، على سبيل المثال، يجب أن تفكر مليا في حكمة مهاجمة المؤسسات الأساسية التي تجعل ذلك ممكنا".
واتفق مع الطرح السابق البروفيسور أسامة خليل، رئيس برنامج العلاقات الدولية بجامعة "سيرايكوس"، بولاية نيويورك، في حديث مع الجزيرة نت، وقال إن "إدارة بايدن لن تتصرف بناء على مذكرتي التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت. وبدلا من ذلك، من المتوقع أن تهاجم شرعية المحكمة الجنائية الدولية والمدعي العام كريم خان".
وبرأي خليل، فإن هذا من شأنه "أن يمهد الطريق أمام إدارة ترامب لاتخاذ إجراءات أكثر عدوانية ضد المحكمة الجنائية الدولية وأي هيئات دولية تتحدى سياسات واشنطن أو تنتقد تصرفات إسرائيل".
أميركا والمحكمةورغم أن الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا عضوتين بالمحكمة الجنائية الدولية، فإن مسؤولين أميركيين عبّروا عن الغضب من توجه المحكمة، خاصة أنها المرة الأولى التي تسعى فيها لمحاكمة حليف لأميركا.
ويفسّر الموقف الأميركي من المحكمة الجنائية الدولية بخوف واشنطن من تعرض الجنود والساسة الأميركيين للمحاكمة دون حماية دستورية أميركية، ومن قضاة دوليين.
وبدلا من ذلك، تتكئ واشنطن على قوانينها المحلية وقانون جرائم الحرب لعام 1996، وهو قانون يطبق إذا كان أحد الضحايا أو مرتكب جريمة الحرب مواطنا أميركيا أو عضوا في الجيش الأميركي.
وجدير بالذكر أن معارضة واشنطن للمحكمة الجنائية الدولية وصلت إلى ذروتها خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، التي تعهدت بفرض عقوبات على القضاة والمدعين العامين في المحكمة إذا شرعوا بالتحقيق في ما قالت عنه المحكمة إن "أفرادا من الجيش الأميركي ووكالة الاستخبارات المركزية ربما ارتكبوا جرائم حرب بتعذيب المعتقلين في أفغانستان عام 2016″.
وبالفعل، فرضت واشنطن عقوبات على أعضاء المحكمة، وحظرت الحسابات المصرفية لرئيسة المحكمة السابقة فاتو بنسودا، لكن العلاقات بدأت بالتحسن مع بدء عهد الرئيس جو بايدن قبل ما يقرب من 4 سنوات خاصة بعد تعهده باحترام قواعد القانون الدولي، وأسقطت واشنطن العقوبات.
وسبق أن طالب قادة الكونغرس، من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، البيت الأبيض بتقديم كل الدعم الممكن لمحكمة العدل الدولية في سعيها لتضييق الخناق على روسيا، إلا أن الموقف الأميركي تغير تماما حينما تعلق الأمر بإسرائيل وبانتهاكاتها المستمرة المرتبطة بعدوانها على قطاع غزة.
ومرّ التشريع الذي حمل الرقم (8282) ويدعو لفرض عقوبات على أعضاء المحكمة، وجاء كرد فعل على إصدار المحكمة أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت في يونيو/حزيران الماضي، بتأييد أغلبية 247 صوتا مقابل معارضة 155، حيث صوّت لمصلحة مشروع القرار جميع النواب الجمهوريين و42 نائبا ديمقراطيا.
وتجمد مشروع القانون عند عتبة مجلس الشيوخ، وذلك بإيعاز من البيت الأبيض الذي خشي من أن تدفع العقوبات الأميركية على المحكمة الجنائية الدولية إلى ملاحقة إسرائيل بشكل أقوى، وأن يجبر مشروع القانون الولايات المتحدة على فرض عقوبات على الحلفاء المقربين الذين يمولون المحكمة وقادتهم والمشرعين والشركات الأميركية التي تقدم خدمات للمحكمة.