قصة كتاب استغرق شرحه 10 سنوات على يد الشيخ أحمد معبد.. حدث تاريخي بالأزهر
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
على مدار عقد من الزمان، شهد الجامع الأزهر شرحًا متواصلًا لكتاب من أهم كتب التراث في علم الحديث، وهو كتاب «فتح المغيث بشرح ألفية الحديث» للإمام السخاوي، كتاب قام على شرحه وتبسيطه أحد علماء الأزهر الشريف، وهو الدكتور أحمد معبد عبد الكريم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، وأستاذ الحديث وعلومه بكلية أصول الدين القاهرة، لم يسأم ولم تهبط عزيمته يومًا عن الشرح، حتى في فترة كورونا.
واصل الدكتور الأزهري شرح الكتاب بالفيديو من منزله، وجاء يوم الأربعاء 17 أغسطس 2023، ليكون شاهدًا على صفحة مضيئة من صفحات تاريخ الأزهر وسجلات علمائه ودورهم في نشر علوم الإسلام.
المجالس العلمية الأزهريةوقد بدأ الدرس الأول من هذه المجالس العلمية الأزهرية صباح يوم السبت 29 مارس 2014، أي ما يقارب عشر سنوات، شرح خلالها الدكتور أحمد معبد كتاب «فتح المغيث بشرح ألفية الحديث»، شرحًا تحليليًّا أتى فيه بعجائب النقول وقرائح العقول وفرائد التعليقات وراجح الاختيارات، وكان منهج الشرح لهذا الكتاب تقديم عبارة الشارح بقراءة متن النَّاظم الحافظ العراقي، ثم تصوير المسألة والنوع الحديثي، ثم يقرأ أحد الطلاب نص الإمام السخاوي، فيقوم الشيخ أحمد معبد بتوضيح العبارة بأسلوب سهل مبسط.
وحرص عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر خلال شرحه لكتاب الإمام السخاوي على الشرح بأسلوب يجمع بين العمق واليسر، وتحقيق النص، والتوضيح والبيان، والتخصيص والتقييد، والتعقيب والاستدراك، بأدلة ناصعة وبراهينَ ساطعة، مع المرونة في التعامل مع طلابه لتيسير وصول المعلومة إليهم، وتقديم النصح ولمحات التربية والأخلاق، ونقل الخبرة العلمية، مع ختام كل درس بفتح الباب لأسئلة الطلاب والإجابة عليها، لإزالة أي إشكال أو توهم على الطلاب والدارسين.
وعلى مدار عشر سنوات، ظل الشيخ أحمد معبد على هذا، لم يمل من التكرار ولم يسأم من المناقشة والحوار، وظلت عزيمته قوية لا تنزل همته في الدرس الذي يزيد على ساعة ونصف، يقرر خلاله الرأي الرجيح والفهم الواضح، ويذكر من التطبيقات للنصوص ما يبينها ويشرحها، حتى أسفر الشرح والتحليل عن 246 مجلسا علميا شرح فيها الشيخ كتاب الإمام السخاوي بأجزائه الأربعة، في ما يزيد على سِتمائة ساعة صوتية على مدار عقد من الزمان، تم تصويرها وجمعها ونشرها جميعًا عبر منصات الأزهر على مواقع التواصل الاجتماعي، وتم إجازة الحاضرين للمجلس في الجامع الأزهر وعبر صفحات الأزهر الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتصل السند إلى الإمام السخاوي.
كتب علوم الحديثيقول الدكتور أيمن الحجار، الباحث بالأمانة العامة لهيئة كبار العلماء وهو الذي قدم هذا المجلس الحديثي ورافق الدكتور معبد طوال مدة شرح هذا الكتاب، إن اختيار الشيخ لهذا الكتاب تحديدًا يكمن في أنه أوسع كتاب في علوم الحديث، إذ شرح فيه الحافظ السخاوي ألفية الحافظ العراقي، مما جعل الشيخ يختار هذا الكتاب دون غيره لأن مؤلفه جمع فيه ما تفرق في الكتب الأخرى، فهو قد يغني عنها ولا تغني عنه، كما أن الإمام الحافظ العراقي كان موضوع رسالة الدكتوراه للشيخ أحمد معبد، فكان هذا حافزًا له لشرح هذا الكتاب، فقد هضم شخصية الحافظ العراقي وإنتاجه العلمي فكان كتاب السخاوي كاشفا عن معاني كتاب العراقي.
وُلد الدكتور أحمد معبد عام 1939 في قرية الشيخ سعد، مركز أبشواي، بمحافظة الفيوم، لأسرة شريفة يمتد نسبها إلى «بني كلاب»، أجداد رسول الله ﷺ، وقد ألحقته والدته بكتاب القرية، ثم انتقل للدراسة بمعهد القاهرة الأزهري، ومنه حصل على الشهادتين الابتدائية ثم الثانوية الأزهرية عام 1961م، وبعدها التحق بعدها بكلية أصول الدين بالقاهرة، ثم عين بها معيدًا وتدرج فيها حتى حصل على الأستاذية، ثم انتقل للعمل أستاذًا بقسم السُّنة وعلومها بكلية أصول الدين، بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، ليعود بعدها لتدريس الحديث وعلومه في عدد من فروع جامعة الأزهر حتى استقر به المقام كأستاذ متفرغ بكلية أصول الدين بالقاهرة، ونظرًا لإسهاماته في بناء المدرسة الحديثية المعاصرة، خاصة تدريس وإحياء علم «علل الحديث»، تم اختياره عضوًا في هيئة كبار العلماء.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأزهر الشريف الجامع الأزهر أصول الدين کبار العلماء هذا الکتاب أحمد معبد
إقرأ أيضاً:
ذكرى رحيل الشيخ العناني: علامة فارقة في تاريخ الأزهر والشريعة الإسلامية
في مثل هذا اليوم، الحادي والعشرين من ديسمبر عام 1956م، الموافق للتاسع عشر من جمادى الأولى سنة 1376هـ، توفي الشيخ العلامة محمد عبد الفتاح العناني مصطفى، الفقيه والأصولي المعروف.
نشأته وتعليمه المبكروُلد الشيخ العناني في الخامس من المحرم سنة 1296هـ، الموافق للحادي والثلاثين من ديسمبر عام 1878م، في قرية طحلة التابعة لمركز طوخ بمحافظة القليوبية. حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، ثم التحق بالجامع الأزهر الشريف في عام 1892م، وكان من سكان حارة البشابشة التي كانت واحدة من الحارات الملحقة بالأزهر الشريف.
في الأزهر، درس علمي النحو والفقه المالكي على يد الشيخ شعيب حسين المالكي، وقد شهد له شيخُه وغيرُه بالاجتهاد والمثابرة في طلب العلم، كما كان الحال مع باقي الطلبة المجاورين للأزهر.
مسيرته المهنية والتدريسيةفي عام 1907م، تم تعيين الشيخ العناني مدرسًا بمعهد الإسكندرية، وفي عام 1922م، اختير في لجنة لوضع كتب لوزارة الأوقاف لنشر الدعوة الإسلامية، قامت اللجنة بطبع كتاب "الفقه على المذاهب الأربعة"، الذي أصبح من الكتب الشهيرة والمتداولة، وعندما أُنشئت الجامعة الأزهرية في عام 1930م، تم اختيار الشيخ العناني للتدريس بكلية الشريعة.
عضويته في هيئة كبار العلماء ومناصبهفي عام 1937م، تم تعيين الشيخ محمد عبد الفتاح العناني عضوًا في هيئة كبار العلماء بالأمر الملكي رقم (18) الصادر عن الملك فاروق الأول. كما تم انتخابه شيخًا للمالكية في الجامع الأزهر في عام 1940م، وفي نفس العام عُين عضوًا في المجلس الأعلى للأزهر الشريف. في العام التالي، تم تعيينه شيخًا لكلية أصول الدين، ثم أصبح رئيسًا عامًا لتفتيش العلوم الدينية والعربية للمعاهد الدينية. كما شغل منصب رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، وكان أيضًا عضوًا في لجنة العلوم الدينية بدار الكتب المصرية.
تلامذته وأثره العلميمن أبرز تلامذة الشيخ العناني: الشيخ أحمد فهمي أبو سنة، الذي ذكر الشيخ العناني ضمن اللجنة المؤلفة لإجازة أول رسالة دكتوراه أزهرية في عام 1941م، كما تتلمذ على يديه أيضًا العلامة الأصولي الشيخ طه عبد الله الدسوقي العربي المالكي.
مؤلفاته العلميةمن مؤلفات الشيخ العناني، هناك مخطوط في أصول الفقه بعنوان "رسالة في القياس الأصولي"، بالإضافة إلى مشاركته في تأليف كتاب "الفقه على المذاهب الأربعة"، وكان ضمن اللجنة المكلفة من مشيخة الأزهر لوضع رسالة "الحج والعمرة على المذاهب الأربعة".
وفاته وإرثه العلميظل الشيخ عبد الفتاح العناني مستمرًا في عطائه العلمي والديني في الأزهر الشريف حتى توفي في التاسع عشر من جمادى الأولى عام 1376هـ، الموافق للحادي والعشرين من ديسمبر عام 1956م. رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.