أحمد الشرع للجزيرة نت: نجمع الأدلة من أجل محاكمة الأسد
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
دمشق- بعد أيام من دخوله إلى سوريا انطلاقا من الحدود التركية، تمكّن مراسل الجزيرة نت كمال أوزتورك من لقاء القائد العام للإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، الملقب بـ"أبو محمد الجولاني".
يقول المراسل "زرتُ سوريا انطلاقا من الحدود التركية وصولا إلى دمشق، وقد مررت بإعزاز وعفرين وإدلب وحلب وحماة وحمص. على مدار 4 أيام، تجولت في المدن، وتحدثت مع السكان، وراقبت الشوارع، وزرت الأسواق.
يعبّر أوزتورك عن دهشته بالأجواء الآمنة التي رآها، وعودة الحياة إلى طبيعتها في غضون 3 أو 4 أيام، وانتهاء الفوضى والاضطرابات بسرعة كبيرة.
يقول "عندما وصلت، كانت هناك العديد من الأسئلة التي تدور في ذهني، خاصة حول سجن صيدنايا وغيره من السجون. لم أكن أتوقع أن أجد إجابات عن كل هذه الأسئلة هناك".
لكن الشخص الذي أجاب عن أسئلته كان القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، الذي قاد واحدة من أسرع الثورات في التاريخ، وأسقط نظام الأسد خلال 10 أيام فقط، وتمركز في دمشق.
يضيف أوزتورك "انتظرت مع حوالي 50 إعلاميا من أوروبا والولايات المتحدة يوم 11 ديسمبر/كانون الأول في بهو أحد الفنادق، لإجراء مقابلة مع الشرع. لم يسعني إلا التفكير: كيف سيتمكن من إجراء مقابلات مع هذا العدد الكبير من الصحفيين، كلّ على حدة؟ رغم ذلك، واصلت الانتظار".
إعلانويتابع "بعد 6 ساعات، أُبلغنا بأن اللقاء قد ألغي، فغادر الجميع. لكنني لم أستسلم، وفي اليوم التالي، استخدمت كل قنواتي الممكنة لإعادة ترتيب اللقاء، ونجحت في المحاولة الثانية. هذه المرة انتظرت 4 ساعات، لكنني تمكنت في النهاية من مقابلته بمفردي".
يقول مراسل الجزيرة نت "عندما رأيته لأول مرة، شعرت بالدهشة. لم يكن يرتدي زيا عسكريا كما توقعت، بل بدلة زرقاء داكنة مع قميص أبيض وسترة داخلية، في مظهر رسمي يلفت الأنظار. ربما كانت هذه أول مرة يظهر فيها ببدلة رسمية. كان برفقته وفد كبير، ولفت انتباهي بشكل خاص مستشاروه الذين أحاطوا به. رغم قصر الوقت، أتيحت لي الفرصة لطرح بعض الأسئلة والتقاط صورة معه. على الفور طرحتُ عليه الأسئلة المتعلقة بالأوضاع التي لاحظتها خلال جولتي الميدانية":
كيف تمكنتم من السيطرة على دمشق بهذه السرعة؟ وكيف استعادت المدن حياتها الطبيعية بالسرعة ذاتها؟شعبنا كان قد سئم من نظام الأسد. الظلم والمعاناة التي عاشوها أنهكتهم. كأنهم كانوا ينتظرون قدومنا. نظام الأسد نفسه كان قد انهار من الداخل وضعُف بشكل كبير. ولهذا، وبفضل الله، حدث هذا التغيير السريع. الآن تسود السكينة في مدننا، وشعبنا تنفس الصعداء. بعد كل تلك الحروب والصراعات، تعب الناس ولم يعودوا يريدون المزيد من الصراعات.
يتساءل الجميع عما سيحدث وكيف سيكون شكل سوريا الجديدة؟نتواصل مع جميع الأطراف بشكل مباشر أو غير مباشر. نحاول إيجاد أفضل طريق ممكن لمستقبل بلدنا. نحن أيضا على تواصل مع العديد من الدول. هدفنا هو إيجاد الطريق المثالي الذي يضمن أن يعيش جميع أبناء شعبنا في سلام وسعادة.
زار رئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم قالن دمشق ورافقتموه إلى الجامع الأموي، ما طبيعة العلاقة مع أنقرة؟
الشعب التركي هو أقرب الأصدقاء لشعبنا. لقد استقبلوا أهلنا الذين لجؤوا إليهم وقدموا لهم كل أنواع الدعم. نحن نستفيد من خبراتهم، ونحن على يقين أنهم سيكونون بجانبنا في المستقبل أيضا. لذلك، تركيا تُعد بالنسبة لنا دولة بالغة الأهمية.
إعلان ربما أصبح سجن صيدنايا أحد أكثر المواقع رعبا على وجه الأرض وهو مثال صارخ على مدى وحشية نظام الأسد. ما خططكم بشأنه؟يرمز هذا السجن إلى مدى وحشية وقسوة نظام الأسد. ولذلك، نحن نجمع الأدلة من هذا المكان لمحاكمة بشار الأسد. لقد بدأنا فعلا بالعمل على تحديد الأشخاص الذين مارسوا التعذيب أو نفذوا الإعدامات هناك. سنكشف هذه الأسماء وسنحاكمهم.
نخطط لدعوة منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات المدنية المستقلة من جميع أنحاء العالم لزيارة هذا السجن. نريد للعالم أجمع أن يكون شاهدا على هذا المكان المروع والظلم الذي وقع فيه. وفي المستقبل، سنحوله إلى متحف ليكون شاهدا على هذه الفظائع، ونفتحه أمام الزوار من جميع أنحاء العالم.
المراسل كمال أوزتورك مع القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع (الجزيرة) فرصة للتغييريقول المراسل بعد مقابلة الشرع "خلال الأيام الخمسة التي قضيتها في سوريا، لم أستطع التوقف عن التفكير في كم الألم والقمع الذي عانته هذه البلاد، وكم تم إفقارها".
وأضاف "الآن، حصل الشعب السوري على فرصة لتغيير مصيره. إذا استخلصوا العبر من الأخطاء التي ارتُكبت ولم يكرروها، وإذا تمكنوا من بناء نظام ودولة يشعر فيها الناس من كل العرقيات والأديان والفئات الاجتماعية بقوة الانتماء، فسيجدون طريقهم إلى السلام".
وختم أوزتورك قائلا "شخصيا، أُعجبت بنظرة الشرع وفريقه للأحداث. لقد منحتني رؤيتهم أملا في مستقبل سوريا. من الضروري التخلص من الأحكام المسبقة تجاه هيئة تحرير الشام ومنحهم فرصة ودعمهم. هؤلاء الناس يقولون إنهم تغيروا ويؤكدون أنهم مختلفون".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات أحمد الشرع نظام الأسد
إقرأ أيضاً:
بعد سقوط نظام بشار.. الموز يرسم الابتسامة على وجه السوريين
دمشق - الوكالات
بعد غياب طويل عن موائد السوريين بسبب ارتفاع سعرها الجنوني، عادت فاكهة الموز إلى الأسواق لتصبح في المتناول بعد انخفاض ثمنها، مما عده البعض إحدى نتائج سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
فقد كانت هذه الفاكهة بمثابة حلم صعب المنال لدى السوريين قبل 8 ديسمبر الماضي، بعد أن وصل سعر الكيلوغرام منها إلى نحو 50 ألف ليرة سورية (حوالي 5 دولارات)، أي ما يعادل سدس الراتب الشهري للموظف العادي.
وبسبب ارتفاع أسعاره، تحوّل الموز إلى مادة للسخرية المريرة بين السوريين، إذ كانوا يتبادلون التهاني عند الحصول عليه، ويهدونه لبعضهم، ويلتقطون صورا معه، ويشاركون هذه اللحظات على منصات التواصل في تعبير ساخر عن معاناتهم مع الأوضاع الاقتصادية تحت حكم الأسد.
لكن بعد سقوط النظام، هبط سعر الموز إلى الخُمس، ليصبح سعر الكيلوغرام منه حوالي 10 آلاف ليرة (نحو دولار واحد)، ما دفع السوريين للإقبال على الأسواق لشراء هذه الفاكهة التي انتظروها طويلا.
ويعود سبب غلاء الموز لقلة إنتاجه في سوريا، واحتكار استيراده من التجار المقربين من نظام الأسد المخلوع، واضطرار التجار إلى تهريب الموز عبر لبنان.
ولُوحظ وفرة الموز على بسطات الباعة وإقبالا كبيرا من الزبائن في الأسواق السورية، خصوصا أرباب العائلات الذين عجزوا سابقا عن شراء ولو موزة واحدة لأطفالهم، حتى بات يوصف في السوق بـ"الذهب الأصفر يا موز".
وينادي أبو خالد النعيمي -أحد تجار السوق في درعا– على الموز قائلا "موز يا أبو العيال، تعال يا محروم تعال"، بإشارة إلى الانخفاض الكبير في سعر هذه الفاكهة التي أصبحت الآن في المتناول.
ويتابع أن الزبائن يشترون حاليا 2 أو 3 كيلوغرامات من الموز، وتبدو السعادة واضحة على وجوههم، الأمر أشبه بحالة احتفال، "حتى إن البعض اعتبر ذلك أحد إنجازات الثورة"، وفق تعبيره.
وعن الوضع قبل سقوط النظام، يبتسم أبو خالد ويقول "لو جئتم إلى هذا السوق قبل سقوط النظام لتبحثوا عن الموز، لما وجدتم قطعة واحدة، وكان مجرد الحديث عنه يبدو مثيرا للسخرية بسبب أسعاره الخيالية".
ويردف أن الأثرياء فقط كانوا يشترون الموز لأطفالهم بالقطعة الواحدة، وغالبا يخفونه في حقائبهم حتى لا يراهم الفقراء، الذين كانوا يتحسرون على عجزهم عن شرائه.
ويختصر أبو خالد ذلك الواقع بقوله: كان الأب يعد ابنه بشراء موزة واحدة فقط إذا حصل على علامات جيدة في المدرسة.
ويكمل ضاحكا: عندما تزوج أحد أصدقائي، سألته مازحا: ما الهدية التي ترغب فيها؟ فأجاب: كيلوغرامين من الموز.
على بُعد أمتار من بسطة أبي خالد، يقف شادي الجبر (40 عاما)، أحد سكان المدينة، بجوار طفله آدم (5 سنوات)، حاملين عدة قطع من الموز، في حين ترتسم الابتسامة على وجهيهما بعد أن تمكنا أخيرا من شراء هذه الفاكهة الموعودة.
يقول الجبر وهو يتنفس الصعداء: الحمد لله على انتصار الثورة، أصبح بإمكاننا الآن تذوق الموز بعد انتظار طويل.
ويضيف أنه لم أتمكن من شراء الموز منذ 6 سنوات. شارحا "كنت أعمل في ميكانيكا السيارات، لكن عملي توقف بسبب الحرب التي شنها علينا نظام الأسد، وحرمت أطفالي من هذه الفاكهة البسيطة".
ويتابع بابتسامة حزينة: في إحدى السنوات، أردت تقديم هدية لزوجتي بمناسبة ذكرى زواجنا، فلم أجد شيئا سوى موزة واحدة، كانت تُباع وقتها بـ10 آلاف ليرة. وضعتُها في علبة هدايا وزيّنتها بالأحمر والأصفر والأخضر والأبيض محتفلا.
وإلى جوار الجبر، يقف نجله آدم ممسكا بقطعة موز، وطلب التقاط صورة له مع الفاكهة، وقال بلغة الطفولة البريئة: أصبح بإمكاني أن آكل قطعة موز كاملة، للمرة الأولى.
وخلال سنوات الحرب التي شنها نظام الأسد، عانى السوريون من ارتفاع أسعار السلع الأساسية وندرة المواد مثل الخبز والوقود، ما أدى إلى فقر مدقع وأوضاع إنسانية مأساوية.
لكن بعد سقوط النظام، شهد السوريون تحسنا في توافر السلع وانخفاض أسعارها، ويأملون أن تكون هذه بداية لتحسن أكبر في الواقع الاقتصادي لبلادهم التي أنهكتها سنوات من المعاناة.
المصدر / الأناضول