خفض الفائدة المصرفية .. دعم لنمو الاقتصاد وتسهيل لتمويل القطاع الخاص
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
- نمو الائتمان تباطأ خلال الفترة التي تأثرت فيها الأنشطة الاقتصادية بتبعات أزمتي تفشي جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط
- تتحسن مؤشرات التمويل خلال العامين الماضي والحالي مع نمو الاقتصاد وتوسع قطاعات التنويع
- يكتسب هذا التحسن أهمية خاصة إذ يأتي في توقيت الارتفاع القياسي في الفائدة مما يعني أن تأثير جاذبية الاستثمار والعوائد المتوقعة يتخطى تبعات رفع الفائدة
يمثل ارتفاع حجم الائتمان المصرفي مؤشرًا يرصد نمو كل من القطاع المصرفي من خلال زيادة دخل البنوك من أنشطة الإقراض، وأنشطة القطاع الخاص من خلال تسهيل التمويل وتخفيف كلفة الأعمال.
وبعد تباطؤ نمو الائتمان للقطاع الخاص خلال الفترة التي تأثرت فيها الأنشطة الاقتصادية بتبعات أزمتي تفشي جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط، تتحسن مؤشرات التمويل المصرفي للقطاع الخاص بشكل ملموس خلال العامين الماضي والحالي، بدعم من معدلات النمو الجيدة للاقتصاد وتوسع قطاعات التنويع الاقتصادي، والارتفاع في عدد المشروعات الجديدة، والتوسع في المشروعات القائمة.
ويكتسب هذا التحسن أهمية خاصة كونه يأتي في توقيت الارتفاع القياسي في أسعار الفائدة المصرفية، مما يعني أن تأثير جاذبية فرص الاستثمار والعوائد المتوقعة من قبل المستثمرين يتخطى تأثير رفع الفائدة الذي أدى إلى زيادة كلفة الأعمال.
ووفق بيانات البنك المركزي العماني، تشير بيانات الميزانية المجمعة للبنوك التقليدية والإسلامية في سلطنة عُمان إلى ارتفاع إجمالي رصيد الائتمان المصرفي بنسبة 5% ليصل إلى 32.0 مليار ريال عُماني بنهاية سبتمبر 2024، مقارنة مع 30.2 مليار ريال عُماني بنهاية سبتمبر 2023، وسجل الائتمان الممنوح للقطاع الخاص نموًا بنسبة 4.2% ليصل إلى 26.7 مليار ريال عُماني بنهاية سبتمبر 2024 مقارنة مع 25.6 مليار ريال عُماني بنهاية سبتمبر 2023.
وتتوافق مؤشرات نمو الائتمان المصرفي مع التوقعات والنمو المتواصل للاقتصاد العماني، إذ أظهرت نتائج مسح المخاطر النظامية لعام 2023 الذي يقوم به البنك المركزي العماني تحسن الثقة في النظام المالي العماني، كما أوضحت نتائج مسح ظروف الائتمان لعام 2023 أنه من المتوقع أن تتحسن ظروف الائتمان في سلطنة عُمان خلال عام 2023.
ويمثل خفض الفائدة المصرفية خلال العام الجاري دعمًا لاستمرار هذا التحسن، فعلى مدار الأشهر الماضية بدأت البنوك المركزية العالمية في خفض أسعار الفائدة المصرفية، التي كانت قد بلغت مستويات قياسية بعد رفع متواصل لمستويات الفائدة منذ عام 2021 كأداة لمواجهة التضخم والحد من ارتفاعه، الذي مثل مخاطر واسعة على نمو الاقتصاد العالمي.
وتمهد قرارات خفض الفائدة المصرفية لانتهاء حقبة الارتفاع القياسي في أسعار الفائدة وتخفيف سياسة التشدد النقدي من قبل البنوك المركزية، التي تعود بشكل تدريجي لتبني سياسة التيسير النقدي، وتعمل سياسات التشدد على خفض السيولة ووضع قيود على الإنفاق والاقتراض، فيما تسهم سياسات التيسير النقدي في دعم الإقراض ومستويات الطلب، ولذلك تعد مواتية لنمو الاقتصاد وتعزيز سوق العمل بزيادة فرص التوظيف من خلال تسهيل تمويل المشروعات.
ويُعد التوجه نحو خفض أسعار الفائدة واحدًا من أهم التطورات التي يشهدها الاقتصاد العُماني والاقتصاد العالمي، إذ يعكس تقدم جهود احتواء التضخم ويمثل في الوقت ذاته دعمًا لنمو الاقتصاد وتسهيل التمويل بكلفة مواتية للقطاع الخاص، الذي تُعد مشروعاته وأنشطته مصدرًا أساسيًا لنمو الناتج المحلي، كما تعتمد "رؤية عُمان 2040"على القطاع الخاص لقيادة نمو الاقتصاد وتوفير فرص العمل للمواطنين، ومع التعافي الكبير الذي حققته أنشطة القطاع الخاص بعد تبعات الأزمة المزدوجة لتفشي جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط، وجد هذا التعافي دعمًا كبيرًا من خطط التحفيز والمساندة الحكومية وما تلاها من تقدم كبير في تعزيز نمو الأنشطة غير النفطية.
وخلال الفترة الماضية، توسعت الحكومة بشكل كبير في مبادرات وبرامج التحفيز وتسهيلات الأعمال لدعم أنشطة القطاع الخاص، بما في ذلك المضي قدمًا في تنفيذ برنامج التخصيص الحكومي وطرح حصص من أكبر الشركات العاملة في قطاع الطاقة في بورصة مسقط، كما تواصل تنفيذ مبادرات البرنامج الوطني لتطوير القطاع المصرفي وسوق رأس المال "استدامة"، الذي يُعد من ضمن مستهدفاته الأساسية تسهيل تمويل القطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال خيارات تمويلية متعددة تتوافق مع احتياجات كافة شرائح المستثمرين ورواد الأعمال.
ويُعد خفض الفائدة في سلطنة عُمان دعمًا إضافيًا لرفع معدلات الاستثمار المحلي، وفي إطار سياسة الارتباط بين الريال العُماني والدولار الأمريكي، بدأ البنك المركزي العُماني في خفض أسعار الفائدة المصرفية تماشيًا مع قرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وقرر البنك المركزي العُماني مؤخرًا خفض سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء للمصارف المحلية بمقدار 25 نقطة أساس أي 0.25 بالمائة، ليصبح 5.25 بالمائة، تماشيًا مع السياسة النقدية للبنك المركزي العُماني التي تهدف إلى الحفاظ على نظام سعر الصرف الثابت للريال العُماني، وتتوافق هذه السياسة مع هيكلة وطبيعة الاقتصاد العُماني، كما تتضمن عددًا من المزايا لسلطنة عُمان، منها استقرار العملة وتجنب الحركة غير الاعتيادية لرؤوس الأموال عبر الحدود، كما تهدف إلى تحفيز الأنشطة الاقتصادية في سلطنة عُمان من خلال انخفاض كلفة التمويل وتعزيز الثقة بين المستثمرين بإزالة خطر تقلبات سعر الصرف.
وتتبنى سلطنة عُمان نظام سعر الصرف الثابت، وبالتالي فإن سعر الفائدة الأساسي الذي تحدده السياسة النقدية يتماشى مع نطاق سعر الفائدة المحدد من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وتبعًا لذلك ارتفع سعر الفائدة الأساسي في سلطنة عُمان بالتوازي مع سياسات وقرارات البنك الفيدرالي الأمريكي خلال الأعوام الماضية.
وفي سبتمبر الماضي، بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض الفائدة بنسبة نصف نقطة مئوية، مدفوعًا بالمخاوف المتزايدة من تأثر نمو الاقتصاد وسوق العمل بالارتفاع القياسي في أسعار الفائدة، كما قام في نوفمبر الماضي بخفض معدل الفائدة للمرة الثانية على التوالي خلال 2024، بنسبة 25 نقطة أساس لتتراوح بين 4.5 و4.75 بالمائة، ومن المتوقع أن يعقد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نهاية الأسبوع الجاري آخر اجتماعاته لعام 2024، ويرجح الخبراء وبنوك الاستثمار أن البنك قد يقوم بخفض إضافي للفائدة بمعدل مماثل للخفض الذي تم في نوفمبر الماضي، وفي حال إقرار هذا الخفض، قد يتراجع سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى ما يتراوح بين 4.25 بالمائة و4.5 بالمائة، ليصل إجمالي خفض الفائدة إلى نقطة مئوية كاملة مقارنة مع مستويات الفائدة في بداية سبتمبر الماضي، ويُعد المستوى المستهدف للفائدة على المدى الطويل نحو 2.9 بالمائة.
ويظل مسار خفض الفائدة خلال العام المقبل، والوصول لمستهدف الفائدة على المدى الطويل، رهنًا بتطورات التضخم، حيث أشارت لجنة السياسات النقدية في البنك الفيدرالي الأمريكي في آخر بيان لها إلى أن ظروف سوق العمل تواصل التحسن، لكن بينما يتراجع التضخم، فإنه لا يزال أعلى من المستهدف للوصول إلى معدل 2%.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الفائدة المصرفیة البنک المرکزی أسعار الفائدة نمو الاقتصاد للقطاع الخاص القطاع الخاص القیاسی فی من خلال
إقرأ أيضاً:
«الزراعى المصرى» يتعاون مع «السويدى» لتمويل أجهزة الرى الحديث
تحفيزاً للاستثمار فى القطاع الزراعى والتوسع فى استخدام أساليب الرى الحديث، وتعزيزاً لدور القطاع الخاص فى توطين الصناعات الوطنية الداعمة للقطاع الزراعى، وقع البنك الزراعى المصرى بروتوكول تعاون مع شركة السويدى الوطنية للصناعات والمشروعات الهندسية برعاية وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، بهدف توفير التمويل اللازم للمزارعين والشركات العاملة فى مجال استصلاح الأراضى والمشروعات الزراعية لشراء أنظمة الرى الحديثة التى تنتجها الشركة، وتعد أول شركة مصرية تقوم بتصنيع أجهزة الرى المحورى الذكى (دلتا بيفوت).
وقع البروتوكول صالح الشامى، الرئيس التنفيذى للائتمان بالبنك الزراعى المصرى، والمهندس أحمد عودة، رئيس مجلس إدارة شركة السويدى إلكتريك لمشروعات البنية التحتية، وهانى حجازى، رئيس الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، بحضور سامى عبدالصادق، القائم بأعمال رئيس مجلس إدارة البنك الزراعى المصرى، وعدد من قيادات البنك والشركة ومسئولى وزارة الزراعة.
وخلال مراسم توقيع البروتوكول، أكد سامى عبدالصادق، حرص البنك الزراعى المصرى على دعم وتشجيع كل القطاعات الإنتاجية بهدف خلق صناعة وطنية تنافسية قادرة على المنافسة فى السوق المحلى، لتحل محل نظيرتها المستوردة، تحقيقاً لخطة الدولة فى خفض فاتورة الواردات لتحقيق المستهدفات التنموية والاقتصادية للدولة، إيماناً من البنك بدوره فى دفع ومساندة جهود الدولة لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، مشيداً بالإنجاز الذى حققته شركة السويدى الوطنية للصناعات والمشروعات الهندسية، كأول شركة وطنية تقوم بتصنيع أجهزة الرى الحديث «دلتا بيفوت» بمكون محلى فى خطوة للاستغناء عن الأجهزة المستوردة بما يقلل فاتورة الاستيراد ويخفض الطلب على العملة الأجنبية.
وأوضح أن توقيع هذا البروتوكول يسهم فى تحفيز الاستثمار فى القطاع الزراعى، وسيستفيد منه صغار المزارعين والجمعيات الزراعية والمنتفعون بالمشروعات التنموية الجديدة للتوسع فى استخدام أنظمة الرى الحديث التى ستوفر على الأقل نحو 50 % من مياه الرى التى يستهلكها القطاع الزراعى، بما يسهم فى سد الفجوة بين الموارد المائية والاستخدامات الحالية فى ظل تحدى المياه الذى نعيشه حالياً والذى يجعل من التحول لنظم الرى الحديث ضرورة وليس رفاهية تنفيذاً لتوجيهات القيادة السياسية، علاوة على المكاسب المباشرة التى ستعود على المزارعين بزيادة إنتاجية الفدان بمعدلات تترواح بين 30 و40 % وتحسين جودته.
ووجه «عبدالصادق»، الشكر لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى بقيادة علاء فاروق، وزير الزراعة، على رعاية هذا البروتوكول، وتوفير كل سبل الدعم لتنمية القطاع الزراعى والمزارعين تحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة.
من جانبه، أكد المهندس أحمد عودة، رئيس مجلس إدارة شركة السويدى إلكتريك لمشروعات البنية التحتية، إنه طبقاً لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بتوطين صناعة أجهزة الرى المحورى، ومن خلال التعاون مع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية تم إنشاء أول مصنع لإنتاج أجهزة الرى «البيفوت» بمكون محلى بنسبة 70%، وخلال عامين نجحت الشركة فى توفير نحو 2000 جهاز رى محورى للمشروعات الزراعية فى شرق العوينات والمناطق التنموية الجديدة، ما أسهم فى توفير أكثر من 150 مليون دولار تكلفة الفاتورة الاستيرادية التى كانت تدفع فى أجهزة الرى المحورى، فضلاً عن القيمة المباشرة فى ترشيد استخدام مياه الرى لتلك المشروعات بنسبة 60%.
وثمن عودة، دور البنك الزراعى المصرى فى دعم القطاع الزراعى وتحفيز الاستثمار فى هذا القطاع، مؤكداً أن هذا البروتوكول هو الأول الذى توقعه الشركة نظراً لأهمية الدور الذى يلعبه البنك فى تمويل القطاع الزراعى وتوفير كل التسهيلات للمزارعين والمستثمرين للتحول لنظم الرى الحديث، وأن الفترة المقبلة ستشهد تعاوناً قوياً بين الشركة والبنك بما ينعكس على تحقيق التنمية الزراعية.
فيما أكد هانى حجازى، رئيس الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، أهمية التوسع فى مشروعات تحديث نظم الرى، التى تمثل واحدة من أهم أولويات وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى تنفيذاً لتوجيهات القيادة السياسية بضرورة تبنى سياسات جديدة لرفع كفاءة استخدام المياه والمحافظة على مصادرها المختلفة واستخدام أساليب الرى الحديث واستحداث آليات لترشيد استخدام المياه فى عملية الرى، مؤكداً أن الرى الحديث له العديد من الفوائد الأخرى من بينها خفض تكاليف التشغيل وتخفيض استهلاك كمية المحروقات للمحافظة على البيئة وتقليل استخدام كميات الأسمدة والمبيدات وغيرها من تكاليف الزراعة ويحقق أقصى عائد ممكن من الإنتاج بما ينعكس على زيادة الربحية وتحسين مستوى دخل المزارعين.
وأوضح أن هذا البروتوكول من شأنه دعم استراتيجية التنمية الزراعية والتوسع فى مشروعات استصلاح الأراضى، خاصة أنه يعزز التعاون بين كيانات كبيرة كل فى مجاله، فالبنك الزراعى هو أكبر المؤسسات المصرفية التنموية المتخصصة فى التمويل الزراعى، وتعتبر شركة السويدى الوطنية من أهم شركات السويدى إليكتريك التى تمتلك أحدث تكنولوجيا تصنيع وتركيب أنظمة الرى، وسيكون دور وزارة الزراعة ممثلة فى هيئة التعمير هو توفير الأراضى للشركات والمستثمرين الجادين لإطلاق مشروعاتهم الزراعية كما ستقدم الخبرة والدعم الفنى خلال مشروعات الاستصلاح الزراعى.