أوروبا على حافة التغيير.. كيف تؤثر عودة اللاجئين السوريين على الدول المضيفة؟
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
في مشهد يغير ملامح المنطقة بأكملها، انهار نظام بشار الأسد بعد سنوات طويلة من الصراع الدموي الذي أرهق سوريا وأثقل كاهل العالم بأزمات اللاجئين والهجرة.
الانهيار لم يكن مجرد حدث سياسي داخلي بل خلف وراءه تغييرات جذرية في المشهد الإقليمي والدولي، حيث أثر بشكل مباشر في الدول التي استضافت ملايين اللاجئين السوريين، خصوصًا في أوروبا خلال سنوات الحرب الماضية.
ومع هذا التغيير الكبير، ظهرت بوادر تغيرات على اللاجئين السوريين في أوروبا خاصة مع دعوات الحكومة السورية الجديدة، برئاسة محمد البشير، لعودتهم إلى وطنهم، مما أثار تساؤلات عدة حول تأثير هذه العودة المحتملة على المجتمعات الأوروبية.
دعوات حكومية وعودة محتملة
وعقب انهيار نظام الأسد، وبداية مرحلة جديدة تحت قيادة الحكومة السورية الجديدة، أطلقت الحكومة دعوات حثيثة للاجئين السوريين في الخارج للعودة إلى سوريا.
وصرح رئيس الحكومة الانتقالية محمد البشير، أن سوريا باتت في مرحلة جديدة من الاستقرار بعد سقوط نظام بشار الأسد وهروبه إلى روسيا وأن العودة إلى الوطن تمثل خطوة أساسية في عملية إعادة الإعمار، وأن سوريا الجديدة أصبح لكل السوريين بكل أطيافهم.
وقال البشير إنه يسعى حماية جميع المواطنين وتقديم الخدمات الأساسية لكنه أقر بصعوبة تحقيق ذلك مع افتقار البلاد للعملة الأجنبية، وأن "حقوق كل الناس وكل الطوائف في سوريا" ستكون مضمونة.
على الصعيد الإقليمي، تفاعل بعض الدول المجاورة بحذر مع هذه الدعوات. إذ اعتبرت بعض الدول مثل لبنان والأردن أن هذه العودة قد تساهم في استقرار المنطقة بشكل تدريجي، ما قد يقلل من الضغط على اللاجئين في تلك البلدان، وبينما كانت هناك مخاوف لدى دول أخرى من أن عمليات العودة قد تخلق تحديات جديدة على الحدود، وتزيد من تعقيد عملية التعامل مع النزوح السكاني في المنطقة.
عودة مئات اللاجئين السوريين من #تركيا إلى #سوريا عبر معبر #باب_الهوى الحدودي#بشار_الأسد #دمشق #سجن_صيدنايا pic.twitter.com/poCWtav1wX — د. حسام فوزي جبر (@HOSAM_MOKBEL) December 8, 2024
تعليق طلبات اللجوء
على مستوى الدول الأوروبية، التي استقبلت ملايين اللاجئين السوريين على مدار السنوات العشر الماضية، تصاعدت ردود الفعل إزاء دعوات الحكومة السورية لعودة اللاجئين.
وقرر عدة دول مثل السويد والدنمارك والنمسا وألمانيا وفرنسا تعليق طلبات اللجوء الجديدة للسوريين، متعللة بتحسن الوضع الأمني في سوريا، وقد أشارت السويد، على سبيل المثال، إلى أن الوضع في سوريا أصبح مستقرًا بدرجة كافية بحيث يمكن للاجئين العودة بشكل آمن إلى مناطقهم، كما قررت وزارة الداخلية الفرنسية بإعادة تقييم الملفات.
وأثارت القرارات جدلاً واسعًا في المجتمعات الأوروبية وفي صفوف منظمات حقوق الإنسان، التي اعتبرت أن هذا القرار قد يتسبب في معاناة جديدة للاجئين الذين لا يزالون يواجهون ظروفًا معيشية صعبة في سوريا، إضافة إلى ذلك، فقد رأى البعض أن هذه القرارات تفتح الباب لتسريع عملية "الترحيل" القسري لبعض اللاجئين، خصوصًا الذين لا يمتلكون وضعًا قانونيًا مستقرًا في الدول الأوروبية.
عدد من الدول تعلن تعليق البت بطلبات اللجوء المتعلقة بالسوريين بعد الاطاحة بنظام بشار الأسد pic.twitter.com/2P68Dvo7Va — عربي21 (@Arabi21News) December 9, 2024
وضع جديد للمناقشة
وفي سياق الوضع الجديد في سوريا، أكد عضو البرلمان الأوروبي تييري مارياني ضرورة وضع قضية الأزمة السورية على جدول أعمال الجلسة العامة المقبلة للبرلمان الأوروبي.
وفي تصريحات نقلتها صحيفة "إزفيستيا"، عبر مارياني عن قلقه من احتمال حدوث موجة جديدة من اللاجئين السوريين نتيجة للتغيرات السياسية في سوريا، وأوضح أن العديد من الدول الأوروبية تراقب عن كثب تطورات الوضع السوري.
وأشار مارياني إلى أن فرنسا والنمسا قد تتبعان نفس النهج في المستقبل القريب. ومع ذلك، أبدى عدد من الخبراء شكوكهم في أن السوريين في الدول الأوروبية سيكونون راغبين في العودة إلى وطنهم بعد أن استقروا في المرافق الأوروبية. في حين تراقب المفوضية الأوروبية الوضع عن كثب دون اتخاذ إجراءات حاسمة حتى الآن.
حملة "أمل العائدين ... نحو عودة آمنة للمهجرين" فتح الطرقات المغلقة أمام عودة المهجرين بعد إجراء أعمال مسح المناطق الملوثة بالذخائر غير المنفجرة وإزالة مخلفات الحرب، لتسهيل التنقلات والوصول الإنساني، والمساهمة بعودة المهجرين وحمايتهم من المخاطر.#الخوذ_البيضاء #سوريا… pic.twitter.com/PHGhNNOJtl — الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) December 7, 2024
تأثير العودة على الدول الأوروبية
عودة اللاجئين السوريين المحتملة إلى وطنهم ستكون لها تداعيات عميقة على الدول الأوروبية التي استقبلتهم، وتتسبب في فجوة كبيرة في عديد من القطاعات الاقتصادية قد تتأثر بشكل كبير نتيجة لعودتهم، في مجالات سوق العمل، العقارات، والخدمات الاجتماعية، خاصة أن اللاجئ السوري أصبح متجذر في المجتمعات الأوروبية وله دور كبير في تنشيط الاقتصاد من خلال الاستهلاك أو اليد العاملة وغيرها.
نقص في المهارات والكفاءات
قدم اللاجئون السوريون إسهامات كبيرة في الاقتصاد الأوروبي، خاصة في أسواق العمل التي كانت تعاني من نقص في الكوادر البشرية المدربة، واليد العاملة الماهرة، في ألمانيا على سبيل المثال، يعمل أكثر من 5000 طبيب سوري في المستشفيات والمراكز الصحية، وهو ما ساعد بشكل كبير في التغلب على النقص المزمن في الكوادر الطبية في البلد. ومع عودة هؤلاء الأطباء إلى سوريا، قد تظهر فجوة كبيرة في هذا القطاع، خاصة في المناطق الريفية التي تعتمد على الأطباء الأجانب بشكل أساسي.
علاوة على ذلك، العديد من اللاجئين السوريين عملوا في مجالات الهندسة، التعليم، والصناعات التحويلية، مما ساهم في دفع عجلة الإنتاج والنمو وكذلك الاستهلاك في العديد من الدول الأوروبية.
ومع عودة اللاجئين إلى سوريا، ستكون الشركات الأوروبية في حاجة ماسة إلى إعادة تأهيل كوادر جديدة أو استقدام مهنيين من دول أخرى لتعويض هذا النقص، وهو ما قد يؤثر سلبًا على الإنتاجية في هذه القطاعات.
الغرب يخشى مغادرة السوريين وخصوصا من اصحاب العقول وعودتهم الى بلادهم
الغرب وبالاخص المانيا والسويد يعاني من الشيخوخة بسبب انخفاض اعداد المواليد والابتعاد عن الزواج ، وهو لم يستقبل اللاجئين لسواد عيونهم ، حيث وجد ضالته في المهاجرين ، ويخشى الآن من ان يتركوه ويعودوا الى بلادهم pic.twitter.com/2ATB4xErmp — خبرني - khaberni (@khaberni) December 12, 2024
سوق العقارات
تأثير عودة اللاجئين السوريين لن يقتصر على سوق العمل فقط، بل سيمتد أيضًا إلى قطاع الإسكان. فوجود ملايين اللاجئين في المدن الأوروبية الكبرى مثل برلين وستوكهولم أدى إلى زيادة كبيرة في الطلب على الوحدات السكنية، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار في هذه المدن، مع عودة عدد كبير من اللاجئين إلى سوريا، ستقل الحاجة إلى هذه الوحدات السكنية، وبالتالي سيحدث تراجع في الطلب على المساكن في بعض المناطق.
هذا التراجع في الطلب على الإسكان قد يؤدي إلى انخفاض أسعار الإيجارات في بعض الأماكن، ويُتوقع أن يؤدي أيضًا إلى ركود في قطاع البناء والتطوير العقاري في المناطق التي شهدت طفرة سكنية بسبب تدفق اللاجئين.
تخفيف العبء المالي
على الجانب الآخر، ستساهم عودة اللاجئين في تخفيف العبء المالي الذي تتحمله بعض المؤسسات في الاتحاد الأوروبي لتمويل برامج الرعاية الاجتماعية، فالدول الأوروبية التي تحملت نفقات كبيرة لدعم اللاجئين، مثل الإعانات المالية، الرعاية الصحية، والتعليم، ستتمكن من تقليل هذه النفقات بشكل ملحوظ، ما يعد توفير في الموارد قد يُستخدم لتوجيه الأموال إلى مشاريع أخرى تسهم في تحسين البنية التحتية أو تعزيز الاستثمار في القطاعات المحلية.
مشاهد متداولة من على الحدود التركية السورية.. عودة اللاجئين السوريين الى بلدهم pic.twitter.com/DjPZwLAsXX — nbnlebanon (@nbntweets) December 8, 2024
لوائح وقانونين
عودة اللاجئين السوريين في ظل المشاعر المعادية للهجرة التي تزايد خلال الفترة الماضية في بعض الدول، خاصة مع صعود اليمين المتطرف، تمثل فرصة لإعادة تقييم سياسات الهجرة في أوروبا بشكل يوازن بين احتياجات سوق العمل ومتطلبات الأمن والاستقرار.
ويمكن أن تكون هناك فرصة لتطوير نظام هجرة أكثر مرونة يبتعد عن الازدواجية في المعايير كما يتضمن حلولا طويلة الأمد للاجئين الذين يرغبون في العودة أو أولئك الذين يختارون البقاء في أوروبا، والاعتراف بدور المهاجرين واللاجئين.
المستشفيات الألمانية.. قلق مشروع
عبر رئيس جمعية المستشفيات الألمانية، جيرالد غاس، وفي تصريحات عن قلقه العميق من تداعيات عودة الأطباء السوريين إلى سوريا، وأكد أن النظام الصحي الألماني يعتمد بشكل كبير على الكوادر السورية، وأن رحيل هؤلاء الأطباء سيؤدي إلى تفاقم أزمة نقص الأطباء، خصوصًا في التخصصات الحرجة مثل الجراحة وطب الطوارئ. هذا النقص قد يؤثر على قدرة النظام الصحي الألماني في تقديم الرعاية الصحية بشكل فعال.
وطالب غاس الحكومة الألمانية بوضع استراتيجيات عاجلة لتدريب كوادر محلية في المجالات الطبية أو استقدام أطباء من دول أخرى لتعويض هذا النقص. وقد أشار إلى أن ألمانيا قد تواجه صعوبة في تعويض هذا الفاقد في الخبرات الطبية، وهو ما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان استدامة النظام الصحي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية بشار الأسد سوريا اللاجئين السوريين أوروبا سوريا أوروبا بشار الأسد اللاجئين السوريين عودة السوريين المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عودة اللاجئین السوریین للاجئین السوریین الدول الأوروبیة السوریین فی بشار الأسد إلى سوریا فی أوروبا کبیرة فی pic twitter com فی سوریا
إقرأ أيضاً:
الأردن يسمح لـ السوريين حاملي وثائق رسمية بمغاردة المملكة بالبطاقة الأمنية
أعلنت السفارة السورية في الأردن، اليوم الأحد، أن المملكة وافقت على السماح للسوريين الذين لا يحملون وثائق رسمية سورية بمغادرة المملكة بالبطاقة الأمنية.
وقالت السفارة السورية في عمّان، في منشور لها على صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، إنه "بناء على مقترح السفارة السورية في عمان وافق الجانب الأردني الشقيق على السماح للمواطنين السوريين الذين لا يحملون وثائق رسمية سورية بمغادرة أراضي المملكة بموجب البطاقة الأمنية "وثيقة الخدمة الخاصة بالجالية السورية" دون الحاجة لاستخراج تذكرة مرور من السفارة".
وكانت وزارة الداخلية الأردنية قد ذكرت أنه تم السماح للسوريين المقيمين في عدد من الدول بالدخول إلى المملكة دون موافقة مسبقة.
الاتحاد الأوروبي يدرس تخفيف العقوبات على سوريا نهاية ينايراستغلوا الضباب.. الجيش الأردني يكشف تفاصيل محاولة لتهريب مخدرات من سورياالسعودية تطالب برفع العقوبات الأحادية والأممية عن سورياونقلت وكالة الأنباء الأردنية "بترا" عن وزارة الداخلية قولها: "السماح للمواطنين السوريين المقيمين في الدول الأوروبية ودول الأمريكيتين الشمالية والجنوبية وأستراليا وكندا واليابان وكوريا الجنوبية ودول مجلس التعاون الخليجي بالدخول إلى أراضي المملكة دون الحصول على موافقات مسبقة".
وأوضحت الداخلية أنه يشترط على هؤلاء "حيازتهم على إقامات سارية المفعول لمدة لا تقل عن أربعة شهور في الدول القادمين منها".
وأضاف المصدر أن ذلك يأتي تسهيلا على "الأشقاء" السوريين المقيمين في تلك الدول للعودة إلى بلادهم.