الفوضى السياسية في كوريا الجنوبية عابرة للحدود
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
تعيش كوريا الجنوبية منذ نحو أسبوع، حالة من الفوضى السياسية الشديدة، بعد إعلان الرئيس يون سوك يول الأحكام العرفية وحل البرلمان وتعليق الأنشطة الحزبية والسياسية، يوم الثلاثاء الماضي، ثم تراجعه بعد 6 ساعات فقط.
وفي تحليل نشره موقع المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس) البريطاني، يقول الدكتور إدوارد هويل زميل برنامج آسيا والمحيط الهادئ: "إن تحرك الرئيس يون سوك يول كان مدفوعاً بالانقسامات السياسية المحلية.
The tumult in South Korea remains at its core a matter of domestic politics. The consequences however extend into foreign policy at a time of heightened tensions in East Asia.https://t.co/cpxdndUBej
— Chatham House (@ChathamHouse) December 12, 2024وحتى الآن، مازالت الديمقراطية قائمة في كوريا الجنوبية. ولكن فشل البرلمان في تمرير قرار عزل الرئيس، يؤكد أن العواقب المحتملة لأفعال يون ستستمر طويلاً، في حين يواجه معارضة داخلية مستمرة وعليه محاولة إنقاذ سمعته التي تدهورت داخلياً وخارجياً.
فبعد أن قدمت أحزاب المعارضة في الجمعية الوطنية (مجلس النواب)، مشروع قرار لعزل الرئيس، قاطع جميع أعضاء حزب قوة الشعب الحاكم وعددهم 108 أعضاء باستثناء 3 أعضاء الجلسة، مما أدى إلى فشل محاولة المعارضة نتيجة عدم اكتمال النصاب القانوني لعقد الجلسة.
ورغم أن يون قد يتمسك بالرئاسة في الوقت الراهن، فإن الانقسامات الحزبية ستستمر، حيث يعتزم الحزب الديمقراطي اليساري المعارض الرئيسي في البرلمان طرح قرار جديد لعزله مطلع الأسبوع المقبل.
وفي حين أشارت كل التكهنات في الأسبوع الماضي، إلى أن تحرك الرئيس يون في الأسبوع الماضي كان نتيجة تنامي التهديد النووي الكوري الشمالي أو فوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأخيرة، فقد أظهرت التطورات الأخيرة أن دوافعه كانت محلية بدرجة كبيرة.
ويواجه يون برلماناً تسيطر عليه المعارضة وتراجع التأييد الشعبي له إلى نحو 20% فقط في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. لذلك فقد كان قراره المتطرف بإعلان الأحكام العرفية ناتجاً عن إحباطه المستمر من عجزه عن تمرير قانون الميزانية، إلى جانب خوفه من الملاحقة القضائية والبرلمانية في ضوء الفضائح التي تلاحقه هو وزوجته. وقد هوت شعبيته بعد أحداث الأسبوع الماضي لتصل إلى 13% فقط.
ويقول الدكتور هويل المحاضر في العلوم السياسية بجامعة أوكسفورد البريطانية والمتخصص في شؤون شبه الجزيرة الكورية، رغم أن الاضطرابات السياسية في كوريا الجنوبية تظل في جوهرها شأناً داخلياً، فمن المحتمل امتداد عواقبها إلى الفضاء السياسي الخارجي في وقت تتصاعد فيه التوترات في شرق آسيا.
وستتجاوز هذه التأثيرات تدهور العملة الكورية الجنوبية الوون في أعقاب فرض الأحكام العربية. فقرارات الرئيس لم تشوه صورته فقط، وإنما وجهت الانتباه الدولي إلى الانقسام الداخلي في كوريا الجنوبية، في حين تتزايد حدة التهديدات السياسية الخارجية التي تواجه سيؤول.
وحاول الرئيس يون تبرير إعلانه الأحكام العرفية بالحاجة إلى التخلص من القوى السياسية الموالية لكوريا الشمالية في كوريا الجنوبية، وهو ما يعكس أمله الخائب في استغلال التهديد المتزايد الذي تشكله كوريا الشمالية لحشد الدعم من حزبه الحاكم وأحزاب المعارضة والشعب الكوري الجنوبي على نطاق أوسع.
وبالفعل فالتهديد الذي تشكله كوريا الشمالية حقيقي للغاية ويتزايد بشدة. كما يشكل تعاظم القدرات النووية لبيونغ يانغ تهديداً واضحاً ليس فقط لكوريا الجنوبية وإنما للغرب بشكل عام. كما أن هناك تهديداً عاجلاً مرتبطاً بالتحالف الاستراتيجي بين كوريا الشمالية وروسيا، الذي لا تبدو أي مؤشرات على تراجعه في خضم الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا.
وتزداد الصورة تعقيداً على الانتخابات المهمة التي جرت خلال العام الحالي، لدى شركاء وحلفاء كوريا الجنوبية ومنهم تايوان واليابان والولايات المتحدة.
وقد سعى رئيس الوزراء الياباني المنتخب حديثاً شيجيرو إيشيبا، إلى تبني نهج غريب إلى حد ما تجاه كوريا الشمالية، فطرح احتمالات بعيدة المدى لإنشاء مكاتب اتصال مشتركة بين بيونغ يانغ وطوكيو، ثم خفف من حدة الاقتراح فيما بعد. كما أعرب إيشيبا عن تشككه في جدوى العقوبات المفروضة على نظام الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ أون، وهو ما يتعارض مع نهج الرئيس الكوري الجنوبي الذي يدعو إلى مزيد من التشدد في مواجهة بيونغ يانغ.
وفي الوقت نفسه، تواجه كوريا الجنوبية تهديداً اقتصادياً كبيراً بسبب توجهات ترامب الذي يهدد بفرض رسوم إضافية على كافة الواردات الأمريكية، وهو ما دفع بنك كوريا الجنوبية المركزي إلى خفض أسعار الفائدة في الشهر الماضي، حيث تستعد سيؤول لمواجهة حالة من عدم اليقين المحتملة في التجارة الدولية. كما يدعو ترامب كوريا الجنوبية إلى زيادة مساهمتها المالية في نفقات القوات الأمريكية المتمركزة على أراضيها، بل إنه لوح بفكرة سحب هذه القوات أو إعادة انتشارها.
ورغم أن احتمال سحب القوات الأمريكية بالكامل من كوريا الجنوبية ضعيف، فالسؤال الذي يفرض نفسه على سيؤول يتعلق بمدى ديمومة التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية والحاجة إلى ردع التهديدات المتزايدة من جانب كل من الصين وكوريا الشمالية.
وطوال العام الحالي، سعت سيؤول إلى تعزيز علاقاتها مع طوكيو وواشنطن. ومثل هذا الزخم حيوي للحفاظ على الأمن الكوري الجنوبي، لكنه معرض للخطر إذا استمر تفاقم الانقسامات داخل الحزب الحاكم وبين الأحزاب ككل.
وإذا أطيح بالرئيس الكوري الجنوبي، بغض النظر عن التوقيت، فإن خليفته أياً كان لا يستطيع تجاهل اهمية تعزيز علاقات سيؤول مع حلفائها. لكن من المحتمل أن يكون نهج لي جاي ميونج زعيم الحزب الديمقراطي اليساري، الخصم الرئيس ليون بالنسبة للسياسة الخاجية مختلفاً.
وينتقد لي جاي ميونغ، جهود يون لتعزيز العلاقات مع طوكيو، ويدعو اليابان إلى الاعتراف بممارستها العدوانية التاريخية ضد كوريا الجنوبية، وبخاصة خلال الحرب العالمية الثانية ودفع تعويضات للشعب الكوري عن تلك الممارسات.
كما يدعو إلى عدم انخراط بلاده في ملف العلاقات بين الصين وتايوان، أو في الحرب الروسية الأوكرانية. ومن المحتمل بشدة أن يبدد مثل هذا التحول الجذري في السياسة الخارجية النجاحات الأولية التي حققها يون على هذا الصعيد، وبخاصة محاولة التغلب على العلاقات التاريخية الفاترة بين كوريا الجنوبية واليابان.
وأخيراً، فإن آخر ما تحتاجه كوريا الجنوبية حالياً هي تلك الفوضى السياسية واحتمالات تدهور علاقاتها مع حلفائها، في الوقت الذي تحتاج فيه إلى التصدي لمزيج من التهديدات ويضم بالتحديد كوريا الشمالية، والعلاقات الروسية الكورية الشمالية، بالإضافة إلى التهديدات الصينية الجيوسياسية والاقتصادية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية كوريا الجنوبية كوريا الجنوبية فی کوریا الجنوبیة الأسبوع الماضی کوریا الشمالیة الکوری الجنوبی الرئیس یون
إقرأ أيضاً:
ما أبرز بنود الإعلان الدستوري الذي وقعه الرئيس السوري؟
تابعنا أيضا عبر تليجرام t.me/alwatanvoice رام الله - دنيا الوطن
وقَّع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، اليوم الخميس، مُسوَّدة الإعلان الدستوري الذي حدَّد المرحلةَ الانتقاليةَ في البلاد بخمس سنوات.
وأعلنت لجنة صياغة الإعلان الدستوري السوري أنه تقرَّر حصر السلطة التنفيذية بيد رئيس الجمهورية في المرحلة الانتقالية؛ لضمان سرعة التحرك، ومواجهة أي أحداث في تلك المرحلة.
وأضافت اللجنة، في مؤتمر صحفي، أنه تقرَّر الفصلُ المطلقُ بين السلطات، ومنح الرئيس سلطة استثنائية واحدة هي "إعلان حالة الطوارئ".
وأضافت اللجنة أنه تقرَّر ترك أمر عزل الرئيس أو فصله أو تقليص سلطاته لمجلس الشعب، مشيرة إلى حل المحكمة الدستورية، ومنح رئيس الجمهورية حق تعيين محكمة دستورية جديدة تمارس مهامها وفق القانون السابق ريثما يصدر قانون جديد.
ونصَّ الإعلان الدستوري المؤلف من أربعة أبواب، على "الفصل المطلق" بين السلطات، في بلد اختزلَ فيه موقعُ الرئاسة خلال الحقبات السابقة مجملَ الصلاحيات. وأكد على جملةٍ من الحقوق والحريات الأساسية في البلاد، بينها "حرية الرأي والتعبير" و"حق المرأة في المشارَكة".
وبعد تلاوة عضو لجنة الصياغة، عبد الحميد العواك، أبرز بنود المُسوَّدة خلال مؤتمر صحفي في القصر الرئاسي، وقَّع الشرع الإعلان الدستوري. وقال: "هذا تاريخ جديد لسوريا، نستبدل فيه العدل بالظلم... ونستبدل فيه أيضاً الرحمة بالعذاب"، آملاً في أن يكون "فاتحة خير للأمة السورية على طريق البناء والتطور".
وحدّد الإعلان الدستوري، وفق البنود التي تلاها العواك، "المرحلة الانتقالية بخمس سنوات" على أن يتم "إحداث هيئة لتحقيق العدالة الانتقالية" بهدف "تحديد سبل المساءلة ومعرفة الحقائق وإنصاف الضحايا والناجين".
وفيما يتعلق بعمل السلطات، جاء في الإعلان الدستوري "لأن مبدأ الفصل ما بين السلطات كان غائباً عن النظم السياسية، تعمَّدنا اللجوء إلى الفصل المطلق بين السلطات" بعدما عانى السوريون "سابقاً من تغوّل رئيس الجمهورية على باقي السلطات".
وبحسب الإعلان الدستوري، يعود للرئيس الانتقالي "تعيين ثلث" أعضاء مجلس الشعب الذي يتولّى "العملية التشريعية كاملة وبشكل منفرد".
وقال العواك إنه سيصار في المرحلة المقبلة إلى تشكيل هيئة عليا للانتخابات، ستتولى الإشراف على انتخابات أعضاء مجلس الشعب.
"خيار مناسب"
ويتولّى رئيس الجمهورية السلطةَ التنفيذيةَ، على أن يساعده الوزراء في مهامه، في خطوة قال العواك إنها تُشكَّل "خياراً مناسباً مبنياً على ضرورة سرعة التحرك لمواجهة أي صعاب أو أحداث في المرحلة الانتقالية".
وأكد على "استقلالية" السلطة القضائية و"منع إنشاء المحاكم الاستثنائية" التي عانى منها السوريون كثيراً في الحقبات الماضية. وفيما يتعلق بالحريات والحقوق، نصَّ الإعلان الدستوري، وفق العواك، "على مجموعة كبيرة من الحقوق والحريات منها حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر والصحافة". كما نصَّ على "حق المرأة في المشارَكة بالعمل والعلم" وكفل لها الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
ومن بين البنود التي تضمَّنها الإعلان الدستوري، "ضرورة تشكيل لجنة لكتابة دستور دائم".
وأمل العواك أن يُشكِّل الإعلان الدستوري "رافعاً ومعيناً للدولة السورية، أرضاً وقيادةً وشعباً، في هذه المرحلة الانتقالية الممهِّدة لمزيد من الاستقرار".
ويصبح الإعلان الدستوري ساري المفعول بمجرد نشره رسمياً.