في وقت تشهد فيه سوريا تحولاتٍ جوهرية على الصعيدين السياسي والعسكري، وجه قائد هيئة تحرير الشام، أحمد الشرع الملقب بـ "أبو محمد الجولاني"، رسالة إلى الشعب السوري دعاهم فيها إلى النزول إلى الميادين للاحتفال بانتصار الثورة المباركة وسقوط النظام السوري.

تفاصيل الخطاب

في كلمة بثت عبر منصات هيئة تحرير الشام، دعا الجولاني الشعب السوري إلى "الاحتشاد في الميادين للتعبير عن الفرح بعد سقوط النظام، دون اللجوء إلى العنف أو ترويع المدنيين".

وقال: "أود أن أبارك للشعب السوري العظيم انتصار الثورة المباركة، وأدعوهم للتجمع في الميادين بفرحٍ صادق، بعيدًا عن إطلاق الرصاص".

وأكد على أهمية أن تكون هذه اللحظات تاريخية تُعبّر عن "فرحة شعب انتصر في معركته من أجل الحرية"، مع ضرورة ضمان أمن المدنيين خلال هذه الاحتفالات.

من جهة أخرى، لفت الجولاني إلى ضرورة التعاون بين كافة أطياف الشعب السوري في المرحلة المقبلة، قائلًا: "إن المرحلة المقبلة تتطلب منا العمل معًا لبناء سوريا جديدة تكون نموذجًا في الحرية والكرامة".

هذا الحديث يبرز رغبة الجولاني في بناء تماسك داخلي ضمن الفصائل المسلحة والسكان المحليين على حد سواء، خاصة مع اقتراب مرحلة ما بعد سقوط النظام السوري.

التطورات العسكرية والسياسية

تأتي هذه الدعوة في وقت حساس تشهد فيه سوريا تطورات متسارعة، حيث سيطرت الفصائل المسلحة مؤخرًا على عدة مدن سورية رئيسية، في وقت انسحب فيه الجيش السوري من بعض المواقع الاستراتيجية.

وقد أسفرت هذه التحولات عن سقوط العاصمة دمشق في أيدي هذه الفصائل، وهو ما دفع الرئيس السوري بشار الأسد إلى مغادرة البلاد متوجهًا إلى موسكو في بداية الأسبوع.

وقد أثار هذا التقدم السريع للفصائل المسلحة العديد من التساؤلات حول مستقبل النظام السوري، وسط تغييرات حاسمة في قيادة البلاد وتنامي الحديث عن مرحلة انتقالية قد تفتح الباب أمام شكل جديد للحكم في سوريا.

كما أن مشهد سيطرة الفصائل المسلحة على مؤسسات الدولة مثل مبنى الهيئة العامة للتلفزيون يعكس حجم الاضطراب الذي تشهده البلاد في هذه اللحظات الحرجة.

فمنذ 2011، شهدت سوريا اندلاع حرب مدمرة بين النظام السوري والمعارضة المسلحة، التي بدأت تطالب بالإصلاحات السياسية ثم تحولت إلى نزاع واسع النطاق، وخلال هذه السنوات نشأت مجموعات عدة أبرزها هيئة تحرير الشام، التي اتخذت من الشمال السوري مقرًا لها، حيث تصدرت الأحداث العسكرية في تلك المناطق.

ورغم محاولات النظام السوري لاستعادة الأراضي عبر حملات عسكرية، فإن تقدم الفصائل المعارضة في الآونة الأخيرة يعكس تحولًا دراماتيكيًا في مجريات الحرب.

التحديات المقبلة

بينما يستمر الجولاني في تمرير رسائل إيجابية عن مستقبل سوريا وضرورة بناء دولة موحدة بعد "الانتصار"، تظل التحديات الداخلية والخارجية قائمة.

فالتعاون بين الفصائل المسلحة، والمصالحة مع مكونات المجتمع السوري المختلفة، ستكون محورية في تشكيل مستقبل البلاد، كما أن التحركات الدولية، بما في ذلك الدور التركي والقطري، قد تلعب دورًا مهمًا في تحديد خريطة الطريق المقبلة لسوريا بعد أسقاط النظام.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: أبو محمد الجولاني احتفالات أحمد الشرع اطلاق الرصاص إطلاق الإحتفالات الاضطراب الاحتشاد اقتراب التطورات العسكرية الجيش السورى التعاون التساؤلات السكان المحليين الفصائل المسلحة النظام السوری

إقرأ أيضاً:

توحيد السلاح في سوريا: رغبة السلطة وتناقضات الواقع

تتكشف معضلات الحكم الجديد في سوريا بشكل أوضح. فبينما تبدو الرغبة جلية بفرض تسليم الفصائل سلاحها، تكثر التساؤلات حول استثناءات غير مبررة. وبينما تُرفع القيادة الجديدة شعار ضبط الأمن، تبقى مناطق واسعة عرضة للانقسامات المسلحة.

اعلان

منذ تسلمه السلطة في دمشق، لم يتوقف رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، عن تأكيد ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وإخضاع كافة الفصائل المسلحة لسلطة وزارة الدفاع. في مقابلة تلفزيونية منتصف يناير 2025، شدد على أن جميع الجماعات العسكرية خارج إطار الدولة ستُحلّ، وأنه لن يُسمح بأي تشكيلات مسلحة تعمل خارج سيادة الدولة، وذلك بهدف ضمان الاستقرار ووضع حد للفوضى التي عصفت بالبلاد.

غير أن المشهد الفعلي يعكس واقعًا مغايرًا يثير تساؤلات متزايدة حول قدرة السلطة الجديدة على تنفيذ تعهداتها. فالتوترات مستمرة على أكثر من جبهة: في الشمال، حيث تستمر الخلافات مع قوات سوريا الديمقراطية، وفي الغرب حيث تخوض "هيئة تحرير الشام" معارك ضارية ضد العشائر اللبنانية، وفي الجنوب حيث تظل مسألة "اللواء الثامن" بقيادة أحمد العودة دون حل واضح. إضافة إلى ذلك، لا تزال الهجمات الإسرائيلية مستمرة، مصحوبة باحتلالها لمناطق جديدة في الجنوب السوري، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي.

إحدى أكثر المفارقات وضوحًا تتجلى في استمرار وجود "هيئة تحرير الشام"، الفصيل الذي سبق أن قاده الشرع (أبو محمد الجولاني حينها) تحت مسمى "جبهة النصرة". فعلى الرغم من إعلان تفكيك معظم الفصائل المسلحة أو ضمها إلى وزارة الدفاع، لا تزال الهيئة تحتفظ بوجود عسكري نشط، وتخوض مواجهات شرسة على الحدود مع لبنان. وتطرح هذه الاستثناءات غير المعلنة تساؤلات حول مدى التزام القيادة الانتقالية بمبدأ توحيد السلاح تحت سلطة الدولة.

في سياق موازٍ، يثير موقف الشرع من إسرائيل مزيدًا من الغموض. فبينما يؤكد رجل دمشق القوي تجنّب التصعيد في بداية حكمه، تبقى توغلات الجيش الإسرائيلي داخل سوريا والغارات الجوية المتكررة عنواناً يطرح التساؤلات حل الاستجابة المستقبلية لهذا التحدي. كما تطرح الاشتباكات مع العشائر تناقضاً جديداً مع تصريحات الشرع بعدم الرغبة بأي مواجهة مع دول الجوار، ما يثير شكوكا حول المستقبل، ويفتح الباب أمام التكهنات بشأن طبيعة استراتيجيته في المرحلة القادمة.

أما على مستوى الترتيبات العسكرية الداخلية، فالصورة لا تقل ضبابية. إذ لا يزال "اللواء الثامن" بقيادة أحمد العودة مترددًا في الانضمام إلى وزارة الدفاع، رغم إعلان الوزارة أن معظم الفصائل قد وافقت على الاندماج. في المقابل، أكد العودة أن أبناء الجنوب كانوا من أوائل الداعين إلى تأسيس وزارة دفاع وطنية، لكن بشروط تضمن تمثيلًا عادلًا لجميع المكونات، وهو ما يسلط الضوء على انعدام الثقة بين القيادات المحلية والسلطة المركزية الجديدة.

على الضفة الأخرى، لا تبدو "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) أكثر استعدادًا لتسليم سلاحها، رغم إعلان الشرع أنها وافقت على ذلك "مع بعض الاختلافات" في التفاصيل. لكن على أرض الواقع، لم يحدث أي تقدم ملموس، ما يعكس صعوبة فرض سلطة الحكومة الانتقالية على كافة الفصائل، ويفتح المجال أمام استمرار الانقسامات العسكرية.

وفي ظل استمرار الاشتباكات العنيفة بين "هيئة تحرير الشام" والعشائر اللبنانية منذ 6 فبراير 2025، والتي امتدت آثارها إلى الداخل اللبناني، تتجلى صورة مفارقة أخرى: فبينما يعلن الشرع عن نيته ضبط السلاح، لا تزال بعض الفصائل تحتفظ بقدراتها العسكرية وتتحرك بحرية على الأرض، دون تدخل واضح من الدولة.

صورة ضبابية حول أفق الاستقرار

يواجه الوضع السياسي في سوريا تحديات أخرى على المستوى الإقليمي والدولي. فالتقارب مع الدول العربية ما زال بطيئًا، ولا تزال قوى إقليمية تنظر بعين الريبة إلى مدى استقرار النظام الجديد. كما أن استمرار العمليات العسكرية والانتهاكات على الحدود يزيد من تعقيد المساعي الدبلوماسية، مما يعزز من احتمالية استمرار العزلة السياسية.

في المحصلة، تتكشف معضلات الحكم الجديد في سوريا بشكل أوضح. فبينما يُفرض على بعض الفصائل تسليم سلاحها، تحظى أخرى باستثناء غير مبرر. وبينما تُرفع شعارات ضبط الأمن، تبقى مناطق واسعة عرضة للانقسامات المسلحة. هذه التناقضات المتشابكة لا تطرح تساؤلات حول مستقبل الاستقرار في سوريا فحسب، بل تضع شرعية النظام الجديد ذاته على المحك، خصوصاً أنه تولى الرئاسة بعد تطورات عسكرية استثنائية لايزال قسمٌ من أحداثها ملتبساً، بما يشمل مواقف القوى الإقليمية والدولية الفاعلة.

وفي ظل هذه الظروف، يبقى التساؤل الأكبر قائمًا: هل يستطيع أحمد الشرع تحقيق وعوده وتثبيت سلطته في ظل هذه الانقسامات والتناقضات؟ أم أن سوريا ستظل ساحة مفتوحة لصراعات داخلية وإقليمية تضعف فرص بناء دولة مستقرة؟

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية أمريكا ولعنة سقوط الطائرات: مقتل شخص وإصابة آخرين إثر اصطدام طائرتين في مطار أريزونا قتلى وجرحى في تفجير انتحاري قرب أحد البنوك في ولاية قندوز شمال أفغانستان سوريا: تنصيب أحمد الشرع "الجولاني" رئيساً للمرحلة الانتقالية وحل الجيش وحزب البعث وإلغاء الدستور سورياأبو محمد الجولاني قسد - قوات سوريا الديمقراطيةهيئة تحرير الشام اعلاناخترنا لكيعرض الآنNext ترامب: أوكرانيا يمكن أن تصبح روسية في يوم من الأيام يعرض الآنNextعاجل. قتلى وجرحى في تفجير انتحاري قرب أحد البنوك في ولاية قندوز شمال أفغانستان يعرض الآنNext بروكسل تواجه رسوم ترامب بخطة غير متوقعة: هل يصبح الاقتصاد الرقمي ساحة المعركة الجديدة؟ يعرض الآنNext بروكسل في مأزق: كيف تواجه المفوضية رفض بولندا لميثاق الهجرة؟ يعرض الآنNext زلزال بقوة 5.2 درجات يضرب شمالي المغرب ويثير هلع السكان اعلانالاكثر قراءة جوائز غرامي 2025: إطلالة بيانكا سينسوري تثير الاستهجان وانتقادات لقبعة جادن سميث مقتل طفلة طعنًا في مدرسة بكوريا الجنوبية والشرطة تحقق في الحادث بسبب تهديدات واشنطن وحلفائها.. كيم جونغ أون يتوعد بتوسيع البرنامج النووي لكوريا الشمالية أردوغان يرى أنه لا داعي لبحث خطة ترامب عن غزة أو أخذها على محمل الجد أوروبا تشهد ارتفاعًا بنسبة 31% في الأمراض المنقولة جنسيًا: بعض الحالات يصعب علاجها اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامبضحاياإسرائيلحركة حماسروسياأوروباالصراع الإسرائيلي الفلسطيني علم النفسقطاع غزةمحادثات - مفاوضاتوقاية من الأمراضفلاديمير بوتينالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • مركز الثقافة الإسلامية ينظم ندوة تفعيلا لمبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان" بالإسكندرية
  • توحيد السلاح في سوريا: رغبة السلطة وتناقضات الواقع
  • علوش لـ سانا: خلال شهرين من تحرير سوريا من النظام البائد، استقبل معبر جديدة يابوس الحدودي مع لبنان 627,287 مسافراً من المواطنين السوريين والضيوف العرب والأجانب، توزعوا على 339,018 قادماً و288,269 مغادراً، كما استقبل المعبر مئات الوفود الصحفية والدبلوماسية
  • علوش لـ سانا: خلال شهرين من تحرير سوريا من النظام البائد، استقبل معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا 72,859 مسافراً من المواطنين السوريين، توزعوا على 60,583 قادماً، و12,276 مغادراً، كما استقبل المعبر عشرات الوفود الإغاثية والصحفية والدبلوماسية، وتم تقديم التس
  • مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية مازن علوش لـ سانا: خلال شهرين من تحرير سوريا من النظام البائد، استقبلت المنافذ الحدودية مع تركيا 100,905 مواطنين من أهلنا السوريين العائدين للاستقرار النهائي في وطنهم
  • بالفيديو.. تفاصيل إطلاق قافلة طبية موسعة ضمن مبادرة "بداية جديدة" بـ 5 محافظات
  • تكريم المعلمات المتميزات في مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"
  • ضغوط أمريكية للدمج أو إعادة الهيكلة.. مستقبل الحشد الشعبي: إلى أين؟ - عاجل
  • حواجز دمشق الأمنية كابوس السوريين في عهد النظام المخلوع
  • خطر ترامب المبالغ فيه: هل يحاول الإعلام إشاعة القلق في العراق؟