رويترز: مخابرات الأسد توعدت بمعاقبة عناصر الجيش إذا لم يقاتلوا
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
نقلت وكالة رويترز عن وثيقة عثر عليها بمقر المخابرات الجوية السورية في دمشق أن إدارة المخابرات حذرت عناصر الجيش من عقوبات إذا لم يقاتلوا المعارضة المسلحة قبيل أيام من سقوط الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وذكرت رويترز -وفق إفادات من ضباط بقوات النظام السوري المنحل- أنه رغم الأوامر والتهديدات فقد بدأ عدد متزايد من الجنود والضباط في الانشقاق.
وبحسب الوثيقة الصادرة في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فقد اتهمت الإدارة العامة للمخابرات الجوية، وهي من الأجهزة الرئيسية المقربة من عائلة الأسد، رجالها بالتراخي في نقاط الحراسة في شتى أنحاء البلاد، وحذرتهم من عقاب شديد إذا لم يقاتلوا.
لكن بدلا من مواجهة المعارضة المسلحة، أو حتى المتظاهرين العزل، شوهد الجنود وهم يغادرون مواقعهم ويرتدون ملابس مدنية ويعودون إلى منازلهم.
وقال اثنان من الضباط، أحدهما تقاعد في المدة الأخيرة والآخر انشق، إن غضب كثير من الضباط أصحاب الرتب المتوسطة تصاعد في الأعوام القليلة الماضية لأن تضحيات الجيش وانتصاراته أثناء الحرب لم تترجم إلى تحسين الرواتب والظروف والموارد.
ورغم أن مراسيم في 2021 رفعت الرواتب العسكرية إلى مثليها تقريبا لمواكبة التضخم الذي تجاوز 100% في هذا العام، فإن القوة الشرائية انخفضت بشدة مع انهيار الليرة السورية مقابل الدولار.
إعلانونقلت رويترز عن العقيد مخلوف مخلوف، الذي كان يخدم في لواء هندسي، أنه إذا اشتكى أحد من الفساد كان يستدعى للاستجواب أمام محكمة عسكرية، وهو ما حدث معه أكثر من مرة.
وأضاف "كنا نعيش في مجتمع مخيف.. نخشى التفوّه بأي كلمة".
وقال -في مقابلة أجريت معه في حلب- إن مكان خدمته كان في حماة، لكنه انسحب قبل سقوط المدينة في أيدي مقاتلي المعارضة في الخامس من ديسمبر/كانون الأول الجاري.
ضابط مخابرات عسكرية كبير أكد بدوره أن الغضب تصاعد على وجه الخصوص العام المنصرم، مضيفا أنه كان هناك "سخط متزايد تجاه الأسد" حتى بين كبار مؤيديه المنتمين إلى الطائفة العلوية.
الوكالة قالت إن أحد أسباب اندحار الجيش السوري أيضا هو غياب الولاء للقيادة، ونقلت عن جندي سابق بالجيش يعمل في قطاع الدعم اللوجستي ويدعى زهير (28 عاما) أنه شاهد ضباطا يسرقون مولدات الكهرباء والوقود ويقومون ببيعها.
وأضاف "كل ما كان يشغلهم هو استغلال مناصبهم للثراء".
وقال إنه قاتل من أجل الأسد على مدى أعوام ضد أبناء عمومته في صفوف المعارضة، مضيفا أنه شعر بسرور بالغ عندما كانوا يتقدمون.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
بين السجون والمحاكمات.. حركة النهضة التونسية تحت الحصار
تونس ـ ترى قيادات من حركة النهضة أن استمرار محاكمة رموزها مع غلق مقراتها امتداد لسياسة "ممنهجة" تعتمدها السلطة في تونس ضد خصومها السياسيين من مختلف التيارات، متهمة السلطة بتوظيف القضاء كأداة لتصفية الحسابات السياسية وإسكات الأصوات المعارضة للرئيس التونسي قيس سعيد.
وفي ظل حكم الرئيس سعيد، يرى مراقبون أن السلطة مستمرة في ملاحقتها لشخصيات سياسية بارزة لا سيما من النهضة التي كانت القوة السياسية الأبرز بالمشهد بعد الثورة، إذ تقبع عشرات القيادات من حركة النهضة بالسجون، ومنها رئيسها راشد الغنوشي (83 عاما)، الذي يواجه تهما بالإرهاب وغسيل الأموال والتآمر على أمن الدولة.
ويقول القيادي بحركة النهضة رياض الشعيبي -في حديث للجزيرة نت- إن "هذا الاستهداف لا يقتصر فقط على حركة النهضة، وإنما يشمل وزراء سابقين ونوابا وسياسيين وأمناء عامين لأحزاب أخرى"، إلى جانب رموز الحركة مثل زعيمها راشد الغنوشي ورئيس الحكومة الأسبق علي العريض، ووزير العدل الأسبق نور الدين البحيري.
واتخذت النهضة وأحزاب أخرى موقعا معارضا للرئيس قيس سعيد، بسبب ما اعتبرته "انقلابا" على الشرعية قام به في 25 يوليو/تموز 2021 إثر إعلانه التدابير الاستثنائية قام بموجبها بغلق البرلمان وحلّه لاحقا، إضافة إلى عزل حكومة هشام المشيشي وحل المجلس الأعلى للقضاء وإمساكه بمفاصل السلطة بصلاحيات واسعة.
إعلان قضية التدوينةوالثلاثاء الماضي، نظرت الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف بتونس فيما يعرف بقضية "التدوينة" التي يحاكم فيها القيادي بالنهضة ووزير العدل السابق نور الدين البحيري، وقد صدر حكم ابتدائي في حقه بالسجن لمدة 10 سنوات، وتتهم حركة النهضة السلطة بمحاكمة البحيري على خلفية مواقفه المعارضة للرئيس قيس سعيد.
وفي ذلك اليوم نفسه، نظرت هيئة الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، في ملف القيادي بالنهضة علي العريض، الذي تقلد منصب رئيس الحكومة ووزير الداخلية في فترة حكم النهضة بعد الثورة، وهو معتقل منذ 22 سبتمبر/أيلول 2022 بتهمة تسفير الشباب للقتال إبان الثورة في سوريا.
وتشمل هذه القضية، إلى جانب العريض، نحو 800 شخص أغلبهم من حركة النهضة بناء على بلاغ تقدمت بها نائبة بالبرلمان، وتشكك حركة النهضة وأوساط معارضة أخرى في مصداقية المحاكمات، وتعتبرها ذات طابع سياسي فاضح.
وبشأن قضية القيادي بحركة النهضة نور الدين البحيري، يقول الشعيبي إن السلطة اتهمته بكتابة تدوينة على شبكة التواصل للتحريض عليها والتدبير لاعتداء المقصود به تغيير هيئة الدولة بدعوى أنه طالب من أنصار حركة النهضة المشاركة في احتجاج لجبهة الخلاص المعارضة في منطقة المنيهلة بالعاصمة سنة 2023.
لكن في الحقيقة "لم تقدم السلطة أي دليل ملموس" للمحكمة على وجود تلك "التدوينة المزعومة"، وفق الشعيبي، الذي يؤكد أن جميع الدعوات التي تطلقها حركة النهضة للاحتجاج ذات طابع سلمي، ويقول إن "مضمون التدوينة بحسب مزاعم السلطة لا يدين نور الدين البحيري لأن الدعوة لمشاركة في احتجاج سلمي مكفول بالقانون".
أما في قضية القيادي البارز بالحركة علي العريض، فيقول الشعيبي إن العريض وُجهت له تهمة التورط في تسفير الشباب التونسي للقتال في سوريا خلال اندلاع الثورة السورية، وهي تهم يعتبرها واهية وملفقة من السلطة.
إعلانويوضح القيادي بحركة النهضة مستنكرا أن "هذه التهمة لا تنطلي على أحد، إذ كيف يعقل أن يصبح علي العريض متهما في قضية إرهابية كهذه والحال أنه لما كان رئيسا للحكومة قام بتصنيف جماعة أنصار الشريعة بتونس منظمة إرهابية، ولما كان وزيرا للداخلية خاض ضد عناصرها مواجهة مسلحة بمنطقة بئر علي بن خليفة وتم تهديده بالقتل من قبلهم".
ويؤكد أن السلطة الحالية مهيمنة على القضاء بعدما جعل الرئيس سعيد بموجب الدستور الذي صاغه في 2022 القضاء كوظيفة، وليست سلطة مستقلة، قائلا "اليوم القضاء خاضع لهيمنة السلطة السياسية، ويسير بتوجهاتها كما تشاء وبالتالي الأحكام الصادرة عنه ناتجة عن تعليمات سياسية".
تضييق سياسي
وبشأن دلالات استمرار محاكمة قيادات بارزة من حركة النهضة وتداعياتها على مستقبل الحزب وعلى المشهد السياسي برمته، يؤكد الشعيبي أن الملاحقات والأحكام ضد بعض الشخصيات وغلق مقرات حركة النهضة وجبهة الخلاص ألقت بظلال من الاستبداد بالبلاد.
ويمضي قائلا "حركة النهضة هي شرط الحياة الديمقراطية في تونس، ولا يمكن أن تستقيم حياة ديمقراطية يقع فيها إقصاء أي طرف سياسي فما بالك بالطرف السياسي الأكبر".
ورغم أنه يؤكد أن حركة النهضة ما زال لديها حضور سياسي في الساحة من خلال دورها كطرف ناشط في جبهة الخلاص المعارضة أو من خلال حواراتها الثنائية مع أطراف أخرى في المعارضة، فإنه يقول "لا أخفيك سرا أن النشاط السياسي يتم في ظروف صعبة جدا وضغط أمني وسياسي كبير وفي ظل عدة تهديدات".
ويضيف "جميع الرموز السياسية لحركة النهضة تقبع في السجون بتهم واهية وحتى الشخصيات التي لم يتم اعتقالها وما زالت في حالة سراح هي أيضا ملاحقة قضائيا بموجب قانون الإرهاب"، وحسب مجريات الأحداث فإن الزج بالعديد من النشطاء في السجون حد من قدرة المعارضة على التعبئة في الشارع.
لكنه في المقابل يرى أن "هناك نوعا من توازن الضعف المتبادل" بين المعارضة والسلطة الحالية، موضحا أن المعارضة تعيش وضعا صعبا بسبب الاعتقالات والمحاكمات والتضييقات، لكن في الوقت ذاته "تعيش السلطة عزلة شعبية بسبب عجزها على تحسين الأوضاع المتردية وفشلها في تعبئة الشارع لدعم الرئيس سعيد".
إعلانويقول "بالنظر إلى توازن الضعف القائم حاليا بين المعارضة والسلطة يبدو الوضع أكثر تعقيدا وصعوبة على مستوى توقع مآل الوضع وتطوره في المستقبل".
ويشهد الوضع في تونس حالة من الجمود في ظل انسداد الأفق السياسي وتصاعد الأزمة بين الرئيس سعيد والمعارضة، مما يثير مخاوف بشأن مستقبل الاستقرار بالبلاد.
في المقابل، يرجع أنصار الرئيس سعيد تدهور الأوضاع في البلاد إلى ما يسمونها بالعشرية السوداء أي الحقبة التي حكمت فيها حركة النهضة مع أطراف سياسية أخرى في البلاد، معتبرين أن ملاحقة العديد من قيادات النهضة يأتي على خلفية محاسبتهم على تورطهم في قضايا تهدد الأمن القومي وفي قضايا إرهابية وتبييض أموال.