بعد انهيار الأسد.. هل تركز روسيا جهودها على أوكرانيا لتعويض الخسائر؟

شكّل سقوط الرئيس السوري بشار الأسد إذلالاً لداعمه الرئيسي، روسيا، حيث كشف حدود القوة العسكرية للكرملين ونفوذه على الساحة الدولية.

وكتب أناتولي كومانييف في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يعتبر خسارة حليفه الأقرب في الشرق الأوسط، الرئيس السوري بشار الأسد، مجرد نكسة مؤقتة في سعيه لتحقيق هدف جيوسياسي أكبر: الانتصار في أوكرانيا.

ورأى محللون عسكريون وسياسيون أن الفوز في الحرب الأوكرانية أصبح هدفاً محورياً لبوتين، حيث يبرر الخسائر البشرية والاقتصادية الضخمة التي خلّفها الصراع، ويعزز مكانة روسيا على الساحة الدولية، ويعوض عن الإخفاقات الاستراتيجية في مناطق أخرى، بما في ذلك سوريا. 

‘Putin will try to avenge Assad’s fall’ – Zelensky intimidates West to get more weapons pic.twitter.com/HfbIX7S4hK

— Ignorance, the root and stem of all evil (@ivan_8848) December 10, 2024

وكتب ألكسندر باونوف، المحلل السياسي في مركز كارنيغي لشؤون روسيا وأوراسيا، أن "رهان بوتين على الحرب في أوكرانيا مرتفع للغاية، بحيث إن النصر هناك سيمنح روسيا تعويضاً ذا أبعاد تاريخية: إما كل شيء أو لا شيء". وأضاف: "إذا كان بوتين يعتقد أن مصير العالم يتقرر في دونباس، فإن مستقبل سوريا يتقرر هناك أيضاً".

وعلى المدى القريب، بينما تحاول موسكو الحفاظ على قواعدها العسكرية في سوريا، قد يلجأ بوتين إلى تكثيف هجومه المكلف في أوكرانيا لاستعادة بعض الهيبة.

وقد طالب المعلقون الروس المؤيدون للحرب بوتين باتخاذ هذا النهج، كما دعوا إلى شروط سلام أكثر صرامة في أوكرانيا لتجنب وقف إطلاق نار غير حاسم، شبيه بالذي أدى إلى سقوط الأسد.

وعد إدارة ترامب

وفي كلا السيناريوهين، قد تتعقد وعود الإدارة المقبلة للرئيس المنتخب دونالد ترامب بإنهاء القتال في أوكرانيا بسرعة.

ومع انهيار نظام الأسد، انتقد ترامب روسيا لفشلها في إنقاذ حليفتها، داعياً بوتين إلى التوصل لاتفاق بشأن أوكرانيا دون توضيح ملامح هذا الاتفاق.

وكتب ترامب عبر منصته "تروث سوشال" الأحد: "روسيا في وضع ضعف الآن بسبب أوكرانيا والاقتصاد السيئ". وأضاف: "أعرف فلاديمير جيداً... هذا هو وقته للتحرك". 

Humbled in Syria, Putin Seeks Vindication in #Ukraine.

“The downfall of President Bashar al-Assad of #Syria has humiliated his main backer, #Russia, exposing the limits of the Kremlin’s military power and global influence.”https://t.co/b3fD4lPX7B

— Alex Guiden (@AlexGuiden) December 12, 2024

وأشار المحللون إلى أن إحدى السمات الأكثر اتساقاً في حكم بوتين المستمر منذ 25 عاماً هي تجنبه التصرف انطلاقاً من مواقف ضعف واضحة، ورفضه الخضوع للضغوط الخارجية.
ورغم ذلك، ظل وصف بوتين للنصر الروسي في أوكرانيا غامضاً.

ومع نهاية العام الماضي، تخلى الجيش الروسي عن محاولاته لشن هجمات كبرى تسعى لإسقاط الدولة الأوكرانية، وركز جهوده على شرق أوكرانيا، بينما ضغط على قوات كييف في مواقع متعددة وقصف المدن والبنية التحتية الحيوية.

محاولة لإرهاق أوكرانيا

فسر الخبراء العسكريون هذه الاستراتيجية كمحاولة لإرهاق الجيش الأوكراني والمجتمع، ودفع كييف إلى طاولة المفاوضات.

بعد رحيل الأسد.. روسيا تتواصل مع جماعة المعارضة - موقع 24نقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي قوله الخميس إن موسكو بدأت اتصالات مباشرة مع الإدارة السياسية بهيئة تحرير الشام المعارضة في سوريا.

وأكد بوتين أن أي اتفاق سلام يجب أن يضمن احتفاظ روسيا بالأراضي التي احتلتها، ويحفظ حياد أوكرانيا العسكري بمنعها من الانضمام إلى حلف الناتو، مع تقليص قدراتها العسكرية. وقال في منتدى عقد بجنوب روسيا الشهر الماضي: "يجب ألا نتحدث عن وقف إطلاق النار لمدة قصيرة، كي لا يستغلوا الوقت لإعادة الإمداد".

لكن الحكومة الأوكرانية رفضت مراراً شروط السلام التي تعني فقدان أراضيها أو التخلي عن مساعيها للانضمام إلى الناتو.
انتكاسة موسكو في سوريا

على المدى القريب، قد تؤدي انتكاسة روسيا في سوريا إلى تقليص فرصها في المساومة على اتفاق سلام في أوكرانيا. وأعرب المعلقون الروس المؤيدون للحرب عن حيرتهم وغضبهم حيال سقوط الأسد، مؤكدين أن فقدان الجنود الروس الذين دعموا الجيش السوري أصبح بلا جدوى. كما أن متطلبات الحرب في أوكرانيا قيدت قدرة روسيا على منع هذا الانهيار.

وصرح القومي الروسي المتطرف زاخار بريليبين الأحد: "سوريا هي كارثتنا".

وأعرب أوليغ تساريوف، النائب الأوكراني السابق الموالي لروسيا، عن رأيه قائلاً: "من الأفضل عدم ترك الصراعات مجمدة". وأوضح أن تجميد الصراعات يمنح العدو فرصة لاستغلال لحظات الضعف.

تحذير.. هل يتحقق كابوس إسرائيل في سوريا؟ - موقع 24ذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أن باحثين من معهد أبحاث "ألما" الإسرائيلي، حذرا من المخاطر التي قد تترتب عن انهيار نظام بشار الأسد في سوريا، وأشارا إلى احتمال مرتفع لتسرب الأسلحة الكيميائية، كما أكدا أن هناك حاجة ملحة لصد أي هجوم مفاجئ من قبل المسلحين السوريين.

وأكد تساريوف أن روسيا يجب أن تفرض على أوكرانيا قبول اتفاق سلام يضمن فقدانها للمناطق التي ضمتها روسيا، ويمنعها من السعي لعضوية الناتو. واعتبر أن "المناطق المتنازع عليها ستظل سبباً لصراع لا نهاية له".

وفي الوقت نفسه، دعا بعض المعلقين الروس الجيش إلى الرد على الإحراج في سوريا بزيادة شراسة عملياته في أوكرانيا.

المصدر: موقع 24