بين معاناة الاستغلال ونعيم الكرامة: عاملات مهاجرات في لبنان يعشن واقعين متناقضين
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
في لبنان، حيث تصطدم آمال المهاجرين بواقع مليء بالتحديا.. تعيش مئات العاملات المهاجرات من دول أفريقية وآسيوية واقعا يوصف بأنه مرير، تحت وطأة الاستغلال المهني، إلى جانب تبعات حرب مدمرة استمرت أكثر من عام. هذا الواقع دفع كثيرات منهن إلى السعي للعودة إلى أوطانهن بأي وسيلة ممكنة.
ووسط هذا الواقع، نجد "إيساتا باه"، العاملة المهاجرة من سيراليون، وهي تحتضن طفلتها الصغيرة "بليسينغ" في ملجأ مزدحم بضاحية الحازمية شرقي بيروت.
ووصلت باه إلى لبنان عام 2022 بعد أن وُعدت بوظيفة مستقرة في أحد المتاجر مقابل راتب شهري قدره 200 دولار. ولكنها، كحال كثيرات غيرها، وجدت نفسها تعمل خادمة منزلية في ظروف قاسية. وبعد شهر واحد فقط من وصولها، تلقت خبر وفاة ابنها الذي لا يتجاوز عمره ثلاث سنوات، في سيراليون.
وقد تدهورت أوضاعها أكثر عندما تعرضت للعنف الجنسي من قبل مجموعة من الرجال أثناء محاولتها الهروب من مكان عملها. وتضيف: "لقد كانوا يحتفلون وكأننا غنائم". ونتيجة لهذا الاعتداء، أصبحت باه حاملاً بطفلتها الحالية، بلسينغ، التي تراها اليوم مصدر الأمل الوحيد في حياتها.
ومع اشتداد الحرب بين حزب الله وإسرائيل، أصبحت حياة المهاجرات أكثر خطورة. ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، فقد قُتل ما لا يقل عن 37 عاملاً مهاجراً وأُصيب 150 آخرون بسبب القصف الإسرائيلي الذي طال بيروت وضواحيها.
تركت باه مقر إقامتها في الضاحية الجنوبية، وذهبت هي وطفلتها سيراً على الأقدام، في مسعى للنجاة من القصف العنيف.
وفي هذه الظروف، وجدت باه مأوى في مبنى مهجور في منطقة الحازمية شرقي بيروت، تم تحويله إلى ملجأ من قبل متطوعين ومنظمات إنسانية.
تقول ديا حاج شاهين، إحدى الناشطات المسؤولات عن الملجأ: "لقد استقبلنا أكثر من 200 امرأة من سيراليون، وكان علينا تأمين تصاريح خروج ومستندات سفر للأطفال المولودين هنا".
لكن التحديات لم تنتهِ عند هذا الحد. فما زال أكثر من 10,000 مهاجر ومهاجرة ينتظرون المساعدة للعودة إلى أوطانهم، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة، بينما تمكنت 400 عاملة فقط من العودة حتى الآن.
Relatedأيرلندا تصوت في انتخابات برلمانية حاسمة في ظل أزمة الإسكان والهجرةحزب الله دمّر 8 آلاف منزل في شمال إسرائيل.. ورئيس بلدية كريات شمونة يتوقع موجة هجرة جديدة بعد الحرب بن غفير: الظروف مناسبة لتشجيع سكان غزة على الهجرة ونتنياهو يبدي انفتاحاً إزاء ذلكوبالنسبة لإيساتا باه، ما زال الأمل قائماً. فهي ترجو أن تحصل قريباً على الوثائق اللازمة للسفر مع طفلتها، وتقول: "أريد العودة إلى وطني لمواصلة تعليمي. كنت دائماً أحلم بأن أكون طالبة في مجال علوم الحاسوب". تقول ذلك وهي تنظر إلى طفلتها الصغيرة، وتضيف: "الآن لدي سبب أقوى للنجاح".
ووسط هذا الواقع القاسي الذي تعيشه العديد من العاملات المهاجرات، هناك من حصلن على فرص أفضل، ويعشن في ظروف مريحة. وفقاً لتقرير صادر عن المنظمة الدولية للهجرة، تشير بعض الإحصائيات إلى أن هناك عاملات مهاجرات يعملن لدى أسر ميسورة الحال في بيروت، حيث يتمتعن برواتب مجزية تصل إلى 700 دولار شهريًا، بالإضافة إلى إجازات أسبوعية، وبيئة عمل تحترم حقوقهن الإنسانية. وتضيف التقارير أن بعض الخادمات يرسِـلـن الأموال لأسرهن في سيراليون بصفة منتظمة، ويحصل أطفالهن على تعليم جيد، ومنهن من يفضلن الادخار، من أجل بدء مشاريع صغيرة عند عودتهن إلى بلادهن.
هذا التباين الكبير في مصير العاملات المهاجرات يسلط الضوء على تفاوت الفرص والظروف التي يواجهنها في لبنان، بين من يعشن في كنف الاستغلال والمعاناة، ومن يتمتعن بحياة كريمة مليئة بالأمل والاستقرار.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية بسبب النقص في اليد العاملة.. ألمانيا تفتح أبوابها للأجانب شاهد | اليابان تواجه مشكلة نقص اليد العاملة وشيخوخة المجتمع بالروبوتات أستراليا تقرر زيادة عدد المهاجرين الدائمين بأكثر من 5 مرات لمواجهة نقص اليد العاملة حقوق العمالالهجرةلبنانأمنالمصدر: euronews
كلمات دلالية: سوريا بشار الأسد إسرائيل هيئة تحرير الشام قطاع غزة ضحايا سوريا بشار الأسد إسرائيل هيئة تحرير الشام قطاع غزة ضحايا حقوق العمال الهجرة لبنان أمن سوريا بشار الأسد إسرائيل هيئة تحرير الشام قطاع غزة ضحايا صربيا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بنيامين نتنياهو طالب احتجاجات الصحة یعرض الآن Next من سیرالیون فی لبنان أکثر من
إقرأ أيضاً:
بيروت تتسلم عسكريا من الجيش اللبناني اختطفه الاحتلال.. الخامس خلال أيام
أعلن الجيش اللبناني، الخميس، عن تسلمه عسكريا من قواته اختطفه جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان الأحد الماضي، وذلك بعد إفراج الاحتلال عن 4 أسرى لبنانيين آخرين قبل 3 أيام.
وقال الجيش اللبناني، في بيان، بتاريخ 2025/3/13 (الخميس) تسلم الجيش عبر الصليب الأحمر الدولي، العسكري الذي اختطفه العدو الإسرائيلي بتاريخ 2025/3/9، ونُقل إلى أحد المستشفيات للمعالجة".
من جهته، أوضحت قناة "إل بي سي" اللبنانية أن دولة الاحتلال الإسرائيلي أفرجت عن العسكري زياد شبلي عند معبر الناقورة الحدودي.
ويعد شبلي الذي توجه إلى أحد المستشفيات لاستكمال علاجه إثر إصابته برصاصة إسرائيلية الأسير اللبناني الخامس الذي تفرج عنه دولة الاحتلال خلال ثلاثة أيام، بعد أن أفرجت عن 4 أسرى آخرين الثلاثاء الماضي، حسب وكالة الأناضول.
والثلاثاء، أشارت الرئاسة اللبنانية إلى أن الإفراج عن هؤلاء الأسرى جاء "نتيجة مفاوضات أجرتها لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية في الجنوب" بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي.
في المقابل، زعم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن إطلاق سراح اللبنانيين الخمسة "بادرة حسن نية" تجاه الرئيس الجديد جوزيف عون.
وأعلن بيان صادر عن مكتب نتنياهو، الاتفاق على بدء مفاوضات مع بيروت، عبر تشكيل ثلاث مجموعات عمل مشتركة مع لبنان وفرنسا والولايات المتحدة، مشيرا إلى أن هذه المجموعات ستناقش قضايا تتعلق بترسيم الحدود البرية، والمواقع الخمس التي تحتلها إسرائيل منذ الحرب الأخيرة، إضافة إلى ملف الأسرى اللبنانيين.
يشار إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي بدأت في الثامن من تشرين الأول /أكتوبر عام 2023، عدوان على لبنان تحول إلى حرب واسعة في أواخر شهر أيلول /سبتمبر عام 2024.
وأسفر العدوان الوحشي عن استشهاد 4 آلاف و115 شخصا وإصابة و16 ألفا و909 آخرين بجروح، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.
ومنذ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني /نوفمبر 2024 ارتكبت دولة الاحتلال الإسرائيلي أكثر من ألف انتهاك له، ما أسفر عن 86 شهيدا و285 جريحا على الأقل، وفقا لوكالة الأناضول.
وتنصل الاحتلال من استكمال انسحابها من جنوب لبنان في شباط /فبراير الماضي، خلافا للاتفاق، إذ نفذ انسحابا جزئيا ويواصل احتلال 5 مواقع لبنانية رئيسية.