أحمد الشرع «الجولاني سابقاً».. والأسئلة المشروعة
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
في تصريحات له، أكد أبو محمد الجولاني، أو أحمد الشرع، زعيم (هيئة تحرير الشام)، أن المعارضة السورية لم تتلقَّ أي دعم دولي في معركتها ضد نظام الرئيس الأسبق بشار الأسد، مشيراً في ذات التصريحات إلى أن المعارضة لم يشجعها أحد على خوض المعركة ضد النظام، ولفت إلى أن كافة الأسلحة التي استخدمتها في القتال هي تصنيع محلي!.
الجولاني، كما كتبت في السابق وكما كتب غيري، رجل بدأ في صفوف تنظيمات مسلحة، كان العالم لفترة قريبة يصنفها إرهابية، واستطاع بـ(خفة) تضاهي (خفة يد) السحرة أن يتنقل من تنظيم إلى تنظيم، وأن يتحول من شكل إلى شكل، حتى وصل إلى مكانته الحالية، التي جعلت من بعض الدول والمؤسسات والهيئات العالمية تتعامل معه باعتباره قائد المعارضة السورية.
وقع تصريحات الجولاني بأن ما استخدمته الفصائل في معركتها ضد النظام هو تصنيع محلي يثير الكثير من الأسئلة، بل يجعلنا نشكك تماماً في تلك الرواية، وفي روايات أخرى للجولاني، سواء نُفذت على الأرض، أو يَعِد بتنفيذها في المستقبل.
التقرير المنشور في فايننشال تايمز، منذ أيام، أكد أن (هيئة تحرير الشام) كانت تتفاخر في معقلها بمحافظة إدلب بامتلاكها قيادة مركزية ووحدات متخصصة سريعة الانتشار، تشمل مشاة ومدفعية وقوات للعمليات الخاصة ودبابات، كما كانت تفتخر بقيامها بتصنيع أسلحة محلية مثل الطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة، وهو ما قاله الجولاني.
ويشير التقرير إلى أن هذه القدرات الكبيرة ظهرت في الفترة الأخيرة، خصوصاً في غارتها الجريئة عبر شمال سوريا، والتي تركت المراقبين والمتابعين متعجبين من قوة وشراسة العتاد والتسليح.
أحد خبراء مؤسسة واشنطن للأبحاث، وهو آرون زيلين، قال إن تلك الفصائل، وفي مقدمتها هيئة تحرير الشام، تحولت على مدى السنوات الأربع أو الخمس الماضية فقط إلى قوة تشبه الجيش، المصقول بعدة وعتاد، إذ كان الحصول على الأسلحة الأساسية سهلاً نسبيّاً بالنسبة لـ(هيئة تحرير الشام)، بعد أن تم إغراق سوريا بالأسلحة منذ عام ٢٠١١، عندما غمر عدد من الدول، بدعم من الولايات المتحدة، البلاد بالأسلحة للمساعدة في دعم المتمردين في الحرب الأهلية ضد الحكومة السورية. إذن هناك مَن دعم تلك القوات بالأسلحة، أو حتى بالمعرفة.
والمدهش أيضاً أن مصادر مطلعة على النشاطات العسكرية الأوكرانية خارج كييف أكدت لصحيفة واشنطن بوست أن أوكرانيا، التي تحارب ضد روسيا، دعمت المعارضة السورية بمسيرات ومساعدات من عملاء استخبارات أوكرانيين سعوا إلى تقويض روسيا وحلفائها في منطقة الشرق الأوسط!.
ووفق ذات المصادر، فإن أوكرانيا أرسلت نحو 20 خبيراً في تشغيل المسيرات، ونحو 150 مسيرة إلى معقل فصائل المعارضة السورية في إدلب، قبل 4 إلى 5 أسابيع، لمساعدة (هيئة تحرير الشام).
وبالتالي، فإن كلام الجولاني ليس حقيقياً، ويثير الكثير من الشكوك حول مصداقيته، التي إن مرت في مسألة العتاد والأسلحة، فإنها لن تمر فيما هو قادم. كل شىء محل اختبار كبير.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد الجولاني المعارضة السوریة هیئة تحریر الشام
إقرأ أيضاً:
الرياض تحتضن دمشق..
أمل عبد العزيز الهزاني*
وسائل الإعلام نقلت صور استقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للرئيس السوري الجديد أحمد الشرع. كان استقبالاً دافئاً، يعكس رسالة مؤداها أن السعودية تعترف وتتفق وتؤيد وتدعم سوريا في هذه المرحلة الحرجة التي يقودها أحمد الشرع.
أخبار قد تهمك منظمة التحرير الفلسطينية : موقف السعودية تجاه فلسطين راسخ وواحد في السر والعلن 9 فبراير 2025 - 7:47 مساءً الكويت تدين تصريحات رئيس وزراء قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد السعودية 9 فبراير 2025 - 10:46 صباحًاوالكل يسأل: ماذا يريد كل طرف من الآخر؟ ولماذا اختار الرئيس السوري الجديد الرياض لتكون قبلته الأولى؟
قبل أي تفصيل، السعودية لديها ميزة قد تكون ندرت خلال عقدين من الزمن هبت فيهما رياح الصراعات في المنطقة، كانت فيها كل دولة تذود عن مصالحها، وبعضها أدخلنا في دوامة من الصراعات الدموية المروعة. الرياض ببساطة لا تملك أجندات آيديولوجية ولا سياسية تجاه سوريا. تاهت هذه الميزة من دول كثيرة نتيجة الصراعات والاستقطابات والسلاح المتفلّت، وانكشفت أجندات قومية ودينية ومذهبية أشاعت جواً من الضباب تجاه المواقف التي اتخذتها بعض الدول، بما فيها أوروبا والولايات المتحدة وروسيا تجاه سوريا. الرئيس الشرع يدرك أن الرياض تملك نفس أهدافه؛ أن تمر سوريا في هذه المرحلة بسلام، بأقل الأضرار، وبأكبر التحولات الصحيحة. الذي يؤكد طرحي، أن السعودية تاريخياً كانت مع السوريين منذ الانتداب الفرنسي، كانت داعمة سياسياً ومالياً للكتلة الوطنية السورية التي أرادت التحرر من الاستعمار. وكان الملك عبد العزيز، رحمه الله، ومنذ ذلك الحين، يؤكد ألا أطماع له في سوريا، وأن سوريا للسوريين وحدهم، وكان يوصيهم بالتلاحم والتضامن.
بعد الاستقلال ظلت يد السعودية على كتف سوريا، في مراحل تاريخية مملوءة بالأحداث والحروب والصراعات السياسية. تشكل كيان «الجمهورية العربية المتحدة» جامعاً مصر وسوريا، من جانب الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر وبدافع من حزب البعث السوري، وهي الوحدة التي لم يُرَ فيها سوى مزيد من التشرذم العربي، مع وجود حلف بغداد الذي برر عبد الناصر تأسيس الدولة الجديدة لمواجهته. السعودية احتفظت بموقفها الجيد مع طرفي الحكم في الدولة الجديدة؛ الرئيس عبد الناصر وشكري القوتلي، حتى تهاوت الوحدة بعد ثلاث سنوات فقط بانقلاب، وبعد أن حل عبد الناصر الأحزاب السياسية السورية وبدأ حركة التأميم. استمرت العلاقة السعودية – السورية تقاوم المزيد من الأمواج المرتفعة من النزاعات، وتدخلت الرياض، نهايات السبعينات ممثلة بالملك عبد الله بن عبد العزيز، الأمير حينها، لوقف حرب وشيكة بين البعثيين؛ العراق وسوريا، حين اتهم صدام حسين، الرئيس حافظ الأسد بالقيام بمؤامرة تطيح حكمَ العراق. وعندما ثارت الحرب العراقية – الإيرانية ووقف حافظ الأسد إلى جانب إيران، لم تتخذ السعودية موقفاً معادياً للأسد، كانت ديمومة العلاقة مع سوريا مهمة بالنسبة للسعوديين حتى في أحلك الظروف.
فعلياً، لم تتغير هذه القاعدة إلا مع بشار الأسد، الذي أوغل بعيداً في العداء المباشر للمملكة بكل السبل، وكان ذاك السيل من أنواع المخدرات تجاه السعودية، إذ أقيم خط تصنيع كامل للمخدرات لاستهداف المملكة وإغراقها في هذا الوحل، بسبب موقفها المناهض لسياسته الفاشية ضد السوريين. ويا للدهشة، أن السعودية في آخر سنة لبشار الأسد، حاولت رأب الصدع معه، بإعادة العلاقات، وفتح السفارات، مع اشتراطات من ضمنها إخراج الأجانب من سوريا، ودعوة اللاجئين السوريين للعودة، ووقف ضخ المخدرات تجاه المملكة. وافق الأسد، وأعطى وعوده، وفُتحت السفارة السعودية في دمشق في سبتمبر (أيلول) 2024، واستقبلته الرياض في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه، بصفته رئيساً لسوريا في القمة العربية والإسلامية غير العادية التي عُقدت في الرياض.
شعرة معاوية التي ظلت تحكم العلاقة بين السعودية وسوريا لم تنقطع، لأن السعودية لم ترد لها ذلك.
هذا الموجز التاريخي هو أحد أهم الأسباب التي جعلت من الرياض الخيار الأول لزيارة أحمد الشرع؛ السعودية لا تملك أجندات، ولا تطمح للسيادة على أراضي الغير، أو معتقداتهم، أو تأسيس أحزاب وفصائل، أو الدفع بهذا الاتجاه. أعلى اهتمامات المملكة في هذه المرحلة من عمر الدولة السورية الجديدة هو الأمن، الأمن سبب ونتيجة، سبب للاستقرار والرخاء، ونتيجة لهما. والحقيقة أنه العامل الأصعب، لأن سوريا لم تخلُ حتى اليوم من المرتزقة، وفلول النظام القديم، وبقايا الفصائل المسلحة سواء السنية أو الشيعية، وكل هؤلاء سيشكلون تحدياً أمنياً للرئيس الجديد. كلما كانت سوريا آمنة، ارتفعت فرص التغيير الإيجابي والجنوح تجاه الحياة الطبيعية، حتى مع كل العراقيل الاقتصادية التي تأتي في آخر قائمة ما يقلق السعودية. الرئيس أحمد الشرع، فطين، حاد الذكاء، مدرك لواقع المرحلة وتوازن القوى، والسعودية بالنسبة إليه قوة سياسية بأبعاد متعددة؛ دبلوماسيتها العالية مع الدول الغربية التي يحتاج إلى اعتراف منها بشرعيته أولاً، ثم رفع العقوبات عن بلده، ودبلوماسيتها كذلك من خلال منع تدخل بعض الدول الطامحة لأن يكون لها تأثير في المستقبل السوري أو تغيير موازين القوى الحزبية في الداخل.
حفاوة استقبال الأمير محمد بن سلمان للرئيس أحمد الشرع وجّهت رسالة واضحة بأن سوريا الوليدة في مرحلتها الحرجة هذه، هي محط عناية ورعاية واهتمام من حكومة المملكة.
سيعود البناء إلى سوريا، ستعود الكهرباء والغاز ومواد البناء وكل ما تقوم عليه الحياة، لكن إذا، وإذا فقط، استطاع الشرع أولاً معالجة ما يهدد سيادة بلاده.
*كاتبة سياسية وأكاديمية سعودية.
نقلاً عن: aawsat.com