كتب ابراهيم بيرم في "النهار": ثلاث مهمات محورية وضعها "حزب الله " في رأس جدول أعماله في مرحلة ما بعد وقف المواجهات مع الإسرائيليين، ونذر نفسه لها تماما، بل إنه يعدها تحديات عليه أن يترك الآن ما عداها ويوطن نفسه ويبذل جهوده لمواجهتها.

وفي الأولويات تأتي مهمة إقناع الحزب جمهوره وبيئته واستطرادا من يعنيهم الأمر في الداخل والخارج بأنه لم يغادر الميدان واستتباعا لم يستنزف كل قواه وما زال قويا كفاية ليبقى في صلب المعادلة الداخلية.


وعليه، يركز المتكلمون باسم الحزب على مسألة أساسية هي نفي صفة "الهزيمة" عنه من خلال القول إن مجرد صمود المقاومة هو انتصار محقق".

وفي هذا السياق يقول نائب الحزب عن صور حسن عزالدين في اتصال لـ "النهار" إن "نفس بقاء المقاومة نعتبره نصرا ومصدر اعتزاز لنا، ولاسيما إذا ما استرجعنا تهديدات قادة الاحتلال ووعيدهم الدائم طوال أكثر من عام بسحق المقاومة واجتثاثها ورفض التفاوض معها بأي طريقة، لكن هؤلاء أنفسهم ما لبثوا أن تراجعوا عن هذا الشعار ورفعوا بديلا منه شعار نزع سلاح المقاومة" وتقويض بنيتها العسكرية، لكنهم سرعان ما تخلوا عن هذا المطلب وقبلوا باتفاق وقف النار والعودة إلى القرار 1701 من دون تغيير. أما المهمة الثانية التي يتنكبها الحزب فتقوم على:إطلاق تبريرات وتفسيرات حول تملص إسرائيل من التزام مضامين الاتفاق المبرم على أساس الورقة الأميركية ومضيها قدما في أعمال القتل والاغتيال ونسف البيوت ومنع الأهالي من العودة إلى منازلهم في أكثر من 60 بلدة حدودية.

التأكيد أن تطبيق الاتفاق في قابل الأيام لا يعني أن ثمة أمرا واقعا جديدا سيفرض على الحزب والجنوب بجزأيه جنوب الليطاني وشماله، بحيث يفضي إلى إنهاء أي وجود عسكري للحزب فيالجزء الجنوبي حيث هناك ثلاث عيون راصدة هي لجنة الإشراف التي يرأسها ضابط أميركي، إلى الجيش اللبناني المعزز والقوة الدولية (اليونيفيل).

لذا فإن الحزب بات في موازاة التسليم بالواقع الجديد في منطقة جنوب النهر على أن يعتبر أن شمال الليطاني هو واقع آخر مختلف لا يخضع لما يخضع له الوضع جنوبه.

وفي هذا السياق يقول عزالدين: "إن اتفاق وقف النار وضع كمسار لوقف العدوان، ونحن نلتزمه أخلاقيا ووطنيا". وهذا يعني في رأي عزالدين "أن المقاومة تؤكد أيضا أنها ترفض فرض وقائع جديدة على الأرض، وتصبر، لكن لصبرها حدودا".

أما المهة الثالثة التي تكتسب صفة العجلة عند الحزب فهي إزالة آثار الحرب. وتحت هذا العنوان يؤكد عزالدين "أن الحزب بدأ يضع خطته لملاقاة هذه المرحلة فيما كانت المواجهات في ذروتها، يقينا منه أن العدو بوحشيته تلك يريد إنهاك بيئة المقاومة وجعلها ترتد على الحزب لذا بمجرد أن صمتت المدافع كانت اللجان والفرق العاملة في "مشروع التعافي من آثار العدوان" تباشر مهمة مسح الأضرار في كل المناطق التي طالها العدوان. وبحسب معطياتنا، فإن هذه الفرق الخبيرة قد أنجزت ما يزيد على 80 في المئة مما هي مكلفة القيام به ما خلا البلدات الحدودية التي منع العدو سكانها من العودة إليها، وسيتم في القريب العاجل الشروع في إجراءات التعويض وفق آلية دقيقة وعلمية".

ولا ينكر أن "ثمة تحديا آخر يواجه الحزب هو إزالة الركام والأنقاض خصوصا في الضاحية لجهة مكان رميها. ويجدد عزالدين التزام الحزب شعار إعادة إعمار ما هدمته العدوانية الإسرائيلية في وقت قياسي.
كأن الحزب يبين بذلك أن مسألة العودة إلى المواجهات قد انتفت وأنه بات أمام مهمات أخرى....
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: العودة إلى

إقرأ أيضاً:

ماذا لو قرر حزب الله التصديق على خطاب خصومه؟


بعد تشكيل الحكومة الجديدة، بات حضور "حزب الله" فيها واقعاً لا يُنكر، بل كرس فكرة انه جزء من المعادلة السياسية التي تُدار بها الدولة في المرحلة المقبلة، وبالرغم من خطاب خصومه الذين يتّهمونه بالهيمنة على القرار السياسي، لكن بعيدا عن الواقع الحكومي الحالي، ماذا لو قرر الحزب الانسلاخ ظاهرياً من صفة "الشريك في الحكم"، والتحوّل إلى قوة ضاغطة من خارج السلطة، تماماً كما يروّج خصومه؟ يمعنى ماذا لو قرر الحزب رغم حضوره في الحكومة، التعامل كما انه ليس موجودا فيها. اوليس هذا ما يروج له خصومه على اعتبار انهم انتصروا عليه؟ 

في حال اختار "حزب الله" التعامل مع الحكومة بإعتباره خارجها، سيكون أوّل مستفيد من أي فشل تُسجّله السلطة في معالجة الأزمات المتفاقمة. فبعد سنواتٍ من اتهام الحزب بأنه "عقبة" أمام تشكيل الحكومات واتخاذ القرارات، سيتمكّن من تحويل هذه السردية إلى ورقة ضغط لفضح خصومه المباشرين، وعلى رأسهم "القوات اللبنانية" وقوى سياسية تُوصف بأنها ممثلة لـ"الثورة". فالفشل في تحقيق الاستقرار الاقتصادي أو إصلاح القطاعات المنتجة، سيكون دليلاً يُقدّمه الحزب لإثبات أن المشكلة ليست في وجوده داخل السلطة، بل في عجز الخصوم عن إدارة الدولة حتى مع تفريغها من نفوذه.

 مصادر مطلعة تشير إلى أن هذا التوجّه قد يترافق مع حملة إعلامية موسّعة لتبرئة ساحة الحزب من تهمة التعطيل، لا سيّما في ظلّ عودة الحديث عن ان الحزب انتهى ولم يعد قادرا على المواجهة والتعطيل.

كذلك، سيوظّف الحزب فشل الحكومة في التعامل مع التهديدات الإسرائيلية في جنوب لبنان كأداة لإثبات أن "سلاح الدولة" غير قادر على حماية الحدود، وأن المشروع الذي تتبنّاه القوى الموالية للغرب – والمتمثّل بحصر السلاح بيد الجيش – هو مشروع وهمي في مواجهة عدوانٍ يستهدف لبنان منذ عقود. هنا، سيعود الحزب إلى خطابه التقليدي الذي يربط بين المقاومة وعجز الدولة، مع إلقاء المسؤولية على الحكومة التي توصف بأنها "تابعة لواشنطن"، والتي لم تحقّق أي تقدّم في ملفّ التحرير أو التصدّي للاحتلال، بحسب تعبير المصادر نفسها. 

حتى ان الحزب سيضع فكرة إعادة إعمار ما دمّره العدوان الإسرائيلي – خاصة في القرى الجنوبية – في عهدة الدولة و"رعاتها الإقليميين"، في إشارة إلى الدول الخليجية التي تعهّدت بدعم لبنان شرط إبعاد الحزب عن السلطة. بهذه الخطوة، سيتخلّص الحزب من عبء التعويض على المتضرّرين، وفي حال عجزت الحكومة عن اعادة الاعمار سيصبح الحزب المنقذ مجددا. بل سيعيد توجيه سخط الشارع نحو السلطة التي تلقّت وعوداً بالتمويل ولم تُحقق شيئاً، بينما سيبدو الحزب كـ"حامي الجنوب" الذي أنجز واجبه بالتصدّي للعدو، تاركاً ملفّ التعويضات للجهات التي ربطت الدعم بالإملاءات السياسية.

الأهمّ في هذه الاستراتيجية هو تحوّل الحزب نحو خطاب إصلاحي صريح، ينتقد الفساد المالي والإداري، ويربط بين انهيار الدولة وهيمنة النخبة التقليدية التي تحالفت مع الغرب. هذا التحوّل سيكون مغرياً على المستوى الانتخابي. 

فبينما سيُظهر الحزب نفسه كقوة تغييرية قادرة على كسر تحالفات المحاصصة، سيجد خصومه أنفسهم في موضع المدافع عن سلطة فاشلة، وهو ما قد يقلب المعادلات في أي استحقاقٍ قادم، إذ أن الناخب اللبناني يميل إلى معاقبة من يتحمّلون المسؤولية.

في الخلاصة، قد لا يكون خروج حزب الله الظاهري من السلطة سوى مسرحية سياسية تُعيد إنتاج نفوذه عبر أدواتٍ أكثر دهاءً. فالحزب، وخلال تجاربه السابقة، أظهر مرونة في تحويل التحديات إلى فرص، سواء عبر استغلال التناقضات الدولية أو تفكيك سرديات الخصوم. لكن هذه المرة، يبدو أن اللعبة تتطلّب شيئاً من "التواضع المزيف"، حيث يترك الحزب أعداءه يغرقون في مستنقع السلطة، بينما يعدّ نفسه لمعركة الشرعية الأهم: معركة أن يكون الحلَّ بدل أن يُتّهم بأنه المشكلة.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • رقصة حزب الله الأخيرة
  • هل من صام الأيام البيض في شعبان كأنه صام الدهر كله؟.. داعية إسلامي يجيب
  • FT: هكذا يحاول حزب الله تعزيز سلطته بعدما ضعُف بفعل الحرب
  • شايب يؤكد على العناية السامية التي يوليها رئيس الجمهورية للعنصر الشبابي
  • حكم الهبة للزوجة مدة حياتها ثم العودة إلى الواهب بعد ذلك
  • حزب الله المحاصر.. كيف يواجه؟
  • تحدّيات تنتظر حزب الله بعد تشكيل الحكومة
  • حسن عزالدين: هذا الوطن جزء لا يتجزأ من هويتنا وتاريخنا وانتمائنا
  • ماذا لو قرر حزب الله التصديق على خطاب خصومه؟
  • هذا ما طلبه حزب الله من مناصريه