تحديد موعد الانتخاب لم يحمل حلّاً
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
كتبت روزانا بو منصف في" النهار": يجري التداول بلائحة من خمسة مرشحين للرئاسة يتردّد أن الخارج المؤثر ولا سيما فرنسا عبر الزيارة الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمملكة العربية السعودية، تدفع في اتجاهها على رغم أن الأزمة السياسية الداخلية في فرنسا أثارت تساؤلات عن الزخم الذي تستمر فرنسا في اعتماده في ظلّ الصعوبات الداخلية التي يواجهها ماكرون وما إن كان ذلك يمكن أن ينجح أم لا، علماً بأن ثمة معطيات تفيد على نحو مسبق بعدم الرغبة في إتاحة المجال أمام فرنسا لكي تكون لها اليد العليا في انتخاب المرشح الرئاسي الذي تسهم في تزكيته خصوصاً أنها تعمل على خط تزكية اسم رئيس الحكومة العتيد في الوقت نفسه.
وهذا يحصل في الكواليس ولو أنه لا يجري تداوله علناً، فيما ينقل مطلعون عن رئيس مجلس النواب نبيه بري لائحة من ثلاثة أسماء يعتقد سياسيون كثر أنه سينجح في تمرير أحدهم بناءً على اعتبارين، الأول حيازته تأييداً من سفراء دول الخماسية الذين ارتاحوا لطمأنتهم بجلسة حاسمة في 9 كانون الثاني فيضمن فيها 65 صوتاً لمرشحه، فيما الخارج تعب من لبنان. والأمر الآخر أن من غير المقبول أن يتم القبول بمرشح يظهر فيه أن الثنائي الشيعي خسر بقوة على كلّ الجبهات. ومن هذه الزاوية تثار إطاحة الثنائي لاحتمال انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون فيما الذريعة أن إحدى القوى المسيحية الممثلة بالتيار الوطني الحر ترفض انتخاب الأخير وفق ما أعلنت، كما تطيير احتمال انتخاب الوزير السابق جهاد أزعور على رغم أنه من الذين يملكون علاقات دولية واسعة تساعد لبنان فضلاً عن خلفيته الاقتصادية.
وهناك مقدار كبير من التشاطر على خلفية الحؤول دون تغيير المعادلات الداخلية بانتخاب الرئيس العتيد وإبقاء القديم على قدمه، ومحاولة إقناع الخارج بأن هذا ما يصلح للبنان بحكم الاعتبارات السياسية وتوازنات الطوائف.
المأساة التي يواجهها لبنان راهناً أن زلزالين كبيرين حصلا في أقل من شهر بين اتفاق وقف النار الذي سلّم فيه الثنائي الشيعي بما لم يكن ممكناً تخيّله في أيّ وقت سابق وقد يئس اللبنانيون من إمكان إنهاء هيمنة سلاح "حزب الله" وسيطرته على القرار الداخلي على غير ما كانت الحال بالنسبة إلى السيطرة السورية باعتباره فريقاً داخلياً لا يمكن إزالته كما حصل بالنسبة إلى انسحاب القوات السورية من لبنان، فيما التطورات الأخيرة التي حصلت بفعل دخول الحزب الحرب مساندة لغزة قد أتاحت الوصول إلى واقع جديد مختلف كلياً ولو أن ثمة مكابرة في الاعتراف بتداعياته.
لم يحصل اجتماع واحد يشير إلى وعي خطورة التطورات ولا بدا أن هناك مراجعة أو مقاربة مختلفة عمّا سبق هذين الزلزالين إن على صعيد طبيعة المداولات حول الرئاسة أو حول هوية المرشحين الذين، على رغم الاحترام لكل شخص منهم، فإن بازار التداول بأسمائهم لا يبدو أنه حول إنقاذ لبنان أو حول أهمية شخصية الرئيس في المرحلة المقبلة بمقدار ما هو حول مراعاة عدم ظهور طرف بموقع الخاسر في مقابل الآخر الرابح والاستمرار في الهيمنة بمعنى اقتطاع أو ضمان أكبر حصة لكل طرف في الرئيس العتيد الذي سيكون مطلوباً منه المحافظة على الواقع كما هو، كأنما لا درس يمكن أن يتعظ به أحد من دروس المنطقة ولا همّ سوى المصالح الشخصية أو السياسية المباشرة.
لم يحمل تحديد موعد انتخاب رئيس للجمهورية حلاً حول هوية الرئيس العتيد. والآمال ضعيفة باختيار من يمكنه إنهاض لبنان وقيادته في مرحلة التحولات الإقليمية أقله وفق المعطيات الراهنة.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
هكذا انتقل نواب من دعم فرنجيّة إلى انتخاب جوزاف عون
تسارعت في الأيّام الماضية التي سبقت موعد جلسة 9 كانون الثاني، الحركة الديبلوماسيّة العربيّة والغربيّة، مع قدوم الموفد السعوديّ إلى لبنان الأمير يزيد بن فرحان، إضافة إلى الزيارة التي قام بها كلّ من الموفدين الفرنسيّ جان إيف لودريان والأميركيّ آموس هوكشتاين، لحثّ اللبنانيين على انتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون. واللافت أنّه كان هناك عددٌ كبير من النواب الذين أيّدوا سليمان فرنجيّة في 12 جلسة إنتخاب، قرّروا الإقتراع لقائد الجيش حتّى قبل سحب رئيس تيّار "المردة" لترشيحه، في دلالة واضحة على أنّ هناك تطوّرات كثيرة ساهمت في تبديل آرائهم، وليس فقط الحركة الديبلوماسيّة من دفعت أغلبيّة الكتل النيابيّة لدعم جوزاف عون. فالمنطقة شهدت أحداثا متسارعة عديدة، بدأت في انتهاء الحرب بين "حزب الله" والعدوّ الإسرائيليّ، وسبقها إستشهاد السيّد حسن نصرالله الذي كان أعلن باسم "الحزب" عن ترشيح سليمان فرنجيّة. وبحسب مصادر نيابيّة، أدّت نتائج الحرب الإسرائيليّة الأخيرة على لبنان إلى تراجع قوّة "المقاومة" بشكل لافت، الأمر الذي أثّر على الإستحقاق الرئاسيّ وعلى حظوظ فرنجيّة. وأضافت المصادر: أنّ الخارج كما العديد في الداخل يُريدون من خلال انتخاب جوزاف عون تطبيق القرارات الدوليّة وفي مُقدّمتها الـ1701 وتعزيز دور الجيش على الحدود الجنوبيّة، لإعادة الهدوء إلى مناطق جنوب نهر الليطاني، وسحب كلّ سلاح غير شرعيّ يُؤدّي إلى تدهور الوضع الأمنيّ هناك من جديد. وأشارت المصادر النيابيّة عينها إلى أنّ هدف انتخاب عون كان إطلاق يدّ الجيش كيّ يكون وحده حامياً للبنانيين ومُدافعاً عن سيادة البلاد، وتطبيق الطائف من خلال خفض نفوذ الفصائل المسلّحة، وعلى رأسها "حزب الله" والحركات الفلسطينيّة، وإعادة قرار الحرب والسلم إلى الدولة. وأيضاً، بدّل نوابٌ كانوا حلفاء ومقرّبين جدّاً من سوريا من توجّهم الرئاسيّ، بعد سقوط نظام بشار الأسد في دمشق، وسيطرة "هيئة تحرير الشام" على السلطة. وقد أثّر هذا الواقع الجديد على حظوظ فرنجيّة، وعزّز موقف المُعارضة المُطالبة بإيصال رئيسٍ توافقيّ وسطيّ وسياديّ في الوقت عينه، يتمثل بجوزاف عون. ومن المؤشّرات الأخرى التي لعبت دوراً في عدم انتخاب رئيس "المردة"، إنسحاب إيران و"حزب الله" من سوريا، وتراجع نفوذ طهران في المنطقة لصالح الولايات المتّحدة الأميركيّة، إضافة إلى وصول دونالد ترامب إلى سدّة الرئاسة، وما يُمكن أنّ يحصل من تسويّة في غزة على حساب "حماس"، لإنهاء النزاع الذي استمرّ طويلاً هناك. ويُمكن القول إنّ كلّ هذه الأحداث أثّرت كثيراً على "حزب الله" وحلفائه في لبنان، ليس فقط عسكريّاً وإنّما سياسيّاً، فـ"الحزب" كان يُعوّل على فوز "محور المقاومة" في الحرب ضدّ إسرائيل، على الرغم من أنّه صمد في الجنوب ومنعها من التوغّل داخل العمق اللبنانيّ، لإيصال فرنجيّة إلى بعبدا، لكنّه تلقى ضربات قويّة بدأت باغتيال نصرالله وأبرز قادته، وانتهت بسقوط الأسد وانكفاء إيران في اليمن والعراق، ورسم ملامح وتحالفات جديدة في منطقة الشرق الأوسط. وساهمت كلّ هذه العوامل في انتخاب أغلبيّة النواب لجوزاف عون، كونه شخصيّة وسطيّة غير سياسيّة، وفي الوقت عينه يُعتبر سياديّاً لأنّه قادم من المؤسسة العسكريّة، وهو آتٍ لتطبيق القرار 1701 وتقوية الجيش، وهذه المواضيع تُطالب بها المُعارضة السياديّة، ورضخ لها نواب آخرون من 8 آذار، بعد تبدل المشهد في منطقة الشرق الأوسط.المصدر: خاص "لبنان 24"