كتبت لوسي بارسخيان في" نداء الوطن": بدك دولة قوية"؟ "بدك استقلال حقيقي"؟ آلاف المتطوعين الجدد سينضمون إلى صفوف الجيش اللبناني... كنّ واحداً منهم. إذا كنت شابا مسيحياً بين 18 و28 سنة، أعزب، متزوج أو مطلّق، لكن من دون أولاد، لست سكيراً، لا تتعاطى المخدرات، ولا تلعب الميسر، فأنت المقصود من هذه الحملة التي أطلقتها مؤسسة "لابورا" وتتزامن مع إقرار الحكومة لخطة تعزيز انتشار الجيش في الجنوب اللبناني، وبالتالي فرض سيادة الشرعية على مختلف الأراضي اللبنانية، انطلاقاً من خطوط المواجهة المباشرة مع إسرائيل، وتطبيقاً للقرار 1701 المشترط لوقف عدوانها الأخير على لبنان.



يجب أن تحقق الحملة "كل الفرق"، في تحفيز الشباب المسيحي على التطوّع في دورة ستشمل تطويع 1500 عنصر، من ضمن أسس تحقيق التوازن الطائفي. على أن يصل الرقم لاحقاً إلى ستة آلاف عنصر، يفترض أن يتوزعوا مناصفة بين مسيحيين ومسلمين، بصرف النظر عن المهمة الوطنية الجامعة للأجهزة الأمنية والقوى العسكرية.

إنطلاقا من ذلك، كانت دعوة الأب طوني خضرا لكل من تلقى رسالة منه تخبره عن الحملة، أن يقدم مرشحاً مسيحياً واحداً على الأقل. وهذه دعوة مشابهة لتلك التي وجهها أيضاً للإكليروس، كي ترفد مدارسه مؤسسة الجيش بتلميذين أو ثلاثة على الأقل من كل منها، ربما لا يرغبون أو هم لا يملكون قدرة متابعة دراستهم. فلماذا كل هذا الجهد إذا كان الشباب المسيحي تحديداً يعتبر ابن المؤسسة العسكرية ويقدس شرعيتها؟

لا ينفصل واقع المسيحيين في المؤسسة العسكرية، وحماسهم للتطوع في صفوفها بالطبع، عن نظرة هذا "المكون" لحضوره في وظائف القطاع العام عموماً. أقله في المرحلة الأخيرة. وهذا ربما ما تعكسه الأرقام، التي على الرغم مما تكشفه من تطور للحضور المسيحي في المؤسسات الرسمية المدنية والعسكرية منذ العام 2008 فإنها ليست مؤشراً مطمئناً بالنسبة لتحقيق التوازن الطائفي في مختلف هذه الوظائف وفئاتها.

وفقاً لهذه الأرقام التي تستند إلى دراسات معمقة أجرتها "لابورا" وتحديث دائم لها، فإن تدهور الحضور المسيحي في مؤسسات الدولة كان مخيفاً عندما انطلقت بأعمالها في العام 2007.


جاء جهد "لابورا" في إجراء هذه الدراسات بغرض تحقيق ظروف عودة المسيحيين إلى الدولة من خلال كفاءتهم ومهنيتهم وليس بقوة واسطتهم، تنفيذاً لدعوات الكنيسة ومجمع السينودس من أجل لبنان.


أظهرت الأرقام أن عدد المسيحيين في وظائف الدولة في العام 1990 كان يشكل نسبة 42.5 في المئة من مجمل أعداد الوظائف، ولكن الرقم هبط في 2008 إلى ما دون الـ 26.5 في المئة.


يقول الأب خضرا "إنه بعد عملنا لمدة عشرة أعوام (بين 2008 و 2018) أجرينا مسحاً شاملاً في حزيران 2019، فتبين أن نسبة المسيحيين في وظائف الدولة في القطاع المدني أصبحت 34.8 في المئة، وفي القطاع العسكري 32.5 في المئة.
يتابع خضرا "لا يكفي أن يتمسك المسيحيون بالشرعية إنما هم مسؤولون في تقديم أولادهم لبسط سلطتها. وإلا لا يحق لهم بعد عشرين عاماً أن يتفاجأوا بأن الدولة "ماشية" بدونهم وأنها لا تشبههم. الدولة كي تشبهنا يجب أن نصبح جزءاً منها، وهذا يتطلب تغييراً في المنطق المسيحي يبدأ من مدارسنا ومؤسساتنا". مضيفاً أن "هذا ما تحاوله "لابورا" انطلاقاً من مبدأ أن الأمن لا يأتي إلا من الأمان والأمان يأتي من التوافق".

ختاماً، يلفت خضرا "إلى أننا سمعنا من كل المرجعيات المسيحية والمسلمة أن وجود المسيحيين في الدولة هو ضمانة للبنان. وهذا دليل على أننا نريد أن يدخل المسيحيون إلى الدولة خدمة لكل طائفة. فنحن في مرحلة ستتطلب طاقات الكل لبناء دولة. فالوضع في لبنان والشرق الأوسط ينقلب، ولن نقوم بدولتنا إلا بجهودنا. الجيش اليوم في مهمة وطنية يريدها اللبنانيون عموماً والمسيحيون تحديداً. وعليه فإن استعادة شرعية السلاح وحماية الحدود، تحتاج إلى سواعد الشباب، وللدعم الذي يمكن أن يظهره المجتمع من خلال تقديم أبنائه للمؤسسة".
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: المسیحیین فی فی المئة

إقرأ أيضاً:

صحيفة تركية: فطاني التايلندية ساحة الحرب التي لا يراها أحد

سلط كاتب في مقال بصحيفة ستار التركية الأضواء على التمييز العنصري، والاضطهاد، والفقر والمحاكمات الجائرة والتذويب الثقافي الذي يعاني منه مسلمو جنوب تايلند.

ويقول الكاتب إسماعيل شاهين في المقال إن المحاولات القسرية لانتزاع الهوية القومية لأقلية عرقية ودينية عادة ما يكون لها صدى في المحافل الدولية وتحركات دبلوماسية للحد منها، غير أن الوضع في إقليم فطاني المسلم جنوب تايلند بالكاد يشق طريقه إلى مسامع المجتمع الدولي والرأي العام.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إعلام إسرائيلي: إعلان حماس بشأن الاتفاق نتيجة مباشرة لسلوك نتنياهوlist 2 of 2تلغراف: قادة إيرانيون يطالبون خامنئي بإلغاء فتواه ضد الأسلحة النوويةend of list

ويرى شاهين أن ما يحصل في إقليم فطاني ليس مسألة أمنية فقط، بل هو قضية هوية وتمثيل سياسي والمطالبة بحكم ذاتي، غير أن أحداث الشرق الأوسط في هذا الوقت تحول دون تسليط الأضواء الكافية على هذا الإقليم بالإعلام العالمي.

ويوضح الكاتب أن ولايات فطاني ويالا وناراتيوات بجنوب تايلند تعاني من صراع مستمر منذ سنوات. كما أن غياب التنافس الدولي المباشر في تلك الدولة وصورة الأزمة كقضية داخلية يسهم في بقائها خارج الأضواء الإعلامية.

المنطقة الواقعة في شمال ماليزيا وجنوب تايلند، والتي كانت تُعرف سابقا بسلطنة فطاني، تشمل اليوم ولايات فطاني ويالا وناراتيوات، وتتميز بهوية ثقافية ملايوية مختلفة عن باقي تايلند بسبب طابعها العرقي والديني.

إعلان

كما أن أكثر من مليون مسلم من سكانها هاجروا إلى دول عدة، خصوصا ماليزيا، نتيجة العنف والاضطهاد والفقر والمحاكمات الجائرة وسياسات التذويب الثقافي.

روسني مايلوه زوجة ماهروسو جانتاراوادي أحد ثوار فطاني الذي قتلته القوات التايلندية في 7 مارس/آذار 2013 (رويترز) تاريخ الصراع

ويسرد الكاتب شيئا من تاريخ الصراع قائلا إن سلطنة فطاني، التي كانت في السابق كيانا مستقلا، أُلحقت قسرا بسيام (الاسم السابق لتايلند) عام 1906، دون منحها أي شكل من أشكال الحكم الذاتي. ونتيجة لذلك، تحول المسلمون في المنطقة من أغلبية إلى أقلية على أراضيهم.

ومنذ ذلك الحين، تبنت سيام سياسة تهدف إلى تذويب هوية المنطقة ضمن هويتها الوطنية، حيث تم حظر اللغة الملايوية-الفطانية، وتقييد المؤسسات التعليمية الإسلامية، وفرض سياسات قمعية تهدف إلى دمج المنطقة قسرا في الثقافة التايلندية. إلا أن هذه السياسات لم تؤدِّ إلى النتائج المرجوة، بل عززت وعي سكان فطاني بهويتهم.

ويشير الكاتب إلى أن تايلند، التي أصبحت منذ عام 1932 ملكية دستورية، تبنت الأنظمة العسكرية فيها نموذجا للدولة الموحدة والمركزية قائما على "الأمة، الملكية والدين".

وقد تم تعريف "الأمة" بالأغلبية التايلندية، و"الملكية" بسلالة تشاكري، و"الدين" بالبوذية التيرافادية. وشكلت هذه العناصر الثلاثة أساس الهوية الوطنية التي اعتمدتها الدولة لضمان ولاء الشعب للنظام والنخب الحاكمة.

توحيد قسري

وفرضت الأنظمة التي توالت على حكم تايلند سياسات تهدف إلى توحيد الدولة عرقيا وثقافيا، حيث أُجبر السكان على استخدام اللغة التايلندية، وتم التركيز على التعاليم البوذية في النظام التعليمي، وأُقر مبدأ قداسة الملك دستوريا.

ولجأت الحكومات إلى إعلان الأحكام العرفية، وتقييد حرية التعبير، وقمع المعارضة للحفاظ على شرعية الملكية. ومن أبرز أدواتها قانون "العيب في الذات الملكية"، الذي كان وسيلة لتعزيز حصانة المؤسسة الملكية ومنع أي انتقاد لها.

إعلان

ويرى الكاتب أن مسلمي الملايو في جنوب تايلند، خاصة في مناطق فطاني ويالا وناراتيوات، تضرروا بشكل كبير من سياسات الدولة التايلندية التي رفضت الاعتراف بلغتهم ودينهم وفرضت المناهج البوذية في المدارس.

وفي رد فعل على هذه السياسات، ظهرت حركات مسلحة تطالب بالحكم الذاتي أو الاستقلال، مثل "منظمة تحرير فطاني المتحدة" (PULO) و"جبهة الثورة الوطنية" (BRN).

ملصق لصور مطلوبين في أحد مراكز الشرطة بولاية ناراتيوات في 10 مارس/آذار 2013 (رويترز) ليست إرهابية

ويؤكد الكاتب أن هذه الحركات كانت تركز على الحفاظ على الهوية المحلية ولم ترتبط بالجماعات الجهادية العالمية. وعلى الرغم من تصنيفها منظمات إرهابية من قبل الدولة التايلندية، فإن المجتمع الدولي يتعامل معها كصراع عرقي وديني محلي.

وعلى الرغم من أن حركات المقاومة في فطاني فقدت تأثيرها في التسعينيات بسبب ضغوط الأمن التايلندي، وسياسات الاندماج، والانقسامات الداخلية في المنظمات، أعادت بعض الجماعات مثل "جبهة الثورة الوطنية" إحياء النضال المسلح في 2004 ضد قوات الأمن التايلندية.

ويشير الكاتب إلى أن سياسات الاندماج تحت حكم رئيس الوزراء تاكسين شيناواترا في 2001 زادت بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، حيث اعتُبرت المدارس الإسلامية في فطاني مراكز للتطرف، مما أدى إلى تصعيد القمع. وأسفرت الفترة بين 2004 و2019 عن مقتل أكثر من 7 آلاف شخص في هجمات عنيفة بمناطق يالا وفطاني وناراتيوات.

حرب باردة

ويقول الكاتب إن الوضع في فطاني اليوم يشبه الحرب الباردة، حيث تزايدت الضغوط الأمنية التي تفرضها الدولة ما أدى إلى تفاقم التوترات بين الشعب الذي يسعى للحفاظ على هويته الملايوية الإسلامية والسياسات التايلندية الهادفة إلى الاندماج الثقافي، وسط عدم اهتمام دولي وغض الطرف عن الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، والنظر إلى تايلند عادة على أنها "قوة مستقرة".

إعلان

ويضيف الكاتب أن ماليزيا قد بدأت منذ 2013 في استضافة المحادثات بين الفصائل الفطانية والحكومة التايلندية، حيث تمكّنت المحادثات في 2020 من الحصول على طابع رسمي. ورغم أن الطريق لا يزال صعبا، فإن هناك رغبة من الطرفين في التوصل إلى اتفاق.

ويرى الكاتب أن اعتذار رئيس الوزراء التايلندي في أكتوبر/تشرين الأول 2024 عن مذبحة "تاك باي" التي راح ضحيتها 78 مسلما يعد خطوة مشجعة نحو تحقيق السلام. وقد تشير الموافقة على خطة "السلام الشامل" إلى تقدم مهم نحو التوصل إلى حلول سياسية وتقليص العنف.

مقالات مشابهة

  • صحيفة تركية: فطاني التايلندية ساحة الحرب التي لا يراها أحد
  • بالفيديو والصور .. البرهان داخل متحركات كافوري والكدرو ويصدر توجيهات من غرفة العمليات العسكرية لقوات الجيش.. “دبلو ليهم وتلتو ليهم”
  • المنطقة الجنوبية العسكرية تنظم لقاء مع عددٍ من الشيوخ والعواقل بحلايب وشلاتين
  • المنطقة الجنوبية العسكرية تنظم لقاء مع عددٍ من الشيوخ والعواقل بمدينتي حلايب وشلاتين
  • المنطقة الجنوبية العسكرية تنظم لقاءً مع عددٍ من الشيوخ والعواقل بمدينتى حلايب وشلاتين
  • بأي ثمن.. نداء عاجل من الأمين العام للأمم المتحدة إلي حماس وترامب
  • فساد الشرعية.. خذلان متزايد وتواطؤ مع الحوثيين
  • قبائل حاشد وبكيل تعلن النفير العام والتعبئة لدعم الجيش في استعادة الدولة وتحرير صنعاء
  • زعيتر: معادلة الجيش والشعب والمقاومة هي التي تحمي الوطن
  • هذا ما فعله الجيش الاسرائيلي بالطرقات التي تربط رب ثلاثين ببلدة العديسة