نداء للمسيحيين: إذا أردتم الشرعية التحقوا بـ العسكرية
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
كتبت لوسي بارسخيان في" نداء الوطن": بدك دولة قوية"؟ "بدك استقلال حقيقي"؟ آلاف المتطوعين الجدد سينضمون إلى صفوف الجيش اللبناني... كنّ واحداً منهم. إذا كنت شابا مسيحياً بين 18 و28 سنة، أعزب، متزوج أو مطلّق، لكن من دون أولاد، لست سكيراً، لا تتعاطى المخدرات، ولا تلعب الميسر، فأنت المقصود من هذه الحملة التي أطلقتها مؤسسة "لابورا" وتتزامن مع إقرار الحكومة لخطة تعزيز انتشار الجيش في الجنوب اللبناني، وبالتالي فرض سيادة الشرعية على مختلف الأراضي اللبنانية، انطلاقاً من خطوط المواجهة المباشرة مع إسرائيل، وتطبيقاً للقرار 1701 المشترط لوقف عدوانها الأخير على لبنان.
يجب أن تحقق الحملة "كل الفرق"، في تحفيز الشباب المسيحي على التطوّع في دورة ستشمل تطويع 1500 عنصر، من ضمن أسس تحقيق التوازن الطائفي. على أن يصل الرقم لاحقاً إلى ستة آلاف عنصر، يفترض أن يتوزعوا مناصفة بين مسيحيين ومسلمين، بصرف النظر عن المهمة الوطنية الجامعة للأجهزة الأمنية والقوى العسكرية.
إنطلاقا من ذلك، كانت دعوة الأب طوني خضرا لكل من تلقى رسالة منه تخبره عن الحملة، أن يقدم مرشحاً مسيحياً واحداً على الأقل. وهذه دعوة مشابهة لتلك التي وجهها أيضاً للإكليروس، كي ترفد مدارسه مؤسسة الجيش بتلميذين أو ثلاثة على الأقل من كل منها، ربما لا يرغبون أو هم لا يملكون قدرة متابعة دراستهم. فلماذا كل هذا الجهد إذا كان الشباب المسيحي تحديداً يعتبر ابن المؤسسة العسكرية ويقدس شرعيتها؟
لا ينفصل واقع المسيحيين في المؤسسة العسكرية، وحماسهم للتطوع في صفوفها بالطبع، عن نظرة هذا "المكون" لحضوره في وظائف القطاع العام عموماً. أقله في المرحلة الأخيرة. وهذا ربما ما تعكسه الأرقام، التي على الرغم مما تكشفه من تطور للحضور المسيحي في المؤسسات الرسمية المدنية والعسكرية منذ العام 2008 فإنها ليست مؤشراً مطمئناً بالنسبة لتحقيق التوازن الطائفي في مختلف هذه الوظائف وفئاتها.
وفقاً لهذه الأرقام التي تستند إلى دراسات معمقة أجرتها "لابورا" وتحديث دائم لها، فإن تدهور الحضور المسيحي في مؤسسات الدولة كان مخيفاً عندما انطلقت بأعمالها في العام 2007.
جاء جهد "لابورا" في إجراء هذه الدراسات بغرض تحقيق ظروف عودة المسيحيين إلى الدولة من خلال كفاءتهم ومهنيتهم وليس بقوة واسطتهم، تنفيذاً لدعوات الكنيسة ومجمع السينودس من أجل لبنان.
أظهرت الأرقام أن عدد المسيحيين في وظائف الدولة في العام 1990 كان يشكل نسبة 42.5 في المئة من مجمل أعداد الوظائف، ولكن الرقم هبط في 2008 إلى ما دون الـ 26.5 في المئة.
يقول الأب خضرا "إنه بعد عملنا لمدة عشرة أعوام (بين 2008 و 2018) أجرينا مسحاً شاملاً في حزيران 2019، فتبين أن نسبة المسيحيين في وظائف الدولة في القطاع المدني أصبحت 34.8 في المئة، وفي القطاع العسكري 32.5 في المئة.
يتابع خضرا "لا يكفي أن يتمسك المسيحيون بالشرعية إنما هم مسؤولون في تقديم أولادهم لبسط سلطتها. وإلا لا يحق لهم بعد عشرين عاماً أن يتفاجأوا بأن الدولة "ماشية" بدونهم وأنها لا تشبههم. الدولة كي تشبهنا يجب أن نصبح جزءاً منها، وهذا يتطلب تغييراً في المنطق المسيحي يبدأ من مدارسنا ومؤسساتنا". مضيفاً أن "هذا ما تحاوله "لابورا" انطلاقاً من مبدأ أن الأمن لا يأتي إلا من الأمان والأمان يأتي من التوافق".
ختاماً، يلفت خضرا "إلى أننا سمعنا من كل المرجعيات المسيحية والمسلمة أن وجود المسيحيين في الدولة هو ضمانة للبنان. وهذا دليل على أننا نريد أن يدخل المسيحيون إلى الدولة خدمة لكل طائفة. فنحن في مرحلة ستتطلب طاقات الكل لبناء دولة. فالوضع في لبنان والشرق الأوسط ينقلب، ولن نقوم بدولتنا إلا بجهودنا. الجيش اليوم في مهمة وطنية يريدها اللبنانيون عموماً والمسيحيون تحديداً. وعليه فإن استعادة شرعية السلاح وحماية الحدود، تحتاج إلى سواعد الشباب، وللدعم الذي يمكن أن يظهره المجتمع من خلال تقديم أبنائه للمؤسسة".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: المسیحیین فی فی المئة
إقرأ أيضاً:
المنارات التي شيدها أول مايو: النقابة وإنسانيتنا الإسلاموعروبية
عبد الله علي إبراهيم
(جريدة الخرطوم 11 ديسمبر 1988)
(لا يرى الحاملون على دولة 1956 سوى مفردة الحكومة فيها. وهي مفردة قصوى لا جدال. ولكن غفلتهم عن مفردات غراء لهذه الدولة لم يرمهم في غيظ ضرير على هذه الدولة فحسب، بل اعتزلوا أيضاً هذه المفردات الغراء التي تركوها لتستوحش تحت شرور نفس الحكومة. وهذه مقالة من أخريات حاولت فيه لفت نظر كتائب استئصال دولة 56 أن لهم، كما يقول المثل، حبان في بيت العدا. وبلغ من فساد هذا الغيظ المحض الضرير انتداب حميدتي دعمه السريع للقضاء المبرم على هذه الدولة. وقعد "فراجة" الليبرويساريون الذين جعلوا من القضاء المبرم على هذه الدولة ثقافة شاعت حتى انتهزها البطلق أماتكم كما في مثل ورد في كتاب لبابكر بدري).
لولا ملابسات الحجز بقطار كريمة يوم الجمعة الماضية لكنت قد شاركت في احتفال نقابة السكة حديد باليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي نظمته اللجنة السودانية لحقوق الإنسان.
وجدت في حضور احتفال عطبرة لحقوق الإنسان مزايا عديدة علاوة على أنه فرصة سانحة لزيارة أخرى لمدينتي الأولى. فقد أثلج صدري أن ترمي نقابة السكة الحديد بثقلها في حركة حقوق الإنسان بعد أن ظلت قاصرة على صفوة خيرة من المتعلمين منذ تأسيس حركتها في 1985. وقد شاب أداء هذه الصفوة خلل في التركيز حين رجحوا الضغط العالمي الجاهز لنصرة قضيتهم دون حفز الضغط الشعبي المحلي وإلهامه في سياقاته السياسية والاجتماعية الصعبة. ولذا بدا مفهوم حقوق الإنسان كطارئ وقع لنا من اهتمام العالم بنا لا كأصل قديم في مشروعنا الاجتماعي والنقابي والسياسي.
ساءني دائماً الاتهام المعمم الذي يطلقه بعض المتحدثين من المتعلمين بأن بيئتنا العربية المسلمة مسكونة بالاضطهاد العنصري وغير مواتية لحقوق الإنسان. وغالباً ما استدلوا على ذلك بأبيات من المتنبي عن كافور، أو ممارسات للزبير باشا، أو مبدأ الكفاءة في الزواج في عقد زواج شهير من الثمانينات. وهذا انتقاء عشوائي للاستدلال على عدم سماحتنا استدلالاً لن تسلم معه أي جماعة من الاتهام بالاضطهاد العنصري مهما بلغت من آيات السماحة والإنسانية.
لقد جادلت هؤلاء الإخوة طويلاً الفت انتباههم إلى أن إنسانيتنا العربية الإسلامية لم تتجمد في التاريخ لأنها فعل في التاريخ تتجدد به وتجدده.
وكنت أشير عليهم بدراسة مفهوم "النقابة" الذي هو من أفضال مدينة عطبرة السياسة على وطننا. فتعريف النقابة أنها تنظيم يضم عمال أو موظفي المؤسسة بغير اعتبار للعرق أو الدين أو القبيلة أو النوع. ومن فوق صفاء هذه المفهوم ونبله ازدهرت الحركة النقابية السودانية التي ظلت تحرس مجتمعنا وإنسانيتنا بعين ساهرة.
في وقت باكر أهدتنا عطبرة "النقابة": هذه الأداة التي اشتد عودها من تخطيها للحزازات العرقية والقبلية والدينية التي تمنع الممارسة الحرة للحقوق الإنسانية. وأتمنى أن يكون احتفال نقابة عمال السكة الحديد باليوم العالمي لتلك الحقوق مناسبة لتتصل النقابة بالإطار التنظيمي للحركة العالمية لحقوق الإنسان.
أما عن التزامنا بمبدأ حقوق الإنسان فالنقابة ذاتها شاهد كبير على بعد المدى الذي قطعناه في هذا السبيل.
ibrahima@missouri.edu