علي جمعة: احذروا من خطورة تأجيل التوبة إلى رمضان
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
شدد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، على خطورة تأجيل التوبة إلى الله، مستنكراً انتشار هذه العادة بين بعض الناس الذين ينتظرون بداية شهر رمضان الكريم للتوبة والرجوع إلى الله.
وأكد جمعة أن هذا التفكير يعكس غفلة كبيرة، حيث قال: "الإنسان لا يضمن أن يكون على قيد الحياة بعد دقيقة واحدة، فكيف نؤجل التوبة؟".
الفرق بين الاستغفار والتوبة
وفي سياق متصل، أوضح الشيخ أحمد المالكي، أحد علماء الأزهر الشريف، أن كثيرين يخلطون بين مفهومي الاستغفار والتوبة.
وأكد المالكي خلال ظهوره في إحدى الفضائيات أن الاستغفار يقتصر على الكلام باللسان، ويمكن لأي شخص أن يقوم به، سواء كان مؤمناً أو منافقاً.
أما التوبة، فهي أفعال نابعة من القلب وتتطلب إصلاح العلاقة بين العبد وربه، وهو ما لا يتقنه إلا المؤمن.
واستشهد بقول الله تعالى: "وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ"، موضحاً أن الاستغفار هو إعلان الرجوع إلى الله، بينما التوبة تعني العمل على تصحيح الأخطاء والابتعاد عن الذنوب.
دعاء قضاء الحاجة.. احرص عليه الآن وحتى مغرب الجمعة تحقق ما تريدعلي جمعة: ادفعوا البلاء بالصدقةعلي جمعة: صدق رسول الله عندما قال سيأتي على الناس سنوات خداعاتعلي جمعة: من صفات عباد الرحمن الدعاء بصلاح الذرية والزوجةشروط التوبة النصوح
من جهة أخرى، سلطت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية الضوء على شروط التوبة النصوح، موضحة أنها تشمل ثلاثة أركان أساسية:
1. الإقلاع عن الذنب فوراً.
2. الندم الصادق على ما مضى.
3. العزم الأكيد على عدم العودة إلى الذنب مرة أخرى.
وأشارت اللجنة إلى أنه إذا كانت المعصية متعلقة بحقوق الآخرين، مثل السرقة أو الغش، فيجب رد الحقوق إلى أصحابها أو طلب السماح منهم. وإذا كانت المعصية بحق النفس أو بحق الله تعالى، فيجب أن تكون التوبة خالصة وصادرة من أعماق القلب.
وأضافت اللجنة أن باب التوبة مفتوح دائماً، ما دام الإنسان لم يصل إلى لحظة الاحتضار أو قيام الساعة، مشددة على ضرورة الإخلاص في التوبة والمبادرة بها عند ارتكاب أي معصية.
رسالة أمل للمخطئين
واختتمت اللجنة بطمأنة المخطئين، مؤكدة أنه حتى إذا أخطأ الإنسان مرة أخرى بعد التوبة الصادقة، فلا ييأس من رحمة الله.
بل عليه أن يسارع إلى التوبة مجدداً، حيث أن الله عز وجل يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة دار الإفتاء التوبة الغش التوبة النصوح المزيد إلى الله
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: إصلاح النفس وتربيتها أولى من الانغماس في أمر العامة
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان في هذا الزمان يكون إصلاح النفس وتربيتها أولى من الانغماس في أمر العامة. قال ﷺ : «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ...» [صحيح مسلم].
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه بعد هذه المرحلة يمكن أن يتدرج المؤمن للانغماس في أمر العامة لإصلاحهم. يقول النبي ﷺ : «إذا رأيت شحًا مطاعًا، وهوى متبعًا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك ودع العوام، فإن من ورائكم أيامًا، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلًا يعملون مثل عملكم». قالوا: «يا رسول الله، أجر خمسين رجلًا منا أو منهم؟ قال: لا، بل أجر خمسين منكم» [رواه الترمذي].
وتابع الدكتور علي جمعة: إذن علينا أن نبدأ بأنفسنا ثم بمن نعول، وأن نتحمل المسؤولية عن أفعالنا، وعلينا ألا نبرر أخطاءنا.
ويؤكد القرآن على ذلك المعنى فيما يقصه علينا من أخبار بني إسرائيل مع سيدنا موسى عليه السلام عندما أشرفوا على الدخول إلى الأرض المقدسة، وما دار بين سيدنا موسى عليه السلام وقومه من بني إسرائيل.
يقول تعالى: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ * قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ * قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 21-26].
ما دلالة الأربعين؟ قيل: لأن في هذه المدة سيمر جيل بأكمله في إثر جيل، ويصبح جيل جديد تربى على الشهامة والقوة. فموسى لم ييأس، بل بدأ بنفسه ثم بأخيه، وبدأ في التربية وصبر على ذلك أربعين سنة. حينئذ تكون الجيل الذي دخل الأرض المقدسة بعد ذلك مع نبي الله يوشع عليه السلام.
نفس المنهج في الصبر والتربية كان في النموذج المحمدي. فرسول الله ﷺ بدأ الدعوة وحده بمكة، ثم بدأ بالسيدة خديجة رضي الله عنها، ثم بعلي بن أبي طالب وكان في كنفه. وبدأ الدعوة من بيته، ثم أنذر عشيرته الأقربين، ثم أنذر أقرباءه ومن حوله بالطائف. وبعد كل هذه المدة في مكة لم يسلم معه إلا نحو مائتي رجل، وفي المدينة لما ذهب بأولئك دخل الناس في دين الله أفواجًا حتى رآهم يعينونه في حجة الوداع أكثر من مائة ألف إنسان سوى الأعراب الذين في البادية. مائة ألف إنسان أسلموا في عشر سنوات، و200 أسلموا في ثلاث عشرة سنة.
فرسول الله ﷺ يعلمنا كيف نبني الأجيال، وكيف نصبر على التربية والبناء، وكيف نحول الانكسار إلى انتصار، وكيف لا يحبط المسلم، بل يبدأ العمل من جديد، وكيف يكون الإنسان راعيًا. «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» [رواه مسلم].