هل يستغل اليمنيون التحوّلات الإقليمية لاستعادة الدولة؟
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
بعد نجاح المعارضة السورية المسلحة في إسقاط النظام السوري خلال 11 يومًا فقط، تعالت الدعوات في اليمن وخارجه لاستغلال هذا الزخم والتحوّلات الإقليمية، التي أضعفت النفوذ الإيراني في المنطقة، للقيام بعمل عسكري ضد الحوثيين، وذلك لإجبارهم على قبول السلام أو استعادة الدولة بالقوة.
لم يكن انتصار المعارضة مجرد نجاح محلي يقتصر على إنهاء حكم عائلي استبدادي استمر 54 عامًا، بل شكّل ضربة قوية للمشروع الإيراني في المنطقة، حيث أدى إلى إسقاط أحد أركانه الرئيسية، وأثّر بشكل مباشر على خطوط الدعم العسكري لحزب الله.
هذه التجربة ألهمت اليمنيين الذين يواجهون النفوذ الإيراني منذ سنوات وأعطتهم دفعة معنوية لاستعادة دولتهم. على مدى الصراع في البلدين، لعبت العوامل الدولية والإقليمية دورا في الديناميات المحلية وإن بدرجات متفاوتة، ففي سوريا حال التدخل الإيراني والروسي في منع سقوط النظام عقب اندلاع الثورة، وبمجرد انحسار هذا الدعم، سقط سريعا.
وفي اليمن، كان العامل الخارجي حاضرا وإن بتأثير أقل، يتجلى ذلك في الحسابات السياسية للتحالف العربي وتحديدا الإمارات عقب تحرير عدن والتي أوقفت المعارك في حدود الشطرين عام ٢٠١٦. وبعد ذلك ساهمت الضغوط الغربية بقيادة بريطانيا وأمريكا في إيقاف معركة تحرير الحديدة عام ٢٠١٨، وأبقت السيطرة للحوثيين ثم بعد سنوات أدركت الدولتان أن المتمردين أكبر من مجرد مشكلة يمنية، وأن خطرهم يمتد إلى تجارة العالم في البحر الأحمر وباب المندب.
اليوم، مع تغير الظروف الجيوسياسية، وتراجع النفوذ الإيراني في المنطقة، تبدو هناك فرصة سانحة أمام اليمنيين لاستعادة دولتهم، لكن هذا يتطلب قيادة وطنية مستعدة للتضحية بالمصالح الشخصية والسياسية وقادرة على توحيد الجهود بخطوات ملموسة وليس مجرد شعارات.
ومع ذلك، ثمة خشية من إهدار الفرصة على غرار حالات مماثلة بغض النظر عن دور العامل الخارجي وتحديدا الرياض وراء ذلك كما حصل في التراجع عن القرارات الاقتصادية على سبيل المثال. في تهنئته للسوريين، أعرب رئيس “المجلس الرئاسي” عن أمله في أن “ترفع إيران يدها عن اليمن”. ورغم رمزية هذا التصريح، إلا أنه يعكس موقفا سياسيا أكثر من كونه توّجها نحو الخيار العسكري، كما أنه ينسجم مع مهمة المجلس الأساسية المحددة في المادة السابعة من قرار نقل السلطة، التي تركز على تحقيق “الحل السياسي الشامل”.
هذا الموقف يتماشى مع التوجه المعلن للداعمين الإقليميين، مثل السعودية، التي تسعى إلى تجنب العودة للحرب بعد التفاهمات مع الحوثيين، والإمارات التي يبدو أن أولويتها دعم خيار “المجلس الانتقالي” في الجنوب، وبالتالي يبقى قرار “المجلس الرئاسي” محكوما بإرادات خارجية تحدّ من خياراته العسكرية.
في ظل هذا المشهد المعقد، هناك خيارين أمام اليمنيين؛ الأول الضغط على المجلس لتبني خطوات أكثر جرأة وجديّة في سبيل استعادة الدولة. الثاني البحث عن قيادات وطنية شجاعة من العسكريين وشيوخ القبائل، تتسم بأقل قدر من الارتباط بالخارج وتتحلى بالإرادة القوية والاستعداد للتضحية.
النوع الثاني من القيادات قد تنجح في توحيد اليمنيين حولها إذا أظهرت التزاما جادا بمصالحهم، بعيدا عن الحسابات الضيقة.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصةأريد دخول الأكاديمية عمري 15 سنة...
انا في محافظة المهرة...
نحن لن نستقل ما دام هناك احتلال داخلي في الشمال وفي الجنوب أ...
شجرة الغريب هي شجرة كبيرة يناهز عمرها الألفي عام، تقع على بع...
الله لا يلحقه خير من كان السبب في تدهور اليمن...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: زعیم الحوثیین فی الیمن
إقرأ أيضاً:
فساد الشرعية.. خذلان متزايد وتواطؤ مع الحوثيين
تواصل الشرعية اليمنية في ظل الظروف الراهنة السقوط في فخ الفساد، مما يزيد من فقدان الأمل لدى المواطنين في استعادة الدولة المختطفة من قبضة ميليشيا الحوثي. في ظل ما تشهده البلاد من تدهور سياسي واقتصادي، تحول الفساد إلى سمة واضحة داخل أروقة الشرعية، التي كان يُفترض أن تكون القوة الأساسية في مواجهة الانقلاب الحوثي وإعادة بناء الدولة.
تؤكد العديد من التقارير السياسية أن الشرعية اليمنية، بدلاً من أن تُظهر تحديها في مواجهة الحوثيين، باتت تُسهم في تفشي الفساد وتطوير وسائل جديدة له، ما يزيد من تدهور وضعها في أعين الشعب اليمني. والنتيجة هي أن هناك شبه تطابق بين ممارسات الشرعية والممارسات الفاسدة التي تنتهجها ميليشيا الحوثي، مما يعمق الهوة بين الحكومة الشرعية والشعب، ويقلل من فرص استعادة الدولة.
ويُعتبر الفساد المستشري في هياكل الشرعية سببًا رئيسيًا في تراجع الآمال في استعادة البلاد من قبضة الانقلابيين. وهذا الوضع جعل الشرعية في مرمى الانتقادات، حيث يراها البعض اليوم أكثر من مجرد طرف في الصراع، بل جزءاً من المشكلة، مما يعزز الصورة السلبية التي تُروج عن الحكومة في عيون اليمنيين.
وأصبح الكثير من المواطنين يعتقدون أن الشرعية قد تخلت عن مسؤولياتها، وتحولت إلى عبء على الشعب، حيث يراها البعض في موقف مشابه للحوثيين من حيث الفساد والتهميش. هذه الحالة من الخذلان التي تعيشها الشرعية تؤدي إلى تزايد النقمة الشعبية، مما يجعل من الصعب على الحكومة الشرعية استعادة ثقة الشعب بها.
وفي هذا السياق، باتت آمال اليمنيين في استعادة دولتهم من الحوثيين تتضاءل بشكل كبير، مع تزايد الشعور بأن الشرعية أصبحت في موقف مُحير ومؤسف، حيث ينظر إليها الكثيرون كطرف مساهم في المعاناة أكثر من كونها جهة فاعلة في حل الأزمة.