الجيش اللبناني يبدأ الانتشار في «الخيام»
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
دينا محمود (بيروت، لندن)
أخبار ذات صلةبدأ الجيش اللبناني الانتشار في بلدة الخيام جنوبي البلاد، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة «اليونيفيل» ضمن المرحلة الأولى من الانتشار في المنطقة، بالتزامن مع انسحاب الجيش الإسرائيلي منها، في وقت أغارت فيه «مسيّرة» إسرائيلية على ساحة بلدة الخيام ما تسبب في سقوط ضحايا ومصابين.
وأوضحت وكالة الأنباء اللبنانية، أن فوج هندسة بالجيش دخل البلدة، وبدأ البحث عن متفجرات أو قذائف لم تنفجر أو عبوات ناسفة، ثم شرع في إزالة الركام وفتح الطرقات في النقاط الخمس المحددة سلفاً ضمن المرحلة الأولى من الانتشار بالتنسيق مع قوات «اليونيفيل».
من جهته، أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، في وقت سابق أمس، أن الجيش الإسرائيلي شن غارات على بلدة الخيام ما أدى إلى سقوط ضحايا ومصابين، قبل أقل من 24 ساعة على بدء الجيش اللبناني الانتشار في المنطقة.
وقال ميقاتي، في بيان، إن «هذا الغدر الموصوف يخالف كل التعهدات التي قدمتها الجهات التي رعت اتفاق وقف النار وهي الولايات المتحدة، وفرنسا، والمطلوب منهما تقديم موقف واضح مما حدث، ولجم العدوان الإسرائيلي».
في غضون ذلك، بحث مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية «سنتكوم»، مع قائد الجيش اللبناني جوزيف عون تثبيت وقف إطلاق النار.
ومع توقف القتال الذي يبدو أنه لم ينته بشكل نهائي، ورغم أن قاطني القرى والمناطق الجنوبية اللبنانية، ممن تسنى لهم العودة إلى ديارهم، بدؤوا بالفعل إعادة بناء ما تهدم من بيوتهم، والتحضير لاستئناف الحياة بوتيرتها الطبيعية، فإن هناك منهم من يرى أن تواصل انتهاكات الهدنة يوحي بأن المواجهات لا تزال مستمرة.
ويشير هؤلاء إلى أن الضربات الجوية والصاروخية لا تزال تقع بين الحين والآخر، وتضرب مواقع لا تبعد سوى بضعة كيلومترات عن منازلهم، فضلاً عن وجود عراقيل تحول حتى الآن، دون عودة كثيرين من أهل الجنوب، إلى بلداتهم وقراهم.
كما يقولون إن تخوفهم من إمكانية تجدد القتال، رغم أنهم يأملون في استمرار الهدوء الحالي لسنوات طويلة، يجد له ما يبرره، على ضوء تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، التي يؤكدون فيها أن ما حدث هو وقف لإطلاق النار، لا نهاية للمواجهة بشكل كامل.
لكن فريقاً آخر من اللبنانيين يبدو أكثر تفاؤلاً، ويرى أن وقف إطلاق النار الذي تشكلت آلية لمراقبة مدى تطبيقه تضم ممثلين عن دول عدة، قابل للاستمرار.
ويؤكد أولئك المتفائلون أنه ينبغي التشبث بهذا الأمل، حتى وإن كانت المخاوف لا تزال قائمة، من حدوث أي انتكاسة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الجيش اللبناني لبنان أزمة لبنان إسرائيل لبنان وإسرائيل الأزمة اللبنانية جنوب لبنان قوات اليونيفيل الجیش اللبنانی الانتشار فی
إقرأ أيضاً:
شروط الاحتلال الإسرائيلي التي أدت لإلغاء مسيرة العودة
القدس المحتلة- في كل عام، يحمل المهندس سليمان فحماوي ذاكرته المثقلة بالحنين والوجع، ويسير على خُطا قريته المهجرة "أم الزينات" الواقعة على سفوح جبال الكرمل في قضاء حيفا، والتي اضطر لمغادرتها قسرا كباقي مئات آلاف الفلسطينيين، تاركا خلفه طفولته وذكرياته لتصبح جزءا من تاريخ النكبة الذي لا ينفك يعيد نفسه.
سليمان، اللاجئ في وطنه، عاش فصول النكبة الفلسطينية متنقلا بين بلدات الكرمل والساحل، قبل أن يستقر به الحال في بلدة أم الفحم، على تخوم حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967.
واليوم، وفي الذكرى الـ77 للنكبة، وبعد عقود من التهجير، يقف كعضو ومتحدث باسم "لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين" بالداخل الفلسطيني، محاولًا الحفاظ على ذاكرة القرى التي طمست معالمها، وفي مقدمتها قرية "كفر سبت" المهجرة، في قضاء طبريا في الجليل شمالي فلسطين.
منذ تأسيس "جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين" عام 1997، اعتاد سليمان ورفاقه تنظيم مسيرة العودة السنوية إلى القرى المهجّرة، بالتنسيق مع لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، حيث أصبحت المسيرات ذات رمزية تقول للعالم "يوم استقلالهم يوم نكبتنا"، وتعيد للأذهان قصص البيوت المهدومة والأرواح التي لا تزال معلقة بأطلال قراها.
"هذا العام كان مختلفا" يقول فحماوي للجزيرة نت بنبرة يغلب عليها الأسى، فبدلا من التحضير المعتاد للمسيرة الـ28 نحو "كفر سبت"، اصطدمت الجمعية بسلسلة من الشروط التعجيزية التي وضعتها الشرطة الإسرائيلية، ما اضطرهم إلى اتخاذ قرار صعب "سحب طلب التصريح".
يوضح فحماوي "كما كل عام، قدمنا طلبا للحصول على التصاريح، لكن الشرطة هذه المرة وضعت شروطًا غير مسبوقة، كان أولها عدم رفع العلم الفلسطيني، ذلك العلم الذي لطالما خفقت به القلوب قبل الأيادي، كما اشترطت الحصول على موافقة المجلس الإقليمي في الجليل الغربي، الذي تقع القرية ضمن نفوذه، إضافة إلى تحديد عدد المشاركين بـ700 شخص فقط".
إعلان"بالنسبة لنا، العلم الفلسطيني خط أحمر" يؤكد سليمان، ويتساءل "كيف لمسيرة تحمل اسم العودة أن تقام دون علمنا، ودون مشاركة الآلاف من أبناء الداخل الفلسطيني الذين يحملون هم القضية؟".
وبين تهديدات الشرطة بالاقتحام، والوعيد بقمع المسيرة حال تجاوز الشروط، وجدت الجمعية نفسها أمام مفترق طرق، ويقول فحماوي "خلال المفاوضات، لمسنا نوايا مبيتة من الشرطة الإسرائيلية وتهديدات بالاعتداء على المشاركين من أطفال ونساء وشباب".
وفي مشهد تتداخل فيه الوطنية بالمسؤولية الأخلاقية، اجتمعت كافة الأطر السياسية والحزبية والحقوقية في الداخل الفلسطيني، ليصدر القرار الأصعب (سحب الطلب)، لخصها فحماوي بقوله "نقطة دم طفل تساوي العالم"، مضيفا "لن نسمح بأن تتحول مسيرتنا إلى ساحة قمع جديدة، اخترنا العقل على العاطفة، لكن شوقنا للعودة لا يلغيه انسحاب مؤقت".
قبل نحو 30 عاما، لم تكن مسيرات العودة جزءا من المشهد الوطني الفلسطيني، وكانت قضية القرى المهجرة تعيش في طي النسيان، مطموسة في ذاكرة مغيبة، تكاد تمحى بفعل الإهمال والسياسات الإسرائيلية المتعمدة، يقول فحماوي، ويضيف "لكن هذا الواقع بدأ يتغير تدريجيا مع انطلاق المبادرات الشعبية، وعلى رأسها مسيرة العودة".
وعلى مدى هذه العقود الثلاثة، شارك مئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني -وخاصة من فلسطينيي الداخل- في مسيرات العودة، التي تحوّلت إلى محطة وطنية سنوية ثابتة، تحمل رسائل سياسية وشعبية عميقة، وتؤكد على حق العودة بوصفه حقا فرديا وجماعيا غير قابل للتنازل أو التفاوض.
ورغم قرار سحب طلب التصريح لمسيرة العودة الـ28، لا يتوقف التساؤل لدى أدهم جبارين، رئيس اللجنة الشعبية في أم الفحم، وابن عائلة لاجئة من قرية اللجون المهجرة عن "ماذا يعني أن يمنع لاجئ فلسطيني من العودة، ولو ليوم واحد، إلى قريته التي طُرد منها؟ وماذا يعني أن يجرم رفع العلم الفلسطيني؟"
إعلان"هذه ليست النهاية" يؤكد جبارين للجزيرة نت، ويقول "نحن مستمرون، فحق العودة ليس مناسبة، بل حياة كاملة نعيشها يوميا"، مضيفا "رغم القيود والتهديدات، تبقى مسيرة العودة أكثر من مجرد حدث سنوي، هي ذاكرة حية تورَّث للأجيال، ورسالة واضحة بأن القرى المهجرة ستظل حاضرة في القلوب والعقول، حتى يتحقق حلم العودة.
ويؤكد جبارين أن قرار سحب الطلب "لم يكن تراجعا، بل خطوة واعية اتخذت من منطلق المسؤولية الوطنية، بعد أن اتضح خلال مفاوضات الجمعية مع الشرطة الإسرائيلية وجود نية مبيتة للترهيب والترويع، وحتى تهديد ضمني بإمكانية قمع المسيرة بالقوة، وربما ارتكاب مجزرة بحق المشاركين".
ويقول "نرى ما يجري من حرب إبادة في غزة، وعمليات التهجير في الضفة الغربية، وما لمسناه من سلوك الشرطة يعكس تحضيرات لتنفيذ سيناريو مشابه في الداخل، حيث بات استهدافنا على خلفية إحياء المناسبات الوطنية مسألة وقت لا أكثر".
لكن رغم المنع، لم تتوقف الفعاليات، فالجمعية أطلقت برنامج زيارات موسعًا إلى أكثر من 40 قرية مهجّرة، بمرافقة مرشدين مختصين، لتتحوّل ذكرى النكبة من فعالية مركزية واحدة إلى عشرات الجولات والأنشطة الميدانية.
ويختم جبارين حديثه للجزيرة نت بالقول إن "مسيرة العودة ليست مجرد تظاهرة، بل رسالة متجددة وتذكير سنوي بالنكبة، وتجذير للوعي الوطني، وانتقال للذاكرة من جيل إلى آخر، ورسالة واضحة بأن لا حق يضيع ما دام هناك من يطالب به".
ويضيف أنها "أيضا رد مباشر على المقولة الصهيونية الشهيرة: الكبار يموتون والصغار ينسون، فالصغار لم ينسوا، بل باتوا في مقدمة الحشود، يحملون الراية، ويرددون أسماء القرى التي هُجرت، وكأنها ولدت من جديد على ألسنتهم".