"بحاجة إلى الوقت".. السوريون في أوروبا يقاومون دعوات العودة
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
يقول عدد متزايد من الساسة في أوروبا، إن الوقت قد حان لعودة أكثر من مليون لاجئ سوري في القارة إلى وطنهم بعد سقوط بشار الأسد، لكن السوريون يقولون إن الأمر أكثر تعقيداً من ذلك.
تقرير لورا بيتل، وإيليني فارفيتسيوتي، وإيمي كازمين في صحيفة "فايننشال تايمز" يسلط الضوء على حالة الترقب التي تسيطر على اللاجئين في ألمانيا وأماكن أخرى في أوروبا بعد سقوط نظام الأسد.
وأشار أولئك الذين فروا من الحرب الأهلية المستمرة منذ 13 عاماً إلى حالة عدم اليقين السياسي بعد هجوم للفصائل المسلحة على دمشق خلال عطلة نهاية الأسبوع، والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والإسكان والتي جعلت العديد من أجزاء البلاد غير صالحة للسكن.
يقول عمر الحجار، وهو عامل بناء يبلغ من العمر 54 عاماً من حلب وأحد نحو 970 ألف سوري يعيشون الآن في ألمانيا: "كل من أعرفهم يريدون الانتظار ورؤية ما سيحدث، الوضع في سوريا صعب للغاية".
أصبحت ألمانيا أكبر دولة تستضيف السوريين في الاتحاد الأوروبي بعد قرار المستشارة حينها أنجيلا ميركل في عام 2015 بفتح أبوابها أمام نحو مليون طالب لجوء، معظمهم من الشرق الأوسط.
‘We need time’: Syrians in Europe resist calls to return home https://t.co/O12QQSiuqf
— Middle East & Africa (@FTMidEastAfrica) December 12, 2024 ورقة انتخابيةومن المتوقع أن تشكل الهجرة عنصراً رئيسياً في الحملات الانتخابية قبل الانتخابات المبكرة بالبلاد في فبراير (شباط).
وبعد ساعات من سقوط الأسد، كان سياسيون من الحزب الديمقراطي المسيحي من وسط اليمين وحزب البديل من أجل ألمانيا من أقصى اليمين، يقولون إن الوقت قد حان لكي يبدأ السوريون في التفكير في العودة إلى ديارهم.
كان الحجار، الذي نقلته الأمم المتحدة إلى برلين مع زوجته و5 أبناء في عام 2019 بعد 5 سنوات من العيش في تركيا، يمتلك عقارين في مسقط رأسه، لكن كلاهما دُمر أثناء القصف الذي شنته حكومة الأسد وحلفاؤها الروس، وقد نزحت عائلته الممتدة عبر سوريا وتركيا.
ورغم أنه يشعر بالابتهاج إزاء نهاية حكم عائلة الأسد الذي استمر أكثر من خمسين عاماً، فإنه قال إن البلاد "تحتاج إلى حكومة ومؤسسات" قبل أن يتمكن الناس من التفكير في العودة.
وكانت ألمانيا أول دولة تعلن يوم الإثنين تعليق طلبات اللجوء المقدمة من المواطنين السوريين، وهي الخطوة التي سارعت المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا ودول أخرى في الاتحاد الأوروبي إلى تكرارها. وأعلنت النمسا أنها ستنظم أيضاً "برنامجاً لإعادة اللاجئين وترحيلهم".
وقال جيمي أكيسون، زعيم حزب الديمقراطيين السويديين اليميني المتطرف الذي يدعم الحكومة اليمينية في البرلمان، إن السوريين "ينبغي أن يروا في هذا فرصة جيدة للعودة إلى ديارهم".
"It started as peaceful demonstrations...and then it very quickly got violent...and it ended in a brutal civil war". Geir Pedersen, @UN Special Envoy for Syria reflects and looks to the future, "this could be a new opening to a new Syria that could be inclusive of all." pic.twitter.com/zRkbbVSllB
— Christiane Amanpour (@amanpour) December 9, 2024 انتقاداتوانتقدت منظمة "برو أزول"، وهي منظمة حقوقية مقرها فرانكفورت، نبرة المناقشة، ودعت الساسة إلى "تحمل المسؤولية وإظهار التضامن مع اللاجئين، بدلاً من استغلالهم سياسياً".
ويتطلع بعض السوريين إلى العودة في أقرب وقت ممكن، بما في ذلك أعضاء مجتمع الناشطين المنفيين الذين يريدون تشكيل مستقبل البلاد.
قالت جومانا سيف، المحامية والناشطة الحقوقية التي تعيش في برلين منذ عام 2013، إن العديد من الأشخاص في دوائرها كانوا يائسين للعودة على الفور. "في المجتمع المدني، بالنسبة للكثير من الناس، فإن السؤال الأول هو: متى ستعود؟".
وأعرب سيف (54 عاماً) عن قلقه بشأن الدور المهيمن الذي تلعبه الفصائل المسلحة وهيئة تحرير الشام، وهي الحركة الإسلامية التي قادت الهجوم ضد الأسد وهي الأقوى بين القوات المتمردة.
وقالت سيف إنها تريد "النضال من أجل استكمال حلمنا: دولة ديمقراطية حديثة، مع حماية حقوق الإنسان والمساواة للجميع، بما في ذلك النساء".
لكن يجب عليها أولاً أن تجد طريقة للسفر، فهي لا تملك جواز سفر سوريًا صالحًا ولا ألمانياً.
وفي قبرص، سحبت مجموعة من 60 سورياً طلبات اللجوء الخاصة بهم، مشيرين إلى "يوم جديد ومفعم بالأمل" لوطنهم، بحسب ما قاله نائب وزير الهجرة القبرصي نيكولاس يوانيدس. لكن سوريين آخرين في قبرص مترددون في العودة.
ويقول ثابت عبارة، رئيس الجالية السورية الحرة في قبرص: "إنه خطأ فادح، ففي الوقت الحالي، لا توجد دولة ولا شرطة ولا جيش، وقد استولت إسرائيل على نصف سوريا".
ويضيف عبارة، الذي يعيش في قبرص منذ 32 عاماً: "حتى لو عدنا، فلن يكون لدينا مكان للإقامة، نحن بحاجة إلى الكثير من الوقت".
Statement on Syria by UN High Commissioner for Refugees @FilippoGrandi https://t.co/KQ6FZd1BWs
— UNHCR Syria (@UNHCRinSYRIA) December 9, 2024 قلق بشأن المستقبلفي روما، قال سوريون يعملون في "حمص تاون" وهو مطعم غير ربحي يديره لاجئون يقدمون طعاماً تقليدياً، إنهم ما زالوا في حالة صدمة، وإن فرحتهم برحيل الأسد خففت من حدة مخاوفهم بشأن ما قد ينتظرهم في المستقبل.
دمرت سنوات الحرب الأهلية سوريا، وأصبحت الدولة مفلسة، ومن غير الواضح كيف ستتمكن الجماعات المتمردة من إنشاء هياكل الحكم.
قالت شذى ساكر مؤسسة المطعم: "من السابق لأوانه أن أخبرك أن أيًا منهم يريد العودة"، وأضافت أن اللاجئين المسيحيين كانوا متوترين بشكل خاص "لماذا نعود الآن؟ إلى المجهول؟".
وفي ألمانيا، قال الذين لديهم أطفال على وجه الخصوص إنهم لا يستطيعون فرض المزيد من الاضطرابات عليهم. فقد نزحت العديد من الأسر عدة مرات خلال 13 عاماً من الصراع.
UN envoy warns Europe against rushed Syrian refugee returns, citing collapsed economy. 6.4M refugees fled since 2011, with 1M in Europe.https://t.co/mcNZNQzWfN
— Verity (@improvethenews) December 11, 2024يقول عمار الرفاعي الذي يعمل في بيع الزيتون والمخللات والجبن في أحد متاجر البقالة في حي نويكولن في برلين: "لو لم يكن لدي أطفال لعدت على الفور، أنا سعيد للغاية بسقوط النظام".
لكن طفلي الرفاعي، اللذين يبلغان من العمر 9 و 12 عاماً، استقرا في المدرسة و"استوعبا اللغة الألمانية" مثل الإسفنجة بعد انتقالهما من مصر في عام 2020، بعد فرارهما من سوريا قبل خمس سنوات. وقال الرفاعي إنه سيكون من الصعب اقتلاعهما مرة أخرى من هذا المكان.
This is Dortmund, Germany.
One million Syrian refugees came to the country in 2015 to escape Assad.
As of today, they are no longer refugees. Assad is gone. They can now all move back to Syria and take part in this new government.
Germany should not be their home any longer. pic.twitter.com/KCy5Yo4x7W
وقد رددت مارها فرحان (24 عاماً)، التي كانت تتسوق مع ابنتها البالغة من العمر 3 سنوات وطفلها حديث الولادة، نفس الرأي.
وقالت: "نود بالتأكيد العودة في وقت ما"، مضيفة أنها وجدت صعوبة في التعود على الحياة في ألمانيا وواجهت صعوبة في تعلم اللغة الألمانية، "لكن الوضع ليس آمنا الآن".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحملات الانتخابية تعليق طلبات اللجوء سقوط الأسد ألمانيا الحرب في سوريا فی ألمانیا فی قبرص
إقرأ أيضاً:
سيطرة “إسرائيل” على سوريا.. مقدّمة لحرب ضدّ إيران
في ما بدا جلياً أنه مخطّط إسرائيلي تركي أمريكي لإسقاط الرئيس بشار الأسد، قامت مجاميع مسلحة مكونة من عشرات الآلاف المدرّبة والمدعومة من قبل تركيا وأوكرانيا و«إسرائيل» بالهجوم على الجيش السوري انطلاقاً من إدلب باتجاه حلب، لتُتبعه بعد ذلك بالتوجّه إلى حماة وحمص التي توقّف عندها القتال بشكل مريب ليتمّ الإعلان بعدها عن انسحاب الجيش السوري من القتال وتسليم العاصمة السورية لهذه الجماعات المسلحة.
وقد تلى ذلك قيام «الجيش» الصهيوني بهجوم جوي كاسح، أدى إلى ضرب كلّ المطارات والقواعد العسكرية للجيش السوري وغيرها من المرافق، ليتمّ بعدها تقدّم بري باتجاه دمشق لإقفال طريق دمشق بيروت.
بعض المؤشرات تفيد بأنّ ما يجري في سوريا قد لا يكون نهاية المطاف، بل قد يكون مقدّمة للانطلاق نحو العراق ومنها إلى إيران، وفي هذا الإطار كتب مايك ويتني مقالاً في 1 ديسمبر، أي قبل أسبوع من سقوط نظام الرئيس الأسد، بعنوان «بالنسبة لنتنياهو، الطريق إلى طهران يمرّ عبر دمشق».
وبالنسبة للكاتب فإنّ سوريا تشكّل جزءاً لا غنى عنه من خطة «إسرائيل» الطموحة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، حيث تعتبر قلب المنطقة وتعمل كجسر بري حاسم لنقل الأسلحة والجنود من إيران إلى حلفائها، فضلاً عن كونها المركز الجيوسياسي للمقاومة المسلحة للتوسّع الإسرائيلي.
ويرى الكاتب أنه من أجل الهيمنة الحقيقية على المنطقة، يتعيّن على «إسرائيل» أن تطيح بالحكومة في دمشق وتضع نظاماً دمية لها شبيهاً بأنظمة الأردن ومصر، وبما أن نتنياهو استطاع إقناع واشنطن بدعم مصالح «إسرائيل» من دون قيد أو شرط، فلا يوجد وقت أفضل من الآن لإحداث التغييرات التي من المرجّح أن تحقّق خطة «تل أبيب» الشاملة.
وعلى هذا فإنّ بنيامين نتنياهو شنّ حربه البرية من الجنوب لخلق حرب على جبهتين من شأنها أن تقسم القوات السورية إلى نصفين، بالتنسيق مع هجوم الجماعات المسلحة من الشمال. وبعد الإطاحة بالأسد، وهو ما تنبّأ به ويتني، فإنّ حلم «إسرائيل» بفرض هيمنتها الإقليمية بات قاب قوسين أو أدنى، خصوصاً في ظلّ تعهّد ترامب بإعطاء الضوء الأخضر لشنّ حرب ضدّ إيران كجزء من صفقة مقايضة مع اللوبيات التي أوصلته إلى البيت الأبيض.
وفيما اعتبر الكاتب أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو الوحيد الذي كان قادراً على وقف مفاعيل هذا المخطّط بتقديم الدعم اللازم للرئيس الأسد للصمود في مواجهته، إلا أنّ ما جرى كان معاكساً تماماً، إذ أنّ روسيا اختارت أن تتوصّل إلى تسوية مع تركيا، لحقن الدماء عبر دفع الأسد إلى القبول بتسليم السلطة.
لكنّ مراقبين اعتبروا أنّ هذا شكّل خطأ في الحسابات الاستراتيجية وقعت فيه روسيا، يماثل الخطأ الذي وقعت فيه قبل عقد من ذلك التاريخ حين تخلّت عن الزعيم الليبي معمر القذافي.
واعتبر محللون إسرائيليون أنّ سقوط الأسد شكّل ضربة استراتيجية لروسيا هي الأقوى التي تتعرّض لها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، إذ أنّ هذا سيؤدّي إلى إضعاف حضورها في الشرق الأوسط بشكل كبير، ولن تستعيض روسيا عن خسارتها لسوريا بكسب ودّ الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية أو مصر.
والجدير ذكره أن الرئيس الأسد نفسه وقع في أخطاء استراتيجية قاتلة حين اختار الابتعاد نسبياً عن إيران ومحاولة التقارب مع أبو ظبي والرياض للحصول منهما على مساعدات اقتصادية لترميم وضعه الاقتصادي المهترئ، لكنه وبعد سنوات من محاولات فاشلة فإنه لم يحصل على أي شيء مما كان يأمله، وقد أدى هذا الخطأ الاستراتيجي إلى أنه عند بدء هجوم الجماعات المسلحة عليه من الشمال فإن وضع جيشه ميدانياً كان معرى في ظلّ تقليص أعداد المستشارين الإيرانيين وقوات حليفة لهم في الميدان السوري، وبما أنّ التجربة أثبتت أن الدعم الجوي لا يغيّر مجريات الميدان، فإن هجوم الجماعات المسلحة جاء بالنسبة للأسد في وقت قاتل.
والجدير ذكره أنّ هذه العملية المدعومة من الولايات المتحدة و»إسرائيل» والقاعدة وتركيا ضدّ سوريا، باستخدام وكلاء ومجموعات مختلفة، تمّ التخطيط لها منذ فترة طويلة من أجل تحويل قوات الجيش السوري وزعزعة استقرارها وإرهاقها، والسماح لـ «إسرائيل» بالدخول من الجنوب، ومنع تدفّق الأسلحة إلى حزب الله من إيران إلى العراق وسوريا ثم لبنان.
هذا يجعلنا نستنتج أنّ الحرب الإسرائيلية على لبنان ستتواصل، وأنّ مفاوضات وقف إطلاق النار بين لبنان و»إسرائيل» ما هي إلا ملهاة من قبل «تل أبيب» لتنهي فيها عملية تموضعها على طريق بيروت دمشق لتقطع هذه الطريق من الجهة السورية وتمهّد لحملة جوية كثيفة على حزب الله، بذرائع تحمّل الحزب مسؤولية خرق اتفاق وقف إطلاق النار.
وهنا لن تحتاج «إسرائيل» إلى التغلغل البري في لبنان، بل إنها ستعتمد على الجماعات المسلحة التي سيطرت على العاصمة السورية لتقوم بالمهمة عنها عبر التغلغل إلى بيئات شكّلت حاضنات لهذه الجماعات في منطقة عنجر والبقاع الأوسط، وأجزاء من البقاع الغربي، وأيضاً في شمال لبنان انطلاقاً من تل كلخ إلى سهل عكار فمدينة طرابلس.
وقد ينطوي ذلك على مخاطر للدفع باتجاه تغيير ديمغرافي يؤدي إلى تهجير قسم كبير من الشيعة إلى العراق وتهميش الباقين منهم في لبنان، ليتمّ تقاسم النفوذ بين المسيحيين من جهة والسنة من جهة أخرى مع تأدية الدروز دور الموازن في العلاقة بين الطرفين، علماً أنه ستكون لـ «إسرائيل» الدالة الكبرى عليهم بعد احتلالها لجنوب سوريا وإدخالها دروز الجولان وجبل العرب تحت مظلتها.
من هنا فإنّ «إسرائيل» ستكون هي المهيمن على لبنان عبر تحالفها مع أطراف مسيحية تربطها بها علاقات تاريخية من جهة، ومع السنة في لبنان عبر الدالة التي سيمارسها عليهم الحكم السني في دمشق، مع تشكيل الدروز للكتلة الأكثر فاعلية في موازنة وضع النظام اللبناني الذي سيكون تحت القبضة الإسرائيلية.
ويرى المراقبون أنّ وقف إطلاق النار المؤقت، سيمنح «إسرائيل» الوقت للتعافي لأنها ضعيفة، والوقت لوضع استراتيجية مع الإدارة الأمريكية الجديدة التي ستكون الأكثر صهيونية في تاريخ الولايات المتحدة، أما بالنسبة لتركيا، فهي ستستغلّ ذلك لضمّ شمال سوريا في إطار مطالبتها بمدينة حلب.
لهذا فإنّ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان كان مستعدّاً حتى للتنسيق مع جماعة قسد والاعتراف لها بسيطرتها على شرق سوريا.
أستاذ تاريخ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية