"إداش كان فيه ناس
ع المفرق تنطر ناس
وتشتي الدني
ويحملوا شمسيي
وأنا بإيام الصحو..
ما حدا نطرني.."
عند واجهة محل الملابس المفضل لدي، ثمة امرأة وحيدة. تشبهني كثيرًا، في مثل طولي لكنها تبدو أكبر. نظرت إليها أراقب ملابسها الرقيقة، وترهلات جسدها التي تظهر أكثر وضوحًا من بعيد، شعرها المجهد الذي كان يومًا مضربًا للمثل في الجمال والألق قبل أن تتلفه كثرة المصففات ومجففات الشعر، عيونها التي كانت كل فتيات جيلها تقلد مكياجها ورسمة الكحل فيها، قوامها الذي أصبحت رشاقته متصابية تحتفظ بقليل من الرونق وبعضٍ من الكبرياء.
في المرآة نفسها وقفت فتاة وأمها تحدقان بي، تتحدثان عني وتضحكان، نظرت لهما علهما تنتبهان أنني لست صورة معلقة على الحائط. استمرتا في الضحك، سمعتها تقول لأمها: "دي وحشة جدًا في الحقيقة يا ماما، هي كبرت كده ليه؟."..
سحبت شعري من خلف أذني مسدلة إياه على نصف وجهي، وارتديت نظارتي الشمسية ناظرة إلى الأرض ومشيت.
كان المطر غزيرًا يهطل بعنف. أسير وحدي، والجميع متشابكو الأيدي، لا أدري إلى أين. أمشي تحت المياه بينما الناس يحتمون.
لطالما مشيت والجميع يحتمون، ينتظرون ليشاهدوا ماذا سيحدث لي أولًا.
هربت مني سنو العمر؛ تفلتت من بين أصابعي، ونسيت أن أعيش.
بالأمس فقط كنت في أوج الشهرة والمجد؛ لم يكن بيتي يخلو من المخرجين والمنتجين، يتهافتون على طلبي لأعمالهم؛ لا أجد وقتًا لأفكر، لا أستطيع أن أمشي في مكان عام من كثرة المعجبين والمعجبات، يغرقونني حبًا، يتهافتون على التصوير معي، أصوات الفلاشات، صرخات المعجبين، ابتساماتهم، وأقلامهم، "أوتوجرافاتهم"، لقاءات، جوائز...
أين اختفوا؟ أين ذهبوا عندما تركت كل شيء من أجلهم؟
وصلت إلى منزلي. شعري مبلل. أشعر بالبرد. تنتابني رعشة كلما رن في أذني صوت الفتاة وهي تقول: "دي وحشة جدًا في الحقيقة".
فتحت صومعتي، وشغلت شاشة العرض الخاصة بي. جلست أشاهد قصصي التي لم أعشها، أسافر مع أفلامي واحدًا تلو الآخر.
ثم انقطعت الكهرباء.
صفا عزت صيام
الإسكندرية
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
رابطة العالم الإسلامي تُدين الهجمات التي تعرّضت لها مخيمات النازحين حول مدينة الفاشر بالسودان
أدانتْ رابطة العالم الإسلامي، بأشدِّ العبارات، الهجماتِ التي تعرضت لها مخيمات النازحين حول مدينة “الفاشر” بالجمهورية السودانية، مُخلِّفةً عددًا من الضحايا.
وفي بيانٍ للأمانة العامة للرابطة، ندَّدَ معالي الأمين العام رئيس هيئة علماء المسلمين فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى بهذه الهجمات، التي تُمثّلُ انتهاكًا لكلّ القِيَم والأعراف الدينيّة والإنسانيّة، وارتدادًا عمَّا اتفق عليه في “إعلان جدة”، بشأن توفير الحماية للمدنيِّين.
وأعرب فضيلتُه عن تضامن الرابطة مع الشعب السوداني في ظلّ هذه المأساة التي يعيشها، مقدِّمًا صادقَ التعازي والمواساة لذوي الضحايا، ومتمنيًا للمُصابين عاجلَ الشفاء.