الخروج في بداية يوم شتوي عادة لازمتني بعد رؤيتها الأربعاء الرابع من نوفمبر، السادسة صباحا، لا أذكر سببا واضحا لخروجي باكرا يومها، الجو شديد البرودة، ترى الشمس متوارية خلف السحاب الكثيف الواصل بين الأمد، مرتقب بذاته عن أرض العموم النائمة. اتكأت يدي على البناية المواجهة للساحة حيث يقطعها ثلاثة شوارع رئيسية تنطوي كل منها على عدة زوايا وفروع بجانبها الأيمن مزايا عديدة، حيث يقع محل شهير لبيع اللحوم يجاوره مسجد قديم جديد يليه بناية مخلخلة يرتادها أصحاب المصالح والمهن وعمال الأقلام، وأخيرا بناء واسع يحيط به سور متين يسمح بخروج الحمير والخراف والنعاج بعد التعافي، وعلى الناحية المتصلة بالعديد من المنازل تراني واقفا مغمض العينين تارة وجاحظهما تارة أخرى، وعلى ما يبدو أن الشمس الهاربة تفعل فعلتي محاولة النظر نحو البيوت الهامة بالاستيقاظ وبدأ معها السريان للساحة، ظل الحال بضع دقائق اعتياديا حتى حلت بتجاهي السيدة الأربعينية الحال، ملونة العين، سوداء الرداء، تبتسم ابتسامة واسعة صافية مريحة، رافعة يدها اليمنى مقاربة للرأس، سار داخلي شعور خفي حمل قدمي للسير خلفها تارة وأمامها تارة أخرى، أمشي بمحاذاتها يمينا وأعود مكررا الفعلة ناحية الشمال.
قلبي يخبرني بشيء لا أراه، وكلما أجبرت عقلي على التوقف أخضعتني قدمي على المسير.
خطواتها الرشيقة الواثقة أثارت لدي حالة غريبة من رعشة البدن وتلعثم الكلام، تبدو كطفلة في العاشرة تلهو وتلوح للجميع بيدها الواقفة منذ أن رأيتها، ها هي تلوح للعامل هناك وراكب السيارة وبائعة الخبز وصاحب المحل حتى أنها اشترت الكرنب الأخضر واضعة واحدة على رأسها والأخرى ترفعها بيدها الواقفة.
بعد عدة خطوات نادت عليها إحدى النسوة المارات فعرضت عليها السيدة إحدى الكرنبات على ما يبدو لم تعجبها لوجود بعض قطرات الدم عليها ولكنها أخذت التي فوق الرأس عوضا عن الأخرى.
واصلنا السير بالنهار إلى وسطه حيث الشمس واهجة لا تخشى شيئا، مررنا بالكثير من النساء في الطريق .. المكحلة والمنتقبة، المُصيغة على كلتا اليدين والخالية من الرمق، الكل في شتات والعادة واحدة تلويح باليمين وابتسامة واسعة على الخد.
ها هي تفتح الباب على مصراعيه والشباك أيضا وتجلس وسط البيت في هدوء قاتل تلاه انهيار غزير لدموع حبيسة ظهرت بعدها كهرم قابع في فراغ دامس ينظر ليده المحترقة المقطورة بالدماء، هول ما كان بي لا يقارن مع هيئتي الفازعة، فالقماش الأبيض الذي أحيط باليد المحترقة شغلني بسؤال: ما هو الواقع؟ هل هو ما أردنا ظهوره للجميع أم الشيء الذي أردنا إخفاءه فظهر؟
نورهان طرش
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الخروج
إقرأ أيضاً:
محطات الرصد تسجل هزة أرضية في إحدى مديريات شبوة
وأكد رئيس مركز رصد ودراسة الزلازل والبراكين في محافظة ذمار، المهندس محمد حسين مطهر الحوثي " أن الهزة الأرضية بقوة 3.1 درجة خفيفة في عتق أمس السبت عند الساعة 11.10 مساء.
وأشار إلى أن محطات الرصد اليمنية سجلت خمس هزات ارضية في اثيوبيا خلال اليوم الاحد تراوحت قوتها بين 3.9-4.8 درجة على مقياس رختر بحسب النشرة الزلزالية المرفقة.