بوابة الوفد:
2025-02-12@03:39:18 GMT

نُزلاءُ الوحدة

تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT

قالتْ لي أمي لا تبتعدي كثيرًا، بعد قليل سَيَهِبُّ هواءٌ عنيف، ستأخذنا العاصفة على أي محمل.

حاولي أنْ تَرْكضي سريعًا، وأن تكوني بِجِواري قدرَ المُسْتطاع.

قُلتُ لها: حَاضر يا ماما. ولمْ أتوقع أبدًا حَجم كلامها!

 

هبّتْ ريحٌ شديدة، وَرَكَضْنا كلٌّ في سَحَابِهِ. 

أَخَذَتنا العَاصفة، واحْتشدنا في مكانٍ واحد، اصْطَدَمْنا، وتخبَّطْنا في بعْضِنا من شِدةِ الهَواء.

 

كانت ماما تتمسكُ بي؛ لنهبطَ في مكانٍ واحد أيضًا.

ولكن حَدث تفريغٌ لشُحنةٍ كهربية، ولمْ ألبثْ إلا أنْ سَمعتُ صوتَ دويٍّ عالٍ، ورأيتُ شرارةً كهربية، تفرّقنا بعنف.

هَبَطْنا على إثر ذلك شتّى، في سرعةٍ رهيبة، انحلَّتْ يدي من يد ماما، وأخذتْني الريحٌ لمكان بعيد.

كان يومًا شتائيا جللا، مُغرِقًا لشارعِ الأرضِ الذي هبطنا فيه.

قرَّرَتْ فيه أمٌّ تحملُ كَرتونًا مغلقًا، فيه شيء ما! استقلتْ سيارة "الميكروباص"، ونزلتْ في شارع البحر على الكورنيش. تَعلمُ مُسْبقا أنّ الشوارعَ فارغةٌ جميعها بسببِ سوءِ حالةِ الطقس في قلبِ الديسمبر الأخير. فاطمأنّتْ لذلك. 

على الرغم من ارتجافها الداخلي، ترجّلتْ من الميكروباص، وتمشّتْ قليلًا كَمَنْ يبحثُ عن شيء، أو يَحار في الوصول لشيء ما.

وقفتْ في نقطة معيّنة على سلّمٍ من الإسمنت، به درجتان فقط، يبدو لبيتٍ مُغلق، أو مَحلٍ غيرِ مُستعمل في بيت ما.

 

نظرتْ ثانيةً يمينًا وشِمالًا، راحتْ خطوةً للأمام، ورجعت أخرى للخلف. نظرتْ أيضًا مجَدّدًا. وبخفّة يد ساحر يلعب ألعابا خادعةً للبصر، وضعت الكرتونَ أرضًا، كأنّ شيئا لم يحدث.. وفي ثانية انطلقت للأمام.

 

مِن حُسْنِ حظّها أنْ لم يشاهدْها أحد، ماذا كانت تلبس، كيف بدتْ، ما ملامحها، وملامح ارتجافها، كيف ذابت بين الشوارع ولم يعكس صورتها ماءُ الإسفلت.

 

ولكني رأيتهُا وحَفظتُ تشكيلَ قسوتها في عينيها الحَجَرِيَّتَيْن.

ولا أدري أكان من حُسْن حظّي أم من سوء حظّي، أنْ هبطتُ أنا فوقَ وجهِ الكرتون، تخلّلتُه، حتى تفككتْ طبقاته.

كنتُ قطرةً ضَعيفة، ولكن من شِدة وسرعة السقوط، استطعتُ اختراقَ طبقات الكرتون الضعيف، وهبطتُ على وجه الطفلة الملقاة بداخله.

كانت على شفا بكاء، مهزوزة، تُصلب عيناها الرماديتان في سقف الظلام.

خطواتُ أمها لإلقائها، كانت آخر ما هَدْهَدَهَا.

 

هبطتُ على وجهها ببطء، فقد هدَّأَتْ طبقاتُ الكرتون السفلى سرعتي.

كانت على شفا بكاء، وكنتُ بكاءَها. غسلتُ حزنَها الحاليّ، وأخبرتُها:

"لا تحزني، أنا أيضا فقدتُ ماما لتوّي، هذا الماء الذي بوجهك، لم يتفجّر حتى من حَجَر قلبِ أمك! فإنها لم تمهِلْ نفسَها فكرةَ احتضانِك أو اعتصارِك للمرّة الأخيرة..

اسمعي أيتها اليتيمة للتوّ، عندما يفتح أحدهم صندوقك، وينير ظلمتك، دَعيه يُشبه أمك،

 ابتسمي له، فربما سيكون أرحم بك، سيُخرجُك للحياة، وسيُخرجُني للشمس لتجففني وأعود إلى سحابةٍ جديدة تشبه كذلك ماما.

 جيلان زيدان

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أمي محمل س ح اب ه

إقرأ أيضاً:

مجدي مرشد: مصر لن ولم ترضخ لأي ضغوط مهما كانت لتصفية القضية الفلسطينية

أدان الدكتور مجدي مرشد نائب رئيس حزب المؤتمر رئيس المكتب التنفيذي للحزب بشأن خطته لتهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة مشيرا إلى ان هذا المخطط مرفوض جملة وتفصيلا ومصر ستقف بكل قوة أمام هذه المخططات .

واكد مرشد في تصريح له ان مصر لن ولم ترضخ لأي ضغوط مهما كانت لتصفية القضية الفلسطينية ولن تخضع لأي ابتزاز مهما كان الثمن وستواصل دورها التاريخيّ في الدفاع عن الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني حتى إقامة دولته المستقلة.


وأشاد مرشد بالموقف العربي الرافض بقوة لتصفية القضية الفلسطينية مشددا على ضرورة صياغة رؤية عربية موحدة خلال القمة العربية الطارئة بالقاهرة لمواجهة المخطط الأمريكي المنحاز لأطماع الاحتلال الاسرائيلي.


وأشار إلى ان مصر لديها تصور لإعادة إعمار غزة  بما يضمن بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه بما يتسق مع الحق المشروعة والقانونية لهذا الشعب مؤكدا ان اسرائيل تتحمل مسؤولية أي خرق لاتفاق وقف إطلاق النار.

مقالات مشابهة

  • مجدي مرشد: مصر لن ولم ترضخ لأي ضغوط مهما كانت لتصفية القضية الفلسطينية
  • غياب ثنائي الاتحاد عن مواجهة الوحدة
  • السيطرة على حريق داخل مصنع لإنتاج الكرتون في الدقهلية
  • بكاء وخطف وحلق| ريم البارودي تكشف تفاصيل أزمتها وغيابها عامين
  • "بداية الحلقة صعبة".. بكاء ريم البارودي بعد عرض صورة والدها
  • لحظة بكاء إليسا أمام جمهورها في حفل دبي.. فيديو
  • هبوط طائرة بدون عجلات في مشهد يحبس الأنفاس … فيديو
  • شهيرة تدخل في نوبة بكاء خلال توديع شقيقها بصلاة الجنازة (صور)
  • تقنية أمريكية مذهلة لتهدئة بكاء الأطفال
  • جانتس: حكومة إسرائيل كانت تعلم الظروف السيئة للمحتجزين لدى حماس