الحب لغة التواصل بين الشعوب والأفراد
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
الحبّ: نقيض البغض، فالحب شعور يعترى الإنسان، ومازلت حتى الآن أعجز عن تفسيره، فالحب مشاعر لا يستطيع الإنسان تفسيرها كالغضب والألم، وكل الأشياء التى نشعر بها! ولا يمكن لمسها باليد، هل هى موجودة حقًا؟! هذا ما يؤكد لى دومًا أن أجمل الأشياء التى تحدث فى حياتنا هى ما نشعر بها ونحس بها ولا نستطيع رؤيتها أو حتى لمسها.
شعور غريب يجعلك تشعر بالحياة وتشعر أنك حى وتشعر بجمال كل شيء بالحياة، تشعر بالحب، ليس فقط من ناحية شخص معين بل تشعر بأنك مُحب للجميع وللحياة، وهذا ما يجعل الجميع عندما يصلون لمرحلة عمرية معينة وعلى ما أعتقد مرحلة النضج التى لا علاقة لها بالسن بل بالتعمق فى الحياة يشعر أن كل شيء ليس له أى أهمية لا أموال ولا مناصب ولا غيره، بل يشعر بأنه بحاجة إلى حب وكل شيء معنوى يجعله يشعر بالحياة وبأنه حى!، تشعر أن قلبك ينبض وأحيانًا تصل لحالة خفقان القلب المصاحبة للحب، إنه معجزة بحق يعجز العلماء عن تفسيرها! ولكن حاولت تفسيرها بأن السر فى ارتياحك لهذا الشخص دون غيره هو الروح، وهى سر الحياة، الروح التى تُميز شخصًا عن آخر تجعلك تريد الحديث مع هذا وذاك لا، الروح التى ليس لها علاقة بالشكل ولا غيره، بل شعور يعتريك عندما تصادف شخصية ما وتجد نفسك لا تُريد مفارقتها! هل يرتبط حب الروح بقول الله تعالى : «وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى»، وهل هذه الآية مُرتبطة بقوله تعالى :«وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِى الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ»، فالله سبحانه وتعالى هو المؤلف بين القلوب وأيضًا تآلف الأرواح يحدث لأن الله سبحانه وتعالى جعل الروح من أمره! جعلنى ذلك أتساءل: ما السر فى تقربنا لشخص وآخر لا، أيضًا أسمع عن جمال الروح، ولكن من المُتحكم فى الروح والقلب؟! هل نحن أم الله؟ فمن ربط على فؤاد أم موسى؟ نتساءل دومًا عن سر القبول لدى البعض ووجدت الإجابة فى قوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا».
هل علمتم الآن لِمَ حب الروح يدوم؟! لأن حب الروح هو الحب الحقيقى، الحب الربانى الذى لا يرتبط بأسباب ولا بمصلحة، فابحثوا عن الحب بداخلكم قبل أن تبحثوا عنه بداخل كل شخص تصادفونه، الحب شعور قد يكون وهميًّا لا يجب أن يُبنى عليه أى علاقة، بل العلاقات الدائمة الحقيقية تُبنى على المواقف، الأفعال، إحساس الأمان والثقة، فقبل أن تنتظروا يوم عيد الحب للاحتفال به والتعبير عن المشاعر فى ذلك اليوم، اعلموا ما هو الحب! فلو علمتم لما احتجتم ليوم واحد للاحتفال به، بل ستشعرون أن أيام السنة كلها حب، ستعلمون جيدًا أن الحب الحقيقى ليس فقط شعورا جميلا مؤقتا، بل عدة مواقف وأفعال واحترام متبادل وثقة وصدق تصل بك فى النهاية إلى هذا الشعور، وبدونها انعدم هذا الشعور. فلا تبحثوا عن قصة حب جميلة، فالحب من السهل أن تجده أما الثقة والأمان من الصعب أن تجدهما، فمن السهل أن تجد من يملًأ قلبك لكن من الصعب أن تجد من يُشبعك فكرياً!
وأختتم بمقولة للبابا تواضروس الثانى خلال تشريفه صالون الحداد الثقافى وهى «إن الحب مفتاح قلب الإنسان، وعندما تبدأ فى بناء أسرة يجب أن تكون هناك عاطفة مقدسة طاهرة».
عضو مجلس النواب
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عضو مجلس النواب
إقرأ أيضاً:
الحب في زمن التوباكو (6)
مُزنة المسافر
غرقتُ يا جولي في مياهٍ راكدةٍ، ووقعتُ على وجهي، ونسيتُ أنه حولي، وادَّعيتُ أنني ميتة، وجاء لينقذني ألف مرة من بركٍ راكدة، وبحيرات جامدة، وبراكين خامدة.
جوليتا: وماذا حدث بعد ذلك يا عمتي؟
ماتيلدا: علمني كلمة لم اسمعها من باقي الرجال في ذلك الزمن الغابر، كنتُ أعتقدُ أن حظي- يا إلهي- عاثرٌ حتى وجدني رجل القطار، وكانت مقطورة حياتي من المفترض أنها الأفضل على الإطلاق؛ لأنه علمني لغاتٍ فرنجية، وسلوكًا مُهذَّبًا مع الغرباء، وكنتُ أنوي أن أراه كل ليلة قبل أن أُغني، وكُنَّا نحتسي القهوة سويةً كل نهار، ونقول بكلمات السعادة، كنتُ أضحكُ كثيرًا يا جولي، وكانت عيناي تلمعان دائمًا، كنتُ لطيفةً وآلامي صغيرة، وأفكاري كثيرة، ومشاعري مثيرة وأردتُ أن أُنير حياتي بشيء متوقد غير الحب.
جوليتا: ما هو يا عمتي؟
ماتيلدا: صوتي صار بطبقةٍ حلوةٍ للغاية، وكنتُ أستمتعُ وأنا أسمعه جيدًا كل ليلة على المسرح مع الميكرفون والجوقة والبشر الذين جاءوا ليُردِّدوا كلماتٍ كتبتُها، كنتُ أكتبُ القصص الممتعة أكثر من الغناء بالآهات.. كل يومٍ كان لي بطلٌ وقصة، وبطلة ونص.
وكان أبطال مغناي يتكررون ويتعاظمون، ويحملون السيوف أو يعتلون الخيول، وأحيانًا كنتُ أنسجُ أُحجيات غريبة، وأمنيات عميقة، وكان جمهوري يزيد ويريد الكثير من صوتي.
ولم يكن لي الوقت لأرى رجل القطار أو أسيرُ بين المعجبين الجُدد، كان لي جمهور باسمي، ويردد ما تقوله نفسي، ويعبرون ويخبرون عني كل الخير. وحين جاءت الانتخابات، كان الساسة ورجال كثر يتجمعون، يطالبون أن أغني في محافل مهمة، وأقول بكلمات وجلة حول شخص ما، ومنحوا لي تذكرة لباخرة كانت مغادرة إلى آفق غريب.
كنتُ أذهبُ وأعودُ، لا يمكنني أن أرحل كثيرًا، كان غنائي لهذا الجمهور الذي يسأل عني حين كنتُ أعتذرُ في أيام العلل، وكان جمهوري لا يشعر بالملل، ويحب أن يردد مغناي دون كللٍ.
وكنتُ أحبُ ذلك كثيرًا يا ابنة أخي.. كان مجدًا مُهمًا، وكان وَجدي قد اتخذ صندوقًا محكمًا داخل قلبي، فلم أشعر أنني بحاجة إلى رجل القطار، وكان قلبي لا يقفز أبدًا إلّا للحن والكلمات؛ لأنه كان أكل عيشي، والمكان الذي أشعرُ فيه أنني أعيشُ بكل حواسي وإحساسي، وكنتُ أكتبُ دون توقفٍ، أغنياتٍ جميلةً، حرفًا بجانب حرفٍ، وقافية ناصية في كل سطر، وألحانًا عاصية على النسيان. كان همِّي الكبير أن أكون أصدق إنسان، وأن أحكي ما يشعرُ به المستضعفون والبشر الذين فقدوا عطايا الله من أحباء وأصدقاء، وكان لي رغبة كبيرة- يا جولي- أن أُشعلَ حياتهم بشموع الحياة، وأراهم سعداء، كنتُ أسمعُ صلواتهم أحيانًا في آحادٍ وحيدةٍ، وفي دروبٍ بعيدة، وأرى آلامهم متكررة، وأحزانهم متوسِّدة، وكان خوفي أن تسقط مني كلمة جارحة، كنتُ أخشى أن أقول لهم أنني أراهم للقريحة، واتخذ من مشاعرهم موطنًا لها. وغيَّرتُ سلوكي وقلتُ إنَّ شعوري ليس للقصائد ولوسائد اللحن العظيم؛ بل هي للأرواح الضائعة، والهائمة، والقائمة على الخير، والراغبة رغبة كبيرة في أن يكون هذا الكون متوازنًا، وأنني لن أكتب شيئًا مستعجلًا؛ بل سأكتبُ للنبلاء من الناس، ولمن نسوا الخيلاء، ولمن يحب الكبرياء والكرامة، ولمن يسيرون في هذه الحياة بسلامة.