ديننا العظيم هو دين الرحمة، ونبينا (صلى الله عليه وسلم) هو نبى الرحمة، وربنا (عز وجل) هو الرحمن الرحيم.
وفرّق بعض العلماء بين «الرحمن» و«الرحيم» من وجوه، فقال بعضهم: الرَّحْمَن هُوَ: ذُو الرَّحْمَةِ الشَّامِلَةِ لِجَمِيعِ الْخَلَائق فِى الدُّنْيَا، وَلِلْمُؤْمنِينَ فِى الْآخِرَة، أما الرحيم فهو: ذُو الرَّحْمَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حيث يقول (سبحانه وتعالى): «وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا»، وقال بعضهم: الرحمن هو الذى يكشف الكروب، والرحيم هو الذى يغفر الذنوب، فالأول عام؛ لأنه يكشف الكرب عن المؤمن وغير المؤمن، والثانى خاص بالمؤمنين بمغفرة ذنوبهم فى الدنيا ورحمتهم فى الآخرة.
وقد اجتمع الاسمان معًا فى مواضع من القرآن الكريم، حيث يقول سبحانه: «الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، ويقول (عز وجل): «وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ»، ويقول (عز وجل): «إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، ويقول سبحانه: «تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ».
والبسملة التى نقرؤها فى فواتح سور القرآن الكريم، ونتبرك بهـا فى حياتنـا كلهـا، ونبدأ بهـا أعمـالنا كلهـا تجمع الاسمين الكريمين: «الرحمن الرحيم»، وفى سورة الفاتحة التى يقرؤها المسلم سبع عشرة مرة فى صلاة الفريضة وحدها، فضلًا عن قراءتها فى صلاة النوافل، ونقرأ قول الحـق سبحانه: «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».
وفى التأكيد على ذكر اسم الله «الرحمن الرحيم» والجمع بينهمـا فى البسملة وفى الفاتحة، وفى مواضع عديدة من القرآن الكريم ما يؤكد على سعة رحمة الله (عز وجل) بعباده، فديننا دين الرحمة، ونبينا (صلى الله عليه وسلم) نبى الرحمة، حيث يقول (سبحانه وتعالى) لنبينا محمد (صلى الله عليه وسلم): «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ»، وكان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ)، فإذا أردت أن تحقـق معنى اسم الله الـرحمـن ومعنى اسم الله الـرحيم فكـن رحيمًـــا بخلقـــه، فإن (مَنْ لا يَـرْحَـمُ لا يُرْحَمُ).
ديننا دين الرحمة، وثقافتنا ثقافة الرحمة، وحضارتنا حضارة الرحمة، ومصرنا العزيزة عبر تاريخها الطويل بلد الرحمة والتراحم، فما أحوجنا إلى إحياء خلق التراحم فيما بيننا، رحمة الطبيب بمرضاه، ورحمة المعلم بطلابه، ورحمة الغنى بالفقير، ما أحوجنا إلى الرحمة بالضعفاء، الرحمة بكبار السن، الرحمة بالأيتام والمساكى، ما أحوجنا إلى الرحمة بالإنسان والرحمة بالحيوان والرحمة بكل ما حولنا، فإن الرحمة لا تنزع إلا من شقى، وإن الرفق لا يكون فى شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه، فالراحمون هم من يرحمهم الله، فارحموا تُرحَموا فى الدنيا والآخرة.
وزير الأوقاف
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وزير الأوقاف محمد مختار جمعة صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
الأزهر للفتوى: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل أفكار تخالف صحيح الدين والعلم
قال مركز الازهر العالمي للفتوى الالكترونية، إن الإسلام حفظ النَّفس والعقل، وحرَّم إفسادهما، وأنكر تغييب العقل بوسائل التغييب المادية كالمُسكِرات التي قال عنها سيدنا النبي ﷺ: «كلُّ مُسكِر خمر، وكل مسكِر حرام» [أخرجه أبو داود]، والمعنوية كالتَّعلُّق بالخُرافات، فقد رأى سيدنا رسول الله ﷺ رجلًا علَّق في عضده حلقة من نحاس، فقال له: «وَيْحَكَ مَا هَذِهِ؟»، قال: من الواهنة -أي لأشفى من مرض أصابني-، قال ﷺ: «أَمَا إِنَّهَا لَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا، انْبِذْهَا عَنْكَ، فَإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا». [أخرجه أحمد وغيره].
حصاد الأزهر للفتوى.. 66 ألف عمل إلكتروني ساهم في تقديم رسالة توعوية وسطية مؤسسة «فاهم» تعقد ندوة حوارية بمركز الأزهر للفتوى عن التعامل الأمثل مع الأمراض النفسيةوأضاف مركز الازهر العالمي للفتوى الالكترونية، أنه لا ينبغي للمسلم أن يعلق قلبه وعقله بضلال، ولا أن يتَّبع الخيالات والخرافات، ويعتقد فيها النَّفع والضُّر من دون الله.
وأوضح مركز الازهر العالمي للفتوى الالكترونية، أن كما رأى الإسلام أن ادعاءَ معرفة الغيب منازعةً لله فيما اختص به نفسه، واتباعَ العرافين ضربًا من الضلال الذي يفسد العقل والقلب، ويُشوش الإيمان؛ فالكاهن لا يملك لنفسه ولا لغيره ضرًّا ولا نفعًا، وهو كذوب وإن صادفت كهانته وقوع بعض ما في الغيب مرّة، ولا يليق إذا كان العرّاف أو المُنجّم يهدم القيم الدينية والمجتمعية، ويرسخ في المجتمع التعلق بالخرافه؛ أن يُستضاف ويظهر على الجمهور ليدلي إليهم بتنبؤاته وخرافاته، ثم تُتدَاوَل مقولاته وتُتنَاقل؛ بل إن مجرد سماعه مع عدم تصديقه إثم ومعصية لله سبحانه.
وأشار المركز إلى أن قال الحق سبحانه: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}. [النمل: 65]، وقال سيدنا رسول الله ﷺ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً». [أخرجه مسلم]
وأردف مركز الأزهر للفتوى، فما البال إن أفضى التمادي مع هذه الخرافات والافكار لفساد الاعتقاد، وارتكاب الجرائم، باسم العلم، والعلم منها براء؟!
وأكد مركز الأزهر للفتوى، إن ما ينتشر -في هذه الآونة- من رجم بالغيب وتوقعات للمستقبل من خلال حركة النجوم والكواكب، والأبراج والتاروت وغيرها؛ لهي أشكال مستحدثة من الكهانة المُحرَّمة، تدخل كثير من الناس في أنفاق مظلمة من الإلحاد والاكتئاب والفقر والفشل والجريمة، أو في نوبات مزمنة من الاضطراب العقلي والنفسي والسلوكي، وقد ينتهي المطاف بأحد الناس إلى إيذاء نفسه أو أهله؛ بزعم الراحة من الدنيا وعناءاتها.
وتابع الأزهر للفتوى: كل هذا يجعل امتهان هذه الأنماط المذكورة جريمة، والتكسب منها مُحرمًا، واحترامها والاستماع إليها تشجيع على نشر الفساد والخرافة، ويَقضِي ألَّا نراها -فكرًا وسلوكًا- إلا كجُملةٍ من المُخالفات الدينية، سيَّما وأن عامة طقوسها مُستجلَب من أديان وثنية، ويصطدم والعلم التجريبي، الذي لا يعترف بمنهجيتها في استنتاجاتها المُدَّعاة، حتى وإن أطلَّت على مجتمعاتنا عبر شاشات ملونة، أو قُدّمت للناس تحت أسماء مستحدثة، أو قُدّم المتحدثون فيها على أنهم خبراء وعلماء؛ سيبقى في طياتها الجهل والإثم، وصدق الحق سبحانه إذ يقول: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُون}. [الأنعام: 21]