وزير المالية عاشق الرياضة!
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
بعيدًا عن حياة الأرقام والنتائج وملفات الضرائب والإعفاءات والدين العام وصندوق النقد الدولى والأمور المالية المعقدة.. يبقى الدكتور أحمد كجوك وزير المالية عاشقًا للرياضة ولكرة القدم تحديدًا ومهتمًا بكل مفرداتها وتفاصيلها.. الأحد الماضى كان لقائى معه خلال الندوة التى نظمتها الهيئة الوطنية للصحافة برئاسة المهندس عبدالصادق الشوربجى لوزير المالية.
ودار حوار بيننا عن الرياضة والاقتصاد.. فبادرته بسؤال عن إمكانية توطين الصناعات الرياضية فى مصر.. فى ظل توطين كثير من الصناعات.. التى سيكون لها تأثيرها الإيجابي على الاقتصاد المصرى فى السنوات المقبلة وتوفير العملات الأجنبية.. خاصة أن مستقبل الاستثمار الرياضى فى العالم بات يحظى باهتمام كبير فى ظل قيام اقتصاديات كثير من الدول عليها.. وكيف أن كرة القدم أصبحت صناعة جذبت إليها كثيرًا من رءوس الأموال والمستثمرين فى كثير من الدول..
فقال الدكتور كجوك إنه بالفعل هناك اهتمام كبير بالاستثمار الرياضى.. وهناك خطط طموحة للنهوض بالصناعات فى مجال الرياضة.. مؤكدًا أنه بالفعل أنشئ عدد من المصانع التى تنتج الملابس الرياضية.. وفتحت لنفسها أسواقًا فى العالم.. وبدأت بالفعل فى التصدير لعدد من الدول.. وتتعامل مع فرق كبيرة وعالمية تثق فى المنتج المصرى.. خاصة أن السوق العالمى للملابس الرياضية من الأسواق الواعدة وتخطت فيه حجم الاستثمارات مبالغ ضخمة تصل إلى المائتي مليار دولار.. وهناك صناعات أخرى من القطاع الخاص دخلت المجال الرياضي بخلاف العائدات فى مجال السياحة الرياضية والبطولات التى تنظم سنويًا حول العالم.. وتحقق أرباحًا ضخمة وهائلة دخلت ميزانيات كثير من الدول.. التى أصبحت تعتمد على أنواع مختلفة من البطولات كبطولات الشواطئ وسباقات السرعة واليخوت.. ومصر غنية بشواطئها وتستطيع الاستفادة من هذا المجال ماديًا بالعملات الأجنبية.. بالإضافة إلى فتح أسواق عمل جديدة للشباب.
لم يكن الحديث مقصورًا فقط على الرياضة كصناعة.. ولكن كان هناك جانب آخر خاص بعقود اللاعبين.. وكيف أن هناك كثيرًا من الفرق ترفض الإفصاح عن الأرقام الحقيقية التى تدفعها للاعبيها.. وهو الأمر الذى يعرضها لبنود قانون التهرب الضريبى والمحاسبة.. خاصة أن هناك غرامات توقّع على بعض اللاعبين وتصل أرقامها بالملايين.. وهو الأمر الذى يعكس الأرقام الحقيقية للعقود خاصة للاعبين الأجانب والمدربين.. التى تتحمل فيها الأندية نسبة الضرائب وتكون ملزمة بسدادها لمصلحة الضرائب..
وليس هذا فقط ولكن هناك مبالغ ضخمة تراكمت على الأندية لصالح مصلحة الضرائب منذ عشرات السنين وباتت تمثل عبئًا على ميزانيتها.. هذا الملف من المؤكد أن وزارة المالية والوزير أحمد كجوك سيفتح بابه لخلق فرص للتصالح فى ظل سياسة الوزارة التى تنتهجها فى عهد الوزارة الحالية لغلق الملفات القديمة وتقسيط المبالغ المتأخرة على الأندية واتحاد الكرة الذى عانى في السنوات الأخيرة فى عهد جمال علام من المبالغ المستحقة والمتراكمة من سنوات سابقة لصالح الضرائب.
خالد عبدالمنعم – بوابة الأهرام
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: من الدول کثیر من
إقرأ أيضاً:
سقوط بشار.. ماذا تبقى بعد قتل الدولة؟!
كان سقوط نظام بشار الأسد منطقيًّا عقب اندلاع الثورة السورية فى مارس ٢٠١١، لكن أجهزة التنفس الصناعية الخارجية أمدت فى عمره ١٤ عامًا أخرى. إيران أرسلت القوات والأسلحة والمستشارين. حزب الله اللبنانى حارب معه، وكأنه يخوض معركته الكبرى. فصائل عراقية وأخرى من دول عديدة جاءت دفاعًا عنه باعتباره جزءًا من محور المقاومة، وعضوًا فيما عُرف بـ«الهلال الشيعى»، الممتد من لبنان وسوريا إلى العراق وإيران. ثم جاءت روسيا فى سبتمبر ٢٠١٥ لتثبيت أركان النظام ومساعدته على هزيمة المعارضة والفصائل المسلحة.
حقول القتل ملأت سوريا، وراح ضحيتها مئات آلاف المواطنين، وتهَجَّر بسببها الملايين، لكن بقاء النظام، الذى ينتمى بأيديولوجيته وممارساته القمعية وإعلامه إلى عصر الحرب الباردة، كان أهم من حياة السوريين. رغم الخلافات السياسية بينهما، كان النظام السورى توأم نظام صدام حسين فى العراق، الذى سقط نتيجة الغزو الأمريكى ٢٠٠٣، إلا أن بعض الرشادة فى سياسة دمشق الخارجية بالقياس إلى صدام أنقذته من الزوال. ليس غريبًا إذن أنه انهار. المفاجأة سرعة الانزلاق إلى الهاوية. خلال الفترة المقبلة، سينشغل الإعلام والصحافة والمحللون السياسيون بما يحدث فى سوريا فى ظل حكامها الجدد، ويحاولون معرفة طبيعة ما جرى، وكواليس صُنع القرار على أعلى المستويات فى تلك الأيام الحاسمة، وأسرار الاتصالات بين أركان النظام وداعميه الإيرانيين والروس، والأدوار التى لعبتها إسرائيل وتركيا والولايات المتحدة.
لكن هناك قضية محورية قد لا نلتفت إليها، وهى أن الانهيار السريع مرآة عاكسة لهشاشة الدولة السورية ومؤسساتها وعدم قدرتها على التعامل مع الأزمات، مما جعلها تلجأ إلى خيار الانسحاب من مهامها، وتسليم الأرض والقرار إلى الخصوم. هذه الهشاشة أصبحت، على ما يبدو، جزءًا لا يتجزأ من طبيعة بعض الدول العربية، كما أنها ليست وليدة اليوم. تاريخها ربما يعود إلى نشأة تلك الدول. الدولة الهشة تتسم بضعف الكفاءة فى أداء المهام الأساسية المنوط بها القيام بها، خاصة الاقتصادية، بشكل يجعل المواطنين فيها عرضة لأخطار عديدة. لكن الجانب السياسى يلعب دورًا مهمًّا فى إصابة الدول بالهشاشة وفقدان المناعة، مما يجعلها عرضة للانكسار، بل السقوط فى مواجهة الأزمات الخطيرة. الأجهزة التى من المفترض أن تتعامل مع تلك الأزمات لا تتصف بالمؤسَّسية ولا النزاهة والشفافية، وجوهرها الفساد، وغالبًا ما تتحول إلى هيئات قائمة على الشخصنة، بحيث إذا اختفى رئيسها، ينتهى عمل تلك المؤسسات. هذا ما حدث فى ليبيا. بوصوله إلى الحكم، قضى العقيد القذافى على ما تبقى من مؤسسات الدولة، التى لم تعُد دولة، بل جماهيرية تحكمها قرارات وانفعالات وأفكار العقيد الغريبة، وليس الدستور والقوانين. الأمر نفسه حدث فى العراق. سقطت كل مقومات الدولة بسقوط صدام لأنه كان المقومات ذاتها.
باستثناء مصر، التى يتجذر فيها مفهوم الدولة الممتدة عبر التاريخ، ولأن مؤسساتها قامت على التراكم منذ مطلع العصر الحديث، فإن الدولة مفهوم نظرى أكثر من حقيقة واقعة فى معظم عالمنا العربى، الذى نشأت دول كثيرة فيه عقب الحرب العالمية الأولى نتيجة اتفاق بريطانى وفرنسى. وحتى الدول التى نشأت واجهت عدم اعتراف من جانب شعوبها بها. لبنان ظل عقودًا عديدة يرفضه أكثر من نصف شعبه طلبًا للوحدة مع سوريا. غالبية السوريين تطلعت إلى وحدة عربية أكبر تتجاوز القطر السورى. ثم أسهمت الانقلابات المتتالية فى العراق وسوريا واليمن فى زعزعة مفهوم الدولة، وإضعاف، إن لم يكن تفتيت، المؤسسات التى تركها الاستعمار عند رحيله. القبيلة، التى تتجاوز حدود الدول، رسّخت فى أذهان بعض العرب أن الدولة ستقضى على خصوصياتهم ونمط حياتهم الذى ورثوه عبر مئات السنين.
سوريا تحديدًا كانت نموذجًا لعدم الإيمان بمفهوم الدولة، سواء اعتبارها مرحلة سابقة على الوحدة، أو من خلال نمط الحكم السائد منذ استيلاء الرئيس الراحل حافظ الأسد على السلطة ١٩٧٠. جمع الأسد كل السلطات فى يديه، كما لم يحدث فى تاريخ سوريا الحديث. الغريب أن طريقة الأب، التى أورثها لنجله بشار، كانت تلقى تأييدًا كبيرًا من مثقفين عرب اعتبروا أنها الطريقة الأنجع للتعامل مع القلاقل والاحتجاجات التى اعتبروها مؤامرة غربية تستهدف زعزعة الحكم، بل إنهم لم يرفعوا أصواتهم عندما ارتكب النظام المذابح فى حماة أوائل الثمانينيات.
فى رواية «خبر اختطاف»، للكاتب الكولومبى جابرييل جارسيا ماركيز، الفائز بنوبل فى الآداب عام ١٩٨٢،
(ترجمة صالح علمانى) يستدعى المؤلف مقولة مشهورة فى بلاده: «هناك قطاع من الكولومبيين قتل النمر ثم خاف من جلده». عرب كثيرون قتلوا الدولة، ثم تباكوا على تداعيات ما بعد القتل.
عبدالله عبدالسلام – المصري اليوم