عقار يستنكر موقف بريطانيا تجاه السودان بمجلس الأمن
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
مالك عقار أعلن الاستعداد لفتح صفحة جديدة مع المملكة المتحدة حال غيرت طريقة إدارة ملفاتها الخارجية المرتبطة بالسودان.
بورتسودان: التغيير
أكد نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار إير، عدم الرضا عما أسماه “الموقف السلبي البريطاني غير الداعم للشعب السوداني”، فيما أعرب عن الشكر لاهتمامها بالشأن السوداني.
والتقى عقار بمكتبه يوم الخميس، رئيس المكتب البريطاني للشؤون السودانية، الممثل الخاص للمملكة المتحدة ريتشارد كراودر.
وقال خلال اللقاء، إن السودان ليس في حاجة إلى مساعدات إنسانية بقدر احتياجه أولاً إلى حماية الإنسان السوداني والدفاع عن السيادة والأراضي السودانية من الاحتلال.
وأضاف بحسب تصريح من مجلس السيادة، “أن المساعدات لا يمكن أن تعيد الموتى إلى الحياة”، وأننا نواجه دعاية كاذبة بوجود مجاعة في السودان، فضلاً عن المحاولات الدولية لتطويق السودان وتحجيم إرادة شعبه، وأن هذا الأمر غير مقبول.
واستنكر عقار دور المملكة المتحدة كحاملة قلم في دورة مجلس الأمن الحالية وما وصفه بـ”دعمها الممنهج للموقف الإماراتي ضاربة بعرض الحائط تاريخ طويل مشترك في علاقات البلدين”.
وأشار إلى حديثه مع السفير البريطاني السابق وتنبيهه بأن التوجه الحالي لبريطانيا، وبقية اطراف المجتمع الدولي سيدفع بالسودان الي الحرب، وأن المملكة لن تجد مكاناً لترفع فيه علم السفارة البريطانية، وأن هذا بالفعل ما حدث.
وأكد عقار أن السودان على استعداد لأن يفتح صفحة جديدة مع المملكة المتحدة في ظل الحكومة الجديدة التي تم تشكيلها مؤخراً إذا غيرت طريقة إدارة ملفاتها الخارجية المرتبطة بالسودان.
وأشار إلى تطلع السودان إلى تعاون أفضل وعلاقات متينة بين البلدين.
وشدد على ضرورة احترام سيادة السودان، وأوضح أن الحرب ليست حرباً بين جنرالين “كما تروج المليشيا المتمردة” وإنما حرب شُنت على السودانيين لاحتلال أرضهم واستعمارهم، وأنه إذا رغبت بريطانيا في إنهاء معاناة السودانيين فعليها أن تتواصل مع دولة الإمارات لوقف الدعم اللوجستي الذي تقدمه للمليشيا- حسب تعبيره.
من جانبه، عبر رئيس المكتب البريطاني للشؤون السودانية، الممثل الخاص للمملكة المتحدة، عن تقديره لحسن الاستقبال وتسهيل زيارته للسودان، كما قدم تعازيه في ضحايا الحرب وعبر عن حزنه لمعاناة السودانيين- طبقاً للتصريح.
الوسومالإمارات الحرب السودان المساعدات الإنسانية المملكة المتحدة بريطانيا ريتشارد كراودر مالك عقار مجلس الأمن الدولي مجلس السيادةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الإمارات الحرب السودان المساعدات الإنسانية المملكة المتحدة بريطانيا مالك عقار مجلس الأمن الدولي مجلس السيادة المملکة المتحدة
إقرأ أيضاً:
دين وقضايا المجتمع الراهنة – قراءة في المشهد السوداني المعاصر
زهير عثمان
تعكس الحالة الفكرية السودانية اليوم تعقيدات تاريخية وسياسية واجتماعية متداخلة، يغذيها إرث من الأيديولوجيات المتصارعة والتحديات الراهنة، أبرزها الحرب والتيارات الدينية المتشددة. يتطلب هذا الواقع قراءة معمقة لفهم الجذور والمآلات، خاصة في ظل التباينات بين الطروحات الفكرية وأثرها على تشكيل المجتمع والدولة.
أثر الأيديولوجيات في السودان و انكسار الأحلام الثورية
كما في الدول العربية الأخرى، شهد السودان تجارب حزبية وأيديولوجية استندت إلى رؤى ثورية تحررية. من الحزب الشيوعي إلى الحركات القومية والإسلامية، مرت البلاد بفصول من التنافس الأيديولوجي الحاد. ركزت هذه التيارات على بناء "الدولة الحصينة" أو "الدولة الإسلامية"، إلا أن النتيجة كانت سلسلة من الإخفاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
افتقرت هذه المشاريع إلى رؤية تنموية شاملة، مما جعل السودان، رغم موارده الضخمة، يعاني من الفقر والتخلف. في النهاية، أصبحت الأيديولوجيا أداة للسيطرة بدلاً من التحرر، حيث ركزت القوى الحاكمة على البقاء في السلطة بأي ثمن.
الدين والسياسة - علاقة معقدة ومأزومة
علاقة معقدة ومأزومة
منذ استقلال السودان، كان الدين عاملاً رئيسياً في تشكيل الهوية السياسية والثقافية للبلاد. استخدمته بعض التيارات كأداة لتحقيق الهيمنة السياسية، مما أدى إلى استقطاب حاد داخل المجتمع.
الحركات الإسلامية، على وجه الخصوص، قدمت نفسها كبديل للمشاريع العلمانية واليسارية، لكنها عانت من فشل في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية. تفاقمت الأمور مع صعود التيارات المتشددة، التي حولت الدين إلى مشروع أحادي يهدف إلى تهميش الآخر وإقصائه.
ومع ذلك، ظل التصوف الشعبي يمثل ملاذاً روحياً للكثير من السودانيين الذين وجدوا فيه قيم التسامح والتعايش بعيداً عن الصراعات الأيديولوجية. في المقابل، ظهر التصوف الصفوي بين المثقفين كحركة تحاول إعادة تأطير الروحانية السودانية في سياق فلسفي وحداثي، مما أكسبه جمهوراً جديداً بين النخب الثقافية.
وفي السنوات الأخيرة، برزت ظواهر جديدة من بينها الإلحاد كحالة احتجاجية من بعض الشباب ضد هيمنة الخطاب الديني التقليدي. إلى جانب ذلك، شهدت البلاد انتشاراً لفكر "الوجوديين الجدد" الذين تأثروا بالعولمة وأيديولوجيات الانتماء للإنسانية بدلاً من الإيمان برب أو إله، حيث يعتبرون التجربة الروحانية الفردية وسيلة لاستكشاف الذات بعيداً عن القوالب الدينية التقليدية.
الحرب والمجتمع و تمزقات وآفاق
الحرب الحالية في السودان ليست مجرد صراع على السلطة، بل هي نتاج لعقود من السياسات الإقصائية والفشل في بناء دولة وطنية جامعة. الحرب عمقت الانقسامات العرقية والدينية، وأصبحت مسرحًا لتجاذبات إقليمية ودولية.
في ظل هذا الوضع، يجد المجتمع السوداني نفسه عالقًا بين قوى الحرب والتيارات الدينية المتشددة، التي تحاول استغلال النزاع لتعزيز أجنداتها.
أفق الحل-نحو خطاب فكري جامع
تجديد الفكر الديني , لا يمكن تجاوز الأزمة السودانية دون مراجعة الفكر الديني. يحتاج السودان إلى خطاب ديني مستنير يعزز قيم المواطنة والتسامح، ويبتعد عن التوظيف السياسي للدين.
المصالحة الوطنية -يتطلب إنهاء الحرب حوارًا شاملًا يجمع جميع القوى الوطنية، بما في ذلك التيارات الإسلامية المعتدلة، لبناء عقد اجتماعي جديد.
إعادة بناء الدولة -يحتاج السودان إلى دولة مدنية قوية، تعيد الاعتبار للمواطنة وتحقق التنمية الشاملة. يتطلب ذلك تفكيك منظومات الفساد والاستبداد التي أرستها الأنظمة السابقة.
في ظل هذه التحولات، يظل مستقبل السودان مرهونًا بقدرته على تجاوز انقساماته الفكرية والسياسية. الدين، كما الحرب، يمكن أن يكون قوة هدم أو بناء، ويتوقف الأمر على مدى وعي المجتمع وقادته بضرورة بناء دولة حديثة تعترف بتعددية أبنائها وتعزز قيم العدل والمساواة
هذا الطرح ليس مثاليا ولكنه واقعي ومعقول في ظل الظروف الحالية بالسودان .
zuhair.osman@aol.com