يمانيون../
يكشف كل هذا الاستهداف المستمر والممنهج للأمة العربية والإسلامية حجم الاستلاب الذي تعيشه الأنظمة، فمع ما يتضح من خطوات السحق والامتهان تبقى هذه الأنظمة تراهن على “إنسانية” الغرب وشعارات أمريكا وصداقة الكيان.

مع بدء معركة طوفان الأقصى وما قبل ذلك حذّر السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي من مثل المشهد الذي تعيشه سوريا اليوم ومما هو أسوأ منه، وتحذير السيد القائد لا يتستر على ظلم، ولا يُزين انتهاكاً، وإنما يستشرف المستقبل من معطيات اليوم بالاستناد إلى ثقافة القرآن، ويعني رؤية الأمور على نصابها الواقعي، فأمريكا -التي تقتل وتدعم الإبادة والإرهاب وكل ما هو متعلق بامتهان ما هو عربي وما هو مسلم- لا يمكن أن تكون صاحبة شهادة حق كي نُسلِّمَ بتوجهاتها لصُنع الاستقرار.

سوريا اليوم واحدة من ضحايا المخطط الذي يسير في اتجاه رسم الخارطة الجديدة لما يسمى “الشرق الأوسط”، وقد بدأ الكيان الصهيوني بالتهام حصته من كعكة سوريا بنهم كبير. في المقابل -وهو غاية القول- لا تزال الأنظمة تشاهد وهي في حالة استلاب غير قادرة على إدراك دلالة ما يجري ومغزاه، أو هي تعلم لكنها تدسُّ رأسها في التراب، إما لضعفها وعجزها وخوفها، أو لتصالحها مع كل ما يجري، مكتفية بصداقة -تتصورها نافعة لها- مع أعداء الأمة وفي مقدمتهم امريكا و”إسرائيل”.

ما قبل سوريا وما بعدها، ستبقى التحذيرات تتواصل بأنه -في الوقت الذي عاد فيه للأمة الأمل بأن تكون في المستقبل أكثر قوة وحضوراً في المشهد الدولي- أحاطت بها المؤامرات وأعادتها إلى مربع الاهتمام الكلي بالمأكل والمشرب، تاركة صناعة المستقبل للغرب وثقافته، وحساب ذلك لن يظهر فقط في الدنيا وإنما أيضاً في الآخرة.

بلد بـ(37) فصيلاً

ما حدث في سوريا وما يمكن أن يحدث في دول عربية من مشاهد مماثلة لا يمكن أن يُعَدَّ انتصاراً لشعب، وإنما انتصار لأهداف أمريكية، وهي التي تتعمد -لتحقيق مقاصدها- إغراق المنطقة في لهيب مستمر لا ينطفئ، فصُنع الفوضى يعني إمكانية أكبر لفرض السيطرة والهيمنة. مع ذلك فإنه يمكن للسوريين جميعاً السير لبناء واقع جديد يحقق للشعب حياة أفضل ومستقبلاً واعداً.

على أن ما جرى لا ينبغي أن يصرف الأنظار عن الربط -على الأقل- بين مضامين ردود الفعل والواقع المتحول في سوريا، فبالنظر إلى التصريحات أولاً، يتبين الوقوف الغربي والأمريكي الواضح خلف ما يجري، فالواقع يعطي إشاراتٍ جليةً بأن ما هو قائم وما يمكن أن تؤول إليه الأحداث هو مبني على ذلك، وينسجم كثيراً مع طموحات أمريكا لسوريا، فهناك اليوم (37) فصيلاً وتياراً يتنازعون الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي، وينذر تباينهم بكارثة إن هم انفجروا عصبيةً وتطرفا، وتنادي أمريكا وتشدد على حق كل فصيل في أن يكون له دور في بناء مستقبل البلد، وهذا ظاهر التشديد بينما باطنه أن ما يقود إلى ثقة أمريكية بأن الاتفاق حتما سيكون مستحيلا فكل فصيل له رؤيته، ما يعني استمرار حالة التجاذب وعدم الاستقرار لفترة طويلة وهي المسألة المطلوبة والكفيلة بإضعاف الدولة.

من جهة ثانية، دعم وجود فصائل وتيارات مختلفة في البلاد، يعني دخول أطراف خارجية كثيرة في شئون البلد، فكل فصيل أو حتى مجموعة سيكون لها اتصالها بالجهات الخارجية الداعمة لها، وهكذا سيصب استمرار إضعاف الدولة في صحن تمكين العدو من تحقيق حلم التوسع سواء جغرافيا أو بالسيطرة على القرار.

تحرُّك الأطماع الصهيونية
عقب سقوط نظام الأسد بساعات تحركت أطماع الكيان الصهيوني بابتلاع المنطقة العازلة للجولان وما جاورها، ثم السيطرة على بعض القرى، ومن بعده الوصول إلى ريف دمشق، وذكرت وكالة “رويترز” الثلاثاء عن 3 مصادر أمنية أن التوغل العسكري الإسرائيلي في سوريا وصل إلى نحو 25 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من دمشق، كما وصلت قوات العدو الإسرائيلي إلى (قطنا) التي تقع على مسافة 10 كيلومترات داخل الأراضي السورية إلى الشرق من المنطقة العازلة.

فيما قال الإعلام العبري إنّ “الجيش وصل إلى قرب بلدة قطنا في ريف دمشق على مسافة 10 كلم (نحو 6 أميال) من أحياء دمشق و15 كلم (نحو 9 أميال) من مركز المدينة”. مضيفةً أنّ “الجيش موجود في المناطق الداخلية لسوريا”.

تزامن مع ذلك، شن غارات على المواقع والقواعد والمنشآت العسكرية والاستخباراتية الجوية والبرية السورية ومستودعات الصواريخ والذخائر، فضلا عن المطارات ومراكز بحثية وحتى بعض السجون، ووصلت عدد الغارات خلال يومين من خروج الأسد إلى (300) غارة، وقد شمل الاستهداف العاصمة دمشق ومناطق في الرقة وحلب وجرمايا، ومحيط مدينة السلمية في الريف الشرقي لمدينة حماة وسط سوريا، ومطار وريف محافظة حمص، وريف محافظة الرقة.

وحُجّة الكيان المفضوحة أن ذلك يأتي -من جهة- تأمينا لما يَعُدّه حدودا لكيانه، ومن جهة ثانية “مخافة أن تقع الأسلحة بيد متشددين قد يستخدمونها ضده” حسب زعمه. ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ “الجيش” الإسرائيلي “دمّر أهمّ المواقع العسكرية في سوريا”، وأضاف المرصد أنّه “وثّق نحو 310 غارات إسرائيلية على الأراضي السورية منذ سقوط نظام بشار الأسد الأحد”. فيما نقلت وكالة “فرانس برس” أن مركز البحوث العلمية في دمشق (التابع لوزارة الدفاع السورية، والذي استهدفته غارات إسرائيلية مساء الاثنين) دُمِّر بشكل كامل.

يؤكد نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي في صنعاء العميد عبد الله بن عامر أن “ما دمرته “اسرائيل” في سوريا الآن يصعب تعويضه أو الحصول على مثله مستقبلاً فستكون هناك قيود مفروضة حتى للحصول على أبسط الأسلحة “.

وقال بن عامر “كل ذلك حتى تصبح سوريا دولة وفق الشروط الاسرائيلية بلا سلاح ثقيل وبلا طيران أو دفاعات أو صواريخ. فقط سلاح خفيف ومتوسط. فهل يعي الجميع خطورة ما يحدث الآن؟! “.

في كل الأحوال يمثل العدوان الصهيوني على سوريا تعديا وانتهاكا سافرا ينتهك سيادة الدولة ويتعارض مع الاتفاقات، حتى وإن تحت عنوان (خطوات احترازية)، وتبرز في هذا السياق اتفاقية (74) مع سوريا التي ضرب بها الصهاينة عرض الحائط، فكيف ونتنياهو يؤكد أن احتلال المناطق الجديدة سيكون دائما وليس مؤقتا.

وكشف ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة -في بيان- أن القوة الأممية المكلفة بمراقبة فض الاشتباك (يوندوف) قد أبلغت نظراءها الصهاينة بأن هذه الأفعال تشكل انتهاكا لاتفاق 1974 حول فض الاشتباك؛ مُشيراً إلى أن القوات الصهيونية التي دخلت المنطقة العازلة ما زالت تنتشر في ثلاثة أماكن.

وطالب دوجاريك كلاً من الكيان الصهيوني وسوريا بعدم وجود أي قوات أو أنشطة عسكرية في منطقة الفصل؛ مشدداً على الاستمرار في تنفيذ بنود اتفاق 1974 والحفاظ على استقرار الجولان.

لفرض واقع جديد

مخططات العدو هي الأساس الذي ينبغي على العرب والمسلمين أن يبنوا عليه مواقفهم تجاه ما يجري عموماً، وتجاه التعدي الإسرائيلي على سوريا بشكل خاص، فالواضح أن أمريكا تسير بربيبتها قدما في اتجاه ما يريدون، ومن ذلك التمكين في اليمن، وفرض الارادة على شعوب المنطقة.

اعتبر المكتب السياسي لأنصار الله ان العدوان الصهيوني الإجرامي على سوريا يشكل انتهاكا صارخا لسيادة سوريا وتعديا سافرا على أراضيها ومنشآتها الحيوية يهدف إلى فرض واقع جديد في سوريا مستغلا الظروف التي تمر بها البلاد.

وأكد المكتب السياسي لأنصار الله أن التصعيد الإسرائيلي في سوريا قد لا يتوقف عند حدود معينة بل يتجاوزها إلى بقية دول المنطقة في ظل استمرار الدعم الأمريكي والغربي لمخططات الكيان الصهيوني الاجرامية الهادفة إلى فرض الهيمنة الإسرائيلية والأمريكية على المنطقة.

وأكد الوقوف إلى جانب سوريا في مواجهة العدوان الإسرائيلي . محذرا من تجاهل الأنظمة العربية والإسلامية لهذا التصعيد الخطير.

زحف عاصفة المؤامرة

ذروة الخذلان العربي لأراضيه بالسماح للكيان الصهيوني بانتهاكها المتجسد اليوم في سوريا، يكشف وسيكشف عنها مصير سوريا العربية، والحديث هنا عن دولة بأرضها وشعبها، لا عن نظام كانت له طريقته في الحكم والزمن والتاريخ كفيلان بمحاسبته، ومسألة تغييره أو إسقاطه -أيا كانت المسميات- ليست بالغريبة أو الاعجازية، فالتغيير سنة الكون ولا دائم إلا الله، إلا أن خذلان الشعب السوري وعدم الوقوف معه ولو بشجب الانتهاك الصهيوني ورفضه، أمر يفوق حد الوصف، إذ تتجلى كسلبية تثير سخرية كل الغرب واحتقاره، إذ كيف لا يكون لهذه الأمة موقف تجاه ما يحدث من استباحة جديدة والتهام للأراضي العربية في سوريا فضلا عن ضرب قدراتها العسكرية الدفاعية.

أما هذه المكونات التي أنشأتها دول الأطماع والتي تُطل برأسها في البلد العربي الشقيق على أسس تمزيقية و عرقية ومذهبية، فإنها كفيلة بأن توسّع من دائرة التأثير فتصل إلى كل المجتمعات وتعمل على حلحلة بُنية كل مجتمع ووحدته ونسيجه الاجتماعي، ما يجعل سقوط أي نظام بالأمر السهل، وكلما سقطت دولة ستنتقل عاصفة المؤامرة إلى دولة أخرى.

الخضوع لإرادة الشعوب أمر لا جدال فيه، والتعامل مع هذه الارادة بلا مبالاة لا يمكن بأي حال أن يبني دولة قوية ثابتة وراسخة بنظامها ولحمة مجتمعها وبالتالي بقدرتها على مواجهة التحديات ورد العدوان والاعتماد على الذات الإمكانات المتاحة، وهذه الأهداف -على سموّها- لا تشرعن تدخل الأطراف الخارجية في رسم ملامح الدولة الجديدة، لأن كل ما سيُبنى بالاعتماد على الأعداء لا يمكن أن يكون في صالح الأمة، ومصيرُها دائما إلى الزوال، وقد أثبتت التجارب في هذا الجانب بأن الاعتماد على كائنات كأمريكا و”إسرائيل” لا يجلب إلا العجز والفشل والوهن والعيش على ما تجود به هذه الكائنات من وسائل الحياة، ومتى ما أرادت قَطَعتها وتركت الشعوب تستجدي المساعدات من أجل البقاء.

التحول بلا تدخل خارجي
محك المتصدّرين اليوم للمشهد في سوريا أو على ذمة التدخل في سوريا كأمريكا وفرنسا وروسيا وحتى الكيان، هو الخطوة التالية عقب تشكيل حكومة انتقالية، إذ إن الشعب بحاجة لأن يعيش التحول على صعيد ممارسته لحقوقه الديمقراطية كما يريدها هو، لا كما تأتيه من قوائم لأسماء عربية ولاؤها غربي وثقافتها غربية. ومن ثم تكوين مجلس نيابي وانتخاب رئيس للبلاد، وتمييع هذه المطالب في دهاليز اعادة ترتيب الأوضاع سيُطيل من عمر الأزمة وقد يخلق أزمات للشعب الشقيق.

يتخوف عدد كبير من المراقبين من أن تستغل بعض القوى الأوضاع الجارية لإطالة أمد اللا استقرار في البلاد خصوصا من التنوع للفئات والتوجهات الفكرية التي ظهرت خلال السنوات الماضية، ما سيجعل الاتفاق أمرا معقدا قد يعكس نفسه على تسيير حياة الشعب ومراعاة مصالحه، فـ”هيئة تحرير الشام” لا يمكن أن تبقى المهيمنة، وباقي القوى لن تبقى بدون مشاركة حقيقية في اتخاذ القرار وصنع مستقبل البلد، والشعب السوري لن يبقى طويلا في مدرج المشاهدة والمتابعة، فصنع التحول الان يجب أن يكون وفق المصلحة العليا للوطن بغض النظر عن الانتماءات والولاءات، وبعيدا عن الإملاءات والتدخلات الخارجية، ما لم فإن الحال سيبقى على ما هو عليه وقد يسوء.

بين الغرب والثعابين الملساء

تتجاذب الأنظمة العربية اتجاهات كلها ليست عربية، ويذهب الأغلب في اتجاه الغرب فيما يتجه القلة -وهُم من المخدوعين أيضا- في اتجاه الشرق حيث الثعابين الملساء، كروسيا والصين، مَن نسمع منهما الكثير من الكلام المعسول ولا نرى فعلا، وربما لا تثريب عليهم فليسوا مجبرين على شيء لم يتحرك فيه أصحابه العرب والمسلمون، وبالتالي فإنه ليس هناك أي شكل من أشكال الولاء للخارج يمكن أن يجلب النعيم للشعوب العربية..

العلاقات بين الدول تقوم على المصالح لجهة التكامل وتبادل المنافع، وليس التبعية، وأنظمتنا يبدو أنها اعتادت التبعية، حتى صارت لا تدرك ما الذي يمكن أن تكون عليه لتحقق فاعلية التكامل مع بقية الدول العالمية على قاعدة الندِّية والاحترام المتبادل، ولو أن بلدا عربيا له ولاء لأمريكا تعرضت قطعة من أراضيه للاحتلال من بلد عربي آخر، لشمّرت الدول العربية سواعدها لإثبات وجودها وقدرتها على “إحقاق الحق وإرجاعه لأهله”، لكن لو جاء الاحتلال من عصابة صهيونية أمريكية أو إسرائيلية، فإن الأمر سيخضع للبحث والدراسة والتشاور وعقد الاجتماعات وصولا إلى تمييع القضية واستمرار الاحتلال. والشاهد هو القضية الفلسطينية التي تقول إن العرب والمسلمين منذ (75) عاما لم يتمكنوا من استعادة شبر واحد من الأراضي التي احتلها الكيان الصهيوني، وعلى العكس من ذلك زاد هذا الكيان من الاحتلال للأراضي العربية ويجدد اليوم نهش هذه الأراضي في سوريا، وغدا ربما يقوم بتسويرها بالإعلان عن بناء مستوطنات جديدة. والأنظمة فقط ستنتظر دورها في الخزي والعار.

موقع أنصار الله – وديع العبسي

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الکیان الصهیونی لا یمکن أن فی اتجاه فی سوریا ما یجری

إقرأ أيضاً:

هل يملك ترامب رؤية واضحة لقطاع غزة؟

واشنطن ـ لم ينتظر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عودته للبيت الأبيض حتى ينخرط، هو وفريقه، في العمل على حل أزمة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بل يلعب مبعوثه لسلام الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف دورا رئيسيا في المفاوضات غير المباشرة الجارية بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في العاصمة القطرية الدوحة.

وقبل شهر، فاجأ ترامب الدوائر الأميركية المتابعة لأزمة غزة ببيان حاد توعد فيه الشرق الأوسط كله "بالجحيم" إذا لم يتم الإفراج عن الأسرى المحتجزين قبل تنصيبه يوم 20 يناير/كانون الثاني الجاري، وبعدما تعهد ترامب بإحلال "السلام" في الشرق الأوسط، في تلميح إلى أنه سينهي الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، دون أن يذكر كيف.

وقال ترامب "لن يكون هذا جيدا لحماس ولن يكون جيدا، بصراحة، لأي شخص، سوف يندلع الجحيم، ولا داعي لقول المزيد، لكن هذا هو الأمر، لم يكن ينبغي أن يحدث هذا أبدا"، في إشارة إلى عملية طوفان الأقصى.

وفي حديث للجزيرة نت، ذكر خبير ملف سلام الشرق الأوسط والأستاذ بالجامعة الأميركية في واشنطن غريغوري أفتانديليان أن "إدارة ترامب القادمة لا تملك رؤية واضحة لغزة سوى التأكد من أن حماس لن تحكم القطاع مرة أخرى، وترغب (الإدارة) في وقف إطلاق النار بمجرد توليها السلطة في 20 من الشهر الجاري، لكن ليس من الواضح ما هو الكيان السياسي الذي تفضله".

إعلان صعوبة تحديد رؤية ترامب

وبدورها، استبعدت خبيرة السياسة الخارجية الأميركية عسل آراد إمكانية تحديد رؤية واضحة من الإدارة الجديدة بشأن غزة، نظرا للطبيعة العامة غير المتوقعة للرئيس ترامب، ومع ذلك، أوضح ترامب نفسه أنه يريد إطلاق سراح الرهائن قبل أن يتولى منصبه رسميا وهدد برد كبير إذا لم يحدث ذلك".

واعتبرت آراد، في حديث للجزيرة نت، أن سجل ترامب خلال فترة حكمه الأولى قد "يشير إلى أن إدارته الثانية قد تبارك احتلال وضم الأراضي في غزة، وإذا اتبعت فترته الرئاسية الثانية مسار الفترة الأولى، فلن يكون قلقا بشأن القانون الدولي، ومن المرجح أن يسمح لإسرائيل بالتصرف مع الإفلات من العقاب في غزة، مثلما فعلت إدارة جو بايدن".

واتفق رئيس برنامج العلاقات الدولية بجامعة سيراكيوز، بولاية نيويورك البروفيسور أسامة خليل، مع الطرح السابق، وقال "ستتماشى سياسة إدارة ترامب تجاه غزة مع تفضيلات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وحتى لو تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في نهاية المطاف، فإن إسرائيل ستحاول منع الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم وعرقلة أي جهود لإعادة الإعمار.

وتابع أنه من غير المرجح أن يكون هناك أي ضغط كبير من واشنطن للسماح بدخول المساعدات الإنسانية الكافية إلى غزة، وبدلا من ذلك، ستؤيد إدارة ترامب إبقاء إسرائيل على منطقة أمنية داخل القطاع وحقها في الضربات المستهدفة، وسيؤيد ترامب أيضا إعادة توطين إسرائيل وضمها الضفة الغربية".

اختيارات ترامب لأنصار إسرائيل

وتعكس اختيارات ترامب لكبار مساعديه في ملف قضايا الشرق الأوسط وجود تقارب كبير يصل لدرجة التطابق بين رؤية مرشحي ترامب، وبين السردية الإسرائيلية للصراع.

وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار السفير ديفيد ماك مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأوسط إلى أن "تصريحات ترامب، إضافة للعديد من ترشيحاته للمناصب العليا، تشير إلى أنه سيكون أقل استعدادا بشأن دولتين لشعبين بين النهر والبحر".

إعلان

وأضاف ماك أن المؤشرات على سياسة ترامب قاتمة حقا، خاصة أن اختياره لمنصب سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، حاكم ولاية أركنساس السابق مايك هاكابي، أمر محبط في ظل نفي هاكابي أن الفلسطينيين أمة وشعب، كما أنه ينظر إلى القدس الشرقية والضفة الغربية على أنهما أجزاء من أرض إسرائيل، وليس هناك مجال للتفاوض بشأنهما".

وكان وزير الخارجية المرشح من قبل ترامب السيناتور ماركو روبيو قد أكد باستمرار دعمه القوي لإسرائيل، وأدلى بالعديد من التصريحات البارزة بشأن غزة، داعيا إلى القضاء على حركة حماس في أعقاب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، فضلا لمعارضته جهود وقف إطلاق النار في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

في حين دعا النائب مايكل والتز، مرشح ترامب لمنصب مستشار الأمن القومي، في تصريحات صحفية، لتقديم كل الدعم الذي تحتاجه إسرائيل، وطالب والتز إسرائيل "بإنهاء المهمة" في معالجة التهديدات الأمنية التي تتعرض لها.

ترامب ومستقبل حكم غزة

لم يعرض ترامب، ولا كبار معاونيه، أي تصور لمستقبل إدارة قطاع غزة، ويصور بعض الخبراء عدم القدرة على التنبؤ بما سيقدم عليه ترامب كقوة سياسية، ورصيد دبلوماسي، يمكن من خلاله الضغط بشدة على أطراف النزاع، ولم يستبعد مراقبون أن ينصاع ترامب لرغبات نتنياهو خاصة ما يتعلق بضم أجزاء من قطاع غزة لإسرائيل.

ومن جانبه، أشار تشارلز دان، المسؤول السابق بالبيت الأبيض ووزارة الخارجية، والخبير حاليا بالمعهد العربي بواشنطن، والمحاضر بجامعة جورج واشنطن، في حديث للجزيرة نت، إلى احتمال موافقة ترامب على "بقاء إسرائيل في شمال غزة، ومنع السكان السابقين من العودة إلى ديارهم".

مقالات مشابهة

  • الكيان الصهيوني يقتحم عدة مدن فلسطينية مساء اليوم
  • الإعلام الصهيوني يُسلط الضوء على المخاوف من رد اليمن واستنزاف الكيان
  • هل يملك ترامب رؤية واضحة لقطاع غزة؟
  • إسبانيا تعلن مساندة تركيا في سوريا
  • الصحف العربية.. اهتمام سعودي باجتماع الرياض حول سوريا.. والشرق الأوسط والقبس يؤكدان الدعم الخليجي للبنان
  • إعلامي لبناني: استفزاز الكيان الصهيوني للشعب اليمني تأتي بردة فعل عكسية
  • خبيرة: إسرائيل والولايات المتحدة هدفهما إعادة هيكلة الشرق الأوسط عبر عدوان غزة
  • انتخاب رئيس للبنان مسمار جديد في نعش المحور الإيراني
  • الانتظار 24 ساعة.. متى يمكن إبلاغ الشرطة عن الأشخاص المفقودين؟
  • العمل الإسلامي يدين نشر الكيان الصهيوني خرائط تضم أجزاء من الأردن وسوريا ولبنان