علم سوريا الجديد.. إرث من ذكريات الاستقلال يعكس تطلعات المستقبل
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
مرت سوريا بتغيرات تاريخية كبيرة على مر العصور، يمتد إرثها إلى يومنا الحاضر، الذي يشهد فيه البلد رياح تغيير جديدة، أنهت حكم عائلة الأسد بعقوده الخمسة، مفسحة الطريق أمام مستقبل جديد لا يمكن التنبؤ به.
وارتبط التغيير الأخير برموز شتى، أبرزها علم الاستقلال، الذي رفع يوم 8 ديسمبر (كانون الأول) فوق أرجاء سوريا الممتدة من إدلب إلى حلب ودمشق وحمص وحماة ومؤخراً دير الزور، مثيراً تساؤلات شتى عن دلالاته ومعانيه وتاريخه، بعد ظهوره البارز في 2011، كرمز للمعارضة في مسيرتها المناهضة للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.
في الحقيقة، تغير علم سوريا الرسمي مرات عديدة، خلال القرنين الماضيين، فتلون بألوان مختلفة، بحسب هوية حاكم البلد الذي وقع تحت سيطرة قوى مختلفة على مر التاريخ.
علم الثورة العربية والمملكةوأول علم عرفه البلد في تاريخه الحديث، علم الثورة العربية، الذي جاء بعد نهاية حقبة حكم العثمانيين، وانسحاب حاميتهم من هناك عام 1918، حينها قام الأمير سعيد الجزائري برفعه فوق دمشق، بألوانه الأربعة، على شكل مستطيل أسود في الأعلى، ومستطيل أبيض في الأسفل، يتوسطهما آخر أخضر، وعلى الجانب مثلث أحمر اللون، ثم تلاه علم المملكة العربية السورية إثر قيامها في 1920، الذي يختلف عن سابقه بنجمة بيضاء تتوسط المثلث الأحمر، وسرعان ما تغير مع بداية الانتداب الفرنسي.
علما الانتداب والاستقلالحين احتل الفرنسيون سوريا بعد انتصارهم في معركة ميسلون عام 1920، ودخولهم إلى عاصمتها دمشق اختاروا علماً جديداً، اتخذ شكل مستطيل أزرق اللون، يتوسطه هلال أبيض، وفي زاويته العليا علم فرنسي مصغر.
رفض السوريون حكم الفرنسيين منذ اللحظة الأولى، ورفعوا أصواتهم عالياً مطالبين برحيلهم، ونظموا تظاهرات، ومقاومة مسلحة استمرت سنوات طويلة، انتهت بموافقة فرنسا عام 1930 على قيام الجمهورية السورية الأولى، بدستور وعلم جديدين، فاتخذ العلم شكل مستطيل طوله ضعف عرضه، يحتوي على أربعة ألوان، هي شريط أخضر في الأعلى، وفي الأسفل آخر أسود، وبينهما شريط أبيض يحتوي على ثلاث نجوم حمراء ذات خمسة أشعة، وصار تالياً علم البلاد الرسمي بعد استقلالها التام عن فرنسا في عام 1946، ليعود مؤخراً فوق ربوع دمشق مع سقوط حكم الأسد.
وألف السوريون والعرب ككل العلم وعرفوه قبل 2011، حين ظهر في الأجزاء الأولى من مسلسل باب الحارة الشهير إلى جانب العلم الفرنسي.
ظل علم الاستقلال يرمز لسوريا ويمثلها رسمياً حتى اتحاد مصر وسوريا معاً في دولة واحدة سميت بالجمهورية العربية المتحدة، عام 1958، وصار لها علماً جديداً بخلاف علم الاستقلال. اصطبع علم الوحدة بالأحمر، والأبيض، والأسود الألوان التي ترمز للوحدة العربية، واستبدل لون نجمتيه الحمراوين، بنجمتين خضراوين، وهو نفسه الذي كان يستخدمه نظام الأسد قبل سقوطه. وفي الـ28 من سبتمبر (أيلول) 1961 انهارت الوحدة، وعادت سوريا لاستخدام علم الاستقلال.
علم البعثدخلت سوريا مرحلة جديدة عنوانها حزب البعث، الذي سيطر على الحكم عام 1963، أضاف حزب البعث نجمة جديدة لعلم الوحدة مع مصر واعتمده علماً جديداً لسوريا، فأصبح العلم نفسه علم النظام السوري السابق، لكن بثلاث نجمات، ترمز إلى شعار الحزب "وحدة، حرية، اشتراكية"، وبقي مرفوعاً حتى عام 1980.
علم حقبة الأسدفي عام 1980، قرر رئيس سوريا الأسبق حافظ الأسد تغيير علم بلاده، فشطب نجمة من الثلات، واستمر استخدام هذا العلم لتمثيل سوريا رسمياً حتى الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024، ليلة سقوط نظام ابنه بشار الأسد وحكم البعث ككل.
علم المستقبليعرف علم الاستقلال أيضاً باسم العلم الأخضر، واعتمد للمرة الثانية بعد الاستقلال عن فرنسا حين رفعه المتظاهرون الرافضون لحكم الأسد عام 2011، ويتكون من ثلاثة ألوان هي الأخضر الذي يرمز إلى بدايات الإسلام في سوريا، ويليه الأبيض الذي يشير إلى الأمويين، ثم الأسود، المعبر عن فترة الخلافة العباسية التي استمرت من 750 بعد الميلاد حتى منتصف القرن الـ13، أما النجوم الحمراء الثلاث، فتعبر عن مناطق سوريا الرئيسية، وهي مدن دمشق (جنوب غرب) وحلب (شمال غرب) ودير الزور (شرق).
ورغم أن العلم الحالي يشبه علم الاستقلال بشكل كبير إلا أنه يختلف عنه شيئاً بسيطاً في مقياس طول وعرض العلم، إذ يعتمد علم عام 1932 بنسبة عرض إلى ارتفاع تبلغ 1:2، بينما تم اعتماده عام 2012 من قبل حكومة المعارضة مع نسبة عرض إلى ارتفاع تبلغ 2:3.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سوريا دمشق مصر سقوط الأسد سوريا دمشق مصر علم الاستقلال
إقرأ أيضاً:
ما هو سباق التسلح الجديد والخطير الذي يسيطر على صناعة السلاح عالميا؟
يعتبر وضع الشرق الأوسط أكثر قابلية للانفجار أكثر من أي وقت مضى، بينما تواصل الحرب بين روسيا وأوكرانيا التي تدخل في السنة الثالثة، وفي كل لحظة ستمر من بعد أداء الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لليمين، هي لحظة قد تندلع فيها حرب تجارية مع الصين.
وجاء في تقرير لصحيفة "ذي ماركر"، وهي الملحق الاقتصادي لصحيفة "هآرتس" أن "العالم غير مستقر وهو يشبه العالم متعدد الأقطاب الذي أدى إلى الحرب العالمية الأولى أكثر مما يشبه العالم ثنائي القطب الذي ساد في فترة الحرب الباردة".
وقال التقرير إنه "ربما من الصحيح تسمية ذلك عالم ثلاثي القطب على خلفية سباق التسلح والتكنولوجيا، الذي لا يتوقف عن التطور بين الدول العظمى الثلاثة، الولايات المتحدة والصين وروسيا، وهو سباق ترافقه مواجهات إقليمية أخرى".
وذكر أنه "يمكن الإضافة إلى ذلك الشروط المريحة نسبيا الآن لتطور الصراعات أمام الشروط التي كانت سائدة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهذا حسب مؤشر السلام العالمي للعام 2024 في معهد الاقتصاد والسلام، الذي يصنف الدول حسب مستوى السلام فيها على قاعدة ثلاثة معايير رئيسية: شعور السكان بالأمان، ووجود واستمرار مواجهات داخلية ودولية، ومستوى العسكرة في الدولة".
وبين أن "مؤشر العسكرة العالمي في المركز الدولي لأبحاث الصراعات في بون في ألمانيا يدمج فيه مقارنة بين النفقات الأمنية للدول مقارنة مع الناتج الخام الإجمالي وبين النفقات على الصحة، ويدمج بين نسبة رجال الجيش من بين السكان أو الذين يوجدون في الخدمة شبه العسكرية وبين نسبة الأطباء، المؤشر يأخذ أيضا في الحسبان نسبة السلاح الثقيل (الدبابات والغواصات والطائرات والمروحيات) للفرد".
وأكد "حسب هذا المؤشر فإنه في 2023 كان هناك ارتفاع في متوسط العسكرة العالمي، كانت مواجهات أكثر والكثير من الناس ماتوا في الحروب (153 ألف شخص في 2022 مقابل 171 ألف في 2023)، وهذه هي السنة التي فيها أيضا تجاوزت أوكرانيا إسرائيل، وأصبحت الدولة الأكثر عسكرة في العالم".
وأشار إلى أن "إسرائيل أصبحت الآن في المكان الثاني بعد أن كانت في المكان الأول في الأعوام 2006 – 2021، بالأساس لأنها هي الأولى عالميا في نسبة مشاركة المواطنين في الجيش (الأرقام صحيحة حتى نهاية 2023)، وفي مؤشر العسكرة توجد روسيا في المكان 10، الولايات المتحدة في المكان 25، وإيران في المكان 28، والصين في المكان 103، رغم أنها لاعب رئيسي في سوق السلاح حيث تصدر لروسيا ولدول كثيرة في المنطقة التي كانت ذات يوم تسمى الاتحاد السوفييتي".
وجاء في التقرير أنه "يوجد حاليا 56 مواجهة نشطة في أرجاء العالم، وهو الرقم الأعلى منذ الحرب الباردة، وعدد قليل من الصراعات تنتهي باتفاق سلام أو انتصار حاسم، وإذا شئتم نصر مطلق فإن نسبته انخفضت من 49 بالمئة في سبعينيات القرن الماضي إلى 9 بالمئة في العقد السابق، ونسبة الصراعات التي انتهت باتفاق سلام انخفضت من 23 في المئة إلى 4 في المئة في نفس الفترة".
وأوضح أن "متوسط مؤشر السلام العالمي انخفض في 2023 مقارنة مع العام 2024 بنسبة 0.5 بالمئة، وهو الانخفاض رقم 12 في آخر 16 سنة، عدد الدول التي هبطت في المؤشر هي 97 دولة، وهو العدد الأعلى منذ البدء في قياس هذا المعطى قبل 18 سنة.
وتتصد أيسلاندا تتصدر مؤشر السلام بصورة متتالية منذ 2008، وهي توجد في المكان الأول في هذه السنة ايضا،بعدها تأتي أيرلندا ومن ثم أستراليا ونيوزيلندا وسنغافورة وسويسرا التي تنهي الخماسية الأولى، بينما تأتي اليمن في المتربة الأخيرة من هذا التصنيف الذي يشمل 163 دولة.
وتأتي السودان وجنوب السودان وأفغانستان أوكرانيا في المراكز التي قبل اليمن مباشرة، بينما جاءت روسيا في المركز 157 وسوريا في المكان 156 و"‘سرائيل" في المكان 155.
وجاء في التقرير أن المطلوب حاليا هو إضافة "تكنولوجيا السلاح المتطورة في مجال السايبر والذكاء الصناعي والقدرة على تحديد مكان الغواصات في أعماق المحيطات بعيدا عن الشواطيء، وسيكون لدينا عالم تنفق فيه الدول المزيد على الأمن وتزدهر فيه تجارة السلاح، من أجل فهم من الذي يزدهر بالضبط ومن يشتري، يمكن النظر الى النمو في مبيعات شركات السلاح والتغيير في تصنيف شركات السلاح الكبرى في العالم في 2024 في المجلة الأمنية "أخبار الدفاع".
ويذكر أن 9 شركات من الـ 10 شركات السلاح الكبرى في العالم سجلت نمو في إيراداتها في عام 2023 مقارنة مع العام 2022، والمداخيل من بيع السلاح والخدمات العسكرية للشركات المئة الكبرى بلغت 632 مليار دولار في 2023، بارتفاع بلغ 4.2 بالمئة، مقارنة بالعام 2022، حسب المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم.
وعلى خلفية الطلب المتزايد لمنظومات السلاح المتطورة التي تحتاج إلى استثمارات كبيرة في التطوير فإن الصناعات الأمنية قامت بعملية دمج بين الشركات الكبيرة، التي أدت إلى السيطرة على عدد من اللاعبين الأفراد في هذه الصناعة، وجزء من ذلك يعود للتكنولوجيا المتقدمة في تطوير الطائرات القتالية المتقدمة والصواريخ التي سرعتها أكبر من سرعة الصوت وحلول السايبر التي ترتكز إلى الذكاء الصناعي.
رغم ذلك، المعهد نشر في الملخص السنوي للعام 2023 بأن منتجي السلاح الأصغر كان أكثر نجاعة في الرد على الطلب الذي وجد على خلفية الحرب في قطاع غزة وفي أوكرانيا والتوتر في شرق آسيا وخطط إعادة التسلح في أرجاء العالم.
وأشار المعهد إلى أن 75 بالمئة من الشركات سجلت ارتفاع في المبيعات، وأن معظم الشركات التي كان لها نمو في المبيعات توجد في النصف الثاني في قائمة شركات السلاح المئة الكبرى في العالم.
وأكد التقرير أن "هذا ربما يفسر لماذا شركة السلاح الكبرى في العالم، لوكهيد مارتن الأمريكية، سجلت ارتفاع متواضع بلغ 2 بالمئة فقط في مداخيلها من السلاح، ايضا السهم في شركة السلاح الأمريكية الكبرى ارتفع سعره فقط 19 بالمئة منذ بداية السنة بعد أن انخفض في الشهر السابق على خلفية مبيعات أضعف من التوقعات، وهذا يعتبر نقص في الأداء مقابل مؤشر "اس آند بي 500" الذي ارتفع 27 في المئة منذ بداية السنة، وربما أن توقعات المستثمرين بشأن العائد على السلاح في العالم يمكن رؤيتها بشكل أفضل في مؤشر أسهم الدفاع والطيران في شركة اس آند بي، الذي ارتفع 38 بالمئة منذ بداية السنة".
وبعض الأسماء الأخرى الأقل أمريكية، تبرز عند النظر إلى تصنيف شركات السلاح الكبرى في العالم في العام 2024، في المكان الثاني في التصنيف توجد شركة الصناعات الجوية في الصين، التي في 2023 كانت في المكان الرابع (الذي قفزت إليه من المكان الثامن في 2022)، بعد قفزة 45 بالمئة في المداخيل السنوية من بيع منظومات سلاح.
ورغم العقوبات المفروضة على روسيا إلا أنه حسب عدد من التقارير فإن الصناعات الجوية الصينية تبيع لروسيا أجزاء وقطع غيار للطائرات القتالية الروسية، سو 35، وهي أيضا توفر السلاح للزمرة العسكرية في مينمار، ورغم القيود الدولية على تجارة السلاح في مواثيق مختلفة إلا أن تقارير كثيرة لمنظمات تفحص هذا المجال تظهر أن تطبيق هذه المواثيق غير دائم، والسلاح يستمر في الوصول أيضا الى دول خرقت حقوق الانسان أو فرض عليها حظر السلاح.
وقال تقرير الصحيفة الإسرائيلية إنه "بين الأسود والأبيض يوجد الكثير من الرمادي، وشركات خاصة، إلى جانب شركات سلاح صينية تعمل أيضا في المجالات المدنية، متهمة في حالات كثيرة بأن المعدات المدنية التي تصدر بالأساس لروسيا، تستخدم أيضا لأغراض عسكرية".
وأشار إلى أن "المعدات ثنائية الاستخدام مثل شبه الموصل الضروري لإنتاج منظومات السلاح المختلفة، معدات الملاحة، قطع غيار الطائرات وآلات التصنيع الدقيقة (سي.ان.سي)، تمر في شبكة متشعبة من الشركات الوهمية وتصل من الصين الى روسيا، حسب بحث أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن الذي يتابع البيانات التجارية، هكذا فإن الصين توفر الموارد الضرورية لتحقيق قفزة كبيرة في إنتاج السلاح الروسي، التي حتى بداية السنة ستضاعف قدرتها الانتاجية الشهرية للصواريخ بعيدة المدى، بغض النظر عن ذلك فإن نصف صادرات الصين من السلاح تقريبا يذهب إلى دولة واحدة هي باكستان، من أجل دعم صراعها مع الهند".
ومن الأسماء الأخرى البارزة هناك، شركة أحواض السفن الصينية لبناء الغواصات، التي للمرة الأولى دخلت إلى قائمة الشركات العشرة الكبرى للسلاح في العالم، بعد زيادة 19 في المئة على إيراداتها من بيع المعدات العسكرية، وأعلنت الشركة مؤخرا بأنها تقوم ببناء غواصة بدون ملاح، بطول 40 متر ويمكنها حمل 12 صاروخ توربيد، إضافة إلى مقاتلات وألغام وغواصات صغيرة بدون ملاح.
من أجل المقارنة فإن طول الغواصة غير المأهولة لشركة صناعة الفضاء الإسرائيلية "الحوت الأزرق"، حوالي 10 امتار.
وختم التقرير بالقول: "لكن ليس كل شيء يسير على ما يرام، ففي 2023 الزيادة في إيرادات الشركات الصينية التسعة في قائمة شركات السلاح المئة الكبرى في العالم التي بلغت 103 مليار دولار، وكان الأقل منذ 2019 (نمو 0.7 بالمئة في المتوسط)، في جزء منه بسبب التباطؤ الاقتصادي في الصين في السنوات الأخيرة، لكن يوجد أسباب أخرى، فمثلا الصناعات الجوية في الصين سجلت مداخيل كبيرة من بيع الطائرات بدون طيار، لكن في مرات كثيرة تم توجيه الانتقاد لجودة المنتج والدعم السيء، حتى لو كان أقل مما في السابق".