كيف يفاقم تأخر رواتب الموظفين الأزمة الاقتصادية في اليمن؟
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
في المناطق الخاضغة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، تتصاعد الاحتجاجات وتتعالى الأصوات الدّاعية لإضرابات، جرّاء تأخّر صرف رواتب الموظفين العموميين، وذلك في انعكاس لأزمة اقتصادية، مسّت البلاد منذ سنوات، وباتت تجرّه نحو الأسوأ، بحسب آراء عدد من المسؤولين والمحللين.
وبتاريخ الثاني من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، بدأت نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين بالعاصمة عدن، تخرج في إضرابات، عمّت جميع المدارس ورياض الأطفال ومكاتب التربية والتعليم على مستوى المحافظة، فيما سارت على النهج نفسه كل من نقابات المهن الطبية والصحية، ومكتب التعليم الفني والتدريب المهني، ومصلحة الجمارك.
من جهتها، بدأت عدد من النقابات العمالية، إضرابا شاملا، في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر ترافقه اعتصامات عمالية، أمام القصر الرئاسي في معاشيق، لمدة أسبوع كامل، قالوا إنه سيتم الانتقال بعده للعصيان المدني في جميع مرافق الدولة، ابتداء من الأحد المقبل.
وفي السياق نفسه، قالت موظفة بالحكومة، أم محمد (47 عاما): "أصبح تأخير صرف الراتب بشكل متكرر يشكل قلقا وخوفا بالنسبة لي ولعائلتي لأننا نعتمد كليا على الراتب، أنا وزوجي ليس لدينا أي دخل آخر أو مشروع فنصبح غير قادرين على تلبية احتياجات أولادنا الثلاثة والمتطلبات اليومية وسد أهم احتياجات المصروف اليومي".
وأضافت أم محمد، في حديثها لوكالة "رويترز": "بدلا من رفع رواتب الموظفين المتدنية وتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي المتدهور وخفض أسعار السلع يتم تأخير الراتب، ليزداد تفاقم الأزمات التي نعانيها في عدن وانتشار الأمراض في ظل انعدام الجانب الصحي".
أيضا، اشتكى أحمد مسعود عمر (45 عاما) الذي يعمل معلما في عدن من تدني قيمة الراتب، بالقول: "الموظف قد وصل لحالة مأساوية، والجوع والفقر دخل كل منزل في عدن، والسلطات المحلية والحكومية غائبة عن المشهد وتركت الناس تواجه مصيرها المحتوم".
"ياعالم.. المعلم يستلم من 50 إلى 70 ألف ريال (حوالي 25 إلى 35 دولارا) وهي جريمة، ومع هذا يتم تأخير صرف الراتب" أوضح المتحدث نفسه لوكالة "رويترز"؛ فيما أكد موظف حكومي آخر، عمر سعيد (50 عاما) أن: "الراتب فقد 80 في المئة من قيمته، ولم يعد يكفي لتوفير أدنى المتطلبات مثل الطحين والأرز والسكر".
وتابع "انتصف الشهر الثالث ولم يصرف الراتب، الناس لن تصبر أكثر من هذا، الناس تموت من الجوع كل يوم والمسؤولين خارج البلاد ولا كأن الأمر يعنيهم".
وفي سياق متصل، أبرز مسؤولان في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، أنّ: "الحكومة تواجه أسوأ أزمة مالية وتمويلية في مسيرتها منذ بدء الحرب في 2015 وسط تراجع إيرادات الدولة إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بسبب فقدان عائدات النفط وتوقف الدعم السعودي والإماراتي".
وأشار المسؤولان إلى أنّ: "تعليق الصادرات النفطية وتأخر الدعم الخليجي أدى إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، وتسبب في تأخير دفع رواتب العاملين في القطاع العام وتراجع الخدمات العامة ومنها العجز عن توفير الوقود لمحطات توليد الكهرباء والمياه في مدينة عدن والمحافظات المجاورة لها".
وفي سياق متصل، بيّنت مصادر حكومية أخرى وُصفت بـ"رفيعة" أنّ: "السلطات السعودية والإماراتية قررتا عدم تقديم أي دعم مالي لليمن دون تطبيق إصلاحات مالية ونقدية وهيكلية شاملة في مؤسسات الحكومة المختصة مع تشديد مكافحة الفساد في أجهزة الدولة".
وأضافت المصادر في حديثها لرويترز، أنّ: "هذه الشروط قد عرقلت وصول الدفعات الأخرى من الدعم السعودي الإماراتي المعلنة سابقا، ما فاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد وتسبّب في استمرار تدهور قيمة العملة لأدنى مستوى له وهو 2055 ريالا للدولار".
إلى ذلك، تقود الرياض تحالفا عسكريا في اليمن، فيما يقاتل الحوثيين المتحالفين مع إيران منذ مطلع عام 2015 بعد أن أطاحت جماعة الحوثي بالحكومة من العاصمة صنعاء، ما اضطرها لاتخاذ عدن مقرا لها.
وكان رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، قد توجّه إلى السعودية في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بغية: "التشاور بخصوص الدعم الاقتصادي العاجل، لتجاوز التحديات القائمة والمتغيرات في سعر العملة الوطنية، والإجراءات المتخذة لضمان استمرار وفاء الحكومة بالتزاماتها الحتمية".
وأحجم مسؤول كبير في البنك المركزي في عدن عن التعليق لـ"رويترز"، بينما أشار إلى أن: "الوضع الاقتصادي ازداد تدهورا بشكل كبير بسبب هجمات جماعة الحوثي على منشآت تصدير النفط منذ تشرين الأول/ أكتوبر عام 2022 ما أدى إلى توقف الصادرات النفطية التي تعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي مما تسبب في مضاعفة العجز بالموازنة العامة وميزان المدفوعات".
وخلال الأسبوع الجاري، دعا البنك المركزي اليمني في عدن، مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، إلى تحرك عاجل لـ"معالجة الاختناقات المالية والنقدية التي يواجهها"، خاصة في كل ما يرتبط بملفي: الرواتب والخدمات.
إلى ذلك، يعتقد عدّة مراقبين واقتصاديين أنه إذا لم تسارع السعودية والإمارات والدول الصديقة بمساعدة اليمن ودعمه اقتصاديا وبشكل عاجل فإن الوضع متجه نحو الانهيار التام.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اليمنية الحكومة اليمنية اليمن الاقتصاد العربي الحكومة اليمنية المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی عدن
إقرأ أيضاً:
برلمانية: توطين الصناعة ودعم الابتكار لتعزيز التنافسية الاقتصادية
قالت النائبة إيفلين متي، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، إن توطين الصناعة يمثل الخطوة الأولى نحو تحقيق الاستقلال الاقتصادي وتعزيز التنافسية في الأسواق العالمية.
وأضافت “متي” في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، أن اجتماع رئيس مجلس الوزراء مع اللجنة الاستشارية للاقتصاد الكلي يعكس اهتمام الحكومة بتطوير القطاع الصناعي كأحد الحلول للتحديات الاقتصادية الحالية.
إنشاء مراكز متخصصة لتطوير التكنولوجياوأكدت متي أن الصناعات ذات القيمة المضافة، مثل الإلكترونيات، والطاقة المتجددة، والمعدات الطبية، يجب أن تكون على رأس أولويات الدولة.
ودعت إلى تعزيز الابتكار في هذه الصناعات من خلال تقديم دعم مباشر للمشروعات البحثية، وإنشاء مراكز متخصصة لتطوير التكنولوجيا.
وأشارت إلى أن تحسين مناخ الاستثمار الصناعي يتطلب إصلاحات واسعة في منظومتي الضرائب والجمارك، إلى جانب تقليل البيروقراطية وتقديم حوافز مغرية للمستثمرين. كما أكدت على أهمية الاستفادة من الحروب التجارية العالمية الحالية لتوسيع حصة مصر في الأسواق الدولية.
وأضافت أن مجلس النواب سيدعم أي مبادرات حكومية تسهم في تحقيق هذه الأهداف، مع التأكيد على ضرورة متابعة تنفيذ التوصيات لضمان تحقيق الأثر المطلوب على الاقتصاد المصري.
وكان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، التقي أعضاء اللجنة الاستشارية للاقتصاد الكلي، لمناقشة عدد من الموضوعات والملفات.
واستهل رئيس مجلس الوزراء اللقاء، بالإشارة إلى أنه سبق الحديث عن أن هناك عددا من التحديات الاقتصادية التي تفرض نفسها في هذه الآونة على الساحتين العالمية والإقليمية، وتتأثر بها الدولة المصرية، مع استمرار المستجدات المتلاحقة.
وأشار إلى أن الحكومة تعمل على وضع سيناريوهات للتعامل مع تلك التحديات، بما تفرضه من تداعيات كبيرة، وذلك بما يُسهم في الحفاظ على المكتسبات التي تحققت خلال الفترة الماضية، وبما يضمن استمرار الاستقرار الاقتصادي.
وفي هذا السياق، قال الدكتور مصطفى مدبولي: نحرص دوما على الاستماع لمختلف الرؤى والأفكار؛ بهدف مواجهة مختلف التحديات، عبر سيناريوهات يضعها المختصون، لذا تم تكليف المجموعة الوزارية الاقتصادية، وكذا مختلف اللجان المختصة، بوضع عدد من سيناريوهات التعامل مع التحديات المختلفة، وكذا بحث الفرص التي يمكن استغلالها.
وصرح المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسميّ باسم رئاسة مجلس الوزراء، بأن الاجتماع شهد التأكيد على ضرورة العمل على مواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه الدولة، واتخاذ مجموعة من الإجراءات للصمود في مواجهة تلك التحديات.
وأوضح المتحدث الرسميّ أن الاجتماع تناول عددا من الموضوعات ذات الصلة بما تفرضه التحديات من آثار، من بينها تداعيات الإجراءات الأمريكية لفرض رسوم جمركية والحلول المقترحة في هذا الشأن؛ حيث تم تحليل جذور المشكلة في هذه الإجراءات وتوضيح آثارها المترتبة، وطرح مجموعة من الحلول، والإشارة إلى النتائج المرجوة من هذه الحلول على الميزان التجاري للدولة، والصناعة المحلية.
كما تم، خلال الاجتماع، تأكيد أن الدولة لديها الاستعداد لمواجهة أية تحديات، وأن هناك عددا من الفرص المتاحة التي يمكن اقتناصها في خضم هذه التحديات والإجراءات الأخيرة، يمكن الاستفادة منها على المديين القصير والطويل، عن طريق اتخاذ إجراءات خاصة بتأمين سلاسل التوريد للغذاء في ظل صدمات الأسعار الخارجية، مع الاستفادة من الاستثمارات الأجنبية الوافدة إلى مصر بما يتناسب مع خطط الدولة للتنمية الاقتصادية، وغيرها من المقترحات التي طرحها أعضاء اللجنة للنقاش حولها.
وتم التنويه خلال الاجتماع إلى مجموعة من الأطروحات والتوصيات المقترحة في هذا الشأن من جانب أعضاء اللجنة الاستشارية، تتمحور حول أهمية الاستمرار في إجراءات الإصلاح الهيكلي التي تنتهجها الدولة، مع الحرص على إقامة والدخول في تحالفات وشراكات استراتيجية على المستوى العالمي.
كما خصص الاجتماع جانبا لتناول التأثير النسبي للتحديات والإجراءات الأخيرة على الأسواق الناشئة، إضافة إلى الفرص المتاحة من الحروب التجارية، ومن بين ذلك استهداف القطاعات التي تشهد نموا في التجارة العالمية، مثل: الزراعة، والأغذية، والأدوية، والمعدات المكتبية، ومعدات الاتصالات والأجهزة الدقيقة، والنقل، والعمل على زيادة الصادرات منها، وإمكانية الاستفادة من الاتفاقيات التجارية الإقليمية في هذا الشأن، وذلك من خلال الاستفادة من التغيرات الديناميكية التي حدثت خلال الفترة من 2021 – 2024 على صعيد التجارة العالمية، حيث أصبحت الدول الأصغر تلعب دورا أكبر في هذه التجارة، إضافة إلى انتعاش التجارة بين البلدان البعيدة "جغرافيا".
كما تم تأكيد أهمية التركيز على عدد من القطاعات، وعلى رأسها قطاع السياحة، وذلك لما تتمتع به مصر من قدرات تنافسية عالية في هذا القطاع، والعمل على توطين عدد من الصناعات للاستفادة من الظروف والتحديات الدولية الحالية، فضلا عن السعي لتخفيف أي تداعيات جراء ذلك على المواطن المصري.
في الوقت نفسه، أشار المتحدث الرسميّ إلى أنه تم التنويه كذلك إلى أن اتحاد الصناعات أعد دراسة حول كيفية التعامل مع الأزمة الراهنة، وطرق الاستفادة من نقاط القوة وزيادة صادرات عدد من الصناعات، بجانب ضرورة الإعلان عن خطة عاجلة لدعم التصدير للعديد من المنتجات، خاصة قطاع الملابس الجاهزة، مع أهمية الاستعانة بعدد من بيوت الخبرة فيما يتعلق بالتصميمات التي تناسب الأسواق المستهدفة، واستمرار العمل على إصلاح مناخ الاستثمار بوجه عام، خاصة قطاعي الجمارك والضرائب.
وفي ختام الاجتماع، أشار رئيس مجلس الوزراء إلى أنه ستتم دراسة مجموعة التوصيات المقترحة بشكل تفصيليّ، كما سيتم طرحها مع المجموعات الوزارية المتخصصة؛ للخروج بعدد محدد منها يتم التوافق عليه، سعيا للعمل على تنفيذه في ضوء ما ستسفر عنه المناقشات حوله.