سواليف:
2025-02-12@05:18:54 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 106 من سورة يوسف: “وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ”.
لطالما تساءلت متعجبا كلما قرأت هذه الآية: كيف يمكن للمرء المؤمن بالله أن يشرك به، فالشرك كان مرحلة من مراحل التخلف المعرفي البشري، عندما كان الأقدمون يرون جبروت مظاهر الطبيعة كالشمس والقمر والنجوم والعواصف والزلازل والبراكين .

.الخ، ولا يعلمون لها تفسيرا، فكانوا يعتقدون أن وراء كل ظاهرة قوة تتحكم بها اعتبروها إلها، لذلك عددوا الآلهة، لكنهم لما أنزل الله عليهم هديه، وجدوا فيه تفسيرا منطقيا لكل ذلك وهي أن ألها واحدا هو من أوجدهم وأوجد كل شيء ونظمه وضبط علاقات الأشياء ببعضها، وأقنعهم بحثهم العلمي بذلك عندما وجدوا كل موجودات الكون منظمة بشكل دقيق وبعلاقات متكاملة، مما يثبت أن قوة واحدة تتحكم فيها.
لكن من لديهم عاهة فكرية أسمها الإلحاد، والتي تعني قصور عقولهم عن فهم ما هو غير مرئي أو محسوس، فأنكروا وجود الله وكان تفسيرهم أن كل شيء وجد بالصدفة، وهؤلاء ليسوا مشركين بل منكرين لوجود الله.
الحقيقة انه يمكن التوصل إلى فهم الآية من تحليل أفعال وأقوال بعض من يعتبرون أنفسهم من المؤمنين،
كونهم ملتزمون باتباع الدين وأداء العبادات، لكن شركهم ينكشف عندما يمتحنون بموقف دنيوي فارق، يكشف مدى رسوخ قناعاتهم بألوهية الله، وهذه القناعة هل أن مشيئة الله هي فوق كل مشيئة، وأن كل شيء بيده أم أن بعض البشر قادرون على فعل ما لايريده وتدبير ما لا يحبطه.
الشرك هو جعل انداد لله، يخططون ويرسمون وينفذون باستقلال عن إرادة الله، والاعتقاد بأن بعض مجريات الأحداث وصيرورتها هي من كيد البشر وتدبيرهم وليست مقدرة من الله، وما نجاحهم بتنفيذ مكائدهم الا بسبب امتلاكهم القوة والنفوذ، فيستنتجون من ذلك بأن هؤلاء متفلتون من أمر الله، ويمكنهم فعل ما يريدون.
في عصرنا الراهن، كثير من المسلمين يعتقدون أن 99 % من الأمر بيد أمريكا، أي لا يبقون لله (حاشاه) إلا واحدا بالمائة، وكثير من هؤلاء يعتقدون أنهم متقون وصادقون بإيمانهم، ولا يعلمون أنهم مشركون، لأنه تعالى قال “وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ” [يوسف:21].
وفي الأحداث الأخيرة بعد سقوط نظام الأسد الفاجر، رأينا بعضهم بسبب ذلك الشرك، لم يتركوا لله دورا في التدبير، ولم يفطنوا الى أن الله ينتصر لعباده المؤمنين المظلومين ولو بعد حين، فأحالوا أسباب نصر الله للثوار الى أنه مؤامرة من تدبير الشيطان الأكبر، وانساقوا وراء تضليل شبيحة النظام الهالك، الذين قالوا ان تدمير قدرات الجيش العسكرية من قبل الكيان اللقيط هو مساعدة للثوار.
ما هذا السخف في الاستنتاج؟.
الحقيقة معكوسة تماما، فالغارات الجوية تمت بعد انهزام النظام، وذلك انتهازا لفرصة الفوضى، بحجة الخوف من أن تصبح الأسلحة (الاستراتيجية) في يد إسلامين، فلم تستهدف عندما كانت في يد النظام البائد، لأنها لم تستخدم يوما ولن تستخدم ضد الكيان بل ضد الثائرين فقط.
صحيح أن تدمير الأسلحة تلك يشكل خسارة كبيرة للبلد والأمة، لكن من لا يشرك بالله شيئا ولا يقنط من روح الله، يوقن أنه تعالى قادر على الإمداد والتعويض، مثلما أمد المحاصرين في القطاع عندما أخلصوا النية لله، فلم تقدر عليهم كل قوى الشيطان الأكبر وآلاته الجهنمية وأعوانه.
ان من شهد النصر السريع للثوار، يجب أن يزداد يقينه بالله ولا ترعبه القوى الكبرى ولا الصغرى، لأن الله محيط بالكافرين جميعهم ، كبيرهم وصغيرهم، ومحبط كيدهم مهما كان عظيما، ولنا في آلاف الأمثلة على تدبير الله الأمور للأمة منذ تشكلت والى اليوم خير إثبات على ذلك، بدءا من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثاني اثنين مختبئين في غار ثور والمئات من الكفار محيطون بهم، فلم تكن نجاتهم صدفة ولا هي من باب مهارة التخفي، بل أعمى الله العيون عنهم بقدرته تعالى، وانتهاء بانتصار ساحق بالمعارك رغم الفارق الهائل في قوة الأعداء.
المؤمن الذي لا يشرك بالله، يعلم أن النصر من عنده تعالى، يكرم به عباده المسلمين الصادقين، إن حققوا شرطين: أعدوا ما استطاعوا من قوة، ثم استعانوا بالله.

مقالات ذات صلة كفى هروبا من الواقع المرّ نحو التساؤل.. اين المشروع العربي ؟ 2024/12/12

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات قرآنية هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

تفسير قوله تعالى قد نرى تقلب وجهك فى السماء.. علي جمعة يوضح

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الله عز وجل يقول فى كتابه الكريم: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ } [البقرة: 144]. 

وأوضح جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن هذا التقلب يدل في الوجه على تشوُّف النبي ﷺ إلى استجابة دعائه. فقد كان النبي ﷺ يصلي في مكة متوجهًا إلى بيت المقدس، بحيث يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس. فلما هاجر إلى المدينة، أصبح بيت المقدس شمالًا والكعبة جنوبًا، فظل متجهًا إلى بيت المقدس لمدة "ثمانية عشر شهرًا"، حتى جاء الأمر الإلهي واستجاب الله لدعائه، فوجهه إلى القبلة التي يرضاها، فجمعت القبلة المحمدية بين أمرين: رضا الله ورضا رسول الله ﷺ.  

قال تعالى: { فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}. ولكن، لماذا قال: {تَرْضَاهَا}، ولم يقل: "نرضاها"؟  يقول أهل الله: إنه "مقام دلال"؛ لأنه سيد الأكوان، والإنسان الكامل، والمصطفى المختار، وحبيب رب العالمين، وهو الذي يلخِّص قضية العالمين.  
وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها تقول: «إني أرى الله يسارع في هواك»، لأن مراده ﷺ كان يطابق مراد الله.  

ليلة النصف من شعبان ليلة عظيمة ومحطة فارقة في تاريخ المسلمين، فلا تدعوها تفلت منكم، عسى أن يتجلَّى الله تعالى علينا بعفوه ورحمته. 

تحويل القبلة في النصف من شعبان، أحداث جلل شهدها النصف من شعبان منها تحول النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين من خلفه في الصلاة من قبلة الأنبياء السابقين حيث المسجد الأقصى إلى الكعبة المشرفة، تلك القبلة التي بناها الخليل إبراهيم عليه السلام.. فما الحكمة من تحويل القبلة في النصف من شعبان؟

حكمة تحويل القبلة في النصف من شعبان
يقول الشيخ محمود السيد صابر المفتي بمركز الأزهر العالمي للفتوى الإليكترونية في حديث خاص لـ صدى البلد، إن من حكم تحويل القبلة استجابة لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم والذي كان يدعو في صلاته ويكثر النظر إلى السماء مناجيا ربه سبحانه وتعالى الذي أجابه بقوله:«فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ».

وتابع: الحكمة الأخرى هي امتحان واختبار للمؤمنين حيث استدار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمهم في الصلاة، للتأكيد على ضرورة اتباع أمر الله تعالى وأمر نبيه وتجنب المخالفة يقول تعالى: «فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ».

مقالات مشابهة

  • رحم الله تعالى عم أحمد عبد الرحمن، الرمز القامة والرجل المدرسة
  • تفسير قوله تعالى قد نرى تقلب وجهك فى السماء.. علي جمعة يوضح
  • وفاة والدة زوجة حارس مرمى منتخب مصر السابق
  • أمي الثانية.. الموت يفجع عصام الحضري في حماته
  • أغير من صديقة لأنها أجمل مني.. فهل هذا يعني أنني أحسدها؟ شيخ الأزهر يرد على سؤال طفلة
  • فهو يخلفه
  • تأملات في صوم نينوى.. بين الحوت الداخلي ونداء الرحمة
  • القصة والحكمة من تحويل القبلة في منتصف شعبان
  • رحلة بنداء رباني
  • دعاء وآيات للشفاء من الأمراض.. أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر