تجد الحكومات الأوروبية نفسها في حالة ترقب، بعدما فوجئت بسقوط بشار الأسد في سوريا، حيال الموقف الذي ينبغي اعتماده من الفصائل المسلحة التي استولت على الحكم، مع مزيج من القلق و"التفاؤل الحذر".

ومنذ الأحد الماضي، أجمعت هذه الدول على الترحيب بسقوط الرئيس السوري، بعدما حكم البلاد بقبضة حديد على مدى 24 عاماً، من بينها 14 شهدت نزاعاً أهلياً حصد الكثير من الأرواح.

إلا أن نهج هيئة تحرير الشام، جبهة النصرة سابقاً قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة الإرهابي، وتصنيفها "منظمة إرهابية" من جانب دول غربية عدة، يثير مخاوف أيضاً.

‼️????

وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي :

إن سوريا يجب ألا تكرر السيناريوهات المروعة التي شهدتها العراق وليبيا وأفغانستان، أو تنحدر إلى حرب أهلية جديدة، أو تتسبب في أزمة لاجئين

وقالت إن بروكسل ستحكم على تصرفات هيئة تحرير الشام، التي استولت على السلطة "ليس بالأقوال بل بالأفعال" pic.twitter.com/ytqadr0rnS

— موسكو | ???????? MOSCOW NEWS (@M0SC0W0) December 11, 2024

وفي محاولة لاعتماد نهج مشترك حيال السلطات الجديدة في سوريا، قررت دول مجموعة السبع عقد اجتماع عبر الإنترنت، الجمعة الماضي. وقال الباحث المشارك في معهد "رويال يونايتد سيرفيسيز" في لندن، أوربن كونينغهام إن "الحكومات الأوروبية حتى الآن لا تملك جواباً ولا يسعها إلا الانتظار لمتابعة ما سيحدث".

وأعلنت الفصائل المسلحة،  تكليف محمد البشير تولي حكومة تسيير أعمال.

تواصل الحذر 

وتؤكد هيئة تحرير الشام، أنها تخلت عن الخط "الجهادي"، إلا أن ثمة مخاوف من تكرار السيناريو الذي حصل في أفغانستان، حيث تفرض حركة طالبان تطبيقاً صارماً للشريعة الإسلامية.

وأشار كونينغهام إلى أن الفصائل المسلحة وقائدها أبو محمد الجولاني، "بذلوا قصارى جهدهم حتى الآن مع تحدثهم عن ضرورة قيام حكومة براغماتية وجامعة". ورأى أن "التفاؤل الحذر" هو الشعور الطاغي حالياً في صفوف الدول الأوروبية.

ولبدر موسى السيف الباحث في مركز شاتام هاوس للأبحاث الرأي نفسه، مشيراً إلى أنه بعد سقوط مدينة حلب، لم يتعرض أحد للمسيحيين فيها. وفي مقابلة مع صحيفة "كورييري دي لا سيرا" الإيطالية، أكد محمد البشير التزامه "ضمان" حقوق الأقليات في سوريا، التي تضم طوائف وإتنيات عدة من مسلمين سنة وشيعة ودروز وأكراد.

وفي المملكة المتحدة، لم تستبعد حكومة كير ستارمر، وهو محام سابق في مجال حقوق الإنسان، الحوار. وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية العمالية "كون هيئة تحرير الشام مجموعة إرهابية محظورة لا يمنع الحكومة من الانخراط في مباحثات معها في المستقبل".

وومن جهتهما، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتس إنهما "مستعدان للتعاون مع القادة السوريين الجدد بشروط".

وأفاد مصدر دبلوماسي أوروبي، بأن بعض الدول باشرت إقامة قنوات اتصال غير مباشر مع هيئة تحرير الشام، التي تحولت من حركة جهاد عالمي إلى حركة إسلامية وطنية". لكنه أضاف "من السابق جداً لأوانه التخلي عن الحذر".

وبالنسبة إلى الأمم المتحدة، قال مبعوثها الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، الثلاثاء الماضي، إن "الاختبار الأهم يبقى في وضع المرحلة الانتقالية موضع التنفيذ".

تجنب الفوضى

ولكن يبقى أيضاً التحديات المتمثلة بالأمن والهجرة. فقد تستغل جماعات إرهابية مثل تنظيم داعش، من فوضى محتملة أو انقسامات بين الفصائل، في مرحلة ما بعد حكم الأسد في سوريا لاستعادة السيطرة على مناطق خسرتها.

وأشار أوربن  كونينغهام إلى أن "وجود كميات كبيرة من الأسلحة في سوريا من بينها أسلحة كيميائية، يزيد من خطورة الوضع". يضاف إلى ذلك أيضاً المعتقلات التي تكتظ بالمعتقلين في منطقة سيطرة الأكراد في شمال شرق البلاد، التي تضم عشرات آلاف المقاتلين من تنظيم داعش الإرهابي، مع نساء وأطفال من بينهم مواطنون أوروبيون.

ورأى الباحث أن "ثمة خطراً أن يحرر تنظيم داعش هؤلاء المعتقلين". ووضعت أجهزة الاستخبارات في المملكة المتحدة في حالة تأهب لمواجهة احتمال مماثل. 

وشدد جوليان بارنز-دايسي من المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية، على أن "استقرار سوريا يصب في مصلحة الأوروبيين"، متحدثاً عن موجة هجرة جديدة محتملة في حال غرق سوريا في الفوضى.

وأما الولايات المتحدة، فيبدو أن المسؤولين فيها يتغاضون راهناً عن كون هيئة تحرير الشام مصنفة "منظمة إرهابية"، ويؤكدون أنهم يريدون أن يحكموا "على الأفعال"، مشددين على أن الهيئة "تستخدم في الوقت الراهن الكلام المناسب". ودعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي يزور اليوم الأردن، وينتقل غداً الجمعة إلى تركيا لإجراء مباحثات حول سوريا، "إلى مرحلة انتقالية جامعة نحو حكومة مسؤولة وذات صفة تمثيلية".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الرئيس السوري سوريا سقوط الأسد الحرب في سوريا هیئة تحریر الشام فی سوریا

إقرأ أيضاً:

معهد أمريكي: تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أداة دبلوماسية قوية لليمن مرتبط نجاحها بالعلاقات الخليجية الإيرانية (ترجمة خاصة)

قال معهد أمريكي إن قرار الرئيس دونالد ترامب بإعادة تصنيف حركة الحوثيين في اليمن كمنظمة "إرهابية أجنبية" أداة دبلوماسية قوية للحكومة اليمنية -المعترف بها دوليا- مرتبط نجاحها بالعلاقات الخليجية الإيرانية.

 

وأضاف معهد دول الخليج العربية في واشنطن (agsiw) في تحليل ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن قرار التصنيف يمثل لحظة كاملة في نهج واشنطن المتذبذب تجاه الجماعة المدعومة من إيران.

 

وتابع أن إعلان 22 يناير يعيد إحياء تصنيف ترامب في اللحظة الأخيرة لعام 2021، والذي عكسه فريق بايدن، بسرعة بسبب تأثيره المحتمل على تسليم المساعدات الإنسانية إلى اليمن"

 

وأكد أن هذه المرة، يأتي التصنيف وسط مشهد إقليمي مختلف تمامًا بسبب أنشطة الحوثيين الجريئة ضد إسرائيل وتعطيل الأمن البحري في البحر الأحمر.

 

وأشار إلى أن الحكومة اليمنية ترى أن إعادة التصنيف كانت بمثابة انتصار دبلوماسي. لسنوات، استغل الحوثيون الأزمة الإنسانية في اليمن، والتي ساعدوا في هندستها من خلال عرقلة المساعدات بشكل منهجي والاستغلال الاقتصادي.

 

​ويرى المعهد أن التدابير الجديدة للبنك المركزي، المدعومة بلوائح وزارة الخزانة الأمريكية، يمثل أول محاولة جادة لتعطيل تمويل الحوثيين منذ اتفاق الأمم المتحدة في يوليو 2024، والذي رفع القيود الاقتصادية التي يفرضها البنك المركزي اليمني على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. يوضح هذا الاتفاق، الذي استنزف زخم البنك المركزي بشكل فعال بينما قدم للحوثيين شريان حياة مالي، حدود التدابير نصفية.

 

​​وأكد التحليل أن تحديات تنفيذ القيود المصرفية الجديدة المفروضة على الحوثيين متعددة. في حين أن البنك المركزي لديه أخيرًا الأدوات اللازمة للضغط على خزائن الحوثيين، فإن التاريخ يشير إلى أن الجماعة من المرجح أن تستجيب بالتصعيد العسكري بدلاً من الامتثال.​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​

 

​​​​بالإضافة إلى ذلك، يقول المعهد الأمريكي إن حكومة العليمي تواجه مهمة التوفيق بين عدة أمور: الحفاظ على الضغط على الحوثيين مع الحفاظ على وصول المساعدات الإنسانية، واستقرار الاقتصاد مع تنفيذ العقوبات، ودفع محادثات السلام مع التعامل مع منظمة إرهابية تم تصنيفها حديثًا.

 

​​​​​​​​​​​​ردود الفعل الإقليمية​​

 

​ يشير التحليل إلى أن طهران وصفت هذه الخطوة بأنها "غير قانونية" ومن شأنها أن تؤدي إلى تصعيد التوترات الإقليمية، في حين ردد حزب الله في لبنان والجماعات المسلحة في العراق مشاعر مماثلة، واعتبرتها عدوانًا أمريكيًا. ومن غير المرجح أن تقلل إيران من دعمها للحوثيين، في الوقت الذي عانى فيه وكيلها اللبناني من انتكاسات كارثية.

 

وعن رد فعل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على هذا التصنيف قال معهد دول الخليج العربية في واشنطن كان "مدروسًا".

 

وزاد "امتنعت المملكة العربية السعودية، التي واجهت سنوات من هجمات الحوثيين، عن تأييد التصنيف بكل إخلاص، على الرغم من ترحيبها به في عام 2021. يعكس موقف الرياض الحذر كلاً من مشاركتها الدبلوماسية المستمرة مع طهران والحذر المحسوب بشأن الضمانات الأمنية الأمريكية، والذي ينبع جزئيًا من عدم وجود استجابة أمريكية كافية لهجمات سبتمبر 2019 على منشآت النفط في بقيق وخريص".

 

واسترسل المعهد "يؤكد التحوط الاستراتيجي السعودي على إدراك إقليمي أوسع نطاقًا بأن التصعيد يحمل مخاطره الخاصة. لم تعلق الإمارات العربية المتحدة، التي قدمت ذات مرة قضية لتصنيف منظمة إرهابية أجنبية في الماضي، على التصنيف أيضًا حيث يبدو أنها تعاير موقفها العام بعناية تجاه الحوثيين".

 

ويرى أن رسائل الحوثيين هذه تعكس الديناميكية الإقليمية المعقدة. في أول خطاب له بعد تعيينه، تجنب زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي المواجهة المباشرة مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهو ما يمثل انحرافًا عن الخطاب السابق. وبدلاً من ذلك، قدم تحذيرات غير مباشرة لـ "حلفاء أميركا" مع التركيز بشكل أساسي على الولايات المتحدة وإسرائيل، مما يشير إلى إدراك الحوثيين لمصلحتهم في الحفاظ على مساحة للتسوية الإقليمية المستقبلية حتى مع تصعيدهم ضد الأهداف الدولية.

 

تفعيل التصنيف

 

​​​​​​"على الجانب الإيجابي من الأجندة، تترك تحديات الأمم المتحدة فرصة لدول الخليج للعب دور أكبر في تهدئة الوضع في اليمن. ومع ذلك، فإن الموقف الحذر من قبل حلفاء اليمن التقليديين في الخليج يخلق تحديًا إضافيًا لحكومة العليمي. في حين ترى الحكومة التصنيف كأداة دبلوماسية للضغط على الحوثيين، يجب عليها معايرة استجابتها بعناية لتجنب تجاوز شهية شركائها الإقليميين للتصعيد.

 

وأكد معهد دول الخليج العربية في واشنطن أن إعادة المعايرة الاستراتيجية لدول الخليج مع إيران تضع فعليًا سقفًا لمدى قدرة اليمن على تنفيذ التصنيف بشكل عدواني.​​ ​​​​​​

 

​​​وأوضح أن البعد الدولي الأوسع يقدم تحديات أكثر تعقيدًا. في حين أن التصنيف يمنح الحكومة اليمنية نفوذًا إضافيًا، فإنه يعقد عملية التفاوض على السلام الصعبة بالفعل.

 

وأفاد أن المنظمات الإنسانية، التي أصيبت بندوب الشلل البيروقراطي الذي أعقب التصنيف في عام 2021، تشعر بالقلق بشأن قدرتها على العمل في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون. ولكن الحوثيين، غير المهتمين بمثل هذه المخاوف، يزيدون من تفاقم هذه التحديات من خلال خلق بيئة معادية للمنظمات الإنسانية.

 

ويرى المعهد في تحليله أن القوة الحقيقية للتصنيف تكمن في قدرته على إحداث عواقب قانونية ومالية محددة تقيد عمليات الحوثيين. وقال "من خلال استهداف شبكات تمويل الحوثيين وتجريم الدعم لعدوانهم البحري، يوفر التصنيف آليات ملموسة للعمل الدولي".

 

واستدرك "يجب على المؤسسات المالية الآن حظر أصول الحوثيين بنشاط بينما تواجه شركات الشحن وشركات التأمين التزامات قانونية جديدة في عملياتها في البحر الأحمر. بالنسبة للحكومة اليمنية، توفر هذه القيود الملموسة أداة عملية لإعادة تأكيد السيادة وبناء إجماع دولي ضد زعزعة استقرار الحوثيين".

 

وأكد معهد دول الخليج العربية في واشنطن أن فعالية التصنيف ستتوقف في نهاية المطاف على مدى قدرة الحكومة اليمنية على التعامل بمهارة مع القيود المتعددة: شهية الحلفاء الإقليميين للمواجهة، والضرورات الإنسانية، والمهمة المعقدة المتمثلة في التنفيذ. ستحدد النتيجة، كما هو الحال في اليمن، التفاصيل الدقيقة للتنفيذ التي تتبع الخطوط العريضة لسياسة التصنيف والعقوبات.

 

وخلص المعهد إلى القول "سيتطلب النجاح التنقل على مسار حذر بين الضغط والدبلوماسية، والحفاظ على الدعم الإقليمي والدولي الأوسع، مع تخفيف المزالق الإنسانية وضمان بقاء التركيز على عرقلة الحوثيين والتلاعب الذي يتسبب في حدوثها".

 


مقالات مشابهة

  • توحيد السلاح في سوريا: رغبة السلطة وتناقضات الواقع
  • وزير الاستثمار: مصر وجهة متميزة للتصنيع والتصدير إلى الدول الأوروبية
  • هدوء حذر على الحدود اللبنانية السورية بعد اعتداءات لـ |هيئة تحرير الشام”
  • لبنان: قذائف مصدرها “هيئة تحرير الشام” تسقط في جرود الهرمل الحدودية مع سوريا
  • نائب كردي:حكومة البارزاني لا تستحق البقاء لكونها ضد الشعب الكردي
  • فاينانشال تايمز: الشركات الأوروبية تحذر من الغموض بشأن الرسوم الجمركية التي يفرضها ترامب
  • السعودية تُثمن ما أعلنته الدول الشقيقة من شجب واستهجان ورفض تام حيال ما صرح به بنيامين نتنياهو بشأن تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه
  • وزارة الخارجية: المملكة تُثمن ما أعلنته الدول الشقيقة من شجب واستهجان ورفض تام حيال ما صرح به بنيامين نتنياهو بشأن تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه
  • إيران: المفاوضات مع الدول الأوروبية سوف تستمر
  • معهد أمريكي: تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أداة دبلوماسية قوية لليمن مرتبط نجاحها بالعلاقات الخليجية الإيرانية (ترجمة خاصة)