جدعون ليفي لإسرائيل: كفاكم غطرسة وكفوا عن الدوس على سيادة سوريا
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
#سواليف
انتقد الكاتب الإسرائيلي اليساري جدعون ليفي الغارات التي تشنها بلاده على سوريا في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى أنها تقوض ما سماه “الأمل الهش”، الذي يراود أبناء هذا البلد العربي عقب الإطاحة بنظام الطاغية بشار الأسد.
وكتب في مقال نشرته صحيفة هآرتس، أن إسرائيل بغاراتها هذه لا تدمر الجيش السوري فحسب، بل تستولي على مساحات “غير معلومة” من الأراضي السورية، في الوقت الذي “يستيقظ فيه هذا البلد المهزوم والمثخن بالجراح من كابوس النظام السابق، ويواجه مستقبلا مجهولا”.
وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي قد نقلت عن مصدر أمني كبير أن الجيش دمر مقدرات الجيش السوري بأكبر عملية جوية في تاريخ إسرائيل، في حين أكدت مصادر أمنية أن توغل إسرائيل العسكري في جنوب سوريا وصل إلى نحو 25 كيلومترا إلى الجنوب الغربي من العاصمة دمشق.
مقالات ذات صلة الشيخ سالم الفلاحات يكتب .. هل إحْنا غِيــــــــر فعلا؟ 2024/12/12وقد استغل الجيش الإسرائيلي انسحاب قوات نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد من مواقعها العسكرية ليتوغل في مناطق إستراتيجية بمحافظة القنيطرة جنوب سوريا.
ويرى الكاتب أنه ثمة منطق -وإن ظاهريا- في إقدام إسرائيل على شن تلك الغارات، فالظروف مواتية لتدمير القدرات العسكرية لعدو آخر، وليس في استطاعة أحد الآن أن يقف في طريقها في سوريا التي شهدت للتو “انقلابا” على النظام السابق.
ومع ذلك، فهو يحذر من تجاهل الأضرار الفادحة التي يمكن أن تترتب على هذا التصرف “القبيح. ولكنه يعتقد أيضا أن هناك أملا جديدا يتبلور في سوريا، رغم أنه يرجح أن يكون -في تقديره- “أملا كاذبا”.
وأشاد الكاتب الإسرائيلي بالقائد في إدارة العمليات العسكرية في المعارضة السورية أحمد الشرع -الملقب بأبي محمد الجولاني- ووصفه بأنه قائد عاقل وحكيم حتى الآن على ما يبدو.
أحمد الشرع على ما يبدو قائد عاقل وحكيموعلى عكس ما جرى في العراق من قبل، فإن ما يسميه ليفي انقلابا في سوريا لا يستهدف تقويض الاستقرار القائم؛ إذ لم تُسجل حالات إراقة دماء جماعية، كما ورد في المقال.
ومضى الكاتب في إشادته بالشرع، وقال إن الجولاني يفعل كل شيء في الوقت الحالي من أجل استقرار الوضع وبناء إطار للحكم، زاعما أن إسرائيل هي آخر همومه. ورغم استدراكه بأن ماضي الرجل “لا يبشر بخير” إلا أنه يتوقع أنه قد يتغير “لأن الشعب السوري يستحق ذلك”.
إسرائيل بطلة حقيقية على الضعفاء والنازفين.وسخر ليفي من تدخل إسرائيل واستيلائها على الأراضي في وقت تتلمس فيه سوريا طريقها في الظلام، واصفا دولة الاحتلال بأنها “بطلة حقيقية” على الضعفاء والنازفين.
ومع أنه يرى أن إسرائيل قد تستفيد من أفعالها، لكنه حذرها من أن سوريا إذا استعادت عافيتها فلن تنسى من هاجمها في ساعة محنتها بلا مبرر ومن دون شرعية، مضيفا أن الخصم في لحظة ضعفه يمثل في ظاهر الأمر فرصة للانقضاض عليه، لكنها قد يكون منحة في شكل محنة.
سوريا إذا استعادت عافيتها فلن تنسى من هاجمها في ساعة محنتها بلا مبرر ومن دون شرعية، والخصم في لحظة ضعفه يمثل في ظاهر الأمر فرصة للانقضاض عليه، لكن ذلك قد يكون منحة في شكل محنة.وتابع قائلا إنه كان على إسرائيل أن تحاول على الأقل مساعدة سوريا وفتح صفحة جديدة معها بدلا من تهديدها.
ونصح ليفي دولة الاحتلال قائلا: “دعونا نترك جانبا الغطرسة والوقاحة التي لا تُعقل في الدوس على سيادة بلد آخر من دون أي ذريعة مع الاستهزاء بالقانون الدولي”.
وحذر من أن الأضرار التي ستلحق بإسرائيل نتيجة استيلائها على الأراضي السورية لا محالة ستقع، وستكون غاراتها تلك ذريعة لإشعال حرب أخرى.
ورجح ليفي أن إسرائيل لن تسارع بالانسحاب من الأراضي التي استولت عليها حتى لا يُنظر إلى خطوة كهذه على أنها استسلام، متوقعا أن يعترض عليها اليمين واليسار في إسرائيل على حد سواء.
وختم مقاله بأن إسرائيل ستقول لسوريا الجديدة “إننا سنستمر في محاربتكم إلى الأبد”، وإن “عليكم أن تنسوا فتح صفحة جديدة”. وأوضح أن هذا الوضع يبدو منطقيا بالنسبة لإسرائيل، بل وسببا للأمل، على حد تعبيره.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف أن إسرائیل
إقرأ أيضاً:
هل يمكن أن تلتقي إيران مع إسرائيل ضد تركيا في سوريا؟
عندما أطاح الثوّار في سوريا بنظام الأسد، نسفوا بذلك هيكلاً عمل الإيرانيون على بنائه منذ ما يقارب النصف قرن، وأتاح لهم إختراق العالم العربي وبث الطائفية والفرقة والخلاف والاقتتال والدمار في المنطقة، حيث تحوّلت سوريا الى منصّة إنطلاق لمشروعهم التوسّعي تحت شعار مقاومة إسرائيل وإخراج الأمريكيين من المنطقة.
وعليه، ليس هناك مبالغة في القول إنّ إيران كانت أكبر الخاسرين في سوريا بعد أن كانت سياساتها قد ادّت الى تدمير البلاد بشكل كامل، وقتل قرابة مليون سوري، وتشريد أكثر من نصف سكّان البلاد، حوالي 12 مليون في كل أنحاء الأرض. لكن، وبدلاً من أن يعترفوا بالهزيمة، ويعيدوا التفكير في سياساتهم، ويتصالحوا مع الشعب السوري، ويعتذروا عن مجازرهم ويعوّضوا السوريين، بدؤوا بالبحث سريعاً عن طرق لتخريب المرحلة الانتقالية في سوريا ودفعها الى مزيد من الخراب.
المشكلة أنّهم لم يخفوا ذلك كما ناقشتُ في المقال السابق في عربي 21، لكن الجديد انّهم يريدون أن يكون التخريب مشتركاً بالتعاون مع الولايات المتّحدة ومع إسرائيل بالتعبيّة كي يعيد ترميم العلاقة ويحمي نظامهم بعد أن إنهارت استراتيجية الدفاع المتقدّم التي كانوا يتّبعونها. ويقترح الإيرانيون حالياً أن يتم دعم الأقليات في سوريا مع تحديد المكّون الكردي المسلّح كهدف لأنّه يرتبط بكل من أمريكا وإسرائيل وباستطاعة مثل هذا الدعم للميليشيات الكردية الإرهابية أن يؤمّن كذلك أجندة مشتركة لإيران مع الولايات المتّحدة ضد تركيا.
إنّ إيران كانت أكبر الخاسرين في سوريا بعد أن كانت سياساتها قد ادّت الى تدمير البلاد بشكل كامل، وقتل قرابة مليون سوري، وتشريد أكثر من نصف سكّان البلاد، حوالي 12 مليون في كل أنحاء الأرض.ولكن وكما هو معلوم، فقد شدّد ترامب خلال دورته السابقة على ضرورة إنسحاب القوات الامريكية من سوريا، وهو يرى أنّ دعم هذه الميليشيات الكردية الانفصالية أمر غير صائب وغير مجدي ويقوّض المصالح المشتركة مع دولة قوية في المنطقة كتركيا. ولأنّ التوقعات تشير الى انّ ترامب لا يزال متمسكاً بموقفه وأنّه سيسير في هذا الإتجاه ما أن يستلم السلطة في هذه الدورة، عملت ميليشيات "واي بي جي" الكردية حثيثاً للبحث عن كفيل آخر، وقد تقاطع ذلك مع جهود إسرائيل وإيران لتقويض موقع ودور تركيا.
ولذلك، فقد تواصلت إسرائيل مع المليشيات الكردية منذ العام 2019 على الأقل وذلك وفقاً لتصريح نائب وزير الخارجية الإسرائيلية آنذاك تزيبي هاتوفلي متزامنة مع تعهد من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بدعم الميليشيات الكردية في وجه ما اسماه الغزو التركي. وبخصوص إيران، كشف وزير الدفاع التركي يشار جولّير في مقابلة مع صحيفة ملييت التركية في مايو 2024، عن أنّ بلاده كانت تزود إيران بأماكن تواجد عناصر حزب العمّال الكردستاني عند تنفيذهم عمليات في تركيا وعبورهم الى الجانب الإيراني وذلك من أجل إستهدافهم، لكنّ طهران كانت تمتنع عن الإستهداف متذرّعة بأنّه لا يوجد مقاتلين على أراضيها في الأماكن التي تم تحديدها، الى أن فاجأهم الجانب التركي بصور جوّية لاحقاً تثبت بطلان الإدعاءات الإيرانية.
بعد الإطاحة بنظام الأسد في شهر ديسمبر من العام الماضي، تسارعت وتيرة التصريحات الإسرائيلية الداعمة للميليشيات الكردية والمهاجمة لتركيا، وكان ذلك مؤشراً على أن الجانب الإسرائيلي سيتولى مهمة دعم الميليشيات الكردية في حال إنسحاب القوات الأمريكية، حتى أنّ اللوبي الإسرائيلي مارس نفوذه مؤخراً مما دفع اعضاءاً من الكونجرس باعداد مشروع قانون ينصل على سلسلة من العقوبات التي يمكن فرضها على تركيا في حال فكّرت في اغتنام الفرصة ومهاجمة الميليشيات الكردية.
وبموازاة ذلك، خرج مهدي خان علي زاده، وهو مسؤول إيراني يشغل منصب مدير موقع قناة "برس تي في" الحكومية ووسائل التواصل الاجتماعي التابعة له، والمستشار الأول للرئيس التنفيذي للقناة، ليقول أنّه "يجب على إيران أن تتعاون مع الولايات المتحدة في سوريا، تمامًا كما فعلت من قبل في العراق، وذلك من خلال دعم وحدات حماية الشعب الكردية ]ميليشيات "واي بي جي" الإرهابية[". سأله المذيع عندها: "ضدّ من؟"، فأجاب مهدي: "ضد تركيا".
مثل هذا المقترح هدفه اضاعف سوريا الجديدة ما بعد الأسد من خلال توظيف واستخدام ودعم الأقليات وتقويض دور ونفوذ تركيا الإقليمي. المسؤول الإيراني ليس لديه حرج في أن يقول ذلك بشكل علني، فبعد أن كانوا ولا يزالوا يدعمون الطائفية والمذهبية والعنصرية علناً من خلال بعض الأقليات المذهبية، يفعلون نفس الشيء الآن باستخدام الأقليات العرقيّة.
المقطع التلفزيوني الخاص بمهدي تمّ تداوله على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي العربية والتركية على وجه الخصوص ما دفع الإعلامي الإيراني علي علي زادة الى القول في تغريدة له أنّ هذا التصريح أعطى خصوم إيران دليلا إضافيا لاتهام إيران وقائدها بالنفاق، ودليلا إضافيا على أنّ إيران تتعاون مع أمريكا لضرب الحكومات الإقليمية في وقت يدعو قائدها الى الوحدة الإسلامية والى إخراج أمريكا من المنطقة، مشيراً الى أنّ هكذا تصريحات تحرق مصالح إيران وتجعلها دولة مكروهة بشكل أكبر في الإقليم، ناصحاً المسؤولين الإيرانيين أن يناقشوا مثل هذه الأمور خلف الأبواب المغلقة وفي مراكز الأبحاث والدوائر الخاصة وليس على التلفزيونات.
لكن في الأول من يناير 2025، تم بث مقابلة متلفزة أخرى مع محمد حسين عادلي، وهو سياسي إيراني و دبلوماسي سابق، وخبير اقتصادي، واستاذ جامعي، قال فيها أنّه" خلال الـ20 عاماً الماضية، كان لدينا ]إيران[ خلافات مع الولايات المتّحدة الأمريكية في المنطقة، لكن كان لدينا أيضاً مصالح مشتركة مثيرة للإهتمام مع الولايات المتّحدة الأمريكية، كاسقاط نظام طالبان في أفغانستان وصدّام في العراق، الأمر الذي أفضى الى نوع من التعاون. لذلك، نحن لدينا اليوم الكثير من المصالح المشتركة مع الولايات المتّحدة في المنطقة. يضيف عادلي "خذ في عين الإعتبار أنّ العلاقة بين إيران والولايات المتّحدة الامريكية قد تمّ اخذها كرهينة من قبل عدد من اللاعبين الإقليميين والدوليين، ويجب علينا ألاّ ندع هؤلاء اللاعبين يحدّدون شكل ودرجة العلاقة التي تربط بين إيران والولايات المتّحدة الأمريكية".
بعد الإطاحة بنظام الأسد في شهر ديسمبر من العام الماضي، تسارعت وتيرة التصريحات الإسرائيلية الداعمة للميليشيات الكردية والمهاجمة لتركيا، وكان ذلك مؤشراً على أن الجانب الإسرائيلي سيتولى مهمة دعم الميليشيات الكردية في حال إنسحاب القوات الأمريكيةفي 3 يناير، قالت صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية، إن وزير الخارجية، جدعون ساعر، أجرى محادثة هاتفية مستفيضة مع مسؤولة العلاقات الخارجية في القوات التي تقودها ميليشيات "واي بي جي" الكردية، إلهام أحمد. وخلال محادثاتهما، إدّعت إلهام أنّ هناك اعتقالات تعسفية بحق الأكراد وإعدام لمواطنين أكراد من قبل الحكومة السورية الجديدة ، على حد زعمها. وأشارت الصحيفة، إلى أن الحوار بين إسرائيل وهذه الميليشيات موجود منذ فترة، لكنه بات أقوى بعد سقوط نظام الأسد.
وبالتوازي مع التنسيق الإسرائيلي، نشرت تقارير إعلامية في 5 يناير خبر لقاء قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قآني مع المدعو مظلوم عبدي، قائد ميليشيات "واي بي جي" الكردية المنضوية تحت قسد والتي تعتبر فرعاً من حزب العمّال الكردستاني الإرهابي، وذلك في السليمانية في العراق.
تبع ذلك تعليق متلفز لنائب وزير خارجية إسرائيل في 7 ينابر 2025، قال المسؤول الإسرائيلي فيه أنّ على المجتمع الدولي ان يجعل مطلب حماية الأقليات في سوريا على رأس المطالب أثناء لقائهم مع قادة سوريا الجدد. وبالنسبة الى الأكراد، أشار الوزير الإسرائيلي الى أنّه يجب ان نأخذ بعين الاعتبار أنّ تركيا تحتل 15% من شمال سوريا وأنّ للأتراك ميليشياتهم وهم يهاجمون الأكراد واستقلاليتهم ويقتلونهم ويقصفونهم. على المجتمع الدولي أنّ يدعو تركيا الى وقف هذا العدوان والقتل.
ما يمكن استنتاجه من كل هذا هو أنّ إيران تأخذ خيار التعاون مع واشنطن في سوريا ضد تركيا بعين الإعتبار على غرار التعاون الذي أنشأته مع واشنطن في أفغانستان والعراق، وحقيقة إيران وإسرائيل تريدان أيضاً نفس الهدف لأسباب مختلفة يعني أنّ تقاطع المصالح بينهما قائم، والاجماع على دعم ميليشيات "وا بي جي" هو بمثابة عامل ميسّر لهذا التقاطع تماماً كما كان عليه الأمر في محاربة "الإرهاب". هل ستنجحان في ذلك؟ سؤال سيبقى مفتوحاً إلى حين.