وصفت صحيفة لوموند الحال في مشفى ابن النفيس شمال دمشق، حيث تحاول بعض العائلات يائسة العثور على أحبائها في الممرات وغرفة الطوارئ وفي المشرحة، ويواجه الأطباء مهمة استقبال رجال محطمين محررين من جحيم سجون آل الأسد، لم يشهد أحد مثل الضيق النفسي الذي يعانونه.

كان هناك -كما تكشف الصحيفة في تقرير بقلم مراسلتها الخاصة بدمشق هيلين سالون- رجل معلق بين عالم الموتى وعالم الأحياء، ملقى على نقالة في مشفى ابن النفيس، رأسه على كفه، ونظرته تائهة في الفضاء وفمه مفتوح، عينه اليسرى منتفخة وأنفه محطم مثل جسده الهش الذي يعاني من سوء التغذية، ومن مرض جلدي يأكل ساقيه.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيويورك تايمز: هكذا يعيد إسقاط الأسد تشكيل الشرق الأوسطlist 2 of 2جدعون ليفي لإسرائيل: كفاكم غطرسة وكفوا عن الدوس على سيادة سورياend of list

يحيط بهذا الرجل نحو 15 شخصا، بعضهم يريه في الهواتف صورة شخص عزيز، اختفى مثله يوما ما في جحيم سجن آل الأسد ولم يعودوا بعد، يصرخ سوري في الخمسينيات من عمره "هل رأيت أبنائي؟ باسم وأحمد العلا"، وهو يلوح بصورة ابنيه وهما في العشرينات، قبل اختفائهما منذ عشر سنوات.

يهمس الطبيب الذي لا يستطيع حماية الرجل الثلاثيني من الحشود حوله "إنه لا يتذكر اسمه"، وعندما يعود في بعض الأحيان إلى رشده يدلي بملاحظات مفككة، ويقول شقيقه طارق، وهو يقف عند أسفل السرير "اسمه خالد بدوي. كان جنديا وهرب من الخدمة. تم اعتقاله قبل عامين في حلب ونقل إلى صيدنايا. لم نسمع عنه منذ ذلك الحين".

إعلان

جائع ومهمل

كان خالد بدوي أول سجين يصل إلى مشفى ابن النفيس صباح الأحد، بعد إطلاق سراحه من صيدنايا، السجن المشؤوم الذي وصفته منظمة العفو الدولية بأنه "مسلخ بشري"، وقال طبيب الأعصاب باسل القوش (31 عاما) "استقبلنا تسعة سجناء منذ التحرير. وجدهم الناس يتجولون في الشارع وأحضروهم إلينا. عندما وصل خالد لم يتكلم. أعطيناه الصوديوم لترطيبه. يعتقد أن السجناء تعرضوا للتجويع، وتشير الكسور المتعددة وآثار الضرب على أجسادهم إلى فترات تعذيب طويلة. إنه يعاني من مشاكل نفسية. ليس لديه سوى لحظات نادرة من وضوح الرؤية".

وخلال عدة سنوات من حياته المهنية، كان القوش قد رأى في قسمه سجناء سابقين مكسورين في سجون الأسد، لكنه لم ير مثل هذا الضيق النفسي من قبل، يقول "أنا غاضب لأنني لم أتمكن من إنقاذه من قبل. هناك سجون تحت أقدامنا. لم نكن نعرف. أو ربما كنت أعرف ذلك في أعماقي. لكننا عشنا مع الخوف من الاعتقال".

ويضيف باسل القوش إن الناس يجدون صعوبة في إدراك أنهم قد تحرروا، و"ما زال آباؤنا يقولون لنا ألا نتحدث عن سقوط بشار الأسد. عشنا في بلد الأسد، كل شيء هنا يحمل اسمه سواء كان حديقة أو مكتبة أو حتى صابونا. لقبوا بشار الأسد بالخالد".

القوش: ما زال آباؤنا يقولون لنا ألا نتحدث عن سقوط بشار الأسد. عشنا في بلد الأسد، كل شيء هنا يحمل اسمه سواء كان حديقة أو مكتبة أو حتى صابونا. لقبوا بشار الأسد بالخالد

أما بالنسبة للعائلات التي اختفى أحباؤها في السجون السورية، فقد تحول التحرر من براثن آل الأسد إلى مسعى مرهق، من سجن صيدنايا إلى مساجد ومشافي دمشق، حيث كان ينقل السجناء أحياءً وأمواتا بعد فتح أبواب السجن.

وفي مشفى دمشق، يندفع عشرات السوريين -حسب الصحيفة- إلى الممرات المؤدية إلى المشرحة، حيث أحضرت 35 جثة خلال الليل، بعد أن اكتشف رجل حفرة في المطبخ بعد الانتهاء من الحفر بحثا عن زنازين تحت الأرض، فكانت مدخل الطابق السفلي، حيث وجدت هذه الجثث، يقول خالد طقطق، وهو مقاتل من وحدة مكافحة الإرهاب التابعة لهيئة تحرير الشام متمركز في المستشفى "لقد تركوا دون طعام أو نظام تهوية".

إعلان

تمت طباعة صور وجوههم على أوراق بالحجم الكبير وعلقت على الحائط عند مدخل غرفة الطوارئ، وسرعان ما تجمع حشد من الناس بين الخوف والرجاء يتفقدون القائمة علهم يرون وجه أحد أفراد أسرتهم هناك، وتهرع عائلات إلى غرفة الطوارئ حيث تم إدخال سجينين من صيدنايا في الصباح.

صيدنايا.. جحيم على الأرض

شخصت إصابة اثنين ممن أُفرج عنهم بمرض السل، يقول عوني سعيد خلف (45 عاما) وهو عامل من مخيم اليرموك الفلسطيني، قضى أربع سنوات في المنطقة الحمراء في صيدنايا بتهمة الإرهاب، "لقد عوملنا مثل الحشرات. لم يكن الحراس بشرا بل كانوا شياطين. لم يكن مسموحا لنا حتى أن ننظر في أعينهم، وإلا تلقينا الضرب وربما حتى الإعدام".

ويقول حافظ سمير قحطينة، وهو ناشط ثوري سابق من كفر شمس بمحافظة درعا، اعتقل منذ ستة أعوام "لقد عشنا معزولين عن بقية العالم. كان الجحيم على الأرض. يتم إطعامنا بقدر ما يبقينا على قيد الحياة. كان الطعام سيئا للغاية. على العشاء، ثلاث أو أربع حبات زيتون، وعلى الغداء أقل من حفنة من القمح ونصف حبة بطاطس مسلوقة".

وتذكر الصحيفة بأن عمليات الإعدام أصبحت روتينية للغاية في صيدنايا، لدرجة أنه عندما حرر المتمردون السوريون السجن يوم الأحد، اعتقد شاب هناك أن نهايته قريبة، وقال كل يوم أربعاء، وأحيانا يومين في الأسبوع، يعدمون 150 سجينا، وعندما سمعنا إطلاق النار في الخارج وفتحت الأبواب، اعتقدنا أننا متنا جميعا وأنهم سيقتلوننا".

ومات العديد من السجناء تحت التعذيب -كما تقول الصحيفة- يقول عوني سعيد خلف "أصغر عقوبة كانت النفي والإرسال تحت الأرض إلى المجاري دون طعام لمدة 18 يوما ودون سبب، حسب مزاج الحراس. كان التعذيب روتينيا. اختارونا من بين عشرين سجينا في زنزانتنا لضربنا بالعصي البلاستيكية. كان علينا الاستلقاء على الأرض وداسونا بأحذيتهم. لقد كان الأمر فظيعا للغاية".

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات بشار الأسد

إقرأ أيضاً:

تريندز يفتح باب التسجيل لجائزته للبحث العلمي

أعلن مركز تريندز للبحوث والاستشارات، فتح باب التسجيل في النسخة الثانية من جائزة "تريندز هاب للبحث العلمي"، التي تستهدف البحوث والدراسات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، موضحاً أن استقبال طلبات الترشح للجائزة سيستمر حتى 30 يونيو المقبل، على أن يتم الإعلان عن الفائزين بالمراكز الثلاثة الأولى في التاسع من سبتمبر 2025.

 

وتهدف النسخة الثانية من الجائزة إلى دعم التميز العلمي، وتعزيز الابتكار والريادة، إلى جانب تمكين الباحثين وخلق بيئة تنافسية، وإحداث حراك علمي بنَّاء، من خلال تشجيع الباحثين، على المستويين الإقليمي والعالمي، على البحث العلمي المبدع والفعال والخلّاق، في القضايا والمواضيع المتعلقة بمجال الذكاء الاصطناعي.

أخبار ذات صلة «تريندز» يختتم مشاركته في قمة «الذكاء الاصطناعي في كل شيء» «تريندز» يطلق تقريراً بحثياً حول «الأثر الاقتصادي للذكاء الاصطناعي في الإمارات»

ويمكن للراغبين بالمشاركة في الجائزة، تقديم طلباتهم عبر الرابط "https://tinyurl.com/2kd43vc2".

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • بعد نشر البرومو الترويجي.. تفاصيل مسلسل نص الشعب اسمه محمد
  • الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية: خلال شهرين من تحرير سوريا من النظام البائد استقبلت المنافذ الحدودية مع تركيا 100,905 مواطنين سوريين عائدين
  • الهند تخصص 2.3 مليار دولار للبحث والتطوير في مجال المفاعلات النووية
  • مناشدة للبحث عن الطفل محمد الألطي
  • النواب يرفع الجلسة العامة بعد الموافقة على مشروعَي قانونَين للبحث عن البترول
  • رفع الجلسة العامة لمجلس النواب إلى غد الإثنين
  • برلماني: مصر بها كنوز الأرض.. ويجب تفعيل الدور المجتمعي لشركات البترول
  • تريندز يفتح باب التسجيل لجائزته للبحث العلمي
  • للبحث عن عرسان.. أم وبنتيها سافرن بطائرة لحضور زفاف شخص لا تعرفنه
  • صيدنايا “الإصلاح” بمأرب.. جرس إنذار للتذكير بالعدوانية على الأسرى والمختطَفين