موقع النيلين:
2025-03-15@20:26:09 GMT

وفي الخرطوم والقاهرة كانت لهم أيام

تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT

من حق الصغار سنا وتحربة أن يتحدثوا كيف شاؤوا في السياسة والفكر والفقة والاجتماع، ولكن من حق الكبار أن يقيّموا هذه الآراء، يلغوا بعضها ويصححوا بعضها، ويلقوا أغلبها في سلة المهملات، خاصة بعد أن أتاحت السوشيال ميديا لكل من هب ودب أن يقول ما يشاء ويملأ الدنيا ضجيجا وعواءً، اذا تناوله الكبار من أهل المعرفة بكلمة نقد واحدة .

ومن الصغار الكبار الراحل معاوية نور الناقد والقاص والشاعر والمفكر والمترجم الذي مات دون الثلاثين، بعد أن ترك دراسة الطب لدراسة الأدب وكان على صغر سنه من جلساء العقاد وقد قيل بأنه لا أحد كان يناقش العقاد بإنجليزية رصينة غير معاوية، والذي للأسف لا يعرف عنه هذا الجيل لا قليل ولا مثير من عبقريته الفذة مع أنه إحدى المنارات السودانية السامقة التي يتوجب علينا الاحتفاء بها ليل نهار.

وهذه دعوة لكتابة السيرة الفكرية لهذا العبقري الشاب الذي احتفت به القاهرة وبيروت بمنابرها وصحفها ومجلاتها.

وعندما زار العقاد السودان طلب من اصدقائه أن يذهبوا به إلى قبر معاوية نور حين قال كلمته الشهيرة (كان معاوية قامة مفردة في تاريخ الفكر العربي) ترحم عليه وقرأ أمام الجميع مرثيته المؤثرة عند قبر صديقه في الفكر، رغم البون الشاسع في العمر والتجربة.

وللجبار العقاد لطائف مع أهل السودان ومع معاوية ومما يحكى عنه حين نفى نفسه إلى السودان لعامين خوف ملاحقة المخابرات الأنجليزية، وقد أصبحت وجباته الكسرة السودانية ( الفيتريته) وقد افتقد الخبز المصري الأفرنجي الطازج واضطر لالتهامها رغم أن الرجل كان ممعوداً، قال لأصدقائه بالسودان ممازحاً يقول العرب ( إن الحر الفتى يموت بالسيف أو بغيره وعلى طول اطلاعي لم أعرف بغيره هذه إلا بعد أن أكلت الكسرة السودانية)

ومما يرويه العقاد الذي كتب مجموعة من مؤلفاته بالسودان ومن بينها عبقرية عمر: أنني ما طلبت من السودانيين مرجعاً إلا كان بعد ساعات أمامي، بل أن الشعراء السودانيين أقاموا له ليلة شعرية كبرى بنادي الخريجين في الأربعينات وتباروا في مدحه، وبعد أن قرأ الاستاذ محمود الفضلي قصيدته أنشد بعدها بصوته الفخيم رائعة العقاد ( أبعدا نرجي أم نرجي تلاقيا) فأجهش العقاد بالبكاء المر وهو يودع السودانيين عائدا للقاهرة، فعلقت حضارة السودان في مقال شهير حول تلك الليلة اسمته( دموع الجبار)

وقد روت إحدى الصحف المصرية واصفة جداله مع معاوية نور (أن العقاد كان له منضدة مشهورة في قهوة بالينيرا في مصر الجديدة ويجلس معه الفتى السوداني معاوية نور وهو أديب سوداني شاب متضلع في اللغة الانجليزية والأدب الغربي، وفي تلك الجلسة تناول معاوية بنقد لاذع تجربة الكاتب الكبير والمفكر توماس كارليل، وقد كان العقاد من أكبر المعجبين والمدافعين عن أفكار كارليل فاحتمد النقاش بينهما. فأنبه العقاد ببضع كلمات فقال الفتى ألا يحق لي أن انتقد توماس كارليل؟

قال العقاد: نعم يحق لك أن تنتقده، ويجوز لك أن تمشي على يديك بدلا عن رجليك، ولكن هذا لا يمنع الناس من أن يضحكوا عليك)

ودارت الأيام حتى أظلنا زمان لا يصغي فيه الكبار للصغار ولا يحترم الصغار انتقادات الكبار، بل أظلنا زمان أصبح فيه الملايين من جنوب الوادي وشماله لا يعرفون شيئاً عن العقاد ولا كارليل ولا معاوية نور، لكنهم يعرفون كيف يمشون على ايديهم ورؤوسهم إلى الأرض متجاهلين ضحكات السخرية.

حسين خوجلي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: بعد أن

إقرأ أيضاً:

برلماني: تطوير منطقة وسط البلد والقاهرة التاريخية بوابة لجذب السياح

أكد مدحت الكمار، عضو مجلس النواب، أن توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي للحكومة بمواصلة أعمال تطوير القاهرة التاريخية ومنطقة وسط البلد تعكس رؤية القيادة السياسية في استعادة الوجه الحضاري لمصر وتعزيز مكانتها كواحدة من أهم العواصم التاريخية في العالم.

القاهرة التاريخية ووسط البلد.. قيمة حضارية وسياحية

وأوضح “الكمار”، في تصريحات خاصة، أن تطوير القاهرة التاريخية يحمل بعدًا حضاريًا وإبداعيًا، حيث يسهم في تحقيق أهداف سياحية، وترفيهية، وتثقيفية، عبر الاستفادة من التراث المعماري الفريد والمناطق الأثرية ذات الطابع المميز.

وأشار إلى أن القاهرة التاريخية تمثل ركنًا أساسيًا في الحضارة الإسلامية، وتعد عنصر جذب رئيسيًا للسائحين من مختلف دول العالم، ما يعزز من مكانة مصر على الخريطة السياحية الدولية.

دعم الاقتصاد وتعزيز فرص العمل

وأضاف النائب أن أعمال التطوير ستسهم بشكل مباشر في دعم الاقتصاد الوطني، من خلال زيادة أعداد السياح، ما يحقق تدفقًا للعملة الصعبة، إضافة إلى توفير فرص عمل جديدة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ما يدعم جهود الدولة في تقليل البطالة وتحقيق التنمية المستدامة.

استعادة التراث وتحسين جودة الحياة

وأكد الكمار أن مشروع التطوير يستهدف استعادة القيمة التراثية الأصيلة للقاهرة التاريخية، مع تحسين مستوى معيشة المواطنين من خلال تيسير الوصول إلى الخدمات والمرافق العامة، وزيادة المساحات الخضراء، بما يضمن بيئة نظيفة خالية من التلوث. كما سيساهم في ربط المزارات الأثرية والسياحية، بما يعزز من تجربة الزائرين ويدعم خطط الدولة لتعزيز السياحة المحلية والدولية.

كما طالب النائب محمود قاسم عضو مجلس النواب من الحكومة الإعلان عن خطتها لاستغلال المباني الحكومية التي تقع في منطقة مربع الوزارات واحياء القاهرة التاريخية متسائلاً هل سيتم طرحها على المستثمرين من القطاع الخاص ؟.

كما تساءل " قاسم " فى طلب احاطة قدمه للمستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس مجلس النواب لتوجيهه إلى الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء قائلاً : وهل سيتم عرض هذه المشروعات على المستثمرين العرب والاجانب ؟ وماهى شروط استغلال هذه المبانى التاريخية ؟ وماذا عن مصادر تمويل هذه المشروعات؟.

وقال النائب محمود قاسم: إن هناك تصريحات صادرة عن عدد من الوزراء أكدوا فيها أنه سيتم استغلال منطقة مربع الوزارات فى اقامة غرف فندقية مشيراً إلى أن منطقة وسط البلد وامتداد كورنيش النيل من شبرا وحتى المعادى بها العديد من الفنادق وهناك تخوف من بعض المستثمرين من عدم الاقبال من السياح والمصريين للإقامة بالغرف الفندقية الجديدة بمبانى مربع الوزارات

مقالات مشابهة

  • بالصور .. السودان : اكتشاف بئر مكدسة بالجثث .. كشف تفاصيل مأساوية
  • في ذكراه: ظاهرة عباس محمود العقاد!
  • السودان: حملات مكثفة لإزالة الجثث ومخلفات الحرب في شرق النيل
  • المهمش الوليد مادبو
  • ???? طرد المليشيا من الخرطوم يعنى طردها من كل السودان
  • ستة قتلى في قصف قوات الدعم السريع لمدينة استراتيجية  
  • مصادر سودانية تؤكد رفض الخرطوم تهجير فلسطينيي غزة إلى السودان
  • برلماني: تطوير وسط البلد والقاهرة التاريخية يعزز صون التراث وتعزيز السياحة
  • برلماني: تطوير منطقة وسط البلد والقاهرة التاريخية بوابة لجذب السياح
  • الجيش السوداني يتقدم في محور وسط الخرطوم