موقع النيلين:
2025-01-11@13:52:58 GMT

وفي الخرطوم والقاهرة كانت لهم أيام

تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT

من حق الصغار سنا وتحربة أن يتحدثوا كيف شاؤوا في السياسة والفكر والفقة والاجتماع، ولكن من حق الكبار أن يقيّموا هذه الآراء، يلغوا بعضها ويصححوا بعضها، ويلقوا أغلبها في سلة المهملات، خاصة بعد أن أتاحت السوشيال ميديا لكل من هب ودب أن يقول ما يشاء ويملأ الدنيا ضجيجا وعواءً، اذا تناوله الكبار من أهل المعرفة بكلمة نقد واحدة .

ومن الصغار الكبار الراحل معاوية نور الناقد والقاص والشاعر والمفكر والمترجم الذي مات دون الثلاثين، بعد أن ترك دراسة الطب لدراسة الأدب وكان على صغر سنه من جلساء العقاد وقد قيل بأنه لا أحد كان يناقش العقاد بإنجليزية رصينة غير معاوية، والذي للأسف لا يعرف عنه هذا الجيل لا قليل ولا مثير من عبقريته الفذة مع أنه إحدى المنارات السودانية السامقة التي يتوجب علينا الاحتفاء بها ليل نهار.

وهذه دعوة لكتابة السيرة الفكرية لهذا العبقري الشاب الذي احتفت به القاهرة وبيروت بمنابرها وصحفها ومجلاتها.

وعندما زار العقاد السودان طلب من اصدقائه أن يذهبوا به إلى قبر معاوية نور حين قال كلمته الشهيرة (كان معاوية قامة مفردة في تاريخ الفكر العربي) ترحم عليه وقرأ أمام الجميع مرثيته المؤثرة عند قبر صديقه في الفكر، رغم البون الشاسع في العمر والتجربة.

وللجبار العقاد لطائف مع أهل السودان ومع معاوية ومما يحكى عنه حين نفى نفسه إلى السودان لعامين خوف ملاحقة المخابرات الأنجليزية، وقد أصبحت وجباته الكسرة السودانية ( الفيتريته) وقد افتقد الخبز المصري الأفرنجي الطازج واضطر لالتهامها رغم أن الرجل كان ممعوداً، قال لأصدقائه بالسودان ممازحاً يقول العرب ( إن الحر الفتى يموت بالسيف أو بغيره وعلى طول اطلاعي لم أعرف بغيره هذه إلا بعد أن أكلت الكسرة السودانية)

ومما يرويه العقاد الذي كتب مجموعة من مؤلفاته بالسودان ومن بينها عبقرية عمر: أنني ما طلبت من السودانيين مرجعاً إلا كان بعد ساعات أمامي، بل أن الشعراء السودانيين أقاموا له ليلة شعرية كبرى بنادي الخريجين في الأربعينات وتباروا في مدحه، وبعد أن قرأ الاستاذ محمود الفضلي قصيدته أنشد بعدها بصوته الفخيم رائعة العقاد ( أبعدا نرجي أم نرجي تلاقيا) فأجهش العقاد بالبكاء المر وهو يودع السودانيين عائدا للقاهرة، فعلقت حضارة السودان في مقال شهير حول تلك الليلة اسمته( دموع الجبار)

وقد روت إحدى الصحف المصرية واصفة جداله مع معاوية نور (أن العقاد كان له منضدة مشهورة في قهوة بالينيرا في مصر الجديدة ويجلس معه الفتى السوداني معاوية نور وهو أديب سوداني شاب متضلع في اللغة الانجليزية والأدب الغربي، وفي تلك الجلسة تناول معاوية بنقد لاذع تجربة الكاتب الكبير والمفكر توماس كارليل، وقد كان العقاد من أكبر المعجبين والمدافعين عن أفكار كارليل فاحتمد النقاش بينهما. فأنبه العقاد ببضع كلمات فقال الفتى ألا يحق لي أن انتقد توماس كارليل؟

قال العقاد: نعم يحق لك أن تنتقده، ويجوز لك أن تمشي على يديك بدلا عن رجليك، ولكن هذا لا يمنع الناس من أن يضحكوا عليك)

ودارت الأيام حتى أظلنا زمان لا يصغي فيه الكبار للصغار ولا يحترم الصغار انتقادات الكبار، بل أظلنا زمان أصبح فيه الملايين من جنوب الوادي وشماله لا يعرفون شيئاً عن العقاد ولا كارليل ولا معاوية نور، لكنهم يعرفون كيف يمشون على ايديهم ورؤوسهم إلى الأرض متجاهلين ضحكات السخرية.

حسين خوجلي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: بعد أن

إقرأ أيضاً:

رئيس تعليم الكبار: لدينا رؤية جديدة تحوّل الأمية الأبجدية إلى ريادة الأعمال .. خاص

أكد الدكتور عيد عبد الواحد رئيس الهيئة العامة لتعليم الكبار، أن الحق في تعليم وتعلم أهالينا الكبار أصبح مدخلاً أساسياً للتنمية والتمكين الاقتصادي وركيزة أساسية في بناء الجمهورية الجديدة، جمهورية خالية من الفقر والجهل والمرض.

وأضاف رئيس هيئة تعليم الكبار خلال تصريحاته لـ صدى البلد، أن الهيئة عملت على تطوير رسالتها ورؤيتها وأهدافها، والتي انطلقت من عدد من المنطلقات أهمها الانتقال من محو الأمية الهجائية إلى الأمية الوظيفية، والانتقال من محو الأمية إلى التعايش مع البيئة الرقمية، وكذلك مواصلة التعلم والتعليم المستمر، وإحداث حراك تنموي من خلال الندوات التثقيفية والتوعوية.

ونوه بأن الهيئة لم تغفل أي جهد لرعاية ودعم أبنائنا من ذوي الهمم والقدرات الخاصة، كما أنها لم تتوانَ عن دعم حقوق الكبار طبقًا للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.

وأوضح عبد الواحد، أن رؤية الهيئة الجديدة هى التحول من الأمية الأبجدية إلى ريادة الأعمال وإلى التعايش الرقمى وجودة الحياة، والابتكار.

أضاف أنه سيكون هناك منهجية علمية لدراسة تقييم محتوى الاختبارات الخاصة بالأمية، بحيث يشمل الجانب الثقافى والمهارى وريادة الأعمال، والتعايش الرقمى إلى جانب الأبجدية.

وأشار إلى أن المنيا وسوهاج من أكثر المحافظات التي ترتفع بها نسبة الأمية بصورة كبيرة، ولهذا تحرص المبادرة على الانتشار والوصول إلى أبعد الأماكن فيها، لتعليم غير القادرين والقضاء على الأمية قريبًا.

مقالات مشابهة

  • السودان.. وفاة 60 شخصا بسوء التغذية في أم بدة بولاية الخرطوم
  • رداً على حيدر إبراهيم: لماذا كانت الصحوة الإسلامية في جمهورية زرياب ثورية؟
  • رئيس تعليم الكبار: لدينا رؤية جديدة تحوّل الأمية الأبجدية إلى ريادة الأعمال .. خاص
  • السودان تسجل إصابات جديدة بالكوليرا
  • ‌‏أطباء بلا حدود تعلق عملياتها في مستشفى بشائر جنوبي الخرطوم
  • منصة يمنية تكشف حقيقة فيديو متداول بشأن استهداف مسجد في البيضاء باليمن قالت اسرائيل انه مسجد معاوية
  • حملة "اتعلم مع الكبار" على منصة المنتور لتمكين الشباب
  • تكايا السودان.. تكافل المجتمع لمواجهة الجوع
  • صراع الكبار في كأس السوبر الإسباني والدوري السعودي اليوم
  • برنامج الأغذية العالمي يوزّع مساعدات غذائية جنوب الخرطوم وسط تحديات أمنية