جمعة: المبادئ القرآنية أدوات تُعين الإنسان على ضبط نفسه وسلوكه
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
تناول الدكتور علي جمعة في أحد حلقات تفسير القرآن الكريم الآية 233 من سورة البقرة، مبرزًا الجوانب العميقة التي تحملها الآية الكريمة وما تقدمه من قيم ومبادئ توجيهية للحياة اليومية، واستعرض خلالها عدة نقاط أساسية تعكس حكمة التشريع الإلهي وتأثيره في حياة الأفراد والمجتمعات.
عدم التكليف إلا بالوسع: عدل إلهي ومنهج حياتي قال تعالى: {لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا}، وهو مبدأ قرآني يعكس عدل الله تعالى ورحمته بعباده، أكد جمعة أن هذا المبدأ لا يقتصر على الجانب التشريعي فقط، بل يمتد ليشكل قاعدة حياتية تدعو الإنسان إلى بذل جهده دون أن يحمل نفسه ما لا طاقة لها به، وهذه الفكرة تعزز من الاطمئنان النفسي وتشجع على الحركة والعمل ضمن حدود القدرة البشرية.
أوضح جمعة أن المبادئ القرآنية ليست قوانين جامدة، بل هي أدوات تُعين الإنسان على ضبط نفسه وسلوكه. عندما يفهم المسلم أنه مكلف ببذل الجهد وليس بتحقيق نتائج مثالية، يتولد لديه شعور بالراحة النفسية، مما يدفعه للاستمرار في السعي دون رهبة من الفشل.
الإحسان والكفالة:منظور قرآني راقٍ تحدث فضيلة الدكتور عن قوله تعالى: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ}، موضحًا أن الإحسان ليس مجرد فعل، بل هو أداء الواجب وفق الاستطاعة، الشخص المحسن الذي يبذل وسعه يستحق الشكر لا النقد، حتى إن لم تحقق النتائج المثالية، هذه القاعدة تدعو إلى الإنصاف وتقدير الجهود بدلًا من التركيز على الثمار فقط.
إحياء القيم الأخلاقية:ضرورة مجتمعية أشار الدكتور علي جمعة إلى تراجع قيم أخلاقية عظيمة مثل الشهامة والمروءة والنجدة، التي كانت ركنًا أساسيًا في المجتمعات الإسلامية القديمة. مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية، ضعفت هذه القيم لكنها تبقى جزءًا من التراث الأخلاقي الذي يحتاج إلى إحيائه في المجتمع المعاصر.
معالجة الأخطاء برفق وتشجيع الإيجابيات من بين النقاط التي تطرق إليها فضيلة الدكتور هو كيفية التعامل مع المخطئين بأسلوب يعزز الخير بدلاً من طردهم من رحمة الله، ضرب مثالًا بشخص يصلي ولكنه يشرب الخمر، حيث يجب تشجيعه على الاستمرار في الصلاة، كخطوة إيجابية يمكن أن تفتح له بابًا للتوبة.
هذا الأسلوب يعكس فهمًا عميقًا للنفس البشرية وأهمية معالجة الأخطاء بروية ولين. تفسير يُحيي القيم ويقدم رؤى للحياة قدم الدكتور علي جمعة تفسيرًا يجمع بين العمق القرآني واحتياجات العصر الحديث، مشددًا على أن القرآن الكريم يظل مصدرًا غنيًا بالمبادئ التي توجه الإنسان في حياته وتساعده على تحقيق التوازن بين العمل، العبادة، والمعاملة.
فهذه الآية الكريمة ليست مجرد نص للتأمل، بل هي دعوة عملية للسعي دون تكلف، وللإحسان ضمن حدود القدرة، ولإحياء القيم الأخلاقية في مجتمعاتنا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الآية جمعة السلوك الإحسان القيم الأخلاقية التكليف
إقرأ أيضاً:
جامعة كفر الشيخ تستضيف ندوة عن «القيم الإنسانية المشتركة» بحضور مفتي الجمهورية
ألقى الدكتور نظير عياد، مفتي جمهورية مصر العربية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، كلمة خلال فعاليات ندوة «القيم الإنسانية المشتركة.. الأديان أساس التعايش السلمي»، التي نظمتها جامعة كفر الشيخ.
«القيم الإنسانية المشتركة.. الأديان أساس التعايش السلمي» ندوة بجامعة كفر الشيخاستهل المفتي كلمته بالترحيب بالحاضرين، مهنئًا إياهم بقرب حلول ليلة النصف من شعبان، داعيًا الله أنّ يعيد هذه الأيام المباركة بالخير على الوطن الغالي والأمة الإسلامية، كما وجّه الشكر لرئيس جامعة كفر الشيخ ونوابه وجميع الحاضرين، مشيرًا إلى أهمية موضوع الندوة في ظل ما يشهده العالم من تغيرات سريعة، وما يروج له البعض من دعوات تدعو إلى الانسلاخ من الهوية، والترويج للمفاهيم المغلوطة، وازدراء الأديان، مما يعرقل عملية البناء والاستقرار.
وأكد مفتي الجمهورية، أنّ وسائل الإعلام الحديثة والمنصات الرقمية باتت تُمثل تحديًا كبيرًا، إذ يسعى بعضها إلى النيل من القيم العربية والإسلامية، وإثارة الصراعات بين المجتمعات، مشددًا على أنّ الأديان السماوية جاءت جميعها لترسيخ قيم الانقياد لأمر الله، والتسليم لحكمه، وتعزيز التعايش والتكامل بين البشر.
المفتي: الدين دعا الناس جميعًا إلى التعارف والتكاملوأشار المفتي إلى أنّ الدين دعا الناس جميعًا إلى التعارف والتكامل، بنظرة قائمة على الاحترام المتبادل رغم اختلاف ألوانهم وألسنتهم وعقائدهم، مستشهدًا بقول النبي ﷺ: «إنَّ دِماءَكُم، وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حرامٌ عَلَيْكُم كَحُرْمة»، كما أوضح أنّ جميع الرسالات السماوية انبثقت من العقيدة والعبادة والأخلاق، وأكدت على توحيد الله، ونشر الخير بين الناس، لافتًا إلى ضرورة التمييز بين الدين والمتدينين، حيث قد يخرج بعض الأتباع عن تعاليم الدين الصحيحة.
وقال مفتي الجمهورية أنّ أصول العبادة موجودة في جميع الشرائع السماوية، وقد تختلف في تفاصيلها باختلاف الزمان والمكان، ولكن جوهرها ثابت، منوهًا إلى أنّ الثمرة الحقيقية للعقيدة تتمثل في الأخلاق، التي تحكمها عوامل متعددة مثل الدين والبيئة والأعراف الاجتماعية.