كتب الدكتور عزيز سليمان أستاذ السياسة والسياسات العامة

تتسارع الاحداث في رقعة جغرافيا السياسة نحو ما كنا نعتقده نظرية مؤامرة وأحلام يغظه صهيونية و"هلوسات" لبرنارد وسايكس وغيرهم من كتاب الكتب مجهولة الهوية.

ما بين الثورة السودانية والسورية:
في عالم متقلب، حيث تتداخل الأحداث السياسية مع أحلام الشعوب، نجد أنفسنا أمام ثورتين عظيمتين: الثورة السودانية والثورة السورية.

كل منهما تروي حكاية شعب، ولكن لكل منهما طابعها الفريد وظروفها الخاصة التي تميزها عن الأخرى. ومن هنا، فإن الحديث عن التشابه بين الثورتين دون فهم عميق لطبيعة الشعبين سيكون بمثابة محاولة لرسم لوحة فنية معتمدة على منهجيات غير متناسقة مثل مقاربة ما بين حزب الامة في السودان والسامية.
هرع "جربندية المناهج والعشاق" في الصحافة والسياسة والتاريخ الإسلامي الي الموائمة والتوأمة بين الثورة السودانية والسورية..

الشعب السوداني: نسيج من التعدد والانفتاح

الشعب السوداني هو شعب متعدد الأعراق والثقافات ضارب في جذر الإنسانية والتاريخ، حيث تتلاقى فيه الأصوات المختلفة من مستعربين ونوبة وفور و " خلائط"، وكل مجموعة تحمل معها تراثها الخاص مع احلامها المشروعة والغير مشروعة. هذا التنوع لم يكن عبئًا، بل كان مصدر قوة دفع للثورة السودانية التي تميزت بسلمتيها الكاملة. فقد تجلت الروح الوطنية في صور جماهيرية تتجاوز الحدود العرقية، حيث نزل الجميع إلى الشوارع مطالبين بالتغيير في ابهي حلل الرقي والحضرية. وفي لحظات تاريخية، مثل تلك التي شهدت الإطاحة بنظام البشير، تمازجت الأهازيج و" زغاريد" الفرح في مشهد يعكس روح الوحدة والعزيمة – و "يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور".

الشعب السوري: تاريخ من المقاومة والصمود
بالانتقال إلى سوريا، نجد أن تاريخ هذا الشعب يمتد عبر قرون من المقاومة والصمود. فالثورة السورية، التي انطلقت في عام 2011، دفعتها آلام تاريخ طويل من الاستبداد والقمع تحت حكم نظام الأسد تحت مظلة اخلاق حزب البعث التي حكي عنها سجن صيدنايا. ومع أن الحراك الشعبي بدأ بمطالب إصلاحية، إلا أنه سرعان ما تحول إلى صراع مسلح نتيجة القمع العنيف وما يحيط بالمنطقة من تركيبة أقرب للسلاح من السلمية المعتمدة علي قوة الجماهير و الكتل الحرجة. وفي هذا السياق، نجد أن الشعب السوري قد عانى من تشرذم كبير، حيث انقسمت الأصوات بين معارضة مسلحة وأخرى سلمية، مما أضفى تعقيدًا على المشهد الثوري بأكمله..

أنظمة الحكم: مقارنة في الاستبداد والقمع
عند النظر إلى أنظمة الحكم، نجد أن النظام السوداني تحت حكم البشير كان يفتقر إلى الرؤية الاستراتيجية، فكان يعتمد على القمع والتهميش واستخدام الدين، مما أدى إلى تفجير الأوضاع في البلاد. بينما النظام السوري، الذي يتمتع بتاريخ عريق من القمع، كان أكثر احترافية في استخدام أدواته الأمنية، مما أظهر قدرة أكبر على إخماد الثورات في بداياتها، ولكنه في النهاية لم يستطع منع تفجر الأوضاع إلى حرب القت بظلالها على نظريات " المؤامرة" في "هلوسة" التقسيم وسلامة الكيان وسعادة "النخبة".

الفروق الجوهرية: فهم السياق
إن محاولة الربط بين الثورتين دون النظر إلى الفروق الجوهرية هو خطأ جسيم. فالثورة السودانية، رغم ظروفها الصعبة، استطاعت أن تحقق إنجازات ملموسة في فترة زمنية قصيرة، حيث تم اسقاط حكومة الاخوان المسلمين في السودان والتوصل إلى اتفاق سياسي ضعيف لا يرتقي لإرادة الشعب وأحلامه حتى انتهي البلد في اتون حرب متعددة الاهواء والخطط. بينما الثورة السورية، التي دخلت في نفق مظلم من الفوضى والحرب الأهلية في بواكر ايامها، عانت من تدخلات خارجية وتعقيدات داخلية وقواعد عسكرية للكبار مما عقد المشهد المتجه نحو الحل الذي يتمناه اهل الديار وجعلت من الصعب الوصول إلى حل سياسي يرضي جميع الأطراف وفي نهاية المطاف انتهي " الأسد حاكمنا الي الابد" لاجئا في روسيا و "انطوت في قلب البعث حسرة".

في الختام: دعوة للتبصر
لذا، فإن من يتحدث عن تشابه بين الثورتين دون إدراك لطبيعة الشعبين وظروفهما، هو في الحقيقة يغفل عن فهم عميق للتاريخ والجغرافيا والسياق الاجتماعي لكل منهما. فلكل ثورة قصتها التي تستحق التأمل، ولعلنا نتعلم من تلك التجارب أن الثورات ليست مجرد أحداث تاريخية، بل هي تجسيد لآمال الشعوب وطموحاتها في الحرية والكرامة ومجسدا لوجدان الشعوب..

 

quincysjones@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الثورة السودانیة الثورة السوریة نجد أن

إقرأ أيضاً:

“مدري”.. الكلمة التي أربكت مواقع التواصل وتحولت إلى ترند.. ما قصتها!

مقالات مشابهة شاهد شجاعة امرأة يمنية وكيف تصرفت مع ابنها لحظة قصف الطائرات الامريكية بالقرب منها

‏5 أيام مضت

أول رد رسمي لصنعاء على فيديو ترامب حول استهداف اجتماع لقيادات عسكرية في الحديدة

‏7 أيام مضت

عاجل | الدول التي أعلنت الاثنين يوم عيد الفطر المبارك

‏أسبوعين مضت

من هو صاحب البقالة المواطن اليمني الذي أبهر العالم بصموده اثناء الغارات الامريكية وتحول إلى ترند عالمي

‏أسبوعين مضت

الدفاع المدني في العاصمة يوجه تحذير هام  لجميع المواطنين تحسبا لما سيحدث

‏3 أسابيع مضت

عاجل | الحوثي يحسم الجدل: لا تراجع عن إسناد غزة وسنواجه التصعيد  بالتصعيد وسنحظر السفن الأمريكية ولدينا خيارات تصعيدية موجعة

‏4 أسابيع مضت

تصدرت كلمة “مدري” منصات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث في اليمن خلال الأيام الأخيرة، ضمن حملة إعلامية واسعة نفذها ناشطون في مناطق حكومة صنعاء، وكما يبدو أنها حملة توعوية واسعة تهدف إلى رفع مستوى الوعي الأمني لدى المواطنين، والحد من تسرب المعلومات الحساسة عبر المكالمات والاتصالات.

ومهما يكن وبحسب مراقبون فإن الحملة بشأن “مدري” التي تعني لا أعلم أو لا أعرف، عكست إبداع اليمنيين في التعامل الأمني سواء على مستوى التوعية أو الأداء الأمني، ومن المذهل أن يستطيع الحوثي تقديم هذا الأداء على الصعيد الأمني، ومقارنة بما حققته الحملة من انتشار وصدى واسع واستجابة كبيرة يلاحظها الجميع يبدو الأمر مذهلاً بحق، حسب تعبير المراقبين.

الحملة، التي أطلقها ناشطون على مواقع التواصل، تحمل رسالة مباشرة للمجتمع في مناطق صنعاء تحثّه على عدم التحدث بأي تفاصيل تتعلق بالمواقع الحساسة أو التحركات العسكرية، خاصة في ظل استمرار الغارات الجوية التي تُنفذها الولايات المتحدة بشكل شبه يومي في مناطق مختلفة من اليمن.

وانتجت مواد ووسائط متعددة تعبر عن الحملة ومنها زامل لاقى رواجا كبيرا وتم استخدامه في الحالات.

زامل سلام من مدري لمدري ذي ما درا لا بد يدري

ويتبين من الحملة أن الهدف الرئيسي منها هو إفشال محاولات أجهزة الاستخبارات الامريكية وغيرها، التي تعتمد بشكل كبير على المعلومات المتداولة عشوائيًا بين المواطنين، سواء عبر الهاتف أو وسائل التواصل أو المجالس العامة، في تحديد أهداف لضربات جوية تستهدف مواقع استراتيجية وحيوية.

وقد لاقت الحملة تفاعلاً لافتاً من المواطنين والناشطين، الذين تداولوا الكلمة المفتاحية “مدري” على نطاق واسع، معتبرينها رسالة توعوية ذكية وسهلة الوصول، تذكر الجميع بضرورة التحفظ في الحديث حول أي معلومات قد تُستخدم من جهات معادية.

وبحسب مسؤل في صنعاء فإن الحملة تأتي هذه الحملة ضمن جهود أمنية وإعلامية مشتركة لمواجهة التحديات الراهنة وتعزيز ثقافة الحذر والمسؤولية في نقل وتداول المعلومات، لحماية الجبهة الداخلية ومنع استغلالها من قبل الأعداء، حد وصفه.

ذات صلة

الوسومالغارات الامريكية اليمن زامل مدري سلام من مدري ما هدف مدري مدري

السابق رجل يمني يبلغ 68 عاماً يبدو بعمر العشرين.. توقف نموه بسبب حقنة علاجية خاطئة.. شاهد!اترك تعليقاً إلغاء الرد

يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.

آخر الأخبار “مدري”.. الكلمة التي أربكت مواقع التواصل وتحولت إلى ترند.. ما قصتها! ‏15 دقيقة مضت رجل يمني يبلغ 68 عاماً يبدو بعمر العشرين.. توقف نموه بسبب حقنة علاجية خاطئة.. شاهد! ‏7 ساعات مضت احصل على مودم وباقة فورجي مجانًا وبطريقة بسيطة جدًا.. تعرف عليها ‏5 أيام مضت شاهد شجاعة امرأة يمنية وكيف تصرفت مع ابنها لحظة قصف الطائرات الامريكية بالقرب منها ‏5 أيام مضت أول رد رسمي لصنعاء على فيديو ترامب حول استهداف اجتماع لقيادات عسكرية في الحديدة ‏7 أيام مضت رابط البحث بالاسم عن رقم الجلوس الصف التاسع 2025 ‏أسبوع واحد مضت براءة للذمة.. الفلكي محمد عياش: من أفطروا يوم الأحد يجب عليهم القيام بهذا الأمر ‏أسبوع واحد مضت الاعلان رسميا عن موعد بدء التنسيق والقبول في جامعة صنعاء للعام 1447هـ.. الشروط والضوابط ‏أسبوع واحد مضت الفلكي محمد عياش يفجر مفاجأة مدوية بشأن من أعلنوا يوم الأحد أول أيام عيد الفطر 1446 ‏أسبوع واحد مضت عاجل | صنعاء تعلن اول ايام عيد الفطر المبارك ‏أسبوعين مضت السعودية تعلن رسميًا أول أيام عيد الفطر المبارك ‏أسبوعين مضت عاجل | الدول التي أعلنت الاثنين يوم عيد الفطر المبارك ‏أسبوعين مضت © حقوق النشر 2025، جميع الحقوق محفوظة   |   لموقع الميدان اليمني

مقالات مشابهة

  • ما هي قاعدة “سدوت ميخا” الصهيونية التي استهدفها الصاروخُ “فلسطين2” الفرط صوتي؟
  • بهتشلي يفتح النار على حزب الشعب الجمهوي: سياسة الوقاحة والجهل التي يقودها أوزغور أوزيل ستنهار قريباً
  • اعتصام لـ أهالي “برزة” السورية للمطالبة بكشف مصير أبنائهم
  • رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع ومعالي وزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد الشيباني يستقبلان رئيس مجلس الوزراء بالجمهورية اللبنانية السيد نواف سلام والوفد المرافق له في قصر الشعب بالعاصمة دمشق
  • وزير التنمية الإدارية السيد محمد السكاف لـ سانا: في إطار التزام الحكومة بمعالجة آثار المرحلة السابقة وإنصاف المتضررين، تعلن وزارة التنمية الإدارية بدء تنفيذ إجراءات إعادة العاملين المفصولين من قبل النظام البائد بسبب مشاركتهم في الثورة السورية المباركة
  • “يونيسف”: نحو 825 ألف طفل في مدينة الفاشر السودانية يواجهون خطر الموت
  • “صمود” يدين الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي نتجت عن هجوم قوات الدعم السريع على معسكر زمزم للنازحين بشمال دارفور
  • الرئيس التركي: نقف إلى جانب الشعب والحكومة السودانية لتجاوز التحديات الراهنة
  • “مدري”.. الكلمة التي أربكت مواقع التواصل وتحولت إلى ترند.. ما قصتها!
  • محمود بدر ردًا على مقترح أسامة الغزالي: "الطربوش أحسن من الألقاب لأنه هيكون باين للناس"