زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن الأحداث المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط، و التي أدت إلي تغييرات جوهرية في التحالفات الإقليمية، بالضرورة لها أثرا كبيرا في عملية الاستقرار و الأمن في المنطقة، و الذي يجري في السودان يعد جزء من هذه السياسات الإقليمية و الدولية، و الملاحظ في هذه السياسات منذ ثورات الربيع العربي أنها تستهدف أولا الجيوش الوطنية، و تقوم على تفكيكها حتى لا تصبح هناك كتلة صلبة تصبح قاعدة للمقاومة، و أن الدول ذات الأجندة الهادفة إلي تغيير أي منطقة، دائما تستقطب قيادات سياسية من المجتمع نفسه و توكل إليهم مهمة التحولات المطلوبة، و رفع الشعارات المضادة للجيش بهدف خلق رأي عام مناصر للفكر.
لقد أثبتت التجارب في كل من العراق و ليبيا و اليمن و أخيرا سوريا، أن الأولوية هي ضرب الجيوش، و تفكيكها كمهمة أولى، لكي تسهل عملية ضرب أية قوى وطنية معارضة من بعد، و ليس هناك قوى سياسية بعينها هي المطالبة بأن تكون سدنة لهذه الفكرة، بل أية مجموعة تقبل أن توظف مقدراتها لخدمة الدول صاحبة الأجندة، و الملاحظ بعد سقوط النظام في سوريا مباشرة قامت إسرائيل بضرب كل المقدرات و حتى مراكز البحوث العلمية في سوريا دون أن يكون هناك إية أعترض من أي جهة كانت، حتى من دول المنطقة.. رغم أن ممتلكات الجيش السوري و آلياته ليست ملك "آل الأسد" أو الأقلية التي كانت تحكم سوريا أنما هي آليات تم شرائها بالأموال السورية و هي ملك للشعب السوري..
الآن من التجارب قد تبين تماما من الذي قد حدث للجيش السوري في تدمير كل بنيته الأساسية، و سلاح الجو و البحرية، هو الذي كان يجب أن يجري في السودان، من خلال الحرب التي قامت بها "ميليشيا آل دقلو" و مجموعة من القيادات السياسية التي كانت تحاول أن تجد التبرير لضرب الجيش و تفكيكه.. الأمر الذي يؤكد أن الشعارات التي كانت مدسوسة في الثورة " معليش معليش ما عندنا جيش" و الدعوة لكي تكون الميليشيا نواة لجيش جديد في السودان" إذا تتبعنا من الذي جاء بالفكرة، تجده أحد القيادات التي كانت قد تمت دعوتهم لزيارة الامارات قبل تشكيل حكومة حمدوك الأولى.. الأمر الذي يؤكد أن المخطط كان مرسوم قبل الثورة.. و عندما بدأت التظاهرات بدأ الترتيب لتنفيذ المخطط..
أن المحاولات التي تقوم بها دولة الأمارات و بريطانيا و أمريكا دخول قوات دولية في السودان الهدف منها هو إيجاد موطيء قدم لهم لمساعدة الميليشيا لكي تنجز مهمة ضرب الموسسة العسكرية و من ثم استباحت البلاد، و دعوة حمدوك في تشاتام هاوس" و أعلن من خلاله الدعوة لحظر الطيران و التدخل الدولي في السودان يبين بدعوة الحفاظ على المدنيين، و لكن الهدف هو كيفية السيطرة على الجيش السوداني، و من هنا يتأكد أن المخطط كبير و تستخدم فيه قيادة سياسية سودانية إلي جوقة من المثقفاتية الذين يبحثون عن مصالحهم الذاتية.. لكل ذلك و قد تكسرت أمام إرادة الجماهير الحرة التي وقفت مع جيشها صفا واحدا.. أن موقف الجماهير التي التخرج لاستقبال المقاتلين من الجيش هي وحدها التي قد أفشلت المؤامرة، و بينت أن الأمم لا تنهار إلا من خلال المناطق الرخوة فيها. نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السودان التی کانت
إقرأ أيضاً:
ما الإعلان الدستوري الذي جرى إقراره في سوريا وماذا منح للشرع؟
أنجز الرئيس السوري أحمد الشرع استحقاقا جديدا تعهد به عقب توليه مهام منصبه مطلع العام الجاري عبر المصادقة على إعلان دستوري من شأنه أن يسد الفراغ الدستورية ونظم المرحلة الانتقالية التي حددت بموجبه بفترة 5 سنوات.
واستند الإعلان الدستوري الذي صادق عليه الشرع الخميس في قصر الشعب بالعاصمة السورية دمشق، على روح الدساتير السورية السابقة لاسيما دستور الاستقلال الذي جرى إقراره عام 1950.
ما هو الإعلان الدستوري؟
الإعلان الدستوري هو وثيقة ذات طابع دستوري تصدر عن سلطة حاكمة غير منتخبة، سواء كانت مجلسا عسكريا أو حكومة انتقالية، بهدف تنظيم شؤون الحكم خلال فترة معينة من أجل إعادة هيكلة الدولة ووضع نظام جديد سعيا في الوصول إلى المرحلة الدائمة.
وغالبا ما تكون الفترة المعنية انتقالية بعد ثورة أو انقلاب أو سقوط نظام سابق حيث يغيب الدستور عند انهيار النظام السياسي، ما يجعل من الإعلان الدستوري حاجة ملحة لتوضيح صلاحيات السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية خلال المرحلة الانتقالية.
ماذا تضمن الإعلان الدستوري السوري؟
يتكون الإعلان الدستوري السوري الذي أعدته لجنة من الخبراء من مقدمة و52 مادة متوزعة على 4 أبواب رئيسية، أولها باب الأحكام العامة الذي تضمن 11 مواد، أبقت على اسم الدولة "الجمهورية العربية السورية" ودين الرئيس وهو الإسلام.
كما أبقت الفقه الإسلامي مصدرا رئيسيا للتشريع واللغة العربية لغة رسمية للدولة، فيما جرى تغيير العلم حيث تم النص على علم الثورة المكون من ثلاثة مستطيلات متساوية يعلوها اللون الأخير ويتوسطها اللون الأبيض ومن ثم الأسود في الأسفل. وتتوسط العلم في المنتصف وضمن المساحة البيضاء ثلاثة نجمات حمراء.
وحددت المادة المادة الحادية عشرة على أن الاقتصاد الوطني يقوم على مبدأ المنافسة الحرة العادلة ومنع الاحتكار.
أما الباب الثاني، فهو عن الحقوق والحريات ضم 12 مادة، معتبرا جميع الحقوق والحريات المنصوص عليها في المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها الجمهورية العربية السورية جزءًا لا يتجزأ من هذا الإعلان.
وأكد أن الدولة تكفل الدولة حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر والصحافة وتضمن عمل الجمعيات والنقابات وتصون حق المشاركة السياسية وتشكيل الأحزاب على أسس وطنية وفقاً لقانون جديد.
وجرى تخصيص الباب الثالث لمعالجة شكل نظام الحكم والسلطات في المرحلةِ الانتقالية في 24 مادة، حيث منح ممارس السلطة التشريعية إلى مجلس الشعب حتى اعتماد دستور دائم، وإجراء انتخابات تشريعية جديدة، في حين يمارس رئيس الجمهورية والوزراء السلطة التنفيذية.
وشدد الباب الرابع المتكون من 6 مواد، على أن السلطة القضائية مستقلة، وحظر إنشاء المحاكم الاستثنائية، في حين جرى حل المحكمة الدستورية العليا القائمة كونها من بقايا النظام المخلوع، على أن يتم إنشاء محكمة دستورية عليا جديدة.
ما الجديد في الإعلان الدستوري عن باقي الدساتير السورية السابقة؟
نص الإعلان الدستوري على إحداث هيئة لتحقيق العدالة الانتقالية تعتمد آليات فاعلة تشاورية مرتكزة على الضحايا، لتحديد سبل المساءلة، والحق في معرفة الحقيقة، وإنصاف للضحايا والناجين، بالإضافة إلى تكريم الشهداء.
واستثنى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية وكل الجرائم التي ارتكبها النظام البائد من مبدأ عدم رجعية القوانين.
كما نص على تجريم تمجيد نظام الأسد البائد ورموزه، على أن يعد إنكار جرائمه أو الإشادة بها أو تبريرها أو التهوين منها، جرائم يعاقب عليها القانون.
وألغى الإعلان منصب رئيس مجلس الوزراء ليكون ذلك شكل نظام الحكم رئاسيا تاما قائما على الفصل الكامل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
ومنح الإعلان رئيس الجمهورية حق تشكيل لجنة عليا لاختيار أعضاء مجلس الشعب في المرحلة الانتقالية، على أن تقوم اللجنة المعينة بالإشراف على تشكيل هيئات فرعية ناخبة لانتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشعب، والثلث الأخير يعينه رئيس الجمهورية "لضمان التمثيل العادل والكفاءة".
وألزم الإعلان رئيس الجمهورية العربية باتفاقيات حقوق الإنسان المصدَّق عليها من قبل الدولة السورية، وهذا النص يشكل سابقة في التاريخ الدستوري السوري.
وألغى الإعلان السلطات الاستثنائية الممنوحة لرئيس الجمهورية، مبقيا على سلطة استثنائية واحدة وهي إعلان حالة الطوارئ، حيث يحق للرئيس إعلان "حالة الطوارئ جزئيا أو كليا لمدة أقصاها ثلاثة أشهر في بيان إلى الشعب بعد موافقة مجلس الأمن القومي واستشارة رئيس مجلس الشعب و رئيس المحكمة الدستورية ولا تمدد لمرة ثانية إلا بعد موافقة مجلس الشعب".
وحظر الإعلان الدستوري إنشاء المحاكم الاستثنائية، الذي دأب النظام السابق على إنشائها بهدف إحكام قبضته على السوريين.