التشاؤم أو التفاؤل ببعض الأرقام أو ببعض الأيام، من الأمور التي حسمتها دار الإفتاء المصرية، رداً على سؤال ورد إليها جاء نصه «ما حكم التشاؤم أو التفاؤل ببعض الأرقام أو ببعض الأيام التي يتَوقَّع معها الشخص حصول شيءٍ من خير أو شر؟».

التفاؤل والتشاؤم بالأرقام والأيام

وقال الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الجمهورية، في رده إن التشاؤم حالة نفسيّة تقوم على اليأس والنظر إلى الأمور من الوجهة السيئة، والاعتقاد أن كل شيء يسير على غير ما يُرام، وهو عكس اليُمْن أو التفاؤل، مشيرا إلى أن التشاؤم من عادات العرب قديمًا؛ إذ عُرِف عندهم بـ«التَّطيُّر»، والتطير «التشاؤم»، أصله الشيء المكروه من قول أو فعل أو مرئي، وكانوا يتطيرون بالسوانح والبوارح فينفرون الظباء والطيور، فإن أخذت ذات اليمين تَبرَّكوا به ومضوا في سفرهم وحوائجهم، وإن أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وحاجتهم وتشاءموا بها، فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم.

وتابع: وقد جاء الإسلام بهدم هذه العادة الجاهلية والتحذير منها؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا عَدْوَى، ولاَ طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الفألُ»، قالوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قال: «كَلِمَةٌ طَّيِّبَةٌ».

وأضاف مفتي الجمهورية في الفتوى الخاصة بحكم التفاؤل والتشاؤم بالأرقام والأيام: روى أبو داود بسنده من حديث عروة بن عامر رضي الله عنه قال: ذُكِرَتِ الطِّيَرَةُ عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ وَلَا تَرُدُّ مُسْلِمًا، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ لَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ».

ومما يدخل في التَّطيُّر المنهي عنه شرعًا: التشاؤم من بعض الأرقام أو الأيام أو الشهور؛ كأن يعتقد المرء بأن رقمًا ما أو يومًا معينًا يوصف بحصول التعب والضغط والصعوبات معه أو أَنَّ التوفيق فيه يكون منعدمًا، ونحو ذلك من خرافات لا أساس لها من الصحة، فيُحْجَم عن قضاء حوائجه أو أي مناسبة في هذا اليوم أو مع حصول هذا الرقم.

النهي الشرعي عن التشاؤم والتطير

وأوضح: ومع ورود النهي الشرعي عن التشاؤم والتطير عمومًا باعتباره عادة جاهلية؛ فقد ورد النهي النبوي عن التشاؤم من بعض الأزمنة والشهور خاصة؛ وذلك كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ وَلَا هَامَةَ». وفي رواية أخرى للبخاري: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَر».

وأكد المفتي أن الحكمة مِن منع التشاؤم والتطير عمومًا أو بالأزمنة خصوصًا: هو أنَّ في هذا التشاؤم سوء ظن بالله سبحانه وتعالى، وإبطاء الهمم عن العمل، وتشتت القلب بالقلق والأوهام، فيميت في المرء روح الأمل والعمل، ويدبُّ فيه اليأسُ، وتضعف الإرادة والعزيمة لديه، وربما نَزَل بالشخص بسبب هذا التشاؤم المكروه الذي اعتقده بعينه على سبيل العقوبة له على اعتقاده الفاسد.أما عن التفاؤل ببعض الأرقام أو الأيام: فهو من الأمور الحسنة التي لا مانع منها شرعًا؛ فهي من الفأل المندوب إليه والذي يبعث في النفس الرجاء في عطاء الله عز وجل، وحسن الظن به وتيسيره، فيتجدَّد به أمل الشخص في نجاح مقصوده، ويُقَوِّي عزمه، ويحمله تفاؤله على صدق الاستعانة بالله والتوكل عليه.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الإفتاء مفتي الجمهورية دار الافتاء

إقرأ أيضاً:

حكم الاستعانة بقراءة الفاتحة على نجاح الأمور.. الإفتاء توضح

حكم الاستعانة بقراءة الفاتحة على نجاح الأمور حيث يبحث كثيرون عن حكم قضاء الحوائج بقراءة الفاتحة لأن فضلها عظيم، كما أكد ذلك نصوص الشريعة الإسلامية؛ ومنها قول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ المَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ [الحجر: 87]، فهل تجوز قراءة الفاتحة لقضاء الحوائج؟.

وفي هذا السياق، أكدت دار الإفتاء المصرية، أنه مما يستدل به على قراءة الفاتحة في قضاء الحوائج هو حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه الإمام مسلم في "صحيحه" وغيره عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «قَالَ اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ؛ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: ﴿الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ قَالَ اللهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي -وَقَالَ مَـرَّةً: فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي-، فَإِذَا قَالَ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ۝ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ».

حكم الصلاة وراء إمام يُخطئ في الفاتحة.. الإفتاء توضح هل يجب إعادتهاهل تجوز الصلاة بآية واحدة بعد الفاتحة في الصلاة؟.. علي جمعة يجيبهل يجوز قراءة الفاتحة في السجود أو الركوع؟.. الإفتاء توضحهل يجوز تكرار الفاتحة مرتين في الركعة الواحدة.. دار الإفتاء توضح

الاستعانة بقراءة الفاتحة لقضاء الحوائج

وأضافت دار الإفتاء، عبر موقعها الإلكتروني، أن الله تعالى أعطى للعبد سُؤْلَه عام في هذا الموضع، وهو ما يدل على مشروعية نية الاستعانة بالله في كل شيء بقراءة الفاتحة؛ مستشهدة بما قاله الشيخ ابن عبد الهادي الحنبلي في رسالته "الاستعانة بالفاتحة على نجاح الأمور" في "جمهرة الأجزاء الحديثية" (ص: 372، ط. مكتبة العبيكان): [احتج بعضهم من هذا الحديث على أنه ما قَرأ أحدٌ الفاتحة لقضاء حاجة وسأل حاجته إلا قُضِيَتْ] اهـ.

وتابعت الإفتاء "روى الإمام مسلم في "صحيحه" والنسائي في "السنن الكبرى" وغيرهما عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قَالَ: "بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: "هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فَقَالَ: هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَسَلَّمَ، وَقَالَ: أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ".

وذكرت دار الإفتاء آراء عدد من العلماء حول حكم الاستعانة بقراءة الفاتحة لقضاء الحوائج ومنها:

قال العلامة محمد بن علان الصديقي الشافعي في "دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين" (6/ 200، ط. دار الكتاب العربي): [يجوز كونُها للاستعانة؛ أي: (لن تقرأ) مستعينًا (بحرف)؛ أي: جملة (منهما) على قضاء غرض لك (إلا أعطيتَه) كيف لا والفاتحة هي الكافية؟ وتلك الخواتيم لمن قرأها في ليلة كافية، والمراد: ثوابه الأعظم من ثواب نظيره في غير هذين. أو المراد بالحرف: معناه اللغوي وهو الطرف، وكنى به عن كل جملة مستقلة بنفسها؛ أي: أُعطِيتَ ما تضمنته إن كانت دعائية كـ ﴿اهْدِنَا﴾ و ﴿غُفْرَانَكَ﴾ الآيتين، وثوابَهما إن لم يتضمن ذلك كالمشتملة على الثناء والتمجيد] اهـ.

وعلى ذلك جرى فعل السلف الصالح من غير نكير؛ فأخرج أبو الشيخ في "الثواب" عن عطاء رحمه الله تعالى أنه قال: "إذا أردتَ حاجةً فاقرأ بفاتحة الكتاب حتى تختمها تُقْضَى إن شاء الله".

قال العلَّامة مُلّا على القاري الحنفي في "الأسرار المرفوعة" (ص: 253، ط. مؤسسة الرسالة): [وهذا أصلٌ لِمَا تعارف الناس عليه مِن قراءة الفـاتحة لقضاء الحاجات وحصول المهمات] اهـ. ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية يلتقي نظيره التشادي على هامش مؤتمر أبو ظبي
  • مفتي الجمهورية يلتقي مفتي سنغافورة في أبو ظبي
  • مفتي الجمهورية يلتقي رئيس جامعة محمد بن زايد لبحث سُبل التعاون
  • مفتي الجمهورية ونظيره التشادي يبحثان أوجه التعاون على هامش مؤتمر أبو ظبي
  • مفتي الجمهورية يبحث مع نظيره من سنغافورة سبل تعزيز التعاون
  • مفتي الجمهورية يلتقي رئيس جامعة محمد بن زايد لتعزيز التعاون العلمي والديني
  • الأيام البيض.. آخر موعد لصيامها في شهر شوال
  • حكم الاستعانة بقراءة الفاتحة على نجاح الأمور.. الإفتاء توضح
  • مفتي الجمهورية يلتقي رئيس المجتمعات المسلمة في أبو ظبي لبحث تعزيز الشراكة الدينية
  • مفتي الجمهورية: القيم الإنسانية في الإسلام صورة من صور الإعجاز الإلهي