عن أجهزة نوكيا وحنينا إلى الماضي.. أرشيف يذكرنا بشكل الحياة البسيطة
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
قد تخالف صديقك الرأي حول ما إذا كان هاتف الآيفون المحمول أرقى من السامسونغ، وقد تتحارجان حول أفضل منصة للتسلية، هل هي تيك توك أم إنستغرام؟ لكن الأكيد هو أنكما ستتفقان على شيء واحد، وهو أن لعبة الثعبان المخادع، التي كنت تلعبها على جهاز نوكيا صغير، صلب كالصخر، في عصر يوم بليد، كانت أمتع شيء في الدنيا.
مع تطور قطاع الهواتف المحمولة، أصبحت هواتف نوكيا، بتصاميمها الأثيرة، جزءًا لا يتجزأ من ذاكرتنا الثقافية الجماعية، ومن حنينا إلى زمن غابر، كانت البساطة فيه طاغية على كل شيء.
وتكريماً لهذه المكانة، سيتم عرض أكثر من 700 تصميم من أرشيف نوكيا، الذي أنتج بين منتصف التسعينيات وعام 2017، ضمن بوابة رقمية تنظمها جامعة آلتو الفنلندية في 15 يناير/كانون الثاني 2025.
يعرض الأرشيف مجموعة واسعة من النماذج الأولية والرسوم التخطيطية للأجهزة، بالإضافة إلى مقابلات مع المصممين، حيث سيفتح نافذة على الماضي، تتجاوز مجرد التذكير بأشكال الهواتف الملونة، لتعرض تجربة مصمميها وتتناول انعكاسات قراراتهم على ثورة الاستخدام التي أحدثوها.
في هذا السياق، يقول الباحث في الجامعة المنظمة لو تشين، لـ "يورونيوز": "إن العالم الرقمي أصبح متسارعًا، لاسيما مع التطور المذهل للذكاء الاصطناعي وأدواته التي تستخدم في صناعة الهواتف وتمهد الطريق نحو المستقبل. لذا بات من المفيد إلقاء نظرة عن كيفية تأثير التكنولوجيا على حياتنا، وهو ما سيوفره الأرشيف".
لمحة عن شركة نوكياتعد شركة نوكيا واحدة من أعرق الشركات في العالم، إذ يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1865 حيث كانت مصنعًا للورق.
وفي القرن العشرين، قررت الشركة توسيع خدماتها التجارية عبر إنشاء قسم للإلكترونيات، لتطلق في أواخر ثمانينات القرن الماضي أول هاتف محمول وهو "موبيرا سيتي مان 900"، الذي لُقب بـ "غوربا" بعد أن شوهد الرئيس السوفيتي ميخائيل غورباتشوف وهو يستخدمه.
عام 1994، طرحت نوكيا هاتف 2110 الذي تميز بنغمة الرنين الشهيرة المستوحاة من "غران فالس" لفرانسيسكو تاريغا، والتي أشارت أبحاث إلى أنها كانت تسمع حوالي 1.8 مليار مرة يوميًا في مختلف أنحاء العالم.
ومن أشهر هواتفها أيضًا كان 3310، الذي عُرف بمتانته الشديدة لدرجة أنه كان يقاوم أي ضرر، حتى عند رميه على الأرض.
يأتي أرشيف نوكيا في وقت تتصاعد فيه الحاجة إلى تخفيف الإدمان الذي أحدثته مواقع التواصل الاجتماعي والحد من قضاء وقت مفرط أمام الشاشات. وعن هذا يعلّق تشين قائلًا: "ربما إذا نظرنا إلى الهواتف غير الذكية، كنوكيا مثلًا، سنفهم كيف تطورت علاقتنا مع الشاشات، ويمكن لهذه التجربة أن تجعلنا أكثر حزمًا في تقرير كيف نريد لهذه العلاقة أن تستمر".
المصادر الإضافية • Amber Louise Bryce
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الحرب بيومها الـ433: جهود دبلوماسية لوقف الحرب بغزة واشتباكات في الضفة وانسحاب جزئي من لبنان الملك الإسباني فيليبي السادس وزوجته الملكة ليتيسيا في زيارة رسمية إلى إيطاليا مقتل إسرائيلي وإصابة أربعة في إطلاق نار قرب بيت لحم هاتف محمولفنلنداأرشيفسامسونغنوكياآيفونالمصدر: euronews
كلمات دلالية: سوريا بشار الأسد روسيا إسرائيل دونالد ترامب إسبانيا سوريا بشار الأسد روسيا إسرائيل دونالد ترامب إسبانيا هاتف محمول فنلندا أرشيف سامسونغ نوكيا آيفون سوريا بشار الأسد روسيا إسرائيل دونالد ترامب إسبانيا الصين أفريقيا إطلاق نار غزة قتل داعش یعرض الآن Next
إقرأ أيضاً:
الحرب تسلب أحلام أطفال غزة بالتعليم وتخوُّف من تفشي الأمية
غزة- مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يزداد القطاع التعليمي تدهورا، حيث أُغلقت المدارس، وتوقف التعليم التقليدي، ويواجه الأطفال تحديات هائلة في متابعة دراستهم بسبب انقطاع الإنترنت، وقلة الموارد.
وتكشف شهادات الأطفال وأولياء أمورهم عن تراجع كبير في مستويات التعليم، وغياب الفرص التي كانت متاحة في السابق، وفي ظل الظروف الصعبة يبرز قلق الأهالي من تفشي الأمية ومن تأثير الحرب على الأجيال القادمة.
وحين بدأت إسرائيل حربها على القطاع، لم يكن قد مضى على العام الدراسي سوى شهر فقط، قبل أن تُغلق المدارس مجددا، وحتى الآن.
ورغم تخصيص وزارة التربية والتعليم الفلسطينية منصات إلكترونية لاستئناف التعليم، فإن ظروف الحرب واستمرار عمليات النزوح، وانقطاع الإنترنت أو ضعفه، جعلها غير مجدية لغالبية السكان.
واضطرت الوزارة إلى ترفيع الطلاب "تلقائيا" عن العام الدراسي (2023-2024)، باستثناء طلبة الثانوية العامة، ويبدو أن الأمر سيتكرر للعام الحالي نظرا لاستمرار الحرب.
وفي 26 أبريل/نيسان الماضي أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) بدء الفصل الدراسي الثاني، "إلكترونيا"، وهو ما اعتبره أولياء الأمور "غير مفيد"، في ظل الحرب.
ويقول الطفل أيمن قاسم (11 عاما) "كنت أقرأ وأكتب جيدا، وكنت أفهم الحساب والجغرافيا والدين وغيرها، الآن نسيت كل شيء تقريبا".
ويوشك أيمن على إنهاء الصف السادس، لكنه فعليا لم يتمكن فعليا من دراسة الصفين "الخامس والسادس".
إعلانويضيف للجزيرة نت "نحن الآن لا نعيش حياة أطفال، نقضي يومنا في جمع الحطب للطبخ أو بيع البضائع في السوق، لمساعدة أهلنا في المصروف، اشتقت كثيرا للمدرسة وللكتب وللمعلمين".
ولم يتمكن الطفل أيمن من التعلم عبر الإنترنت خلال الحرب، ويردف "التعليم الإلكتروني صعب جدا، ولا يوجد كهرباء والإنترنت مقطوع، والهاتف (الذكي) مُكلف وغير متوفر".
ورغم قساوة الظروف، فلا يزال أيمن يحتفظ بحلم "بسيط" يراوده، وهو "العودة للمدرسة والالتحاق بالجامعة لأصير صحفيا، فأنا أحب هذه المهنة".
جهود تُبذلورسميا، يدرس الطفل أحمد الدحدوح في الصف السابع، لكنه لم يتلقَ أي تعليم فعلي منذ عامين، ويقول للجزيرة نت "كنت أذهب للمدرسة مع أصحابي، وأعرف القراءة والكتابة، لكني أشعر أني نسيت كل شيء الآن، فلا وجود لمدارس، وأنا أساعد أبي ببيع الماء".
وبحسرة تواصل والدة أحمد ما بدأ به نجلها، وتقول "هناك تراجع كبير في مستوى تعلم الأولاد، والأهالي غير قادرين على المتابعة بشكل فعَّال بسبب الحرب".
وتضيف للجزيرة نت "صحيح أن هناك مراكز تعليمية، لكني لا أرسل أبنائي، خوفا عليهم وهم في الطريق، أو حتى داخل المدرسة، فإسرائيل تقصف كل شيء".
وتدرك الوالدة جيدا خطورة الانقطاع عن التدريس، وتقول "المنهاج المدرسي مترابط ومتسلسل، والانقطاع عنه كارثي، واختصار المناهج أيضا كارثي، وهذا الوضع مستمر منذ عامين، وسيؤدي حتما إلى تفشي الأمية وضعف عام في جميع المهارات التعليمية، من الحساب إلى القراءة والعلوم".
ورغم وجود منصات تعليم إلكترونية رسمية، فإن الواقع لا يتيح مجالا للاستفادة منها، كما تقول. وتضيف موضحة "نعيش في خيام، وليس في منزل يتوافر فيه الإنترنت، المقطوع أصلا عن مناطق كثيرة، فكيف سندرّس أولادنا؟".
ومع ذلك، لا تتخلى أم الطفل دحدوح عن محاولاتها البسيطة للحفاظ على ما تبقى من معرفة لدى أطفالها، وتحاول الاستدراك بشكل ذاتي، فتدرسهم بنفسها وتعدُّ نماذج أسئلة لتبقي على نشاطهم وذاكرتهم حيَّة".
إعلان بين الحلم والذكرياتوبصوت يخالطه الحنين والأسى، يتحدث الطفل ماهر زقوت (14 عاما)، الذي كان قد تم ترفيعه إلى الصف التاسع، عن حُلمٍ توقف قسرا مع بدء الحرب، وعن أيام دراسية جميلة تبددت وسط القصف والدمار.
يقول ماهر "كنت أعرف القراءة والكتابة، وأُدرّس أخي الصغير، لكن الآن توقف كل شيء، فلا توجد مدارس، ومستواي التعليمي تراجع كثيرا، ونحن بانتظار توقف الحرب".
ولم تحرم الحرب ماهر من التعليم فقط، بل سلبته أدواته الأساسية، حيث دُمّرت مدرسته واحترقت كتبه داخل منزله الذي قصفه الاحتلال، ويرجع في ذاكرته إلى أيام خلت حين كانت أمه تعطيه المصروف اليومي و"السندويتش"، قبل ذهابه للمدرسة صباحا، وحينما كان له أصحاب يلعب ويلهو معهم في الطريق.
ويكمل ماهر "كانت أياما حلوة، لكن الآن الوضع مرعب، ونخاف من الموت والقصف، ونقضي وقتنا في العمل، في تعبئة المياه ومساعدة الأهل".
وفقد ماهر غالبية أصحابه بسبب الحرب التي قتلت بعضهم وتسببت بنزوح آخرين، ويقول "كثير من أصحابي استشهدوا، أحدهم من عائلة المصري والآخر من آل العمري، واثنان أصيبا أيضا".
البديل صعب
وفي أحد زوايا المخيمات المزدحمة في غزة، يجلس محمد نعيم (11 عاما)، ليتحدث عما طرأ على حياته بعد اندلاع الحرب، وتحوله من طالب مجتهد ومتفوق في صفه إلى طفل نازح يقضي يومه في جمع الحطب وتعبئة المياه.
يقول للجزيرة نت "ما زلت أقرأ وأكتب، لكن ليس مثل السابق، في الصف الرابع درسنا شهرا واحدا فقط، ثم بدأت الحرب، وتم ترفيعي إلى الخامس، لكن لم أدرس شيئا حتى الآن".
ويضيف "نحن الآن في الشوارع، نساعد أهلنا بجمع الحطب وتعبئة الماء، وحتى في إعداد الخبز وطهي الطعام".
ولا يعتبر الطفل محمد التعليم الإلكتروني بديلا مجديا في ظل الظروف الصعبة، ويقول إنه درس عبر بطاقات اتصال بالإنترنت، ويصل سعر الواحدة لـ2 شيكل (الدولار= 3.6 شواكل)، ولكنها "لا تكفي حتى لفتح فيديو الدرس، وتنتهي بسرعة".
أما الأب محمود عوض، الوالد لطفلين في المرحلة الابتدائية، فيرى أن الوضع التعليمي في غزة يتدهور بشكل غير مسبوق، ويتمنى، كما يقول للجزيرة نت، أن يتحسن الحال وتتوفر ظروف أفضل للدراسة، ويضيف "الواقع الحالي صعب جدا في ظل غياب المدارس والكتب، ولا الإنترنت يُمكّننا من التدريس عن بُعد".
إعلانورغم هذه التحديات، لا يتوانى عوض عن بذل الجهد، محاولا سد الفجوة التعليمية بكل ما أتيح له من وسائل، ويقول "نحاول قدر الإمكان تدريسهم في البيت، ونطبع لهم ما يلزم من مواد من المكتبات، ونعمل لتوصيل المعلومة لهم، لكن بلا شك للمعلم دور مختلف لا يمكن تعويضه".