من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. عندما تتساوى الأوطان
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
#عندما_تتساوى_الأوطان
من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ .. 10 / 2 / 2018
الغربة تخدع أحيانا.. تريك القنبلة تفاحة، والدمع النازف كحلا، والقبح في وطنك جمالا، والسلاسل التي قيّدتك ذات شباب أساور لم تــُطق نعمتها.. الغربة تريك الوجه الأجمل في وطنك وتخفي خلف ظهر البحر القبح كله.
مقالات ذات صلة حزب البعث السوري يعلّق عمله.. وضع أمواله في تصرف الحكومة الجديدة 2024/12/12
في الغربة، كان فوق سريري علم بلادي ثبّته بمسامير صغيرة، وبين وسادتي والحائط مذياع قديم أحاول أن أضبط موجته على إذاعة العاصمة قبل أن أنام علّي أسمع أغنية وطنية أحبها أو مذيعة ألفتُ صوتها في غرفة أمي أو شارة الأخبار التي تعطيني مسكّن طمأنينة على بلادي البعيدة، كان الوشيش مرتفعا وتموّج الذبذبات ينغّص عليّ نقاء الصوت بسبب بعد المسافات، لكني كنت أنصت جاهدا لأنتقي الكلام واللحن من بين “تشويش الاغتراب ” كما يُنتقى القمح المخلوط بالتراب في آخر الحصاد، كنت رومانسيا جدا وعاشقا لتراب الأرض حدّ الجنون.
كنت أقطع مسافات طويلة حتى أشتري جريدة بلادي التي تصل متأخرة ثلاثة أيام، أتصفحها كما لو أنها قد خرجت للتو من المطبعة، كما لو أنني جالس في “العريشة” أو في الغرفة الشمالية
، أدقق في الأخبار المحلية وأسرح في وجوه الناس التي التقطتها عدسات مصوري الصحيفة وأقرأ إعلانات التوظيف الواحد تلو الآخر، تخيّلوا أنني كنت أقدم طلبات توظيف وأنا في الغربة فأنا مثل المطرود من بيته الذي ينتهز الفرصة يكون فيها الباب مواربا ليعود، كنت أمر من أمام بيت بعيد في غربتي لأن فيه ياسمينة تشبه ياسمينة بيتنا، أمشي بمحاذاة السياج لألتقط الزهر الساقط فأشمه وأشم ثياب أمي..
لم يكن لدي تعريف محدد للوطن، لكني كنت موقنا أنه ليس التراب والأرض والسيادة، وليس الراية والهوية.. عندما عدت إلى وطني فهمت معنى الوطن، الوطن كرامة إن سقطت سقط الوطن.. والوطن والداك إن ماتا تساوت بعدهما الأوطان..
في صيف كل عام كنت عندما أظفر بإجازتي السنوية و بتذكرة السفر كأنني ظفرت بجناحي البراق أجهز كل شيء على عجل وأكون أول الواصلين إلى صالة الانتظار..وأنا أمشي على تراب بلدي كنت أخفف الخطى كي لا أؤلمه، أبتسم لكل شيء، وأفرح لأي شيء وأحزن على شباك مدرسة مكسور لا تقوى الدولة على إصلاحه..
الغربة تخدع أحيانا، عندما كنا نأتي بفائض الحنين حيث تسبق أجسادنا اللهفة؛ كان الوطن يقابلنا بفتور مثل حارس ملّ الوظيفة متعب من الوقوف وردّ التحية، يعاني من قلة المدخول وكثرة الأولاد ولؤم الآمرين والمتأففين و السرّاق.. حتى الدالية لم تكن بتلك البهجة التي تركتها أو تخيلتها.
وعندما نحرتُ الغربة تحت قدمي و قررت الإقامة في بلدي، اكتشفت أنني لم أكن أرى سوى وجه القمر البعيد، ذلك المستدير الذهبي الجميل، لم أكن أرى تلك الحفر والأخاديد والظلمات الحالكة، لم أكن أعرف أن وطني “تحت الإقامة الجبرية” ممنوع عليّ مصافحته أو رعايته أو حمايته أو حتى الاطمئنان عليه، لم يكن مسموحا لي التأكد إن كان يأخذ علاجاته المزمنة أم لا، أهو بخير أم لا؟ أهو يراني أم لا؟.. لم أكن أعرف أن المسؤولية في بلدي هي الاسم الرسمي للصوصية، والوطنية هي غطاء المتاجرة، وأن التصحيح الاقتصادي هي “شرشف” الإفلاس والتصفية، والتغني بالوطن هو النواح غير المعلن، ومن نصبوا أنفسهم أطباء عليه هم من يتقاسمون التركة وهم من سيسلموننا الجثة عارية، لم أكن أعرف أنني عاجز إلى هذا الحد، ومحاصر إلى هذا الحد، وخطير إلى هذا الحد، إذا أعربت عن خوفي على وطني فأنا مخرّب، وإذا ساهمت في صنع الوعي الشعبي فأنا محرّض، وإذا حاولت كسر الزجاج عن وطني المحجور عليه وحاولت إخراجه للحياة فأنا ثائر، يصنعون طوقا من عشر طبقات ممنوع الاقتراب أو الاختراق. كن دجاجة أو لا تكون، ضع رأسك في طعامك دون قوقأة أو ثرثرة أو نقطعه لك.. صدقوني لم أكن أعرف كل هذا..
في السابق لم يكن لدي تعريف محدد للوطن، لكني كنت موقنا أنه ليس التراب والأرض والسيادة، وليس الراية والهوية ومكان الولادة.. كل هذه الأشياء قد تتحقق في أي بقعة يابسة.. عندما عدت إلى وطني فهمت معنى الوطن: الوطن كرامة إن سقطت سقط الوطن..والوطن والداك إن ماتا تساوت بعدهما الأوطان..
لقد تساوت لدي الأوطان الآن… وما عاد يرعبني الرحيل.. أو التمدّد قربهما
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com
#164يوما
#الحرية_لاحمد_حسن_الزعبي
#أحمد_حسن_الزعبي
#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن
#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الحرية لاحمد حسن الزعبي أحمد حسن الزعبی
إقرأ أيضاً:
حماة الوطن ينظم الصالون السياسي حول انعكاسات الأزمة السورية
نظم اليوم حزب حماة الوطن، الصالون السياسي حول مستجدات الأوضاع في سوريا، تحت عنوان "انعكاسات الأزمة السورية على الأمن الإقليمي والدولي".
جاء ذلك بحضور الفريق جلال الهريدي، رئيس حزب حماة الوطن، اللواء أحمد العوضي، النائب الأول لرئيس الحزب، رئيس لجنة الدفاع و الأمن القومى بمجلس النواب، اللواء طارق نصير، الأمين العام للحزب، وكيل لجنه الدفاع والأمن القومي بمجلس الشيوخ، الدكتور أحمد العطيفي الأمين العام المساعد للحزب، أمين التنظيم، النائب أحمد بهاء شلبي رئيس الهيئة البرلمانية للحزب بمجلس النواب، والدكتورة غادة البدوي، أمينة التدريب والتثقيف بالحزب.
وشارك في الصالون السياسي، اللواء أركان حرب سمير فرج، الخبير العسكرى والمفكر الاستراتيجي، الكاتب الصحفي أحمد ناجي قمحة، رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية، عضو مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، الدكتورة هند سلطان، رئيس اللجنة الاستشارية للتعاون الصيني بحزب حماة الوطن، مدرس العلاقات الدولية بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، كرم سعيد، نائب مدير تحرير مجلة الديمقراطية، الباحث في الشؤون الإقليمية، والدكتورة نهلة السباعي، الخبير الاقتصادي، خبير استشراف المستقبل.
كما شارك في الصالون لفيف من نواب حزب حماة الوطن بمجلسى النواب والشيوخ، وأمناء الأمانات المركزية.
تناول الصالون السياسي من خلال المتحدثين تطورات الأحداث في سوريا منذ 2011، وصولا لما شهدته البلاد مؤخرا، فضلا عن محاولات التدخل الخارجية، وسعي بعض القوى الإقليمية والدولية لتحقيق أجنداتها ومصالحها.
وشهد الصالون السياسي لحزب حماة الوطن، تناول الدور البارز والمحوري لمصر، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، في دعم الحلول السياسية للأزمة السورية، والتأكيد على وحدتها وسيادتها، وكذلك رفض أي محاولات التقسيم، أو التدخل في شؤونها، مع التمسك بالانتقال السلس والسلمي للسلطة، من خلال عملية سياسية شاملة لا تُقصي أحدًا، وتعبّر عن التنوع داخل البلاد.
كما تناول المتحدثون، تأثير تطورات الأوضاع في سوريا، على المنطقة العربية بوجه خاص، وعلى العالم بشكل عام، لاسيما وأن انعكاساتها كانت على دول الجوار، خصوصا وأن سوريا تمثل أهمية بالغة للأمن القومي المصري والعربي، بما الاستقرار في المنطقة بالكامل.
وخلال الصالون السياسي لحماة الوطن، تناول المشاركون، دور الصين، والتي ظهرت كقوة دولية فاعلة في النظام العالمي الجديد، وسعيها نحو اتباع نهج دبلوماسي متوازن تجاه الأزمة السورية، يجمع بين احترام سيادة الدول والبحث عن حلول سلمية تعزز الاستقرار الإقليمي.
وتناول صالون حماة الوطن، كذلك تشابك المصالح الدولية والإقليمية على الأراضي السورية، وتحديد الدور التركي الذي كان حاضراً بقوة، خصوصا في التعامل مع بعض الملفات الحساسة مثل القضية الكردية ودورها في المراحل الانتقالية، بما يضمن تحقيق مصالحها.
ومن المقرر أن يستكمل حزب حماة الوطن، الأسبوع المقبل، مناقشة تداعيات الأزمة السورية، من خلال الصالون السياسي الثاني، والذي يضم مجموعة من الخبراء في الملفات المختلفة.