#عندما_تتساوى_الأوطان

من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي

نشر بتاريخ .. 10 / 2 / 2018

الغربة تخدع أحيانا.. تريك القنبلة تفاحة، والدمع النازف كحلا، والقبح في وطنك جمالا، والسلاسل التي قيّدتك ذات شباب أساور لم تــُطق نعمتها.. الغربة تريك الوجه الأجمل في وطنك وتخفي خلف ظهر البحر القبح كله.

مقالات ذات صلة حزب البعث السوري يعلّق عمله.

. وضع أمواله في تصرف الحكومة الجديدة 2024/12/12

في الغربة، كان فوق سريري علم بلادي ثبّته بمسامير صغيرة، وبين وسادتي والحائط مذياع قديم أحاول أن أضبط موجته على إذاعة العاصمة قبل أن أنام علّي أسمع أغنية وطنية أحبها أو مذيعة ألفتُ صوتها في غرفة أمي أو شارة الأخبار التي تعطيني مسكّن طمأنينة على بلادي البعيدة، كان الوشيش مرتفعا وتموّج الذبذبات ينغّص عليّ نقاء الصوت بسبب بعد المسافات، لكني كنت أنصت جاهدا لأنتقي الكلام واللحن من بين “تشويش الاغتراب ” كما يُنتقى القمح المخلوط بالتراب في آخر الحصاد، كنت رومانسيا جدا وعاشقا لتراب الأرض حدّ الجنون.
كنت أقطع مسافات طويلة حتى أشتري جريدة بلادي التي تصل متأخرة ثلاثة أيام، أتصفحها كما لو أنها قد خرجت للتو من المطبعة، كما لو أنني جالس في “العريشة” أو في الغرفة الشمالية

، أدقق في الأخبار المحلية وأسرح في وجوه الناس التي التقطتها عدسات مصوري الصحيفة وأقرأ إعلانات التوظيف الواحد تلو الآخر، تخيّلوا أنني كنت أقدم طلبات توظيف وأنا في الغربة فأنا مثل المطرود من بيته الذي ينتهز الفرصة يكون فيها الباب مواربا ليعود، كنت أمر من أمام بيت بعيد في غربتي لأن فيه ياسمينة تشبه ياسمينة بيتنا، أمشي بمحاذاة السياج لألتقط الزهر الساقط فأشمه وأشم ثياب أمي..
لم يكن لدي تعريف محدد للوطن، لكني كنت موقنا أنه ليس التراب والأرض والسيادة، وليس الراية والهوية.. عندما عدت إلى وطني فهمت معنى الوطن، الوطن كرامة إن سقطت سقط الوطن.. والوطن والداك إن ماتا تساوت بعدهما الأوطان..
في صيف كل عام كنت عندما أظفر بإجازتي السنوية و بتذكرة السفر كأنني ظفرت بجناحي البراق أجهز كل شيء على عجل وأكون أول الواصلين إلى صالة الانتظار..وأنا أمشي على تراب بلدي كنت أخفف الخطى كي لا أؤلمه، أبتسم لكل شيء، وأفرح لأي شيء وأحزن على شباك مدرسة مكسور لا تقوى الدولة على إصلاحه..

الغربة تخدع أحيانا، عندما كنا نأتي بفائض الحنين حيث تسبق أجسادنا اللهفة؛ كان الوطن يقابلنا بفتور مثل حارس ملّ الوظيفة متعب من الوقوف وردّ التحية، يعاني من قلة المدخول وكثرة الأولاد ولؤم الآمرين والمتأففين و السرّاق.. حتى الدالية لم تكن بتلك البهجة التي تركتها أو تخيلتها.

وعندما نحرتُ الغربة تحت قدمي و قررت الإقامة في بلدي، اكتشفت أنني لم أكن أرى سوى وجه القمر البعيد، ذلك المستدير الذهبي الجميل، لم أكن أرى تلك الحفر والأخاديد والظلمات الحالكة، لم أكن أعرف أن وطني “تحت الإقامة الجبرية” ممنوع عليّ مصافحته أو رعايته أو حمايته أو حتى الاطمئنان عليه، لم يكن مسموحا لي التأكد إن كان يأخذ علاجاته المزمنة أم لا، أهو بخير أم لا؟ أهو يراني أم لا؟.. لم أكن أعرف أن المسؤولية في بلدي هي الاسم الرسمي للصوصية، والوطنية هي غطاء المتاجرة، وأن التصحيح الاقتصادي هي “شرشف” الإفلاس والتصفية، والتغني بالوطن هو النواح غير المعلن، ومن نصبوا أنفسهم أطباء عليه هم من يتقاسمون التركة وهم من سيسلموننا الجثة عارية، لم أكن أعرف أنني عاجز إلى هذا الحد، ومحاصر إلى هذا الحد، وخطير إلى هذا الحد، إذا أعربت عن خوفي على وطني فأنا مخرّب، وإذا ساهمت في صنع الوعي الشعبي فأنا محرّض، وإذا حاولت كسر الزجاج عن وطني المحجور عليه وحاولت إخراجه للحياة فأنا ثائر، يصنعون طوقا من عشر طبقات ممنوع الاقتراب أو الاختراق. كن دجاجة أو لا تكون، ضع رأسك في طعامك دون قوقأة أو ثرثرة أو نقطعه لك.. صدقوني لم أكن أعرف كل هذا..

في السابق لم يكن لدي تعريف محدد للوطن، لكني كنت موقنا أنه ليس التراب والأرض والسيادة، وليس الراية والهوية ومكان الولادة.. كل هذه الأشياء قد تتحقق في أي بقعة يابسة.. عندما عدت إلى وطني فهمت معنى الوطن: الوطن كرامة إن سقطت سقط الوطن..والوطن والداك إن ماتا تساوت بعدهما الأوطان..

لقد تساوت لدي الأوطان الآن… وما عاد يرعبني الرحيل.. أو التمدّد قربهما

احمد حسن الزعبي

ahmedalzoubi@hotmail.com

#164يوما

#الحرية_لاحمد_حسن_الزعبي

#أحمد_حسن_الزعبي

#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن

#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الحرية لاحمد حسن الزعبي أحمد حسن الزعبی

إقرأ أيضاً:

ليلى رستم أيقونة ماسبيرو التي حاورت المشاهير.. وصاحبة جملة "ياختي عليه"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

مذيعة متميزة للغاية قدمت العديد من البرامج السياسية والاجتماعية والفنية على شاشة التلفزيون المصري منها نافذة على العالم والغرفة المضيئة ونجمك المفضل وتسببت جملة شهيرة قالتها فى برنامجها الأخير نجمك المفضل وجهتها للنجم أحمد رمزي وهى عبارة “ياختى عليه” عندما حل  ضيفا على البرنامج.
الإعلامية الكبيرة  ليلى رستم التى رحلت عن عالمنا اليوم 9 يناير 2025 وترصد البوابة نيوز أبرز المحطات فى حياتها.

اسمها بالكامل ليلى عبد الحميد محمود رستم، ولدت فى 11 فبراير 1937 وهى ابنة المهندس عبد الحميد بك رستم وابنة أخ الفنان زكي رستم.
اشتهرت في فترة الستينيات فى عملها كمذيعة وحاصلت على ماجستير في الصحافة من جامعة نورث وسترن بالولايات المتحدة الأمريكية.
بدأت كمذيعة تليفزيونية مع ميلاد التليفزيون المصري في 23 يوليو 1960. وقد بدأت كمذيعة ربط ثم قارئة للنشرة الفرنسية.

خلال فترة عملها بالتليفزيون المصري اعتباراً من عام 1960م وحتى عام 1967م قدّمت العديد من البرامج السياسية والاجتماعية والفنية منها «نافذة على العالم» ويتضمن أهم الأحداث في كل أسبوع وبرنامج «الغرفة المضيئة» وكان يعده مفيد فوزي ويتضمن أهم حدث محلي، وبرنامج «نجمك المفضل» من إعداد مفيد فوزي أيضاً وكان برنامجا أسبوعيا استمر لمدة ثلاث سنوات قدّمت خلالها 150 حلقة مع كبار الممثلين والأدباء والشعراء أمثال محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وفاتن حمامة وطه حسين ويوسف السباعي وإحسان عبد القدوس وعمر الشريف ومصطفى أمين وعلي أمين، كما استضافت الملاكم الأمريكي محمد علي كلاي.

ليلى رستم مذيعة تلقائيه عفوية لها قصة مع جملة ياختى عليه حيث أندهشت ليلى رستم من رد أحمد رمزي، فقالت "ياختي عليه"، وهي الجملة التي تسببت في غضب زوجها الذي كان يشاهد البرنامج، ونشبت بينهما خلافات انتهت بالطلاق.
في إحدى حلقات برنامج "نجمك المفضل"، وخلال الحوار لاحظت المذيعة أن رمزي معتز بنفسه ويرتدي الكثير من السلاسل، فسألته عن سر ارتدائه لها ووضعه لخرزة زرقاء، ليجيبها انها هدية من زوجته.

اندهشت ليلى رستم من رد أحمد رمزي، فقالت "ياختي عليه"، وهي الجملة التي تسببت في غضب زوجها الذي كان يشاهد البرنامج، ونشبت بينهما خلافات انتهت بالطلاق.

الكاتب الصحفي مفيد فوزي كان هو معد برنامج "نجمك المفضل" وبعد سنوات من اتجاهه للعمل كمحاور تليفزيوني، استضاف ليلى رستم في برنامج "مفاتيح" لتروي وجهة نظرها عن تلك الواقعة الشهيرة.

قالت ليلى رستم إن أحمد رمزي كان نجما شابا، حضر إلى الأستوديو وأخبرها أن منتج فيلمه الجديد غاضب لأنه يضيع وقته بالتواجد في البرنامج، واستغربت مدى إعجابه الشديد بنفسه.

أضافت أنها كانت تحاول تفسير سر سعادته، هل كانت بسبب عدم تصديقه أنه يظهر في التليفزيون أم لأنه أصبح نجما سينمائيا، مشيرة إلى أنها تفاجأت بارتدائه الكثير من السلاسل وهو ما لم يكن شائعًا.

أشارت ليلى رستم إلى أنها سألت أحمد رمزي بتهكم عن سر ارتدائه للسلاسل والخرزة الزرقاء، فأجابها أن الخرزة وضعتها له زوجته، فقالت بشكل عفوي "ياختي عليه"، لأن الخرزة الزرقاء يتم وضعها للطفل الرضيع خوفا عليه من الحسد.

أكدت أنها كانت تحاور أحمد رمزي وهي تشعر أنه طفل كبير عمره 27 عاما،، وهو أمر لا يعيبه، لكنها عرفت بعد اللقاء أنه تحدث مع المحيطين به عنها بشكل غير لائق، ووصلها الكلام عن طريق بعض المقربين، وهو ما ضايقها.

مقالات مشابهة

  • خرج ولم يعد
  • الخطاب السامي.. جلالة السلطان: 20 نوفمبر يوم وطني لسلطنة عُمان
  • الخطاب السامي.. جلالة السلطان: 20 نوفمبر يوم وطني للسلطنة
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي … ليلة في بيت السجّان
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. قصاصة حقيقة!
  • صدقي صخر: “فخور بتواجدي في جائزة ساويرس التي أثبتت مصداقيتها على مدار 20 عامًا” (خاص)
  • ماذا قدم الكاتب أحمد المسلماني منذ توليه الوطنية للإعلام؟
  • ليلى رستم أيقونة ماسبيرو التي حاورت المشاهير.. وصاحبة جملة "ياختي عليه"
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي … صاحيله
  • نعلم التلاميذ حفظ الأوطان.. واعظة بالأوقاف: أشارك في مبادرة إحياء الكتاتيب