عضو بـ«الشيوخ»: مصر تسعى لإنهاء الصراعات الإقليمية وحماية الأمن العربي
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
قال النائب المهندس حازم الجندي عضو اللجنة العامة لمجلس الشيوخ، إن منطقة الشرق الأوسط تمر بظروف وتحديات أمنية صعبة، تتسارع فيها وتيرة الأحداث وتتسع فيها رقعة الصراع بشكل سريع وكبير، بما يتطلب ضرورة الحفاظ على الأمن القومي وحماية استقرار ومقدرات الدولة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأوضح «الجندي»، في بيان، اليوم الخميس، أن مصر تسير في طريقها نحو تعزيز السلام الشامل والعادل والحفاظ على مقدرات الشعوب العربية الشقيقة وإنهاء حالة الحرب وتفاقم الصراع التي تتسبب فيه إسرائيل بما يهدد الأمن القومي الإقليمي والدولي، وتحاول جاهدة تحريك المياه الراكدة في المجتمع الدولي للضغط على حكومة الاحتلال بوقف انتهاكاتها الغاشمة في المنطقة والتي تنذر بكارثة للجميع.
وشدد عضو مجلس الشيوخ على أن الوقت الراهن يتطلب من الجميع التلاحم والتماسك والاصطفاف خلف الدولة المصرية والقيادة السياسية لمواجهة ما تمر به المنطقة من تحديات أمنية وسياسية صعبة تلقي بظلالها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بلا شك، مشيرا إلى أن الوحدة الوطنية هي السبيل وطوق النجاة الوحيد للحفاظ على قوة الدولة الوطنية من السقوط في النفق المظلم الذي سقطت فيه دول مجاورة.
مواجهة التحديات الأمنيةولفت إلى أن الوعي أداة من أدوات مواجهة هذه التحديات الأمنية العصيبة التي تهدد الأمن القومي الإقليمي وتزيد من حدة التوترات والاضطرابات في المنطقة، بما يتطلب من الجميع ويفرض العمل على التعاون المشترك وتعزيز قوة الوحدة لضمان الأمن والاستقرار والحفاظ على جهود التنمية المستدامة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حازم الجندي المهندس حازم الجندي الهيئة العليا في حزب الوفد حزب الوفد
إقرأ أيضاً:
الأمن والتنمية في العالم العربي
وسط التحديات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية المتشابكة، يجد العالم العربي نفسه أمام معضلة استراتيجية تتداخل فيها أولويات وضرورات الأمن القومي مع الرؤى التنموية. فمع تصاعد الإنفاق العسكري على نحو غير مسبوق، تبرز التساؤلات حول جدوى هذا النهج في ضوء احتياجات الشعوب المتعطشة لتحسين مستويات المعيشة وفرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
سباق التسلح العربي
تشير تقارير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام إلى أن منطقة الشرق الأوسط تستحوذ على حوالي 32% من واردات الأسلحة العالمية، وهو ما يجعلها من أكثر المناطق استيرادًا للسلاح. خلف هذه الأرقام تختبئ دوافع جيوسياسية معقدة تتراوح بين النزاعات الإقليمية والمنافسات الاستراتيجية، وهو ما يدفع العديد من الدول العربية إلى التركيز على التسلح كأداة رئيسية لضمان أمنها القومي. ومع ذلك، فإن الاعتماد المفرط على هذا النهج قد يعكس رؤية تتجاهل الأدوات البديلة كالتركيز على التنمية البشرية، وبناء المؤسسات الوطنية القوية والمستقلة، وموازاتها مع السياسات التنموية والاعتماد على الدبلوماسية الناعمة والتعاون الإقليمي والدولي.
التداعيات الاقتصادية والاجتماعية
الإنفاق العسكري بطبيعة تكاليفه الباهظة يفرض أعباء ثقيلة على الموازنات العامة للدول العربية، حيث يتجاوز في بعض الحالات 7% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ 2.2%. هذه النسب تعني استنزاف موارد مالية كان يمكن توجيهها نحو قطاعات أكثر أهمية كالتعليم والصحة والبنية التحتية.
المفارقة هي أنه في المقابل، تعاني معظم الدول العربية من فجوة كبيرة في الإنفاق على التعليم، حيث لا تتجاوز نسبته 3.2% من الناتج المحلي الإجمالي في كثير من الأحيان، مقارنةً بمعدل عالمي يبلغ 4.3%. هذا التفاوت ساهم وكما يبدوا في إضعاف القدرات التنافسية لكثير من الدول العربية وزيادة الضغوط الاجتماعية المتمثلة في البطالة والفقر وانعدام الاستقرار الداخلي. وإضعاف فرص تحقيق التنمية المستدامة.
أما على المستوى الاجتماعي، فإن التركيز على التسلح من شأنه أن يؤدي إلى تضييق الخناق على الخدمات الأساسية، ويزيد من الضغوط على الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع، لا سيما في ظل تقلص الموارد المتاحة لتلبية احتياجاتهم. ويتزامن ذلك مع الأوضاع الاقتصادية المتردية في كثير من الدول العربية، حيث ترتفع معدلات الدين العام وتتراجع معه مستويات النمو الاقتصادي. أضف إلى ذلك، فإن المناخ السياسي المشحون في المنطقة غالباً ما يُثني المستثمرين الأجانب عن دخول الأسواق العربية، ليزيد من تعقيد المشهد التنموي.
التجارب الدولية
قد يكون من الممكن للدول العربية الاستفادة من التجارب الدولية في تحقيق التوازن المطلوب بين الأمن والتنمية، كدول جنوب شرق آسيا مثل ماليزيا وسنغافورة التي ترتكز سياستها الوطنية على بناء اقتصادات قائمة على المعرفة والابتكار، والذي ساعدها على تنويع اقتصاداتها بعيدًا عن القطاعات التقليدية، وجذب الاستثمارات الأجنبية الدولية، واندماجها بشكل أعمق في سلاسل القيمة العالمية، وتعزيز مكانتها في الاقتصاد الدولي.
كم أن تجربة الصين في إعادة توجيه استراتيجياتها نحو التنمية والاقتصاد تستحق التأمل. فقد أعادت هيكلة جيشها وتقليص العدد الكلي للقوات المسلحة إلى نحو 2 مليون جندي، لتقلل بذلك من النفقات العسكرية المباشرة، وبالتوازي، ركزت على الابتكار التكنولوجي في قطاع الدفاع، وهو ما أتاح لها تحقيق كفاءة أعلى بتكلفة أقل، وتوجيه الفائض من الموارد نحو القطاعات الإنتاجية والصناعات الاستراتيجية والتي أوجدت مصادر جديدة للدخل القومي.
علاوة على ذلك، ارتكزت السياسات الصينية على تحسين العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع الدول الأخرى من خلال مبادرات مثل "الحزام والطريق"، والتي ساهمت في فتح أسواق جديدة وتعزيز التجارة الدولية. مكنت هذه الخطوات الصين ودول جنوب شرق آسيا من تحقيق توازن بين الأمن والتنمية، وإنماء قدرتها على تأمين حدودها وحماية مصالحها الاستراتيجية وتحقيق معدلات نمو اقتصادي عالية ومستدامة، وجعلها نماذج ناجحة في كيفية إعادة صياغة الأولويات الوطنية بما يخدم التنمية الشاملة.
الأولويات الوطنية العربية
لتحقيق التوازن المنشود، لا بد للدول العربية من إعادة صياغة أولوياتها الوطنية بشكل يُعطي الأولوية للاستثمار في بناء القدرات البشرية، كمدخل تقوم عليه القطاعات الصناعية، والسياسات الاقتصادية المستدامة. تطوير منظومة التعليم، على سبيل المثال، هو أكثر من مجرد غاية في حد ذاتها، بل الوسيلة الاستراتيجية لتحقيق الاستقلال الاقتصادي والتقدم التكنولوجي، وتدعيم القدرات الوطنية لمواجهة البيئات الأمنية والاقتصادية المتغيرة.
كما أن الاستثمار في البحث العلمي، وتطوير الصناعات الدفاعية المحلية هي أيضاً محاور أساسية لبناء أمن قومي مستدام. الصناعات الدفاعية المحلية، على وجه الخصوص، يمكن أن تسهم في تقليل الاعتماد على الواردات الأجنبية وخلق فرص العمل في الداخل المحلي. ويمكن للدول العربية أن تحقق مكاسب استراتيجية طويلة الأمد من خلال التعاون الإقليمي والتحالفات الأمنية التي تخدم المصالح المشتركة، وهو ما قد يسهم في تقليل التوترات الجيوسياسية وخفض سباق التسلح بل وفي فتح آفاق جديدة للتنمية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمشاريع الاقتصادية المشتركة ومناطق التجارة الحرة أن تخلق بيئة داعمة للنمو الاقتصادي، ويُعيد تشكيل العلاقات السياسية مع دول الجوار والمحيط العالمي على أسس أكثر استدامة.
الأمن في عصر التحديات الجديدة
تظهر الحقائق بأن المفهوم التقليدي للأمن القومي لم يعد كافيًا لمواجهة التحديات الراهنة. فالأمن اليوم لا يمكن قياسه بحجم القوة العسكرية أو عدد الأسلحة فقط، بل بقدرة الدولة على بناء مجتمعات تمتاز بالمرونة والقدرة على التكيف والتأقلم مع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. إذا، فالعالم العربي بلا شك أمام مطلب واضح لإعادة تعريف أولوياته الوطنية بما يضمن تحقيق توازن مستدام بين الأمن والتنمية. الأمر الذي لا يقبل الجدال، هو أن الاستثمار في المعرفة والابتكار سيبقى المفتاح لتحقيق هذا التوازن، والوصول إلى مستهدف الاستقرار في المجتمعات العربية، وهو الخيار الوحيد الذي سيضمن للدول العربية موقعاً تنافسياً في النظام العالمي الجديد، ويمنحها القدرة على تحقيق طموحات شعوبها.