تشهد العاصمة الأمريكية واشنطن تحولًا ملحوظًا في طبيعة الشخصيات المؤثرة مع دخول مجموعة جديدة من مليارديرات التكنولوجيا إلى المشهد السياسي. 

اختار الرئيس المنتخب دونالد ترامب شخصيات بارزة من وادي السليكون، مثل إيلون ماسك ومارك أندرسن، في محاولة لإعادة تشكيل السياسات الأمريكية، خصوصًا تلك المتعلقة بالتكنولوجيا والابتكار.

الجيل الجديد من النفوذ التكنولوجي

على عكس الأجيال السابقة من أصحاب النفوذ، الذين عملوا خلف الكواليس، يتسم الجيل الحالي من عمالقة التكنولوجيا بانفتاحهم في التعبير عن آرائهم عبر منصات مثل X وSubstack والبودكاست.
يُعد مارك أندرسن، مؤسس شركة Andreesen Horowitz، من أبرز الأصوات التي دعت علنًا لتقليل القيود التنظيمية على التكنولوجيا، مؤكّدًا أن تلك القيود تهدد الابتكار الأمريكي.

أجندة العمل الجديدة

يسعى فريق ترامب التكنولوجي إلى تنفيذ عدة إصلاحات تشمل:

تقليل القيود على العملات الرقمية والذكاء الاصطناعي.زيادة إنتاج الطاقة لدعم الصناعات التكنولوجية.تعزيز الهجرة للعمال المهرة، رغم التضارب مع أجندة ترامب التقليدية المناهضة للهجرة.التحديات الداخلية والخارجية

رغم الطموحات الكبيرة، يواجه تيار التكنولوجيا عدة عقبات:

قوانين مكافحة الاحتكار:
التي قد تُخضع الشركات الكبرى مثل جوجل ومايكروسوفت للتدقيق التنظيمي.

جي دي فانس، نائب ترامب، يدعم جهود مكافحة الاحتكار.

الهجرة:
بينما يدعو عمالقة التكنولوجيا إلى تسهيل هجرة العمال المهرة، يتمسك فريق ترامب بتشديد القيود على الهجرة، مما يخلق تضاربًا داخل الإدارة.

الصراعات التنظيمية:
هناك قلق متزايد بين التيارات المختلفة بشأن مدى قدرة الإدارة الجديدة على التوفيق بين دعم الابتكار التكنولوجي وتجنب تأثيره السلبي على العمالة والأسواق.

 

أهداف ماسك وفريقه

يقود إيلون ماسك لجنة إدارة الكفاءة الحكومية (DOGE)، التي تهدف إلى:

تقليل البيروقراطية الحكومية.تحرير الاقتصاد من "القواعد الزائدة وغير المشروعة".تعزيز الشفافية والكفاءة في إدارة الموارد.المستقبل تحت إدارة ترامب

إذا نجحت إدارة ترامب في تنفيذ أجندة تقليل القيود التنظيمية، فقد يشهد الاقتصاد الأمريكي تحولات كبيرة، لكن الخلافات الداخلية بين تيارات التكنولوجيا والجناح التقليدي الجمهوري قد تشكل تحديًا كبيرًا.

التساؤل الأساسي:

هل ستتمكن شخصيات مثل إيلون ماسك ومارك أندرسن من توجيه سياسات ترامب نحو رؤية وادي السليكون؟ أم أن المصالح التقليدية للحزب الجمهوري ستفرض نفسها؟

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: ايلون ماسك دونالد ترامب وادي السليكون الذكاء الاصطناعي سياسة التكنولوجيا مكافحة الاحتكار الهجرة

إقرأ أيضاً:

فوضى القيادة: كيف ستقود “الترامبية” إلى تراجع النفوذ الأمريكي عالمياً؟

 

في ضوء ما تتصف به شخصية الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من الاندفاع وصعوبة القدرة على التنبؤ بأفعاله، والولع بتحقيق إنجاز؛ اتجه منذ اليوم الأول في ولايته الثانية إلى اتخاذ العديد من القرارات المثيرة للجدل داخلياً وخارجياً، مستنداً إلى شعار “أمريكا أولاً”. وعلى الرغم من قصر المدة منذ دخول ترامب المكتب البيضاوي في 20 يناير 2025، فإن قراراته، ولاسيما الخارجية، قد أثارت الكثير من الصخب وعززت حالة عدم اليقين، كونها لم تطل الخصوم فقط، وإنما امتدت إلى الحلفاء أيضاً، فضلاً عما حملته القرارات من إعادة تأطير وربما تقويض لأسس وقواعد السياسة الأمريكية على الساحة الدولية، وهو المشهد الذي يُثير العديد من التساؤلات بشأن الانعكاسات السلبية المتوقعة لهذه القرارات على النفوذ الأمريكي عالمياً.

عقيدة ترامب:

خلال القرن العشرين، أدركت واشنطن أن لها دوراً يجب أن تؤديه على الساحة الدولية، وهو الدور الذي رأى السياسي الأمريكي المحنك، هنري كيسنجر، أنه يهدف إلى بناء “إجماع أخلاقي قادر على جعل العالم التعددي عالماً مبدعاً وليس مدمراً”، موضحاً أن أي تصور رصين للمصالح الأمريكية “يجب أن يأخذ في الاعتبار الاهتمام الواسع النطاق بالاستقرار والتغيير السلمي”؛ ومن ثم يتضح أن الولايات المتحدة ليست إمبراطورية بالمعني التقليدي الذي عكسته الإمبراطوريات المتعاقبة على مدار التاريخ؛ فالقوة الأمريكية لا تعتمد فقط على القوة الخشنة، وإنما تعتمد أيضاً على القيم والأفكار والمؤسسات؛ ما يعني استنادها إلى “النموذج المُلهم” الذي سعت إلى تلميعه وبلورته عبر قوتها الناعمة.

وعلى النقيض من ذلك واستناداً إلى شعاري “أمريكا أولاً” و”جعل أمريكا عظيمة مجدداً”، أطلق الرئيس ترامب العديد من التصريحات الشائكة، مثل تلك المتعلقة بالسيطرة على قناة بنما وجزيرة غرينلاند وقطاع غزة، واتخذ عدداً من القرارات المثيرة للجدل، مثل الانسحاب من منظمة الصحة العالمية وفرض رسوم جمركية ضد الحلفاء والخصوم على السواء. ويمكن تفسير هذه القرارات والتحركات وفق أُطر فكرية وفلسفية قديمة في العقلية الأمريكية مثل “عقيدة القدر المحتوم” التي ظهرت لأول مرة كمصطلح عام 1845، والتي تعتبر أن الولايات المتحدة مُقدر لها توسيع أراضيها عبر أمريكا الشمالية، أو اعتبارها محاولة لتبني نهج وطني لتعزيز المصالح الأمريكية من خلال إعادة تفعيل “مبدأ مونرو” الذي ظهر لأول مرة في عام 1823.

انعكاسات سلبية:

يحمل الطابع الترامبي، الذي بات يغلف السياسة الخارجية الأمريكية حالياً، في طياته انعكاسات سلبية على النفوذ الأمريكي عالمياً، بل وربما يؤدي إلى تراجعه، وهو ما يمكن توضيحه على النحو التالي:

1- خفوت بريق النموذج الليبرالي الأمريكي: لطالما سعت الولايات المتحدة إلى تقديم تأكيدات متكررة مفادها أن هيمنتها وقوة نفوذها على الساحة الدولية نابعة من قوة النموذج الليبرالي الذي تتبناه وتستند إليه سياسياً واقتصادياً، داخلياً وخارجياً، إلا أنه بات من الواضح أن هذا النموذج يخضع حالياً للتشكيك والمراجعة من قِبل ترامب؛ إذ لم يتوقف الأمر عند حد اعتبار ترامب مسؤولاً عن حادثة اقتحام الكابيتول في يناير 2021، وإنما اتجه منذ يومه الأول في البيت الأبيض إلى العمل على تصفية حساباته مع خصومه السياسيين، وهاجم بقوة المعارضين ووسائل الإعلام والموظفين المدنيين، واستخدم بعض الوكالات والمؤسسات الحكومية كأدوات للانتقام، وهو ما اعتبرته الكاتبة ليبي وينكلر، في تحليلها المنشور على موقع (Medium) الأمريكي في 12 فبراير الجاري مثيراً للمخاوف بشأن التزام واشنطن بـ”المبادئ التي طالما روجت لها”. وهذا يتصل بما أكده عالم السياسة الأمريكي، جوزيف ناي، من أن القوة الناعمة الأمريكية تعتمد في جانب منها على “كيفية ممارسة الديمقراطية في الداخل”.

وعلى النقيض مما طرحته بعض التحليلات حول بناء الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين لنفوذ واشنطن عالمياً على الفكرة المتعلقة بـ”التقدم الجماعي للأسواق المفتوحة والمجتمعات المفتوحة” بالاستناد إلى أهميتها في تحقيق الثروة والأمن لواشنطن والدول الأخرى، اتجه ترامب إلى زيادة التعريفات الجمركية ضد الحلفاء والخصوم على السواء. فعلى سبيل المثال، أعلن ترامب، في مطلع فبراير الجاري، فرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا بنسبة 25% وعلى الصين بنسبة 10%، قبل أن يُعلن لاحقاً تأجيلها على المكسيك وكندا لمدة شهر، كما أكدت الإدارة الأمريكية أن الزيادات قد تشهد مزيداً من الارتفاع حال اتجهت هذه الدول إلى اتخاذ إجراءات للرد. إضافة إلى ذلك، كشف ترامب عن نيته زيادة التعريفات الجمركية على الصلب والألومنيوم لتشمل جميع الواردات؛ مما سيؤدي فعلياً إلى إلغاء صفقات مع الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة واليابان وغيرها.

وفي سياقٍ موازٍ، ثمة مؤشرات متزايدة على استناد أعمدة السياسة الخارجية الأمريكية إلى الأفكار الدينية المتشددة، وليس إلى قيم الحرية والقانون وحقوق الإنسان؛ فلم يتوقف الأمر عند حدود تبني رواية الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتشددة وإنما أسهم الدور المتصاعد للإيفانجيليكيين (الإنجيليون الأصوليون) في تأطير بعض القرارات والسياسات؛ وهو ما انعكس بشكل واضح في موقف إدارة ترامب الداعم لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وكذلك الحديث عن ضم الضفة الغربية تحت مسمى “يهودا والسامرة”. وقد مثّل اختيار ترامب للقس مايك هاكابي، حاكم ولاية أركنساس السابق، لمنصب السفير الأمريكي في إسرائيل مؤشراً واضحاً على تنامي هذا التوجه، فقد قال في أحد تصريحاته السابقة: “لا يوجد شيء اسمه فلسطيني”.

2- التشكيك في مصداقية واشنطن كحليف موثوق: على مدار عقود، ارتكزت الولايات المتحدة في دعم قوتها وتعزيز نفوذها على الساحة الدولية، إلى شبكة من الحلفاء والشركاء، وهو ما أبرزه كل من هال براندز وبيتر د. فيفر، في تحليلهما بعنوان: ما فوائد تحالفات أمريكا؟ المنشور في المجلة الفصلية لكلية الحرب التابعة للجيش الأمريكي “باراميترز” في صيف 2017؛ إذ أوضحا أن التحالفات توفر مزايا جيوستراتيجية وسياسية ودبلوماسية واقتصادية تعمل على تدعيم القوة الأمريكية وتحقيق الأهداف الوطنية؛ ومن ثم أشارا إلى أن مثل هذه التحالفات تجعل واشنطن بوصفها القوة العظمى “أكثر نفوذاً”؛ وهو ما يبدو متعارضاً لدرجة بعيدة مع رؤى وأفكار ترامب التي لا تُعوّل على التحالفات، فضلاً عن منحاها القائم على استهداف الحلفاء بنفس وسائل استهداف الخصوم.

لقد أدى الموقف العدائي لترامب تجاه الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو إلى توتر العلاقات مع حلفاء واشنطن الرئيسيين. وهو ما علق عليه ماكس بيرغمان في تحليله بـ”مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية” (CSIS)، قائلاً إن العلاقات عبر الأطلسي قد شهدت على مدار التاريخ بعض الخلافات، لكنه اعتبر أن ما تقوم به إدارة ترامب مثل التعريفات الجمركية والإنفاق الدفاعي وتسوية الحرب الأوكرانية؛ سيتسبب في “تغير هذه العلاقات إلى الأبد” بطريقة قد تدفع أوروبا إلى “رسم مسارها الخاص”. كما أشار بيرغمان إلى أن التوصل لصفقة بين جانبي الأطلسي بات غير مرجح في ضوء إصرار ترامب على إعادة صياغة الشراكة “بطريقة تجدها أوروبا غير مقبولة”. إضافة إلى ذلك، فقد وضعت التصريحات المتعلقة بضم جزيرة غرينلاند الدنماركية علامات استفهام حول الالتزام الدفاعي الأمريكي في إطار حلف الناتو بالتوازي مع رغبتها في الاستيلاء على أراضي الحلفاء.

وهو الأمر الذي يمتد إلى كندا والمكسيك اللتين تواجهان قرارات شرسة بفرض رسوم جمركية على الرغم من التفاوض على اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA) قبل بضع سنوات. بالإضافة إلى التعبير عن الرغبة في السيطرة على قناة بنما على الرغم من الاتفاقية الموقعة بين البلدين، وكذلك إجبار كولومبيا على استقبال المهاجرين غير المسجلين. وفي السياق ذاته، فإن اتخاذ ترامب قرارات من شأنها سحب القوات الأمريكية من كوريا الجنوبية أو التخلي علانية عن تايوان، سيسهم في امتداد هذه الحالة إلى آسيا، بما قد يحمل انعكاسات تعزز النفوذ الصيني هناك. ويدلل هذا المشهد على تزايد احتمالات النظر إلى واشنطن كحليف غير موثوق بطريقة قد تدفع الحلفاء للقيام بتحركات مضادة إما من خلال بناء أُطر إقليمية أو متعددة الأطراف، وإما من خلال التقارب مع خصوم الولايات المتحدة.

3- انكماش الانخراط الأمريكي متعدد الأبعاد: اعتمدت الولايات المتحدة لعقود طويلة في تعزيز نفوذها العالمي، على المساعدات الخارجية التي تقدمها للدول المختلفة في مجالات متنوعة. ووفقاً للرئيس الأمريكي الأسبق جون إف كينيدي، فإن الفشل في الوفاء بالتزامات المساعدات الخارجية من شأنه أن يؤدي إلى “كارثة”، فضلاً عن فرض تكاليف باهظة على المدى البعيد؛ مما سيؤدي إلى تعرض “أمن وازدهار الأمة الأمريكية للخطر”. وهو ما يختلف كلية مع رؤية ترامب، الذي اتهم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) بـ”الاحتيال”، معتبراً أن إدارتها تتم من خلال “مجموعة من المجانين الراديكاليين”. واتصالاً بذلك، اتخذ ترامب قراراً بتجميد تمويل الوكالة.

ونظراً للحجم الكبير للمساعدات الدولية الأمريكية؛ فإن أي تغييرات تتعلق بعملها تجد أصداءها في أنحاء واسعة من العالم؛ ومن ثم فإن إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية يعني تعريض المبادرات الإنسانية العالمية للخطر؛ إذ تواجه البرامج التي تعالج أزمات الصحة العامة وسوء التغذية وحقوق الإنسان والاستدامة البيئية والقضاء على الجهل والتعافي من الصراعات وغيرها، حالة من عدم اليقين، بطريقة يمكن أن تحمل تداعيات واسعة وخطرة. على سبيل المثال، فإن إنهاء المساعدات الأمريكية لمنطقة مثل القرن الإفريقي قد يؤدي إلى اضطرابات وعدم الاستقرار وزيادة كبيرة في تدفقات اللاجئين.

لذا، تم إطلاق عدد من التحذيرات المحلية والدولية مفادها أن تحجيم عمل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ينطوي على تهديدات للأمن القومي الأمريكي، فضلاً عن النيل من نفوذ واشنطن، وهي المسألة التي فسرتها بعض التحليلات وفق “منطق الفراغ” الذي ستتركه واشنطن، كونه سيسهم في تعزيز فرص الخصوم في توظيفه لصالحهم. فقد اعتبر مايكل شيفر، المدير المساعد السابق لمكتب الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في آسيا، أن تعليق إدارة ترامب للمساعدات الخارجية يهدد بإفساح المجال على مصراعيه أمام الصين لتوسيع نفوذها، وربما تسعى روسيا أيضاً إلى استغلال الفراغ الناجم عن انسحاب واشنطن من المساعدات الخارجية.

4- النيل من قوة وتماسك النظام الدولي: دأبت الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة على اتهام خصميها الصين وروسيا بالعمل على تغيير النظام الدولي، بوصفهما “قوى مراجعة” أو “قوى تعديلية” (Revisionists)، وذلك في ضوء ما يمثله النظام الدولي بشكله الحالي من رافعة للنفوذ الأمريكي في ضوء كون واشنطن القوة العظمى المهيمنة. ومن المفارقة أن الإدارة الأمريكية الحالية هي من تُشكك في النظام الدولي، وتنال من دوره الذي سعت لتعزيزه على مدار سنوات طويلة. فقد بات واضحاً أن ترامب لا يؤمن بالنظام الدولي القائم على القواعد، ويرى أن نصف الكرة الغربي يمثل مجالاً للنفوذ الأمريكي كما تنظر بكين لتايوان وموسكو لأوكرانيا.

واستناداً إلى ذلك، أطلق ترامب تصريحاته المثيرة للجدل، والتي تمثل انتهاكاً واضحاً لمبادئ الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، ومن أبرزها الاستحواذ على جزيرة غرينلاند، وضم كندا، والتعامل مع غزة كـ”صفقة عقارية” والمطالبة بتهجير الفلسطينيين منها بما يمثل دعوة للتطهير العرقي. وقد ذهب ترامب أبعد من ذلك عبر توقيع مرسوم يقضي بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، على خلفية مذكرة التوقيف الصادرة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. إضافة إلى ذلك، فقد قرر ترامب، ضمن الأوامر التنفيذية التي وقّعها في يومه الأول بالبيت الأبيض، أن ينسحب من منظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ. وهكذا، يتضح أن رؤية ترامب للنظام الدولي لن تحمل انعكاسات سلبية فقط على قوة وتماسك هذا النظام، وإنما يمكن أن تؤدي أيضاً إلى عزل الولايات المتحدة بشكل متزايد فيما يتعلق بالقضايا العالمية المهمة والرئيسية، بل وربما تعزيز جهود بناء نظام دولي جديد أكثر عدالة بعيداً عن الهيمنة الأمريكية.

الخلاصة أنه من المُتوقع أن تحمل ولاية ترامب الثانية تأثيرات سلبية في صورة الولايات المتحدة ونفوذها عالمياً بالاستناد إلى ما بدا كحالة من تراجع الثقة التي تسبب فيها الرئيس الأمريكي بسبب سلوكه كزعيم متقلب ومندفع، وذلك على الرغم من تركيزه المستمر على هدفه المتعلق بـ”استعادة العصر الذهبي الأمريكي”. لكن سوف تتوقف حدود تراجع النفوذ الأمريكي على عدد من الأمور، منها مفاضلة ترامب بين الاستمرار في سياسة الصخب والفوضى أو اتجاهه لمزيد من التعقل والتريث، وأيضاً حدود اعتماده على نظرية “الرجل المجنون” كوسيلة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب والنطاقات المتوقعة لتوظيفها، إضافة إلى قدرته على إعادة ضبط بوصلة التفاعلات في الساحات المختلفة كبديل عن الانسحاب وتقليل الانخراط، وأخيراً، قدرة الخصوم على استغلال تراجع النفوذ الأمريكي في سبيل تعزيز نفوذهم.

” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”


مقالات مشابهة

  • سليمان من قصر بعبدا: المعادلة التي تُفيد البلد هي معادلة الجيش والشعب
  • ترامب يسعى لاستعادة النفوذ الأمريكي في قناة بنما وسط جدل دولي متصاعد
  • ماسك يزور وكالة الأمن القومي الأميركية
  • اعلام امريكي: ترامب قرر فرض حزمة جديدة من القيود الاقتصادية على روسيا
  • واشنطن تستهدف تمويل الحشد لأجل تغيير معادلة النفوذ
  • فوضى القيادة: كيف ستقود “الترامبية” إلى تراجع النفوذ الأمريكي عالمياً؟
  • عمالقة التكنولوجيا يقودون الأسواق العالمية في تسارع
  • قاض أمريكي يأمر إدارة ماسك بكشف ملفاتها للعموم
  • إدارة شبيبة القبائل تشكر أسرة “السياسي”
  • المحكمة العليا الأمريكية تتجه لاتخاذ خطوات ضد أجندة ترامب الداخلية